وثائق أمريكية.. شبكات غسل أموال ومخدرات لصالح "حزب الله" بـكندا
الجمعة 29/مارس/2019 - 03:06 م
طباعة
أميرة الشريف
ما زال حزب الله اللبناني المصنف إرهابيا، يسعي إلي إيجاد موطئ قدم آمن لغسيل أمواله، ومع المحاولات التي لجأ إليه حزب الله استطاع أن يجد في كندا ملاذا أمنا له، حيث كشفت عدة تقارير إعلامية، أن هناك وثائق أمريكية تؤكد تنامي دور جناح تجاري لـ"حزب الله" الإرهابي في شبكات غسل الأموال بكندا، وفق ما ذكرت صحيفة "جلوبال نيوز" الكندية.
ويعتبر حزب الله بميليشياته المنتشرة في العراق وسوريا واليمن، هو ذراع إيران الضاربة التي يستخدمها نظام الملالي في زعزعة استقرار دول المنطقة.
وتعود البداية، في يناير 2011، حيث تم تعطيل أحد أكبر مخططات تجارة المخدرات وغسيل الأموال لـ "حزب الله"، عندما كشفت وزارة الخزانة الأمريكية عن تورط عميل حزب الله أيمن جمعة، إلى جانب تسعة أفراد آخرين و19 شركة.
وقد كشف تحقيق لـ "إدارة مكافحة المخدرات" الأمريكية أنذاك عن أن جمعة كان يقوم بغسيل ما يصل إلى 200 مليون دولار شهرياً من بيع الكوكايين في أوروبا والشرق الأوسط عبر عمليات في لبنان وغرب أفريقيا وبنما وكولومبيا، وذلك باستخدام البيوت لتبادل الأموال، فضلاً عن كميات كبيرة من النقود المهربة ومخططات أخرى.
وقد قامت شبكة جمعة بغسيل الأموال من خلال حسابات في "البنك الكندي اللبناني" التي استخدمها لتنفيذ مخططات متطورة لغسيل الأموال قائمة على عمليات تجارية.
ووفق التقارير، فقد صعدت شبكات محترفة لغسيل الأموال في كندا، حيث تقوم بغسيل مبالغ ضخمة من تجارة الكوكايين والفنتانيل، ما أدى إلى رفع أسعار العقارات في فانكوفر وتورونتو.
واقترحت الحكومة الفيدرالية الكندية تشكيل قوة عمل اتحادية جديدة لمكافحة غسيل الأموال في الأسبوع الماضي، لتتولى تحديداً التصدي لهذه المخاطر.
ولكن وفقًا لمصادر إنفاذ القانون الأميركية، كانت كندا على علم بذلك منذ أكثر من عقد من الزمن، وتشرح هذه القصة تفاصيل دولية لا حصر لها وراء التحقيقات التي أجرتها شرطة الخيالة الكندية الملكية، والتحذيرات المبكرة المسبقة، والدروس المستفادة من الشرطة الأسترالية، والتي كان يمكن أن تحفز استجابة كندا المتأخرة لهذه المخاطر المتزايدة.
وفي يناير 2008، سافر فريق من مسؤولي إدارة مكافحة المخدرات في الولايات المتحدة إلى أوتاوا للقاء قادة شرطة الخيالة الكندية الملكية، وكانت لديهم أخبار مذهلة.
وأوضحت أن الإدارة الأمريكية أعلنت حينها أن مجموعة من إرهابيي المخدرات من الشرق الأوسط العاملين في كولومبيا يستخدمون كندا كمركز رئيسي لغسل الأموال.
وفي 2014، قالت الإدارة الأمريكية بعد تحريات مع الشرطة الكندية أن هناك فرع عصابة يسمى "لا أوفيسينا" التابعة لعصابة "بابلو إسكوبار" في ميديلين الكولومبية يجري أعمالًا تجارية مع إرهابيين.
وطبقًا لسجلات إدارة مكافحة المخدرات الأمريكية، فإن "لا أوفيسينا" وكثيرا من العصابات الأخرى كانوا يستخدمون خدمات يقدمها جناح تجاري مميز تابع لحزب الله المليشيا اللبنانية الإرهابية.
ووفقا لما ذكرته السجلات الأمريكية وتصريحات ممثلي مكتب المدعي العام في كولومبيا، فكان ما يسمى "قسم الشؤون التجارية" مكلفا بتحويل حصصه من المليارات في تهريب المخدرات وعوائد غسل الأموال مباشرة إلى الأهداف العسكرية لحزب الله.
لكن حزب الله لم يكن مهتما فقط بتهريب المخدرات لتمويل السلاح والمتفجرات، فطبقا لوثائق الإدارة الأمريكية التي حصلت عليها الصحيفة الكندية، أدركوا أيضا المنافع العسكرية لإنشاء علاقات مع مهربي المخدرات العالميين.
وقدر حزب الله أن هذا العمل التجاري الجديد "يدمر أو يضعف أعداءهم" في شكل إدمان المخدرات ومن حيث التكاليف الاجتماعية والاقتصادية المرتبطة بمكافحة الاتجار والإدمان، وفقا للوثائق ذاتها.
وما أثار دهشة أحد المسؤولين الأمريكيين، عند استعراض سجلات أدلة التحقيق، كان مدى الوجود البارز للمدن الكندية في عمليات حزب الله، وكيف كانت الشرطة الكندية غير مهتمة، وفق الصحيفة الكندية.
وفي السياق ذاته، عملت الشرطة بأستراليا بحزم على الأدلة نفسها وشكلت فرقة عمل وطنية لمكافحة غسل الأموال تسمى "إليجو".
وخلال عام واحد، صادرت عمليات الشرطة الأسترالية وإدارة مكافحة المخدرات الأمريكية مخدرات وأصولا بقيمة 580 مليون دولار، طبقا لوكالة "أوستراك" الأسترالية لمكافحة غسل الأموال.
ويشير تقرير صادر في مارس 2019 عن معهد الشرق الأوسط للأبحاث إلى النتائج التي حذرت الإدارة الأمريكية الشرطة الكندية بشأنها عام 2008، بما في ذلك ربط زعيم مخدرات إرهابي تابع لحزب الله يدعى شكري حرب بالعصابات الكولومبية والعمليات في المدن الكندية، وأن عمليات غسل المخدرات التي أجراها حزب الله في أمريكا اللاتينية ستزداد، مع ضغط العقوبات الأمريكية على إيران.
وفي نوفمبر 2018، كشفت تقارير إعلامية، إلي أن حزب الله اللبناني المصنف إرهابيا، استطاع أن يجد في ألمانيا ملاذا أمنا له لغسيل أمواله في المخدرات مستغلا ثغرات في قوانين مكافحة تمويل الإرهاب في البلاد.
ووفق المعلومات التي أكدتها واشنطن عن الحزب أن "النظام الإيراني هو الممول الرئيسي لحزب الله الذي يحصل سنوياً من طهران على ما لا يقل عن 700 مليون دولار".
وحصل الحزب على دعم مالي ضخم خلال عملية واسعة لغسيل أموال المخدرات بين كل من أوروبا وأميركا الجنوبية.
ويعتبر حزب الله بميليشياته المنتشرة في العراق وسوريا واليمن، هو ذراع إيران الضاربة التي يستخدمها نظام الملالي في زعزعة استقرار دول المنطقة.
وفي 22 فبراير الماضي، مددت مجموعة العمل المالي الدولية "فاتف"، المهلة لإيران حتى يونيو المقبل، لتكمل إصلاحات تجعلها ملتزمة بالأعراف الدولية، وإلا ستواجه عواقب فيما يتعلق بملف غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وكانت مجموعة فاتف، التي تتخذ من باريس مقرا، أعطت طهران بالفعل مهلة حتى فبراير الجاري لإكمال إصلاحات تجعلها ملتزمة بالأعراف الدولية وإلا تواجه عواقب، وكان ذلك في أكتوبر الماضي.
وفي وقت سابق، أشارت تقارير إعلامية، إلي أن تفشي غسل الأموال في إيران على نطاق واسع ليست أمرا مستغربا، بل هي حقيقة يؤكدها تصدر إيران اللوائح السوداء للنظام المالي عالميا.
وفي أغسطس الماضي، أوردت منظمة "يوربول" (وكالة تطبيق القانون في الاتحاد الأوروبي) في تقريرها السنوي حول الإرهاب في القارة الأوروبية، أن مواطنين لبنانيين يعملون مع شبكات الجريمة المُنظمة من أجل تمويل أنشطة "حزب الله".
وفي نهاية العام الماضي، حمل تقرير عنوان "حالة واتجاه الإرهاب في الاتحاد الأوروبي لعام 2018، وجاء فيه أنه "في عام 2017 أجرت الدول الـ28 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، تحقيقات عدة حول تمويل الإرهاب، وركزت إحدى التحقيقات الرئيسية على شبكة واسعة من المواطنين اللبنانيين الذين يقدمون خدمات غسيل الأموال لجماعات الجريمة المنظمة في الاتحاد الأوروبي، ويستخدمون حصة من الأرباح لتمويل الأنشطة المتعلقة بالإرهاب التي يقوم بها الجناح العسكري لحزب الله في لبنان".
واعتبر التقرير أن "تعاون مبيضي الأموال هؤلاء مع جناح حزب الله العسكري، هو مثال واضح على العلاقة بين الجريمة المنظمة والإرهاب".
كذلك، تحدث التقرير عن الوضع الراهن للإرهاب والأنشطة المتعلقة به في دول الاتحاد الأوروبي بشكل خاص، وفي شتى أنحاء العالم بشكل عام.
ومنذ العام 2013، ما زال الاتحاد الأوروبي يصنف "الجناح العسكري" فقط من حزب الله كـ "كيان إرهابي.