بعد تحريرهم من قبضة "داعش".. دروز السويداء يتمردون في سوريا

الأربعاء 21/نوفمبر/2018 - 02:48 م
طباعة بعد تحريرهم من قبضة أميرة الشريف
 
بعد أيام من تحرير نساء وأطفال دروز من السويداء، والذي خطفهم التنظيم الإرهابي "داعش"، لأكثر من 3 أشهر بعد هجمات شنها في المحافظة، وكانت الأكثر دموية ضد الأقلية الدرزية في البلاد، دعا الرئيس بشار الأسد أبناء المنطقة للالتحاق بالجيش، معتبراً التخلف عن ذلك بمثابة تهرب من خدمة الوطن.
ويعد ذلك تمردا من الدروز علي الالتحاق بالجيش، حيث يتخلف اللآف منهم عن الخدمة، خصوصا في السويداء معقلهم في سوريا، عن الالتحاق بالخدمة العسكرية، مكتفين بالانضواء في لجان شعبية للدفاع عن مناطقهم. 
ووفق ما ذكرت بوابة الحركات الإسلامية في تقرير سابق لها، عدد المنتمين إلى طائفة الدروز، يبلغ حوالي 250 ألف نسمة، موزعين بين سوريا وفيها 121 ألف درزي، موزعين في حوالي 73 قرية ولبنان، وفيه 90 ألف درزي تقريباً، والباقي في فلسطين المحتلة "إسرائيل"، وبعض دول المهجر.
ويرفض معظم الشباب الدرزي في السويداء التجنيد لأن الحرب مستمرة والقتل مستمر وأنهم ليسوا آلة للقتل، وفق تصريحات لإحدي المتخلفين عن الالتحاق بالجيش حيث قال إحدهم: أن معظمهم متخلفون عن الجيش، وأنا منهم، لكننا نحن من تصدينا لاعتداء داعش والجيش لم يساندنا.
وبعد مرور نحو 8 سنوات استطاع دروز سوريا، الذين يشكلون 3% من السكان، الى حد كبير من تحييد أنفسهم عن تداعياته، فلم يحملوا اجمالاً السلاح ضد النظام ولا انخرطوا في المعارضة باستثناء قلة. 
وفي 25 يوليو الماضي، شنّ تنظيم داعش هجوماً واسعاً في مدينة السويداء وريفها الشرقي، أسفر عن مقتل أكثر من 260 شخصاً، في اعتداء هو الأكثر دموية الذي يستهدف تلك الأقلية، وخطف التنظيم وقتها نحو 30 مواطناً درزياً من نساء وأطفال.
وأعلن الجيش إنه حرر الرهائن الدروز الذين اختطفهم تنظيم  (داعش)، في يوليو 2018، بمحافظة السويداء في جنوب سوريا، فيما صرح ناشط درزي أن الأمر تم بصفقة ترعها روسيا.
 وقال التلفزيون الرسمي أنذاك، إنه بعملية بطولية ودقيقة، قامت مجموعة من أبطال الجيش العربي السوري في منطقة حميمة شمال شرقي تدمر، بالاشتباك المباشر مع مجموعة من تنظيم داعش الإرهابي (…)، وبعد معركة طاحنة استطاع أبطالنا تحرير المختطَفين، مشيراً إلى أن عددهم 19. 
وأفاد الإعلام الرسمي بأنه تم قتل الخاطفين، وبث التلفزيون الرسمي صوراً للمختطَفين المحرَّرين وهم في منطقة صحراوية، وحولهم وقف عناصر من الجيش السوري.
ومنذ خطفه الرهائن، أعدم التنظيم، في 5 أغسطس 2018، شاباً جامعياً (19 عاماً) بقطع رأسه، ثم أعلن بعد أيام، وفاة سيدة مسنّة (65 عاماً)، من بين الرهائن، جراء مشاكل صحية، ثم أعلن في مطلع أكتوبر 2018، إعدام شابة في الـ25 من العمر. وفي 20 أكتوبر 2018، أفرج التنظيم عن 6 من الرهائن بموجب اتفاق، بعدما كانت روسيا تولت بالتنسيق مع النظام السوري التفاوض مع التنظيم.
ووفق احصائيات شبكة «السويداء 24″، فإن العدد الموثق لديهم هو 20 كانوا لا يزالون في يد التنظيم، وأن الأخير أبلغ عائلة إحدى المختطَفات سابقاً أنه تم إعدامها، لكن من دون أن يرسل أي دليل.
وبحسب الشبكة، فإن تحرير بقية المختطَفين جاء استكمالاً للاتفاق السابق مقابل الإفراج عن معتقلين من تنظيم داعش في سجون النظام السوري. 
وباتت الخدمة الإلزامية تستمر سنوات عدة جراء الحرب، بعدما كانت مدتها الأساسية تقتصر على نحو عامين فقط.
وتتواجد الحكومة السورية في محافظة السويداء عبر المؤسسات الرسمية والمراكز الأمنية، فيما ينتشر الجيش حالياً على حواجز في محيط المحافظة.
ويرى أستاذ العلاقات الدولية خطار أبو دياب، المواكب لوضع دروز السويداء، في تصريحات الأسد تهويلاً لن ينفع، معتبراً أنه يريد أن يأخذ أهل السويداء ليكونوا طعماً لمعارك مستقبلية.
وكان دعا الأسد، أبناء محافظة السويداء الجنوبية، ذات الغالبية الدرزية، للالتحاق بالخدمة العسكرية بعد أيام من تحرير نساء وأطفال كان خطفهم تنظيم داعش من المنطقة قبل ثلاثة أشهر ونصف شهر.
وقال الأسد لوفد من المحررين وعائلاتهم، وفق ما جاء في فيديو نشرته حسابات الرئاسة على تطبيق تلجرام، إن من يستحق هذا الشكر هو القوات المسلحة والجيش (...) والذين لولاهم لما عاد المخطوفون، مضيفا: "له دين كبير علينا، أنتم كعائلات حررت أو أفراد حرروا من الخطف تبقى مسؤوليتكم أكبر. بماذا يطالبنا الجيش؟.. طالبنا بالفعل وما هو أول فعل، هو أن نلتزم كلنا بالوطنية، وأول فعل وطنية بالنسبة للشباب هو أولا دعم الجيش من خلال الالتحاق" به.
وبقيت محافظة السويداء بمنأى نسبياً عن الحرب باستثناء هجمات محدودة بين 2013 و2015 شنتها فصائل معارضة بعضها إسلامية متطرفة وتصدت لها مجموعات محلية أبرزها “مشايخ الكرامة”، التي ضمت رجال دين ومقاتلين رافضين لتجنيد الدروز خارج مناطقهم.
وفي 2014، ومع توسّع المعارك في سوريا، بدأ الأهالي بمحاصرة كل مركز أمني يُعتقل فيه أحد أبنائهم لتخلفهم عن الخدمة حتى اطلاق سراحهم، بينما لم تقدم دمشق المنشغلة بجبهات أخرى على أي ردود فعل.
ويري السكان، أن هناك انفلات أمني شهدته المحافظة خلال السنوات الماضية، عبر عمليات خطف مقابل فدية وقتل، من دون أي تدخل للمراكز الأمنية التابعة للنظام.
وبعد هجمات السويداء، انتقل تنظيم داعش الى منطقة تلول الصفا المتاخمة للمحافظة، قبل أن يتعرض لغارات كثيفة ويخوض اشتباكات ضد قوات النظام التي تمكنت السبت من بسط سيطرتها على المنطقة.
وانسحب مقاتلو التنظيم، وفق مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن، إلى البادية، بناء على اتفاق مع دمشق التي تلقت وعوداً من مشايخ دروز بالعمل على اقناع الشباب للالتحاق بالجيش في حال إبعاد خطر التنظيم عن المحافظة.
ويقدر المرصد وجود 30 ألف شاب درزي متخلفين عن الخدمة، لافتاً الى اجتماعات متتالية يجريها ضباط روس مع مشايخ دروز لتسوية هذا الملف.
ومنذ اندلاع النزاع في سوريا العام 2011، حيّدت الأقلية الدرزية نفسها، فلم تحمل السلاح ضد القوات الحكومية ولا انخرطت في المعارك إلى جانبها.
وتخلف آلاف الدروز عن الالتحاق بالخدمة العسكرية، بعضهم بسبب معارضتهم للنظام، والغالبية بسبب رفضها القتال في مناطق خارج المناطق الدرزية، والتحق عدد كبير منهم في لجان شعبية، جرى تشكيلها للدفاع عن مناطقهم خصوصاً في السويداء.
وغضت السلطات طوال السنوات الماضية النظر عن المتخلفين عن الخدمة العسكرية من تلك المحافظة، إلي أن دعا الأسد للالتحاق بالخدمة.
و يشير الدروز إلى أنفسهم باسم "الموحدين" نسبةً إلى عقيدتهم الأساسية في "توحيد الله" أو بتسميتهم الشائعة "بنو معروف"، ويرجع هذا الاسم لقبيلة عربية اعتنقت الدرزية في بداياتها، أما اسم "دروز" فأطلق عليهم نسبة إلى "نشتكين الدرزي" الذي يعتبرونه زنديقًا ومحرفًا للحقائق، ويكره الدروز هذا الاسم ويرفضونه، بل ويشيرون إلى أن هذا الاسم غير موجود في كتبهم المقدسة، ولم يرد تاريخيًّا في المراجع التي تكلمت عنهم.
لمزيد عن الطائفة الدرزية أضغط هنا

شارك