قطر ورعاية الإرهاب في الشرق الأوسط وأفريقيا

الأحد 03/مارس/2019 - 02:18 م
طباعة قطر ورعاية الإرهاب حسام الحداد
 
وصفت منظمة حقوقية مصرية، قطر بأنها أحد أضلع ما وصفته بمثلث الإرهاب في الشرق الأوسط، الذي يضم إيران وتركيا، مشيرة إلى أن الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط لن ينتهي إلا بقطع أذرعه الممتدة في قلب الدول العربية، انطلاقاً من الدوحة وطهران وإسطنبول.
ولفتت «ماعت» للتنمية وحقوق الإنسان، أمس السبت 2 مارس 2019، إلى العديد من الأدلة القاطعة التي تؤكد الدور القطري في نشر الفوضى بالمنطقة، عبر استخدام العنف المسلح، في الوقت الذي تقوم فيه إيران بدعم العديد من الجماعات الإرهابية، وتدريبهم ومدهم بالسلاح والعتاد، وأشار أيمن عقيل، رئيس مجلس أمناء المؤسسة، في مداخلته أمام المجلس الدولي لحقوق الإنسان، خلال الحوار التفاعلي مع المقرر الخاص المعني بالإرهاب، على هامش الدورة ال40 لمجلس حقوق الإنسان بجنيف، بما يتعلق بتداعيات الإرهاب في الشرق الأوسط، إلى العديد من التقارير الأمريكية التي تنظر إلى قطر، باعتبارها أكبر دولة في المنطقة تغض الطرف عن التمويل للجماعات الإرهابية المتطرفة، مشيراً إلى المخطط التركي لإحياء السلطنة على حساب الأمة العربية، وهو ما يؤكد ضلوع إسطنبول في دعم تنظيم «الإخوان» الإرهابي.
وطالبت «ماعت»، المجتمع الدولي باتخاذ خطوات جادة تجاه الدول الراعية للإرهاب، وعدم الاكتفاء بإصدار تقارير إدانة، أو توجيه تحذيرات شفوية لا تقدم نتائج ملموسة على أرض الواقع، داعية إلى إجراء مزيد من التحقيقات حول دعم قطر وتركيا وإيران للإرهاب، وتعويض جميع المسؤولين عن الانتهاكات الحقوقية الناتجة عن هذا الدعم للمساءلة القانونية، وتوقيع العقوبات الدولية عليهم.
وفي سياق متصل، طالب البرلماني المصري سعيد حساسين، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب السلام الديمقراطي، في بيان له أمس، بضرورة محاكمة النظام القطري بتهمة دعم الإرهاب، على خلفية تقرير بثته مؤخراً قناة «مباشر قطر»، التي تبث من برلين، تعرضت خلاله للجرائم التي ارتكبها النظام القطري، وحركة النهضة التونسية، وقيامهما بتجنيد الشباب التونسي العاطل عن العمل، في صفوف التنظيم الإرهابي «داعش» تحت مزاعم نصرة دين الله، والجهاد في سبيله.
الحالة اليمنية
ومن المعروف أن إمارة تميم تحاول بكل جهد عرقلة أي اتفاق يحدث في اليمن فهي تريد ان تظل الحالة اليمنية كما هي من النزاع والحرب الأهلية ومؤخرا اتهمت مصادر حكومية يمنية قطر بمحاولة التأثير على ميليشيات الحوثي لعرقلة اتفاق ملف الأسرى الذي عقد في الأردن.
وقالت المصادر لموقع 24، إن «قطر تضغط منذ بدء الاجتماعات في عمان لعرقلة أي اتفاق ومنع تقدم ملف المباحثات».
ولفتت إلى أن اتفاق تبادل الأسرى والمختفين قسرياً متعثر ولم يحقق أي تقدم بسبب عدم التوافق مع الحوثيين في هذا الملف.
وفي رده على سؤال حول هذا الموضوع، أكد وكيل وزارة حقوق الإنسان اليمنية ماجد فضايل، عدم وجود معلومات لديه حول هذا الموضوع، لكنه لا يستبعد ذلك.
وملف الإفراج عن الأسرى نص عليه اتفاق السويد المبرم في ديسمبر الماضي بين الحكومة اليمنية الشرعية والحوثيين، إلا أن تنفيذه يتأخر بسبب عرقلة الميليشيات، وذلك رغم سلسلة اجتماعات في عمّان لحلحلة الموضوع.
ادانة أمريكية
وفي سياق متصل طالب باحث أميركي من حكومة الولايات المتحدة بالتركيز أكثر على منطقة الشرق الأوسط، محذراً من خطورة ترك المنطقة لنفوذ دول أخرى تمثل أعداء للولايات المتحدة، مثل إيران، أو منافسين لها مثل الصين وروسيا. وأوضح الكاتب «ألفريدو بويد» عبر موقع «أوجوستا ريفيو» والذي يتخذ من ولاية جورجيا الأميركية مقراً له أن هناك واقعاً جديداً في منطقة الخليج، الذي يتم تجاهله على حساب المصالح الأميركية، مشيراً إلى أن إيران تمثل خطراً كبيراً على المصالح الأميركية في منطقة الشرق الأوسط.
وقال الكاتب في مقاله إن قطر «دولة ناشزة في المنطقة»، باستخدامها استضافة القاعدة الجوية الأميركية، لمواجهة أي ضغوط من جانب الولايات المتحدة لدفعها إلى النأي بنفسها عن إيران وجماعة الإخوان الإرهابية. وأكد الكاتب أن قاعدة «العديد» في قطر هي قاعدة مهمة ولكنها ليست ضرورية ويمكن الاستغناء عنها، وبناء قاعدة حيوية بنفس القدر في دولة مجاورة لقطر، مشيراً إلى أن هذا الموقف سيجبر قطر على اتخاذ قرارات مهمة تتعلق باختيار الدول التي تتحالف معها، إما الولايات المتحدة ودول الخليج أو أن يلتهمها أصدقاؤها الإيرانيون والإخوان.

وحذرت مراكز الأبحاث الأميركية دوائر صنع القرار في واشنطن من الانجراف الخطير لقطر صوب إيران في الوقت الذي تحاول فيه إمارة تميم تعزيز علاقتها مع أميركا، مشيرة إلى أنه لا ينبغي أن تكافئ واشنطن قطر التي تعزز «بوقاحة» علاقتها مع إيران في الوقت الذي تعمل فيه الولايات المتحدة على عزل طهران اقتصادياً وسياسياً، مطالبة الولايات المتحدة بضرورة وضع شروط على الحوارات الاستراتيجية المستقبلية مع الدوحة ترتبط بتقديم أدلة تثبت أن قطر تنأى بنفسها عن إيران.
وأكد ألفريدو بويد في تقريره أن الاستقرار في الشرق الأوسط أصبح يعتمد بشكل كبير على المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، مشيراً إلى أن الثقل السياسي والاقتصادي الضخم الذي تتمتع به كلتا الدولتين، وأهميتهما الاستراتيجية بالنسبة لباقي شعوب المنطقة.
وقال: إن المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات تمثلان حجر الزاوية في المنطقة. وإذا كان للولايات المتحدة أن تتخلى عن التزاماتها التي تدعم هذا الاستقرار، سيكون هناك اضطراب وزعزعة استقرار الشرق الأوسط بأكمله، ولمقاومة طموحات إيران، تحتاج الولايات المتحدة إلى تعاون دول الخليج، بينما تقف قطر حجر عثرة في إطار هذه الجهود بتحالفها المعلن مع النظام الإيراني. وقال الكاتب: إنه بعد حديثه مع المسؤولين الأميركيين في الخليج، أدرك منهم أنه عندما تتهدد المصالح الأميركية، فإن الذين يجلسون على بعد 7000 ميل في واشنطن سيفهمون أن أميركا يجب أن تبقى ملتزمة في الخليج لمصالحنا الأمنية من خلال ضمان الاستقرار المستمر لحلفائها في الخليج، مع ضمان إمدادات الطاقة في العالم، وقد يؤدي عدم الاستقرار في سلسلة إمدادات الطاقة إلى رد فعل اقتصادي عميق في الاقتصاد الأميركي».
وطالب الكاتب واشنطن بإدراك الأهمية الاستراتيجية لدول الخليج، والخطر الذي تمثله جماعة الإخوان الإرهابية وتواجدها في الدوحة، التي تعمل على زعزعة استقرار المنطقة.
البحرين ومواجهة قطر
وفي نفس السياق أكد وزير الخارجية البحريني، الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة، أن قطر لم تغير من سياساتها ولم تتخذ أي موقف تجاه دعم الإرهاب في كل أنحاء العالم، مضيفاً: «ما تقوم به قطر مستمر إلى الآن، ونتطلع إلى أن تتوقف عن ذلك أو أننا لن نتعامل معها بأي وجه من الوجوه». وقال الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، خلال حوار مع قناة «سكاي نيوز عربية»، إن مؤتمر التعاون الإسلامي في أبوظبي ركز على سبل مكافحة الإرهاب والتطرف، وطرح حلولاً لتحقيق الأمن والاستقرار العالميين.
كما وصف إيران بـ «الدولة التي تمثل الجانب الآخر من الإرهاب»، وهو إرهاب الدولة، قائلاً: «خلال المؤتمر، سمعت إيران كلاماً واضحاً من كل الوفود بأننا لن نتهاون ولن نتقبل المواقف الداعمة للمذهبية والطائفية والإرهاب.. أتمنى أن تصلهم الرسالة».
وأوضح أن النظرة الأمثل لمحاربة التنظيمات المتطرفة هي الوضوح وعدم الاختباء وراء المواقف السياسية، مشيراً إلى أن دولاً عدة طالبت إيران، خلال اجتماع وزراء خارجية دول التعاون الإسلامي، بوقف دعم الإرهاب.
وأضاف: «تنظيم الإخوان يعد من بين أسس التنظيمات الإرهابية التي نراها اليوم، آخرها داعش وبوكو حرام»، مشدداً على أن الحل لمحاربة التطرف هو الوضوح وعدم الاختباء وراء المواقف السياسية.
المستوى الإفريقي
أما حول التدخلات القطرية في أفريقيا فقد اعتبر خبراء سياسيون واقتصاديون قرار شركة الخطوط الجوية القطرية بتوقف خططها التوسعية في بعض الدول الإفريقية «ضربة قوية» لمساعي الدوحة إلى بث سمومها ومد نفوذها إلى القارة السمراء. وأكد الخبراء في تصريحات لـ «الاتحاد» أن القرار القطري يحمل العديد من الدلالات والمؤشرات السياسية، ولا ينبغي أن نحصره في الدلالات الاقتصادية فقط، حيث إنه يعكس فشل المحاولات القطرية في خلق نفوذ سياسي واقتصادي في الدول الإفريقية.
كانت شركة الخطوط الجوية القطرية أعلنت قبل يومين عبر حسابها الرسمي على موقع «تويتر» عن توقف خططها التوسعية في دول غرب ووسط إفريقيا بسبب الخسائر التي لحقت بها جراء المقاطعة المفروضة على الدوحة من قبل الدول العربية الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب «الإمارات ومصر والسعودية والبحرين».
وبالعودة قليلا إلى الوراء، وبالتحديد في سبتمبر 2018، أعلن الموقع الإلكتروني لـ «القطرية» عن خسارتها لنحو 70 مليون دولار في العام المالي المنتهي في 31 مارس 2018.
وكانت الشركة الحكومية القطرية أصدرت في ذلك الوقت بيانات رسمية أظهرت ارتفاع مصروفات التشغيل بنسبة 17.8 في المئة لتسجل 11.6 مليار دولار، مقارنة بـ 10 مليارات دولار في العام المالي السابق، حيث لعبت تكلفة الوقود دوراً رئيساً في ارتفاع مصروفات «القطرية»، حيث بلغت 3.367 مليار دولار مقابل 2.28 مليار دولار في العام السابق، وذلك نتيجة اضطرار
الطائرات القطرية لقطع مسافات طويلة جراء الحظر المفروض عليها من قبل الرباعي العربي «الإمارات والسعودية ومصر والبحرين»، والذي ترتب عليه غلق عدد كبير من المسارات الجوية أمام الطائرات القطرية، كما كشفت البيانات الرسمية لـ«القطرية» عن تأثر نسبة المقاعد المشغولة على الرحلات المغادرة بنسبة 19 في المئة.
وفي أكتوبر 2018، خرج الرئيس التنفيذي للخطوط الجوية القطرية، أكبر الباكر ليؤكد عبر تصريحات إعلامية أن شركته تدرس زيادة أسعار التذاكر من خلال إضافة رسوم وقود إلى تذاكر السفر لمساعدتها على الحد من الخسائر، بسبب إغلاق أجواء السعودية والإمارات والبحرين ومصر بوجه طائراتها، والذي أدى إلى ارتفاع تكاليف التشغيل، معترفا بأن شركته تعرضت لخسائر كبيرة في عامي 2017 و2018.
وفي الوقت نفسه، كشفت تقارير أخرى عن إغلاق 20 وجهة كانت طائرات «القطرية» تطير إليها حول العالم، بالإضافة إلى تراجع أعداد الرحلات اليومية من 600 إلى 440 رحلة.
الأزمة الخانقة التي تتعرض لها القطرية منذ بدء المقاطعة في 5 يونيو 2017، أجبرتها أيضا على بيع بعض طائراتها، حيث أعلنت شركة «بي.أو.سي أفييشن» لتأجير الطائرات في نوفمبر 2017 أنها ستشتري 3 طائرات بوينج من الخطوط الجوية القطرية، وستعيد تأجيرها لشركة الطيران فور استكمال الصفقة.
بدورها، أكدت وكالة «بلومبرج» الاقتصادية في أحد تقاريرها أن «القطرية» فقدت ما يقرب من 11 في المئة من شبكتها و20 في المئة من الإيرادات، بينما كشفت شركة «كابيتال إيكونوميكس» عن انخفاض عدد زوار قطر بنسبة 20 في المئة في نوفمبر 2017، مقارنة بنفس الفترة من العام السابق، وهو ما أدى إلى تراجع كبير في إشغالات الفنادق بالدوحة.
إلى ذلك، شدد الدكتور محمد يوسف الجداوي، الخبير الاقتصادي، على خطورة الوضع الاقتصادي للعديد من الشركات والمؤسسات القطرية الكبرى، وفي مقدمتها شركة الخطوط الجوية الرسمية، والتي تتكبد خسائر فادحة منذ بدء سريان إجراءات المقاطعة المفروضة على الدوحة في يونيو 2017، وهو الأمر الذي أثر بشكل سلبي على خططها المستقبلية، وقد ظهر هذا التأثير السلبي بوضوح في توقف المشروعات التوسعية لـ «القطرية» في العديد من الدول الإفريقية، وذلك بهدف تقليل نفقات الشركة كإحدى الوسائل التي تتبعها الحكومة القطرية من أجل الحد من خسائر شركة الطيران الرسمية.
وقال الخبير الاقتصادي: على مدى أكثر من 20 شهرا، عانت شركة الخطوط الجوية القطرية كثيرا من الحظر الجوي التي تفرضه دول المقاطعة على الطائرات القطرية، حيث تمنع الدول الأربع الطائرات القطرية من الهبوط في مطاراتها أو المرور فوق مجالها الجوي، ومن ثم لم يبق أمام الطائرات القطرية سوى المرور عبر المجال الجوي الإيراني، وهو أمر باهظ التكلفة نتيجة تضاعف تكلفة الوقود، فضلا عن حرمان «القطرية» من أعداد كبيرة من الركاب الذين كانوا يستخدمون طائراتها قبل المقاطعة، وكان من نتيجة ذلك قيام القطرية بإلغاء عدد كبير من رحلاتها.
أما الدكتورة هدى راغب عوض، خبيرة العلاقات الدولية، وأستاذة العلوم السياسية في الجامعة الأميركية بالقاهرة، فقالت: إعلان شركة الخطوط الجوية القطرية عن توقف خططها التوسعية في بعض الدول الإفريقية يحمل العديد من الدلالات والمؤشرات السياسية، ولا ينبغي أن نحصره في الدلالات الاقتصادية فقط، حيث إنه يعكس فشل المحاولات القطرية في خلق نفوذ سياسي واقتصادي في دول القارة السمراء، وهو النفوذ الذي تسعى إليه قطر من خلال شقين، الأول يتمثل في دعم الأنظمة الرسمية في العلن، والثاني يتمثل في تمويل الجماعات الإرهابية في الخفاء.
وأضافت الدكتورة هدى: لا يخفى على أحد الطموح القطري الراغب في التواجد بقوة على الساحة الإفريقية من خلال ضخ العديد من الاستثمارات المشبوهة التي تحمل صبغة سياسية، الهدف منها ليست مساعدة الأفارقة، وإنما التدخل في شؤونهم الداخلية، وتوجيه «بوصلة» التحركات الأفريقية بشكل يخدم أجندة قطر والدول الحليفة معها مثل إيران وتركيا، ومن هنا يمثل قرار توقف خطط «القطرية» التوسعية في إفريقيا «ضربة قوية» لمساعي الدوحة إلى بث سمومها ومد نفوذها إلى القارة السمراء.

شارك