"هيئة تحرير الشام" وطرد المسيحيين في ادلب من منازلهم
الأحد 25/نوفمبر/2018 - 01:16 م
طباعة
حسام الحداد
قال ناشطون سوريون إن "هيئة تحرير الشام"، ذراع تنظيم "القاعدة" الإرهابي في سوريا، تعكف منذ أسابيع على ملاحقة ملاك العقارات وشاغليها من المسيحيين في مناطق سيطرتها بمحافظة إدلب شمالي سوريا.
وقال ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي، إن "هيئة تحرير الشام" المتشددة، أرسلت بلاغات إلى مالكي العقارات في إدلب من المسيحيين من أجل تسليمها في موعد أقصاه نهاية نوفمبر الجاري.
وانتشرت على مواقع التواصل صورة إحدى هذه البلاغات الصادرة عن "مسؤول مكتب الدراسات" في الهيئة، وتحمل عنوان "مذكرة حضور"، إذ تطلب من مستلمها مراجعة المكتب خلال 3 أيام.
ودعت المذكرة الأشخاص الذين تسلموها إلى مراجعة ما يسمى "مكتب العقارات والغنائم"، في خطوة تأتي في إطار ما تسميه الهيئة "أملاك النصارى"، بحسب ما ذكرت مصادر من داخل المدينة.
ويقول ناشطون سوريون إن الهيئة التي تضم عدة فصائل مسلحة متشددة، تعتبر أن لها "أحقية في تملك عقارات المسيحيين وتأجيرها والتصرف بها كما تشاء".
وأكدت مصادر متطابقة أن "هيئة تحرير الشام" تهدف من وراء هذه الخطوة أيضا إلى تسكين قادتها وأفرادها في العقارات التي يشغلها المسيحيون، لا سيما المسلحين الأجانب منهم.
وكانت "جبهة النصرة" سابقا، ذراع تنظيم القاعدة في سوريا، قد تسببت في تهجير الآلاف من المسيحيين، على قلتهم، في مدينة إدلب، واعتقلت وقتلت الكثير منهم.
ولم يبق في المدينة هذه الأيام سوى ما يقرب من 1500 مسيحي، غالبيتهم من كبار السن، ممن لم تسعفهم صحتهم –على ما يبدو- على مغادرة المدينة، وآثروا التشبث بمنازلهم.
وأصبحت مئات العقارات التي تعود إلى مسيحيين في مدينة إدلب مهجورة منذ سنوات، إذ وكل أصحابها، الجيران أو الأصدقاء برعايتها، قبل أن تأتي "جبهة تحرير الشام" وتأخذها منهم عنوة.
وهيئة تحرير الشام و والتي يطلق عليها أحيانا "تحرير الشام" هي جماعة سلفية جهادية متشددة شاركت وتشارك في الحرب الأهلية السورية. تشكلت المجموعة في 28 يناير 2017 من خلال اندماج كل من جبهة فتح الشام (كانت تعرف بجبهة النصرة سابقا) وجبهة أنصار الدين ثم جيش السنة ولواء الحق وكذا حركة نور الدين الزنكي. بعد إعلان التأسيس؛ انضمت مجموعة منَ الجماعات الأخرى للهيئة كما انضم لها عدد من الأفراد والمقاتلين من سوريا وخارجها. بالرغم من كل هذا الاندماج فإن الهيئة تتكون من عناصر في جبهة النصرة بالخصوص حيث يسيطر قادة هذه الجبهة المنحلة على أبرز المراكز في الهيئة. اتسعت رقعة هذه الهيئة وتضاعفت قوتها حتى صارت لاعبا رئيسيا في النزاع في سوريا خاصة بعدما انضم لها عناصر من حركة أحرار الشام التي تعد جماعة سلفية أيضا لكنها أقل تشددا من نظيراتها. في الوقت الحالي؛ لا زال الكثير من المحللين والإعلاميين يشيرون إلى الهيئة باسم جبهة النصرة أو حتى هيئة فتح الشام.
وعلى الرغم من الاندماج وتغيير الاسم وما إلى ذلك من الخطوات فإن غالبية الدول لا زالت تشير إلى الهيئة باعتبارها فرع تنظيم القاعدة في سوريا خاصة أنها لا زالت تحتضن عدد من القياديين والشخصيات الذين كان لهم دور مهم في نشرِ فكر تنظيم القاعدة المتطرف في منطقة الشرق الأوسط وبالخصوص في سوريا والعراق. ومع ذلك؛ فإن هيئة تحرير الشام قد نفت كل هذه المزاعم مرارا وتكرارا مصرة على أنها "كيان مستقل وليست امتدادا لتنظيمات أو فصائل سابقة أو حالية". علاوة على ذلك؛ فإن بعض الفصائل التي اندمجت لتشكل الهيئة كانت تتلقى دعما من الولايات المتحدة مثل حركة نور الدين الزنكي. جدير بالذكر هنا أن روسيا –حليفة النظام السوي والتي لعبت دورا أساسيا جدا في بقاء النظام على رأس السلطة– ترى في هيئة تحرير الشام أنها جبهة النصرة الراغبة في تحويل سوريا إلى إمارة إسلامية يديرها تنظيم القاعدة.
وحول عملية طرد المسيحيين من منازلهم أدان مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء المصرية هذه الممارسات العنصرية من قِبل "هيئة تحرير الشام" المتشددة بحق المواطنين المسيحيين هناك، والتعدي على أملاكهم واعتبارها جزءا من غنائم حربهم المزعومة في شمال سوريا.
وذكر مرصد الإفتاء في بيانه له نشر على بوابة دارة الافتاء المصرية اليوم الأحد 25 نوفمبر 2018، أن "هيئة تحرير الشام" أرسلت بلاغات إلى مالكي العقارات من المسيحيين بإدلب من أجل تسليمها في موعد أقصاه نهاية نوفمبر الجاري، وانتشرت على مواقع التواصل صورة إحدى هذه البلاغات الصادرة عن "مسئول مكتب الدراسات" في الهيئة، وتحمل عنوان "مذكرة حضور"، إذ تطلب من مستلمها مراجعة المكتب خلال 3 أيام، وقد دعت المذكرة الأشخاص الذين تسلموها إلى مراجعة ما يسمى "مكتب العقارات والغنائم"، في خطوة تأتي في إطار ما تسميه الهيئة "أملاك النصارى".
وأكد مرصد الإفتاء أن ظاهرة استهداف غير المسلمين من أصحاب الديانات السماوية يكشف عن طبيعةٍ وحشيةٍ لهؤلاء المتطرفين، وذلك باستهدافهم مدنيين أبرياء حيث يتفاخرون بتحقيق انتصارات وهمية بإحكام سيطرتهم على هؤلاء المدنيين العزل، وهم في ذلك يخالفون كافة الشرائع السماوية التي تحرم الاعتداء على الأنفس والأعراض والأموال وتجعل صونها من المقاصد العليا للشريعة الإسلامية.
ولفت المرصد النظر إلى أن استهداف المسيحيين من الثوابت لدى أصحاب الفكر المتطرف والممارسات الإرهابية، ولطالما قتلوا المسيحيين بدعاوى مختلفة وفق سياق كل حالة، ففي مصر يعتبرونهم "نصارى محاربين" و"رأس حربة للعدوان الصليبي"، وفي سوريا ينظرون إليهم باعتبارهم "غنائم حرب"، وفي كل الأحوال لا يغيب الدافع الطائفي عن هذه الجرائم، والمؤكد أن استهداف جزء من نسيج وطني بناء على معتقده الديني يمثل بوابة بث سموم الفتن الطائفية والصراعات العرقية.