تمويل المساجد الإسبانية.. ستار الحمدين الخفي لنشر الإرهاب والتطرف

الثلاثاء 29/يناير/2019 - 02:18 م
طباعة تمويل المساجد الإسبانية.. فاطمة عبدالغني
 
استغلت قطر أموالها واستثماراتها في دول العالم لنشر الإرهاب ومد أذرعها بالمال والسلاح لخلق حروبها السوداء، ولعل أبرز تلك الأساليب جاء عبر تمويل بناء عدد كبير من المساجد والمراكز الإسلامية في دول العالم لبسط سيطرة نظام الحمدين والتكريس لتفريغ العناصر المتطرفة والإرهابية.
وقد انتبهت عدد من دول العالم لهذا المخطط القطري، وفى مقدمتها إسبانيا التي حذرت بدورها من مغبة عدم الالتفات لتلك الظاهرة التي تقودها الدوحة لغزو العالم بالمساجد لنشر الإرهاب.
هذا القلق الذي كان من نصيب إسبانيا جاء بالتزامن مع رغبة نظام الحمدين السابقة لإقامة مسجد في قلب مدينة برشلونة، وجاءت التسريبات التي نشرتها صحيفة "الموندو" الإسبانية حول سعى قطر لشراء ساحة مصارعة الثيران، لتسبب إزعاجًا كبيرًا للحكومة الإسبانية التي اعترضت على إقامة مثل هذا المسجد، الذي تتسع مساحته لـ 40 ألف شخص للصلاة، بعد تقدم رجل أعمال قطري بهذا المشروع الذى رفضه رئيس بلدية برشلونة خافيير ترياس لتحويل ساحة الثيران الى مسجد، مؤكدًا أنها من مآثر المدينة، معلنًا في الوقت ذاته أنه يفضل تحويلها إلى مركز ثقافي على أن يحولها إلى مسجد تستغله قطر لنشر أذرعها الإرهابية.
ويبدو أن الهاجس الأمني يؤرق إسبانيا كغيرها من بلدان أوروبا في السنوات الأخيرة، إذ تزداد المخاوف من تعرض البلاد لهجمات إرهابية خاصة بعد حادث الدهس في برشلونة العام 2016، والذي أودى بحياة 13 شخصًا، وفي ظل هذه الجواء المضطربة، ترفع أصوات إسبانية شعار الوقاية خير من العلاج تحت هذا الشعار تحذر تقارير من وجود تمويل قطري للإرهاب على الأراضي الإسبانية مطالبة السلطات الإسبانية بوقفه، يأتي هذا في الوقت الذي كشفت فيه تقارير صحفية أن عدد المساجد المتطرفة في إسبانيا يزداد بشكل كبير، ففي كتالونيا يوجد فقط 80 مسجدا وغالبيتهم يتم تمويلهم عبر قطر، وهناك تقارير بأن تنظيم الحمدين يمول قرابة 250 مسجدا في أسبانيا.
وفي هذا السياق كشفت صحيفة "لاريوخا" الإسبانية، أن الدوحة لديها اتصالات مع عناصر إرهابية تابعه لتنظيم الإخوان الإرهابي، حيث قامت قطر بتمويل فرع التنظيم الإرهابي في لوجرينو شمال إسبانيا بنحو مليون ونصف يورو، وتشير الصحيفة إلى أن عددًا من الإخوان الإرهابيين دخلوا إسبانيا في الفترة ما بين عام 2010 و2013.
 ووفقًا لصحيفة "لاريوخا" فإن من بين هؤلاء إمام مسجد لوجرينو الذي يقع في إقليم لا ريوخا، ويدعى علاء سعيد الذي تقول الصحيفة إن تلقى أموالاً من قطر، وتتهم السلطات الإسبانية علاء سعيد -وهو مصري الجنسية- بالترويج للأفكار المتطرفة ونشر العنف، وقام الحرس المدني والشرطة الوطنية الإسبانية في 14 أبريل بإلقاء القبض عليه وترحيله، باعتباره خطراً على الأمن القومي لبلدهم.
وفي إطار هذه الاستراتيجية الوقائية تحتجز السلطات في إسبانيا إمام مسجد آخر، ويدعى هشام شاشة -وهو مغربي الأصل-، تقارير صحفية إسبانية وصفت شاشة بأنه ذراع قطر وداعش لتمويل مساجد في إسبانيا بهدف نشر الإرهاب، مشيرة إلى تلقيه تحويلات مالية من قطر بأكثر من 100 ألف يورو  لدعمه في نشر  الفكر المتطرف، كما قامت السلطات الإسبانية في وقت سابق بطرد رئيس الاتحاد الإسلامي للأئمة  والمرشدين الإسبان التابع لتنظيم الإخوان الإرهابي بعد إدانته بنشر العنف والكراهية.
وبحسب التقارير الصحفية يبدو أن إسبانيا كانت إحدى الوجهات المفضلة لتنظيم الإخوان الإرهابي لنشر أفكاره وأجندته مدعومًا بالأموال القطرية وهو ما انتبهت له السطات الإسبانية أخيرًا، يأتي هذا في ضوء ما كشفته تقارير صحفية وإعلامية إسبانية في مايو العام الماضي، كيف وفرت قطر الأموال لعناصر تنظيم الإخوان الإرهابي الموجودين في العاصمة مدريد، تحت غطاء بناء المساجد، حيث حاول محمد الكواري سفير الدوحة في إسبانيا اختراق صفوف الجاليات العربية هناك، فكان لديه سهولة في التواصل معها لزرع الفتنة وتمويل التنظيمات المتطرفة في هذا البلد.
هذه المعلومات تأكدت عبر تقارير صحفية رصدت اتصالات مشبوهة بين عملاء الدوحة وسفيرها محمد بن جهام الكواري، وعناصر تابعة لتنظيم الإخوان وداعش، بهدف نشر الفتنة وتصدير الإرهاب للشارع الإسباني.
واتصالاً مع ما سبق وبخلاف المساجد أثار انتشار المراكز الإسلامية المشبوهة في إقليم كتالونيا قلق الشرطة المحلية، التي جعلت تلك المراكز في مرمى أهدافها، خوفاً من ضربات إرهابية مرجحة.
كما أثار التمويل الذي تحصل عليه تلك المراكز  حفيظة الشرطة، يأتي هذا في الوقت الذي أشار فيه تقرير لصحيفة "لا راثون" الإسبانية إلى أن الأموال القطرية هي السبب في انتشار تلك المراكز، ووفقاً للصحيفة فإن تلك المراكز تستلهم أفكارها من جماعات راديكالية مركزها الشرق الأوسط، وأشارت تحديداً إلى تنظيم الإخوان المدعوم قطرياً.
كما أشارت الصحيفة إلى تنامي دور الجماعات المتطرفة في الإقليم الإسباني، كما ركزت على دور قطر التي تحاول أن تستغل أموالها في تأسيس مراكز عبادة تنشر أفكاراً  إرهابية، مشيرة إلى وجود دلائل توضح دور الدوحة في مساعدة حركات متطرفة في إسبانيا، وتسعى تلك الحركات الإرهابية مستغلة انتشار المساجد الواسع في برشلونة لزرع أفكار متطرفة تدعو للجهاد ضد الغرب.
وأوضحت الصحيفة الإسبانية، أن إماماً يسمى محمد عطولي يسيطر على مساجد عدة في منطقة "كوستا برافا" في سالت، قال إن المساجد في المنطقة ساهمت بنصف مليون يورو، وأكد أن هذا المبلغ جاء من تبرعات المؤمنين، وهو ما شكك فيه الخبراء، حيث إن المبلغ كبير على عدد المسلمين في المنطقة.
 وألمحت الصحيفة إلى أن "عدد الجالية المسلمة في إسبانيا يبلغ أكثر من مليون ونصف، والعديد منهم ينتمون لمنظمات مثل العدل والإحسان، والإخوان، وجماعة التبليغ، وجميعها تصطدم بالقيم الديمقراطية ومعايير النظام الإسباني، وتتلقى دعماً قطرياً واضحاً".
وفي السياق نفسه، قالت صحيفة "الموندو" الإسبانية في تقرير أخر لها، إن التمويل المباشر من دول على رأسها قطر هو الذي يجعل الإرهاب موجوداً في العالم، وفي كتالونيا، فإن قوات الأمن حددوا أن تلك المنظمات الإرهابية تحصل على قواتها من قطر تحت غطاء تعاليم القرآن الكريم.
وأشارت الصحيفة إلى أن أحد أهم المراكز التي يوجد بها عدد كبير من المتشددين هو مسجد ريوس في تاراجونا، وأيضاً في لييدا، حيث يوجد مسجد ابن حازم، ويقوم قادة هذه المساجد بتوزيع كتب أيديولوجية سلفية، ومنها من يحمل أفكاراً إرهابية أيضاً، كما أن التركيز الثالث الذي هو موضع الشك هو الجماعة الإسلامية في "سالت" التي تضم جمعية الهلال الثقافية في مدينة جيرونا.
وبحسب المراقبون تسعى إمارة قطر الراعي الأول للإرهاب للتسلل إلى المجتمعات الأوروبية وأبناء الجاليات العربية في تلك الدول على وجه التحديد، من أجل الترويج لدورها في دعم تلك الجاليات من خلال توفير مراكز إسلامية ومساجد وجمعيات خيرية، إلا أن تلك الأنشطة لا تعد إلا ستارا تخفى من وراءه أهدافها القائمة على نشر الإرهاب والفكر المتطرف من جهة، ومن جهة أخرى منبرًا لبث فكر الإخوان المسلمين ونشره بين مسلمي أوروبا من أجل تكوين لوبي إخواني داعم للدوحة وسياساتها داخل القارة الأوروبية وفي العالم، وهو بالفعل ما حذرت منه وسائل الإعلام الإسبانية، وفطنت له السلطات الإسبانية فعمدت لاتخاذ المزيد من الإجراءات في طريق تعزيز الضوابط على الأئمة والمساجد في جميع أنحاء البلاد. 

شارك