بعد مقتل الزعيم الروحي لحركة "طالبان".. الوضع في "باكستان" علي شفا الانهيار
السبت 03/نوفمبر/2018 - 02:41 م
طباعة
أميرة الشريف
مع اضطراب المشهد الباكستاني وفي ظل تردي الوضع، والاحتجاجات التي نظمتها جماعة "لبيك باكستان" الإسلامية، الأيام الماضية والمظاهرات الحاشدة وأعمال العنف، على خلفية قضية تبرئة المحكمة العليا في البلاد لمسيحية متهمة بالتجديف والإساءة إلي النبي محمد "صل"، أعلنت الشرطة الباكستانية، مقتل رجل الدين الباكستاني، مولانا سميع الحق، المعروف بالأب الروحي أو عراب لحركة "طالبان باكستان"، في هجوم بالسكين بمنزله بمدينة راولبيندي.
غضب إسلامي باكستان
يأتي ذلك في وقت أعلنت فيه الحركة عن الوصول إلي اتفاق مع الحكومة الباكستانية يقضي، باتخاذ إجراءات قانونية ستمنع آسيا بيبي التي برأتها المحكمة العليا الخميس الماضي من مغادرة البلاد.
في المقابل، وافقت الحكومة على إطلاق سراح جميع الموقوفين جراء الاحتجاجات التي اجتاحت البلاد في الأيام الثلاثة الماضية، كما قدمت اعتذارا إلى كل من أصيب خلالها من دون سبب.
ونقلت وسائل إعلام محلية عن أعضاء في عائلته قولهم إنه طعن حتى الموت، بيد أن تقارير أخرى قالت إنه قُتل بإطلاق النار عليه.
ووفق وكالات أنباء باكستانية، أكد حميد الحق، نجل سميع الحق، أن والده حاول اليوم، الوصول إلى الوقفة الاحتجاجية على براءة السيدة المسيحية التي اساءت للنبي صلى الله عليه وسلم في إسلام أباد، لكنه عاد إلى منزله بسبب إغلاق الطرق.. وفيما كان يستريح في غرفته وقت العصر، خرج سائقه لحوالي 15 دقيقة، وعندما عاد السائق، وجده مقتولا في فراشه، وجسده مغطى بالدماء، ومصابا بعدة طعنات في أماكن متفرقة من جسده ، ولم تعلن أي جماعة مسؤوليتها عن الهجوم على منزل الحق.
حياته
سميع الحق من مواليد عام 1937 كان رجل دين إسلاميا، وأمير أحد قسمي حزب "جمعية علماء الإسلام" المتشدد.
وكان يدير مدرسة إسلامية في مدينة بشاور شمال غربي باكستان، وفي وقت سابق كان عضوا في مجلس الشيوخ الباكستاني في 1985 – 1991 و1991 – 1997، ورئيس "مجلس الدفاع عن باكستان"، وهو تجمع لأحزاب سياسية إسلامية.
كان الحق رئيسا للمدرسة الحقانية في شمالي باكستان، حيث درس العديد من أعضاء طالبان، ومن بينهم مؤسس الجماعة الملا عمر.
وأدار سامي الحق لعقود مدرسة دار العلوم حقانية في إقليم خيبر بختون خوا الباكستاني قرب الحدود الأفغانية.
علاقته بمؤسس طالبان أفغانستان
يوصف سميع الحق بأنه المعلم والمربي لقيادات طالبان في باكستان وأفغانستان، ومن أبرز تلاميذه الملا محمد عمر الذي أسس حركة طالبان في أفغانستان.
يعتبر "الزعيم الروحي" لحركة "طالبان" بسبب علاقته الوثيقة بمؤسس الحركة الملا محمد عمر، الذي قتل في عام 2013، وتعلم الكثير من قياديي "طالبان" في المدارس الإسلامية التي كان يديرها سميع الحق والمنظمات التابعة له.
وذهب في الثمانينات، مع زملائه في الدراسة إلى أفغانستان للانضمام لجماعات مجاهدة، قاتلت ضد الاحتلال السوفيتي للبلاد، واشتهر لاحقا باسم الملا محمد عمر، ثم أسس بعد ذلك حركة طالبان التي استولت على السلطة في أفغانستان في عام 1996 بعد أعوام من الفوضى والحرب الأهلية عقب انسحاب الجيش السوفيتي.
مفاوضات سلام مرتقبة
قال أحد أفراد عائلة سامي الحق وفق تقارير صحافية، مؤخرا عندما أرسلت الحكومة الأفغانية وفدا له وطلبت مساعدته في إقناع طالبان الأفغانية بالجلوس إلى طاولة التفاوض.. عرض عليها مدرسته كمكان للجلوس معا وبناء الثقة.
وقال المتحدث باسم طالبان الأفغانية ذبيح الله مجاهد الشعب الأفغاني لن ينسى أبدا خدمات (سامي الحق) لهم، واصفا من قتلوه بأنهم أعداء الإسلام.
كانت أفرجت باكستان، الأسبوع الماضي، عن قياديين بارزين اثنين من حركة طالبان أفغانستان، في خطوة تردد أنها جاءت بناء على طلب واشنطن في محاولة لإحياء عملية السلام المتوقفة، غير أن محللين رأوا أن هذه الخطوة لن تدفع بمفاوضات السلام في البلاد.
وجاء هذا التطور بعد اجتماع عقد في أكتوبر الماضي بين المبعوث الأمريكي الخاص إلى أفغانستان، زالماي خليل زاد، ومسؤولين من باكستان وطالبان في الدوحة.
وتحدثت تقارير صحفية عن أن إطلاق سراح كل من الملا عبد الغني، المعروف باسم "الملا بارادار"، والقيادي بالحركة أيضا "عبد الصمد ساني" (غير مشهور)، يعد تطورا رئيسيا من جانب أصحاب المصلحة الرئيسيين الثلاثة : الولايات المتحدة وباكستان وأفغانستان.
والملا بارادار، كان الشخصية الثانية الأكثر تأثيراً بعد مؤسس حركة طالبان والزعيم الأعلى الملا عمر، لكنه اعتقل من قبل الأجهزة الأمنية الباكستانية في مدينة كراتشي الساحلية (جنوب) بناء على معلومات استخباراتية أميركية في عام 2010، وفق ما نقلت تقارير إخبارية.
وفي عام 2013، أعلنت باكستان أنها ستطلق سراح "بارادار" إلى جانب ثلاثة قادة آخرين من طالبان بناء على طلب من الحكومة الأفغانية، لكنه بقي في الحبس من الناحية العملية بسبب رفض الولايات المتحدة.
وكانت واشنطن قد أعربت في وقت سابق عن قلقها من إمكانية أن يعود هؤلاء القادة إلى صفوف طالبان.
وذكرت تقارير، عن الناطق باسم طالبان ذبيح الله مجاهد إن 5 قياديين بارزين بدأوا العمل في مكتب الحركة، كانت واشنطن أطلقتهم من معتقل غوانتانامو عام 2014، في مقابل إطلاق الحركة الجندي الأميركي بوي بيرغدال.
وأفيد بأن القياديين الخمسة سيشاركون في مفاوضات سلام مرتقبة بين الحركة والحكومة الأفغانية، بناءً على تعليمات زعيمهم الملا هبة الله أخوند زاده.
واعتبر سيد أكبر آغا، زعيم مجموعة جيش المسلمين التابعة لطالبان، أن بدء هؤلاء العمل من أجل التفاوض، يُعدّ خطوة كبرى من أجل السلام، مشيراً إلى أن القياديين المذكورين هم الملا فاضل، وخير الله خيرخواه، وعبد الحق واثق، ونور الله نوري، ومحمد نبي عمري.
فيما، أشار محمد أمین وقاد، عضو المجلس الأعلى للسلام في أفغانستان، إلى اعتزام الولايات المتحدة بدء مفاوضات السلام بين طالبان والحكومة الأفغانية، مؤكداً اتخاذ خطوات كبرى في هذا الصدد.
مخاوف من تجدد عنف
ووفق روايات لأحد أقارب سامي الحق، طلب مسؤولون أفغان من الشيخ الحق، المساعدة في إقناع حركة طالبان للدخول في مفاوضات سلام، وكان الحق عضوا سابقا في مجلس الشيوخ ويدير جناحا في حزب جماعة الأمة الإسلامية، وقريبا من حزب رئيس الوزراء عمران خان "حركة الانصاف الباكستانية".
ويقوم خان حاليا بزيارة رسمية إلى العاصمة الصينية، بيد أن مكتبه قال في بيان إنه أدان عملية قتل رجل الدين وأمر بإجراء تحقيق في ملابساتها.
ويتبع مولانا الحق آلاف الأنصار من طلبته فضلا عن أعضاء طالبان في باكستان وأفغانستان.
ونزل مئات من المحتجين إلى الشوارع في بلدة باردان التي تقع قرب مدرسة سامي الحق وأضرموا النيران في محطة تحصيل رسوم على طريق سريع.
ومن المتوقع عودة الاحتجاجات من جديد بعد مقتل الأب الروحي للحركة، وقد تشهد البلاد أعمال عنف لا تنتهي في الفترة المقبلة علي غرار مقتله، وهو الأمر الذي سيشعل الأزمة بين الحكومة والإسلاميين في باكستان وستكون البلاد علي شفا الانهيار.