سحب الجنسية عقوبة المتورطين في قضايا إرهابية
ظاهرة التطرف والإرهاب هي إحدى المشكلات الكبرى التي تواجه العالم لاسيما المجتمعات الأوروبية بشكل خاص، ودون المواجهة الحقيقية للمتطرفين قبل أن يتحولوا لإرهابيين يمكن أن تكون العواقب وخيمة على الاستقرار والأمن والعيش بصورة طبيعية في تلك المجتمعات التي طالما حلم الكثيرون بالهجرة إليها لما تتمتع به من أمان واستقرار وحرية.
وفي هذا السياق سلطت الأحداث الإرهابية الأخيرة في أوروبا الضوء على تغلغل المتطرفين والإرهابيين داخل المجتمعات الأوروبية بصورة واضحة، سواء أكانوا في صورة «طالبي لجوء» أو أشخاصاً تجنسوا بجنسيات دول أوروبية.
يأتي الحديث السابق في أعقاب إصدار محكمة الاستئناف في أنتويرب حكمها الثلاثاء 23 أكتوبر 2018 بسحب الجنسية البلجيكية من فؤاد بلقاسم الزعيم السابق لجماعة "الشريعة من أجل بلجيكا"، والصادر بحقه حكم بالحبس لمدة 12 عامًا وغرامة 30 ألف يورو بتهمة تزعم خلية سلفية متطرفة وإقناع الشباب بالتطرف وتجنيدهم وإرسالهم للقتال في صفوف جماعات جهادية في سوريا، فيما يأتي الحكم بسحب جنسيته البلجيكية بسبب عدم التزاماته كمواطن بلجيكي، وبالتالي اصبح بلقاسم يتمتع بالجنسية المغربية فقط وهي جنسيته الأصلية، حيث كان بلقاسم سبق وطلب بالاستئناف بعد صدور اول حكم بسحب جنسيته البلجيكية كما طلب إعادة النظر في القضية مرة أخرى على أساس البقاء مع عائلته في بلجيكا، خاصة أنه لم تعد تربطه بالمغرب اي علاقات إلا أن القضاء البلجيكي رفض طلبه وسحبت منه جنسيته البلجيكية، وبالتالي لم تعد أمام بلقاسم سوى طريقتين للطعن في حكم تجريده من جنسيته الأوروبية، عن طريق محكمة النقض أو محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي.
وفي هذا السياق عبر تيو فرانكين وزير الدولة لشؤون اللجوء والهجرة عن رغبته في طرد فؤاد بلقاسم الذي تم تجريده من جنسيته البلجيكية في أقرب وقت ممكن،وصرح فرانكين أن “الخطوة التالية هي تسليمه إلى المغرب".
وأكد فرانكين أن “بلقاسم موجود في سجن بلجيكي، وسحب الجنسية منه يعني أن حقه في الإقامة قد انتهى، وعندما يتم إطلاق سراحه من السجن، سيتعين عليه العودة إلى البلد الذي يحمل جنسيته، أي المغرب هو إجراء إداري يستغرق بعض الوقت، وسنعمل مع المغرب لنرى ما سنفعله مع هذا الشخص”.
وفي السياق ذاته تقدّمت مليكة العرود ذات الأصول المغربية والملقبة باسم «الأرملة السوداء»، بطلب للحصول على حق اللجوء في بلجيكا من أجل تفادي عملية إبعادها إلى المغرب موطنها الأصلي، بعد أن قرَّر القضاء سحب الجنسية البلجيكية منها، العام الماضي، على إثر إدانتها في ملفّ له علاقة بالإرهاب.
ووفق صحيفة «ستاندرد» أُطلق لقب "الأرملة السوداء" علي مليكة لأنها ترملت مرتين، حيث قُتل زوجاها فيما كانا يقاتلان في صفوف تنظيم "القاعدة". فزوجها الأول هو عبد الستار دحمان، الذي اشترك في عملية انتحارية لقتل القائد الأفغاني، أحمد شاه مسعود، الذي اُغتيل في 9 سبتمبر عام 2001، بأوامر من أسامة بن لادن، زعيم "القاعدة" آنذاك، أما زوجها الثاني فكان التونسي معز غرسلاوي، أحد أبرز قيادات "القاعدة"، والذي صدر بحقه هو وزوجته حكم بالسجن 8 سنوات في 2010 على إثر تورطه في تجنيد الشباب للسفر والقتال في أفغانستان بحسب جهاز الاستخبارات البلجيكي، الذي قال إن غرسلاوي قُتِل في عام 2012، خلال غارة جوية أمريكية، ولكن لم يتم تأكيد من ذلك بشكل حاسم حتى الآن.
وبعد قضائها العرود عقوبة السجن لمدة ثماني سنوات وفي 11 أكتوبر عام 2017، أُلقي القبض عليها في منزلها، وتم تجريدها من جنسيتها البلجيكية في 30 نوفمبر 2017، لأنها «أخلَّت بواجباتها كمواطنة بلجيكية». وبحسب الإعلام البلجيكي، فإنه تجريد العرود من الجنسية البلجيكية يعني أنها أصبحت تحمل فقط الجنسية المغربية، وبالتالي يجب ترحيلها إلى المغرب. ومن أجل البقاء فيها، ادعت أنها ستتعرض للتعذيب إذا تمت إعادتها إلى المغرب، ومن ثم تقدمت بطلب اللجوء للأسباب ذاتها، وتقدمت أيضًا بطلب إجراءات عاجلة إلى "مجلس مقاضاة الأجانب"، لكن المجلس رفض، وقال إنه لا يستطيع النظر في شكواها أثناء انتظار طلب اللجوء، كما قال إنه يمكنها النظر في الملف فقط إذا تم رفض هذا اللجوء.
يذكر أنه في الجلسة ذاتها التي نظرت فيها المحكمة في ملف مليكة، نهاية العام 2017، صدر قرار سحب الجنسية من البلجيكي بلال صغير ذي الأصول التونسية (44 عاماً)، الذي صدر بحقه حكم بالسجن عشرات في عام 2008 إثر تورطه في تسفير الشباب إلى العراق، وكانت من بينهم الانتحارية البلجيكية موريل ديجاك التي قُتِلت في عام 2005، في أعقاب عملية انتحارية استهدفت قافلة عسكرية أمريكية.
كما سحبت الجنسية البلجيكية في وقت سابق من عدد من المحسوبين على مقاتلي تنظيم القاعدة، من بينهم طارق معروفي وعامور سليطي ومحمد الحدوثي ومحمد ريحا.
وتأتي تلك الإجراءات بحسب ما ذكر الإعلام البلجيكي في إطار منح القضاء البلجيكي الحق في إصدار قرار بسحب الجنسية من أي شخص يصدر ضده حكم بالسجن لمدة تزيد على خمس سنوات، في قضايا ذات صلة بالإرهاب، بعد أن تتقدم النيابة العامة بطلب للقاضي، في هذا الصدد.