التهديدات الإرهابية والتحديات الأمنية في إفريقيا والشرق الأوسط
الثلاثاء 06/نوفمبر/2018 - 01:08 م
طباعة
حسام الحداد
يهتم المجتمع الغربي اهتماما كبيرا بمكافحة الإرهاب والتطرف خصوصا في القارة السمراء التي انتشرت فيها الجماعات الإرهابية بكثرة وباتت تهدد مستقبل القارة، بل مستقبل البشرية جميعا وفي وقت سابق سلطت مجلة "الإيكونومست" البريطانية الضوء على تنامى خطر الجماعات الإرهابية العنيفة في أفريقيا، وأن الصراع الناتج عن تلك الجماعات في الدول الأفريقية لا يتم تسليط الضوء عليه في وسائل الإعلام بشكل كافي، رغم أنه أودى العام الماضي بحياة أكثر من 10 آلاف شخص، معظمهم من المدنيين.
واعتبرت "الإيكونومست" أن ما يثير القلق أيضًا أنها حرب يبدو أن الإرهابيين يفوزون بها، حيث ارتفع عدد حوادث العنف التي تورطت فيها الجماعات الإرهابية في أفريقيا بأكثر من 300% بين عامي 2010 و2017؛ وقد تضاعف عدد الدول الأفريقية التي تشهد نشاطًا متشددًا إلى 12 دولة خلال هذه الفترة.
وأشارت المجلة، إلى أنه من بين تلك الجماعات من يتعهد بالولاء لتنظيم القاعدة أو داعش. كما تشمل تلك الجماعات "الشباب" في الصومال، و"بوكو حرام" وفصائلها في نيجيريا، وجماعة نصرة الإسلام والمسلمين في مالي. في كل بلد، قد يكون الصراع مدفوعا إلى حد كبير بالمظالم المحلية. لكن المتمردون يشتركون في بعض السمات الإيديولوجية.
وأوضحت "الإيكونومست"، أن انهيار ليبيا بعد سقوط نظام معمر القذافي في عام 2011 ساهم في تقوية شوكة تلك الجماعات لاسيما مع تهريب الأسلحة من مخازن الأسلحة الليبية، والاتجار بكل شيء من الناس إلى المخدرات المتقدمة في جميع أنحاء الصحراء. وهناك مؤشرات تدل على أن الإرهابيين يتعلمون من بعضهم البعض ويحصلون على الأموال والدعم من الجماعات المسلحة في الشرق الأوسط.
في هذا السياق ينظم مركز إفريقيا والشرق الأوسط للدراسات، الخميس 8 نوفمبر 2018، بالرباط ندوة التهديدات الإرهابية والتحديات الأمنية في إفريقيا والشرق الوسط.
وتتناول الندوة بالمناقشة المناطق الملتهبة في القارة الإفريقية، في الساحل والصحراء وشمال إفريقيا والقرن الإفريقي، وتمتد محاور المداخلات إلى تشخيص التهديدات أيضا في منطقة الشرق الأوسط، مع مقاربة تعلو لتلتقط صورة لما هو مشترك في التهديدات الإرهابية والبحث أيضا عن خصوصيات كل منطقة وما هو مشترك بين هذه المناطق أجمعها.
و نظرا لأهمية الندوة التي تأتي في سياق يتسم بارتفاع موجة الإرهاب والعنف والتطرف، فقد أورد الأكاديمي المغربي الموساوي العجلاوي أن "مداخلات الندوة الدولية تروم تشخيص التهديدات الإرهابية من حيث المسببات، من حروب مذهبية ودينية وإثنية، وصعوبة بناء دولة قادرة على لم جميع أبنائها، وتقاطع هذا وذاك مع أجندات إقليمية ودولية، ومع توظيف لحركات التطرف في تصريف مواقف سياسية وتغيير موازين القوى في المنطقة، فتتعقد أمور هذه المجالات التي أصبحت تشكل قلقا دوليا، من إحدى تجلياته ما يعرف بالمقاتلين الأجانب" حسب تصريحه.
وأشار العجلاوي، إلى أن سؤال التهديدات الأمنية لا يمكن أن يعالج فقط في المصب، عند حدوده التقنية والاستخباراتية والأمنية والقضائية، بل إن معالجة هذه الظاهرة التي تمس الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني وبناء مجتمعات سليمة، "تقتضي قراءة شاملة تشمل على السواء البحث في أسباب التطرف ومكونات جغرافية مشاتل الإرهاب التي تحول مواطنا عاديا إلى آلة للقتل والتقتيل".
هذا، وستتناول ندوة التهديدات الإرهابية والتحديات الأمنية في إفريقيا والشرق الأوسط، باقة متنوعة ومتناغمة من المقاربات وتنوع التجارب، تجمع بين القراءة الأكاديمية والخبرة والقضاء والإعلام
وفي ذات السياق أضاف العجلاوي أن الندوة تهدف إلى عدم الاكتفاء بمقاربة واحدة للتحليل بل تسعى إلى وضع "تقاطع لمختلف المقاربات المنهجية والمعرفية، من حيث تنوع تكوينات الأساتذة المتدخلين، من مديري مراكز البحث والتفكير كما هو الحال في مداخلة الدكتور مقصود كروز ، المدير التنفيذي لمركز هداية بدولة الإمارات العربية المتحدة، وقراءة القضاء للفعل الإجرامي من حيث مساراته المتنوعة والمتعددة، وذلك من خلال مداخلة الدكتور يوسف العلقاوي، رئيس غرفة الجنايات الاستئنافية المكلفة بقضايا مكافحة الإرهاب بالمغرب، وانعكاسات التطرف على الشباب المسلم في المجتمعات الأوربية، حالة إيطاليا من خلال مداخلة الدكتور خالد شوقي وهو نائب برلماني إيطالي سابق ورئيس مركز للدراسات وفاعل جمعوي. وسيقدم الإعلامي والكاتب والصحفي الدكتور ناصر الجيلاني مداخلة حول الإعلام والتهديدات الأمنية في العالم العربي وكلها تقاطعات منهجية تغني النقاش حول الموضوع".
و من بين المشاركين من منطقة شمال إفريقيا هناك الأستاذ إسلمو عبد القادر، وهو خبير موريتاني، يسعى في ورقته إلى الجمع بين التجربة الإدارية في تشريح الخلافات والنزاعات في منطقة الساحل والصحراء، وهي "قراءة عن قرب للتحديات الأمنية في منطقة الصحراء الكبرى" مضيفا العجلاوي.
إلى ذلك تتميز مداخلة الدكتور خالد عبيد، باحث من جامعة منوبة بتونس، بمعالجة تقاطع بناء الديمقراطية والدولة في تونس وليبيا في سياق تربص الإرهاب للتحولات الجارية الآن في البلدين. وسيشرح الدكتور رشيد بنلباه، أستاذ بمعهد الدراسات الإفريقية بالرباط مكونات الخطاب الإعلامي لدى الحركات الجهادية.
وعن مداخلته الخاصة، لخصها الدكتور الموساوي العجلاوي، في كونها تحلل "التقاطع الحاصل بين إشكالات بناء الدولة في الصومال ودوام حركة المجاهدين الشباب والنزاعات الإقليمية في منطقة القرن الإفريقي مع التحولات الجيواستراتجية للقرن الإفريقي من حيث تحوله إلى رقم أساسي في نزاعات الشرق الأوسط خاصة نزاع اليمن وأهمية باب المندب بالنسبة لمنطقة إفريقيا الشرقية والشرق الأوسط" حسب مفرداته.