المولد النبوي في أفغانستان.. دماء علي أستار كابول
الأربعاء 21/نوفمبر/2018 - 02:12 م
طباعة
حسام الحداد
فجر انتحاري نفسه في احتفال بالمولد النبوي في العاصمة الأفغانية كابول مساء أمس 20 نوفمبر 2018، فقتل 50 شخصا، على الأقل، بحسب ما ذكره مسؤولون في الحكومة.
وقال نجيب دانيش، المتحدث باسم وزارة الداخلية، إن أكثر من 70 شخصا آخر أصيبوا بجروح في الهجوم، وأضاف دانيش أن الانتحاري "فجر نفسه داخل قاعة احتفالات، كان يتجمع فيها قادة إسلاميون للاحتفال بمولد النبي محمد".
وأدان الرئيس الأفغاني أشرف غاني الهجوم ووصفه بأنه "إرهابي"، كما أعلن يوم الأربعاء يوم حداد وطني مع تنكيس العلم الوطني.
وأدان رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان الحادث، ووصفه بأنه "عمل إرهابي جبان" وأعرب عن تعازيه لأسر الضحايا.
كما أعربت بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان عن غضبها من التفجير الذي استهدف احتفالا يضم عددا من القادة الدينيين، من بينهم أعضاء في مجلس العلماء.
ونقلت وكالة فرانس برس عن مدير قاعة الاحتفالات، التي تستضيف فعاليات سياسية ودينية، قوله إن الانتحاري فجر نفسه في وسط الحاضرين من علماء الدين، وأضاف أن هناك عددا كبيرا من الإصابات، ولم تعلن أي جهة، على الفور، المسؤولية عن التفجير، الذي يعد من أكثر الهجمات دموية في كابول خلال الأشهر الأخيرة، ويأتي هذا التفجير عقب موجة من العنف خلال الأسابيع الماضية في أرجاء أفغانستان التي مزقتها الحرب، وقتل فيها مئات الأفراد بعد تصعيد المسلحين لهجماتهم.
وكانت العاصمة الأفغانية قد شهدت هجوما مزدوجا في سبتمبر الماضي على ناد للمصارعة قتل فيه 26 شخصا، وواكبت الانتخابات البرلمانية الشهر الماضي موجة من العنف في أنحاء البلاد، قتل فيها مئات في هجمات حدثت قرب مراكز للاقتراع، وليست هذه هي المرة الأولى التي يتعرض فيها قادة دينيون لهجوم في أفغانستان، ففي يونيو الماضي فجر انتحاري نفسه قرب تجمع لجماعة من رجال دين في كابول، بعد نحو ساعة فقط من وصف الجماعة لمثل تلك الهجمات بأنها "خطيئة".
وفي محاولات إمارة أفغانستان الإسلامية نفي تهمة التفجير عنها أصدر المتحدث باسم الإمارة بيان إدانة لهذه العملية، نشره على قناتهم الخاصة على تطبيق التيليجرام جاء فيه "تم هجوم غاشم اليوم على مجلس أقيم بمناسبة ميلاد النبي في صالة أفراح أورانوس في العاصمة كابل، استشهد فيه عدد كبير من المدنيين من بينهم عدد من علماء الدين.
تدين الإمارة الإسلامية بشدة استهداف المدنيين والمجالس الدينية، مثل هذه الجرائم تظهر بأن هناك حلقات شريرة حيث بالاستفادة من مسائل اختلافية صغيرة؛ لا تبالي في سفك دماء المسلمين.
على الأهالي أداء مسؤوليتهم في سبيل التصدي لمثل هذه العناصرة الشريرة وإبطال مكائد ودسائس الأعداء.
ردود الأفعال
وقد لقي هذا الحادث ادانات واسعة على المستوى الدولي والمحلي، فقد أدانت الكويت، هذا التفجير الإرهابي من خلال برقية عزاء بعثها أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، إلى الرئيس الأفغاني محمد أشرف، أعرب خلالها عن خالص تعازيه وصادق مواساته في ضحايا التفجير الإرهابي، سائلا المولى تعالى أن يتغمد الضحايا بواسع رحمته ومغفرته، وأن يمن على المصابين بسرعة الشفاء والعافية.
وأعرب عن استنكار الكويت وإدانتها الشديدة لهذا العمل الإجرامي والإرهابي الشنيع الذى ترفضه الشرائع السماوية كافة والقيم الإنسانية، والذى استهدف أرواح الأبرياء الآمنين، وزعزع أمن واستقرار أفغانستان، مؤكدا موقف الكويت الثابت فى رفضها للإرهاب بجميع أشكاله وصوره، وتعاونها مع المجتمع الدولي لمحاربته والقضاء عليه.
كما بعث ولى العهد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، ورئيس مجلس الوزراء الكويتي الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح، برقيتي عزاء مماثلتين إلى الرئيس الأفغاني.
ومن جانبها أدانت وزارة الخارجية البحرينية بشدة التفجير الإرهابي، في أفغانستان، وأكدت في بيان أوردته وكالة الأنباء البحرينية/بنا/، تضامن البحرين مع أفغانستان في مواجهة كل أشكال العنف والتطرف والإرهاب، معربة عن خالص التعازي والمواساة لأهالي وذوى الضحايا وتمنياتها بسرعة الشفاء لجميع المصابين جراء هذا العمل الإرهابي الآثم.
وفى السياق ذاته، أدانت باكستان بشدة الهجوم الإرهابي، الذى استهدف احتفالا يضم عددا من القادة الدينيين من بينهم أعضاء فى مجلس العلماء وأسفر عن سقوط عشرات القتلى والجرحى.
وذكرت وزارة الخارجية الباكستانية - في بيان نقلته قناة (جيو نيوز) الباكستانية جاء فيه "ندين هذا الهجوم الشنيع بجميع المعايير الدينية والبشرية، ندين الإرهاب بكل أشكاله ومظاهره"، وتابع قائلة: "إننا نعرب عن تعاطفنا وتعازينا لأسر وأصدقاء الضحايا ونتمنى الشفاء العاجل للمصابين".
كما أدان فضيلة الأستاذ الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية- العملية الإرهابية الخسيسة التي قام بها إرهابيون استهدفوا مجلسًا لكبار العلماء في العاصمة الأفغانية كابول حيث كانوا يحتفلون بالمولد النبوي الشريف؛ مما أسفر عن مقتل 50 شخصًا على الأقل.
وأكد مفتي الجمهورية في بيان له أن هذه العملية الإرهابية تدل على مدى بُغض التنظيمات المتطرفة للعلماء؛ ولذا يَسعَون لقتلهم ظنًّا منهم أنهم بذلك سيخرسون صوت الحق الذي يواجه أفكارهم الباطلة.
وأضاف فضيلته أن توقيت هذا الهجوم واستهدافهم لمن يحتفلون فرحًا بميلاد النبي صلى الله عليه وآله وسلم لهو أكبر دليل على مروقهم من التعاليم المحمدية التي أكدت على حرمة الدماء وإرهاب الآمنين وأعلت من قيمة المحبة والرحمة بين الناس.
وتوجه مفتي الجمهورية بخالص العزاء للشعب الأفغاني وأُسر الضحايا، داعيًا الله أن يشفي جرحاهم ويُنزل شهداءهم منازل الأبرار ويلهم ذويهم الصبر والسلوان.
فيما قال الخبير في شؤون الجماعات المتطرفة، الدكتور عمر بدر الدين، إن الجماعات الإرهابية في أفغانستان تتنافس حول من سيتبنى عملية تفجير كابول، في احتفال بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف.
وأوضح بدر الدين، في تصريحات صحفية أن الانفجار الهدف منه ليس دينيا كما يزعم بعض، ولكن الهدف منه سياسي في المقام الأول، ولكنه يتخفى تحت ستار زائف من تحريم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف.
وأضاف: "الجماعات الإرهابية في أفغانستان، مثل تنظيم القاعدة وطالبان، وتنظيم داعش الإرهابي، كلها تسعى إلى إحداث حالة شديدة من البلبلة في الشارع، لتثبت وتبرهن على صحة توقعاتها بشأن فشل الانتخابات البلدية والتشريعية التي أقيمت مؤخرا في تحقيق الأمن والسلم في الشارع الأفغاني".
وتابع: "هم يريدون أن يؤكدوا لقيادات الدولة في أفغانستان، أن تحذيراتهم من إقامة الانتخابات الأخيرة، لم تكن مجرد تحذيرات جوفاء، وأن ما سيأتي بعدها لن يكون سوى الخراب، ولكن الرسالة جاءت ضعيفة، حتى أن التقييم الموضوعي لها سيشير إلى أنها اتسمت "بالجبن"، على عكس العمليات السابقة".
ولفت الخبير في شؤون الجماعات الإرهابية إلى أن أفغانستان تعاني في الوقت الحالي مثل سوريا تقريبا، مع اختلاف الفترة الزمنية ومساحة السيطرة الفعلية على الأرض بالنسبة لكلا الدولتين، ولكنها في النهاية تحتاج دعما سياسيا وماديا دوليا، لتتمكن من التعافي نهائيا من الإرهاب، وتجاوز عثرتها الحالية.
وأدان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش وأعضاء مجلس الأمن الدولي، بشدة
الهجوم الإرهابي، وقال المكتب الصحفي لرئيس المنظمة العالمية في بيان: إن "الأمين العام يدين بشدة الهجوم الذي وقع على الأفغان الذين تجمعوا في كابول للاحتفال بعطلة دينية (عيد المولد النبوي الشريف)، مضيفا أن "الهجمات المتعمدة على المدنيين تشكل انتهاكا صارخا للقانون الإنساني الدولي، ويجب بذل كل الجهود لتقديم المسؤولين إلى العدالة".
وفقا للبيان: "أكد أعضاء مجلس الأمن بدورهم، أن الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره يشكل أحد أخطر التهديدات للسلم والأمن الدوليين". فضلا عن ذلك "شددت الدول الأعضاء في المجلس على ضرورة مساءلة مرتكبي الأعمال الإرهابية ومنظميها ورعاتها، وحثت جميع الدول، وفقا لالتزاماتها بموجب القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، على التعاون بنشاط في هذا الصدد مع حكومة أفغانستان وجميع الهيئات الأخرى ذات الصلة".