وضاع الحلم يا أردوغان.. كيف خسر الرئيس التركي مشروع تصدير "خرافة الخلافة"؟
الخميس 07/فبراير/2019 - 01:11 م
طباعة
روبير الفارس
لماذا فتح الرئيس التركى رجب طيب أردوغان أبواب بلاده على مصراعيها لعناصر جماعة الإخوان؟
سؤال يمكن ببساطة الإجابة عنه بأن هناك مصالح تصالحت، لكن التعمق فى الأمر، يتطلب البحث فى ماهية تلك المصالح، وهو ما يجيب عنه الباحث السعودي، عيسى الشاماني، قائلًا: «إن أردوغان يقتفى منهج ثورة الملالى فى إيران، ويسعى إلى تصدير مبادئ التأسلم السياسى إلى المنطقة العربية.
إذن.. لماذا يبدو تحالف الطاووس التركى والجماعة على شفا الانهيار؟
يقول «الشاماني»: يبدو أن هذه الخطة فشلت، ما دفع أردوغان إلى إبعاد عناصر الإخوان من أراضيها، مضيفًا أن الإنفاق التركى القطرى السخى على رموز وقيادات الإخوان كان تحت رعاية رسمية من الحكومة التركية التى مكنتهم من عقد المؤتمرات والندوات التى غالبا ما يشرف عليها «حزب العدالة والتنمية»، وتتولى قناة الجزيرة -الذراع الإعلامية لتنظيم «الإخوان والحمدين»- بثها للعالم العربى والإسلامي.
واقعيا تمثل تركيا اليوم أكبر تجمع للعشرات من قيادات تنظيم الإخوان الفارين من العدالة حول العالم، بالتساوى مع قطر التى وصفها محللون أنها بمثابة «البقرة الحلوب» لتمويل مشاريع الرئيس التركى رجب طيب أردوغان وحزبه الحاكم، خصوصا تلك المشاريع المتمثلة فى دعم الإخوان، واحتضانهم وتوفير البيئة المناسبة لهم ليتمكنوا من عقد اجتماعاتهم وندواتهم التى تحفل بها العاصمة التركية أنقرة على مدار العام.
وكانت طموحات الرئيس التركي، وتوجهاته الفكرية غير خافية، فهو فى كل مناسبة يؤكد أهمية الإخوان كمشروع سياسى يعول عليه فى المنطقة، فأردوغان يرى «أن أفكار المفكر الإخوانى سيد قطب تمثل تراثا إنسانيا مُلهما ينبغى أن تتبناه الدولة التركية».
تركيا تتخلى عن الإخوان..ففى عام ٢٠١٦، احتفت تركيا رسميا بالقطب الإخوانى الأبرز سيد قطب، الذى يرى أن النظام العالمى كله كافر، ويؤمن بأن المسلمين يجب عليهم الخروج بالسلاح فى حرب جهادية تشمل العالم أجمع وإلا كانوا من الكافرين.
هذه الأدبيات المتطرفة فى خطاب سيد قطب والإخوان بشكل عام، يراها مستشار الرئيس التركى ياسين أقطاى «ميراثا عالميا يجب الاستفادة منه»، معتبرا أن فكر قطب المتطرف وأدبياته حول الحاكمية والجاهلية هى إلهامات ربانية أسهمت فى صناعة مشاريع سياسية عدة، من بينها المشروع السياسى المعاصر فى تركيا.
وفى ظل النشاط السياسى لقيادات جماعة الإخوان فى تركيا، يرى محللون أن تمكين أنقرة للتنظيم، يعتبر إصرارا من حزب العدالة والتنمية الذى يحكم البلاد منذ ٢٠٠٢، على عدم الاكتراث بالأمن العربى وعزمه استخدام هذه الجماعة، التى تدرس دول غربية عدة إدراجها على القوائم السوداء، وهو ما يراه المحللون أنه يهدف للتوسع وتحقيق حلم القيادة التركية بإعادة الزمن إلى الوراء لنحو ١٠٠ عام.
الطموحات السياسية التركية لتوظيف الإسلام الإخوانى فى المنطقة لم تكن جديدة، بل هى رغبة قديمة عبّر عنها أقطاي، حيث أكد أن إسقاط الخلافة تسبب فى فراغ سياسى فى المنطقة، وقد سعى تنظيم الإخوان لأن يكون ممثلا سياسيا فى العالم نيابة عن الأمة، مضيفا: «البعض يستخف بقوة الإخوان ويقول إنهم عبارة عن جماعة صغيرة، لكن جميع الحركات الإسلامية اليوم ولدت من رحم جماعة الإخوان».
وقال أقطاي، إن جماعة الإخوان تمثل اليوم ذراعًا للقوة الناعمة لتركيا فى العالم العربي، فهذه الجماعة ترحب بالدور التركى فى المنطقة.
ويرى مراقبون أنه لتحقيق هذه الأجندة، وجدت تركيا فى قطر والإخوان حليفا وثيقا، لاسيما أن قطر استلهمت فكر الإخوان منذ وقت مبكر، وكانت أول من وفر لهم ملجأ آمنا بعد أن فروا من العدالة فى دول عدة، لاسيما يوسف القرضاوى الذى تم تصنيفه إرهابيا من قبل الدول الأربع المقاطعة لقطر، غير أن الأخيرة منحته الجنسية القطرية ونصبته مفتيا عاما للدولة وشرعت له منصاتها الإعلامية لنشر الفكر الإخواني.