"حزب الله" السوري .. إيران تواصل توسيع نفوذها في سوريا

الإثنين 26/نوفمبر/2018 - 03:42 م
طباعة حزب الله السوري .. فاطمة عبدالغني
 
حذر رئيس "هيئة التفاوض" للمعارضة السورية نصر الحريري من المساعي الإيرانية لإنشاء كيان يوازي "حزب الله" اللبناني داخل سوريا، تنفيذًا لسياساتها الاستراتيجية في دول المنطقة، خاصة في ضوء قيام إيران بإنشاء مواقع عسكرية عديدة ومقرات ومراكز تدريب في الجنوب السوري،  
ودعا الحريري في مؤتمر صحفي إلى "إطلاق خطة إقليمية لمواجهة إيران وتكثيف الأدوات الدولية من أجل وضع حد لنفوذها"، مشددا على أن طهران "جزء من المشكلة وليست جزءا من الحل للقضية السورية".
ونوه الحريري إلى الأثار الإيجابية التي يمكن أن تترتب على أي قرارات أو أدوار أو محاولات لتقليم أظافر إيران وإضعافها عسكريًا أو أمنيًا أو سياسيًا أو اقتصاديًا، ومن أجل تحقيق هذا الهدف طالب الحريري بـ"إطلاق خطة إقليمية لمواجهة إيران وتكثيف الأدوات الدولية من أجل وضع حد لنفوذها".
جاءت هذه التصريحات في ضوء الانتقادات الشديدة التي تواجه إيران بسبب تدخلاتها في الشؤون الداخلية لدول المنطقة ودعمها للجماعات المسلحة بالمال والعتاد نشرًا لمناخ الفوضى وعدم الاستقرار.
ففي إطار سعيها لتنفيذ أجندتها الرامية لبسط نفوذها على منطقة الشرق الأوسط، تراهن طهران على الميليشيات المسلحة متعددة الجنسيات في أكثر من ساحة، وتأتي تجربة "حزب الله" اللبناني لتشكل ورقة مهم ضمن خطة العمل الإيرانية، ومن أجل ذلك اتجهت نحو إعادة تدوير هذه الفكرة في إطار ما يعرف بـ"حزب الله" السوري.
وتعود فكره إنشاء "حزب الله" إلى الدعاية الكبيرة التي وضعتها طهران من أجل حشد المقاتلين الشيعة للالتحاق بساحات القتال في سوريا، إضافة إلى الإغراءات المادية التي دفعت للمقاتلين الذين قبلوا الالتحاق بهذه الجبهة، ومن منتصف 2012 وحتى منتصف 2013 ازدادت أعداد الميليشيات التي انضمت إلى صفوف القتال حيث بلغت حسب تقديرات الشبكة السورية لحقوق الإنسان لأكثر من 30 ألف مقاتل غالبيتهم عراقيين إضافة إلى جنسيات أخرى أفغانية وباكستانية ويمنية وحتى أفريقية.
حزب الله السوري ..
نظمت إيران نشاط هذه الميليشيات من خلال إدراجهم بداية في ميليشيا لواء أبو الفضل العباس (وهي ميليشيات إيرانية بقيادة أبو هاجر العراقي، ويُقدر عدد عناصرها بنحو 4800 مقاتل وتعد من أوائل الفصائل الشيعية التي دخلت سوريا بحجة الدفاع عن مقام السيدة زينب بريف دمشق، وتضم مقاتلين عراقيين يشكلون النسبة الأكبر إضافة إلى مقاتلين سوريين من أبناء بلدتي نبل والزهراء، إضافة إلى مقاتلين من لبنان، ومن جنسيات آسيوية أخرى) 
ومع بداية 2014 استطاعت طهران وضع هذه الميليشيات في إطار أكثر تنظيمًا فكان تأسيس "حزب الله" السوري، وفي مايو 2015 قال القائد السابق في "الحرس الثوري" حسين همدان عبر تصريح له حذف بعد دقائق من نشره على وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية "مستعدون لإرسال 130 ألف من عناصر الباسيج إلى سوريا، لتشكيل حزب الله السوري"، وأضاف "بعون الله استطاع الإيرانيون تكوين حزب الله الثاني في سوريا"، وكان هذا التصريح بمثابة إعلان عن نجاح إيران في تكوين "حزب الله" السوري، الذي يعتبر النسخة الجديدة لـ"حزب الله" اللبناني بذات الأيديولوجيا والأهداف وأساليب العمل والتنظيم.
وعلى الصعيد ذاته، قامت إيران ببناء قاعدة الحزب الجديد في الجولان السوري والمناطق التي يشغلها حزب الله اللبناني والحرس الثوري الإيراني على الأطراف الشرقية لمنطقة شبعا وفي ريف القنيطرة. وتتسارع الخطى الإيرانية لإخراج "حزب الله" السوري للعلن من أجل ضمان ذراع عسكري لها في المنطقة خاصة في ظل التضيقات الأخيرة على "حزب الله" اللبناني وتنصيفه كتنظيم إرهابي من قبل أغلب الدول العربية، فضلاً عن تراجع شعبيته لبنانيًا وعربيًا على ضوء التهم الموجهة له بالانخراط في الحرب السورية والمشاركة في الجرائم التي ارتكبت في حق المدنيين السوريين، إضافة إلى خشيه طهران من التسوية الأمريكية الروسية على أساس اتفاق جنيف "1" والتي من ضمن بنودها دعوة الميليشيات الأجنبية لمغادرة سوريا، لاسيما في إطار تسهيلات الجنسية السورية التي يمكن أن تمنح لمقاتلي الحزب الجديد بكل سهولة. 
في مقابل ذلك، يرى المراقبون أن احتمالات نجاح ميليشيا "حزب الله" السوري في تنفيذ الاستراتيجية الإيرانية طرح صعب لاسيما في إطار مساعي التوصل إلى تسوية سياسية للأزمة السورية الراهنة، فالاحتمال الأرجح أن السوريين أنفسهم لن يقبلوا ببقاء ميليشيا مختلطة وغير متجانسة تدين بالولاء لغير الوطن خاصة في ضوء تجربتهم السيئة مع "حزب الله" اللبناني، كما أن الرهان الإيراني على هذه الميليشيا هو رهان خاسر خاصة في ضوء الانقسامات التي عادة ما تضرب صلب هذه المجموعات من أجل النفوذ وغيرها من الأسباب، فضلاً عن ان عقيدة تلك المجموعات الخارجة على القانون لا يمكن أن تستمر. 

شارك