تركيا وإيران.. تحالف شيطاني يسعي لتخريب المنطقة
السبت 24/نوفمبر/2018 - 02:23 م
طباعة
أميرة الشريف
في أعقاب ثورات الربيع العربي، دخلت المنطقة العربية بأكملها في صراعات ونزاعات كان هدفها تخريب وزعزعة أمن المنطقة، فما بين حالة الفوضي التي تشهدها معظم الدول علي رأسهم ليبيا واليمن، وانتشار الإرهاب وتوغله في سوريا والعراق، يقف تحالف الشر " تركيا وإيران"، متفرجًا منتظرًا المزيد من الفوضي والتخريب والإرهاب، واستغلال الحركات المتطرفة لهدم دول المنطقة.
وبعد أن كان الدولتان يتحركان في الخفاء، بدأت نواياه تظهر عقب ثورات الربيع العربي، حيث يتفقان علي نهج واحد، هو بث الفوضي وزعزعة أمن و استقرار المنطقة، وهو الأمر الذي كشفه الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، في أغسطس الماضي مؤكدا علي عمق ومتانة العلاقات التى تربط بلاده بحليفه النظام الإيرانى ذات الأجندة التخريبية فى المنطقة والممول الأول للإرهاب فى الشرق الأوسط.
ويتسع النفوذ الإيراني في المنطقة بشكل لافت ولاسيما في اليمن والعراق وسوريا ولبنان، في حين باتت تركيا أحد اللاعبين الأساسيين في الأزمة السورية وبنسبة أقل في العراق وأيضا في الأزمة الخليجية.
وكان دعا الأمين العام للجامعة العربية، أحمد أبو الغيط، كل من إيران وتركيا إلى عدم التعدي على المصالح العربية، وإعادة النظر بسياستيهما تجاه الدول العربية.
وقال أبو الغيط، في جلسة منتدى الحوارات المتوسطية الرابع، والذي يعقد في روما، على إيران أن تفكر جديا في إعادة النظر بسياساتها تجاه العالم العربي، وعلى تركيا أيضا أن تفهم أنه خلال الدفاع عن مصالحها، لا يمكن لها أن تتعدى على المصالح العربية".
وسبق لكثير من الدول العربية التحذير من التدخلات التركية والإيرانية، حيث سبق لكل من السعودية ومصر والإمارات والبحرين، أن أصدرت بيانا ضد التدخل التركي والإيراني في الأزمة السورية، على سبيل المثال.
وقالت الدول الأربع، التي تشكل "اللجنة الوزارية العربية الرباعية المعنية بمتابعة تطورات الأزمة مع إيران، وسبل التصدي لتدخلاتها في الشؤون الداخلية للدول العربية"، في بيانها المشترك، إنها "نددت باستمرار بالتدخل الإيراني والتركي في الأزمة السورية وما يحمله من تداعيات خطيرة على مستقبل سوريا وسيادتها وأمنها واستقرارها ووحدتها الوطنية وسلامتها الإقليمية".
وسبق لإيران مرارًا وتكرارًا- أن أظهرت نواياها التوسعية في الوطن العربي بحجة حماية الشيعة، باتت تعبر بوضوح عن رغباتها بالهيمنة على المنطقة العربية، أما تركيا، فتقود تيار الإخوان المسلمين، رغبة منها في بسط نفوذها، تحت ستار الدين، ورغم أن الدولة التركية لا تظهر عناصرها الدينية الثيوقراطية، إلا أنها تحاول استغلال الدين خدمة لأهدافها السياسية، فتركيا التي لم يكن لها أي قواعد عسكرية خارج الدولة قبل سنوات، أصبحت تملك تواجدًا عسكريًا في 5 دول عربية.
ويعتمد التدخل الإيراني في بعض الدول مثل العراق وسوريا علي تشكيل فصائل مسلحة ممولة ومسلحة من طهران لم تصل بعد إلى قوة حزب الله في لبنان المدعوم والممول من إيران منذ تأسيسه منتصف الثمانينات، ناهيك عن الدعم العسكري والسياسي للحوثيين في اليمن.
بينما تعمل تركيا على تعزيز وضع الفصائل التي شكلتها مؤخرا في سوريا وتلك التي تدعمها منذ سنوات طويلة في العراق حيث القومية التركمانية التى تعتبر أن نظام صدام حسين قمع حقها وأنه حان الوقت لتحتل موقع الصدارة في المناطق التي تعتبر أنها تشكل الأغلبية فيها ككركوك.
وفيما تقدم نفسها إيران السند للقوى الشيعية في المنطقة تحاول تركيا أن تتقدم لتلعب دوراً في الساحة السنية وهي في الأساس ساحة تعتمد على مرجعات عربية تقليدية مثل السعودية ومصر وغيرها.
وأدلى أردوغان بتصريحات سابقة بخصوص العقوبات الأمريكية التى سيعاد فرضها على إيران، قال "إن إيران حليفنا الاستراتيجى كما أن الولايات المتحدة الأمريكية أيضا حليفنا الاستراتيجى، لكن قطع علاقاتنا بحلفائنا الاستراتيجيين الأخرين فى العالم بطلب من الخارج لا يتوافق مع استقلاليتنا، وكان وزير الخارجية التركى مولود جاويش أوغلو أكد فى وقت سابق على موقف بلاده الرافض للعقوبات الأمريكية التى سيعاد فرضها على إيران.
وكانت تسريبات تحدثت عن زيارة أردوغان في العام الماضي لإيران، حيث اتفق مع المسؤولين الإيرانيين على خارطة طريق سرية لإدارة الصراع في سوريا والعراق، وخاصة ما تعلق بتحجيم الدور الكردي.
ووفق تقارير صحافية، ورغم الخلافات الأيديولوجية التي تعيق إمكانية إقامة تحالف تركيا وإيران، إلا أنهم دائما يجتمعان في المصائب الكبري خشية علي مصلحهما الخارجية، فمع كل أزمة تحدث تجد الدولتان أن المخاطر المحيطة بهما، ومصالحهما الخاصة تدفعهما دفعا لتطوير علاقتهما والارتقاء بها، لدرء عواقب تلك المخاطر المحتملة التي يمكن أن يتعرضا لها معا، ولتحقيق الاهداف التي تطمح إليها كل واحدة منهما.
وقد ساهم في ذلك التقارب المواءمات السياسية التي تبناها حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم منذ وصوله إلى سدة الحكم، والتي اعتمد فيها مبدأ المهادنة والتصالح، ومحاولة التقارب مع دول المنطقة والتفاعل بإيجابية تجاه مشاكلها، مع القيام بدور الوسيط بهدف إنهاء النزاعات وتصفير المشاكل، لإعطاء فرصة للانطلاق نحو البناء والتنمية، وهى السياسة التي توافقت مع وجهة نظر الساسة الإيرانيين التي تُفضل وجود علاقات متوازنة مع تركيا، تتجاوز من خلالها الخلافات التاريخية والأيديولوجية بينهما، لصالح ضمان وجود حليف قوى يعد همزة الوصل الوحيدة بينها وبين الغرب .
وسرعان ما كان التطور الذي شهده ملف العلاقات الاقتصادية والسياسية والعسكرية بين البلدين، إذ وصل حجم التبادل التجاري بينهما إلى 21 مليار دولار ، وتأسست أكثر من 100 شركة تركية على الأراضي الإيرانية، فيما ازداد حجم التواجد الايراني في تركيا تجاريا وسياحيا، إلى جانب توقيع اتفاقيات مشتركة في مجالات الطاقة والاستثمار والسياحة بما قيمته 10 مليارات دولار خلال زيارة الرئيس التركي الأخيرة لطهران، والاتفاق على قيام إيران بإمداد تركيا بالنفط مقابل قيام الاخيرة بإعادة تأهيل سكة حديد خط إرماق – كرابوك، الذي تقدر تكلفته بـ 80 مليون يورو.
ويتسع النفوذ الإيراني في المنطقة بشكل لافت ولاسيما في اليمن والعراق وسوريا ولبنان، في حين باتت تركيا أحد اللاعبين الأساسيين في الازمة السورية والعراق وأيضا في الأزمة الخليجية.
ويشترك الطرفين في رغبتهما في استعادة الماضي الاستعماري في المنطقة العربية، ويبدو أن السنوات المقبلة ستشهد صراعات بين الدولة الفارسية الصفوية والدولة العثمانية، بصيغتهما الحديثة، تركيا وإيران، على غرار التي شهدها القرن الرابع عشر بين الإمبراطورية العثمانية والدولة الصفوية.