"زواج الأطفال" المسكوت عنه في مخيمات اللاجئين السوريين
الإثنين 01/أبريل/2019 - 09:59 ص
طباعة
روبير الفارس
يأوي العراق 250 ألف لاجئ سوري، منهم 97% منهم موجودين في إقليم كردستان كجزء من الملايين الذين نزحوا من سوريا علي اثر انتشار الجماعات الارهابية وعلي راسها تنظيم داعش الارهابي الذى تتعدد اثاره الدموية والنفسية وايضا الاجتماعية علي السوريين حيث كشف عدد من علماء الاجتماع عن كارثة متفشيه في مخيمات اللاجئين السوريين تتمثل في " زواج الاطفال " ففي اطار زيارة قام بها الباحث (آرام كوكوي) المحاضر في جامعة كومار للعلوم والتكنولوجيا. (KRI) إلى مخيم كاورجوسك للاجئين السوريين في محافظة إربيل في "إقليم كردستان العراق" من أجل إجراء مقابلة مع اللاجئين حول مهاراتهم في العمل، صادف لائحة تضم أكثر من عشرة مطلقين قاصرين مسجلين. وبالبحث حول الامر وجد الباحث من بين هذهالحالات مراهقون لا يتجاوزون السادسة عشر من العمر قد سبق لهم أن تطلقوا عدة مرات. وفي ظل الأوضاع المزرية السائدة في المخيمات، يبدو زواج القاصرين للوهلة الأولى نتيجةً مفاجئة. لكن زواج الأطفال أصبح ظاهرة متنامية في أوساط اللاجئين السوريين في العراق، مع ترتب أثر مدمر على حياة أولئك المنخرطين. ويترتب على هذه العلاقات التي غالبًا ما تكون تلقائية أثرٌ كبير لجهة المعاناة التي تخلفها على ما تبقى من حياتهم. وتظهر دراسة أجراها صندوق الأمم المتحدة للسكان أن هذه الظاهرة شائعة في أوساط اللاجئين السوريين في الدول المجاورة لسوريا أيضًا، لا سيما لبنان والأردن. وقد أدت الصراعات المستمرة والأزمات الإنسانية الناتجة عنها إلى ازدياد هائل في زيجات الأطفال ضمن مجتمعات اللاجئين السوريين.الامر الذى قاد الباحث ان يفجر هذه القضية المسكوت عنها حيث كتب تقريرا يقول
من بين القوى الأخرى التي تقود هذا المنحى الاجتماعي هو انعدام الحواجز التي تحول دون هذه الممارسة. فالقانون المحلي يضع قيودًا محددة: فرغم أن السن القانوني للزواج في العراق هو 18 عامًا، إلا أن القانون المدني العراقي يجيز للمراهقين أن يتزوجوا بحضور أحد الوالدين أو بموجب موافقة خطية من الأهل. وفي سوريا، إن السن القانوني لزواج الفتيات السوريات هو 17 عامًا، ويحق لرجال الدين القيام باستثناءات للفتيات الأصغر سنًا. غير أنه في مخيم اللاجئين، لا أحد يعرف حقًا أي قانون يجب أن يطبق – قانون الدولة المضيفة أو قانون البلد الأم.
ويمكن أن يعزى تنامي هذه الظاهرة أيضًا إلى عوامل عديدة ضمن المخيمات، علمًا بأنه، إن تمّ تحديدها بشكل صحيح، يمكن أن تؤدي إلى توفير المساعدة لمواجهة هذه المشكلة المتزايدة بفعالية. وناهيك عن التحديات الأكثر خطورة، التي تشمل عدم تثقيف الأهل وانعدام وسائل منع الحمل وازدياد الضغوط الاجتماعية وتفشي الفقر، هناك العديد من التحديات في حياة الشباب الذين يعيشون في مخيمات اللاجئين التي من شأنها أن تؤدي إلى زواج القاصرين. فغياب وسائل التسلية والأنشطة الاجتماعية المتوافرة ضمن المخيم للمراهقين والأطفال والراشدين على السواء يطرح مشكلة لا يمكن التقليل من شأنها لجهة الآثار التي تخلفها على صحة اللاجئين العقلية. وفي بعض الحالات، يكون اللاجئون معزولين ضمن مجتمعات مسيجة ويتمتعون بنفاذ محدود إلى وسط المدينة ومنتزهات الترفيه ومراكز تنمية المجتمعات أو حتى إلى خدمات الإنترنت. كما لا يمكن لمعظم اللاجئين السوريين تحمّل نفقات التنقل إلى المدينة أو شراء خدمات الإنترنت.
هذا وتعتبر وصمة العار الاجتماعية من المحركات الرئيسية أيضًا؛ فالعلاقات الجنسية خارج إطار الزواج محظرة، كما أن العلاقات بين الرجال والنساء خارج الزواج أو ضمن دائرة الأسرة الكبيرة موسومة بالعار. وبما أن المواعدة ليست خيارًا متاحًا، يلجأ المراهقون إلى الزواج لإشباع فضولهم وإقامة علاقات اجتماعية مع الجنس الآخر.
ويمكن للزواج أن يحمل أيضًا فوائد عملية للنواقص المنتشرة. ففي مخيمات اللاجئين، يمكن لعقود الزواج أن تحمل الكثير من الفوائد بما فيها الحصص الغذائية الإضافية والنفاذ بشكل أفضل إلى ملجأ مخصص للأسر. كما أن تزويج أحد الأطفال يساهم في تخفيف العبء المالي عن الأهل، بحيث ينتقل هذا العبء إلى المراهقين أنفسهم.
غير أنه قد تبرز فيه فوائد مؤقتة للزواج في سن مبكر ضمن مخيمات اللاجئين، إلا أنه على المدى الطويل، لهذه الزيجات أثر مدمر. وتمامًا كما تحمل وسائل منع الحمل وصمة اجتماعية خارج إطار الزواج، هذه هي الحال داخل إطار الزواج أيضًا. فالمتزوجون حديثًا من القاصرين هم بشكل خاص عرضة لحالات الحمل غير المقصود، ويمكن لهذا الحمل أن يهدد حياة الأم المراهقة والطفل، مع ازدياد معدل وفيات الأمهات والرضع. وعادة لا يتلقى أطفال هؤلاء المراهقين اللقاحات ويعانون سوء تغذية، كما أنهم معرضون بشكل كبير للحوادث المميتة قبل بلوغهم سنة من العمر. كذلك، يزداد احتمال تعرض النساء للعنف المنزلي في زيجات القاصرين، ما يجعل هذه الترتيبات خطيرة بشكل خاص على المراهقات، لا سيما بالنسبة إلى الفتيات اليافعات اللواتي يتمّ تزويجهن، علمًا بأنه سيكون من الأصعب عليهن تربية الأطفال والخروج من دوامة الفقر.
وناهيك عن المخاطر الجسدية المترتبة على تزويج القاصرات، تخلّف هذه الترتيبات أيضًا آثارًا تعليمية ومالية سلبية على المدى الطويل. فغالبًا ما يترك الأزواج اليافعون المدرسة بسبب المسؤوليات الجديدة المتزايدة الملقاة على كاهلهم، وعجزهم عن تحمل تكاليف الخدمات التعليمية التي يتلقونها بنفسهم. والنتيجة هي عدد من الأفراد ذوي المستوى التعليمي المتدني الذين ستتراجع فرص العمل المتاحة أمامهم. ويتنامى احتمال أن ينتهي بهم المطاف كأهلهم: أشخاص ذوو مستوى تعليمي ضعيف لا يتمتعون بفرصة للتحرك الاجتماعي التصاعدي. علاوةً على ذلك، سيكون أطفال هؤلاء الوالدين المراهقين أقل كفاءة من حيث المهارات المكتسبة بالمقارنة مع أترابهم الذين قام والدان راشدان بتربيتهم. ومع مرور العقود، ستؤدي هذه الممارسة في النهاية إلى توسيع الفجوة بين الفقراء والأغنياء، وتتسبب بالمزيد من المشاكل الاجتماعية المهولة في المجتمع السوري. كما تسفر معدلات البطالة المرتفعة ومستويات التعليم المنخفضة عن إنشاء بيئة خصبة للتجنيد المتطرف، ما يساهم في نقل الصراع إلى الأجيال القادمة.
واضاف الباحث قائلا لم يصبح منع زواج الأطفال في أوساط اللاجئين من أولويات المنظمات الإنسانية والمنظمات غير الحكومية، التي تميل إلى التركيز على جوانب أخرى من أزمة اللاجئين السوريين. فقد قامت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين – بالتعاون مع منظمات غير حكومية أخرى محلية ودولية – بمنح الأولوية وتخصيص حصة الأسد من مساهمات الدول المانحة لعام 2019 التي تقدّر قيمتها الإجمالية بـ139 مليون دولار لتوفير المسكن والمستلزمات غير الغذائية وسبل كسب العيش والرعاية الصحية الأولية والصحة العقلية والدعم النفسي. في المقابل، لم يتمّ إيلاء اهتمام كبير لزيادة التوعية بشأن مساوئ زواج الأطفال أو برامج التعليم أو حماية الأطفال أو برامج تربية الأطفال. غير أن زواج الأطفال يخلّف أثرًا فعليًا على العديد من المسائل التي ساهمت المفوضية في مواجهتها، ويجب أن يُنظر إليه كجزء لا يتجزأ من مساعيها الرامية إلى دعم صحة وسبل عيش اللاجئين.
من جهتها، يمكن للولايات المتحدة أن تضع شروطًا لمساهماتها المقدمة إلى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بهدف زيادة برامج تربية الأطفال وحمياتهم في المنطقة، لا سميا بالنسبة للاجئين السوريين.
وعلى نحو بديل، يمكن للمفوضية زيادة دعمها النفسي والاستشاري إلى الأهل، بحيث تزوّدهم ببعض التدابير الهيكلية لحمايتهم من الآثار المحتملة الأكثر ضررًا لزواج الأطفال. كما يجب تطبيق مبادرات مجتمعية لمعالجة قبول هذ التقليد الاجتماعي السلبي ومكافحته. وفي موازاة الجهود المجتمعية، يتعين على القادة الدينيين وقادة المجتمع بدورهم استخدام مراكزهم الاجتماعية للثني عن هذه الممارسة. ويمكن أيضًا لتطبيق القانون المدني الخاص بالمجتمعات المضيفة أن يساهم في هذا الأمر.
وفي حال بقيت ظاهرة زواج الأطفال بدون مراقبة، سيكون لها أثر رهيب على المجتمع وستتسبب باندلاع أزمات صحية واقتصادية وأمنية خلال السنوات القادمة.
فهل يتم التعامل مع هذه الظاهرة بجدية لان داعش لم يكن مجرما امنيا فقط