تحرير طرابلس.. بين تحرك قوات حفتر وإعلان النفير العام
الخميس 04/أبريل/2019 - 01:05 م
طباعة
أميرة الشريف
تتواصل مساعي الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، لتطهير البلاد من قبضة الإرهابيين وبسط سيادة الدولة على كافة المدن، خاصة الواقعة بالمنطقة الشرقية التي عانت منذ اندلاع ثورة 17 فبراير من عمليات إرهابية وتفجيرات راح ضحيتها عدد كبير من المدنيين والعسكريين، تلقى الجيش الوطني الليبي، المتمركز في شرق ليبيا والذي يقوده حفتر، أوامر بالتحرك إلى غرب ليبيا للتصدي "للإرهابيين"، وتتجهز وحدات الجيش الوطني الليبي منذ أيام لعملية عسكرية في غرب ليبيا لتحرير العاصمة من الميليشيات المسيطرة عليها.
ونشر الإعلام الحربي للجيش الوطني فيديو يظهر تحرك قطاعات واسعة منه نحو الغرب الليبي.
في سياق مواز، قال رئيس المجلس الرئاسي الليبي، فايز السراج، مساء أمس الأربعاء، إنه أعلن النفير العام في طرابلس، بعد العملية العسكرية التي بدأها الجيش الليبي، بقيادة خليفة حفتر.
وفي أول تعليق له، قال بيان صادر عن السراج: "نتابع بأسف ما يصدر عن بعض الأطراف من تصريحات وبيانات مستفزة تتحدث عن التوجه لتطهير المنطقة الغربية وتحرير العاصمة طرابلس، وإذ نندد بشدة نقول إن هذه اللغة لا تساعد على تحقيق وفاق أو توافق وتحبط آمال الليبيين في الاستقرار وتستهين بجميع الأطراف".
وأضاف البيان: "قد التزمنا ضبط النفس في السابق تجاه افتعال متعمد للأزمات لكن أمام هذا الإصرار على تبني هذا النهج العدائي الذي اعتقدنا أننا تجاوزناه فقد أصدرنا التعليمات وأعلنا النفير العام لجميع القوات العسكرية والأمنية ومن الجيش والشرطة والأجهزة التابعة لها بالاستعداد والتصدي لأية تهديدات تستهدف زعزعة الأمن في أية منطقة من بلادنا سواء من تنظيمات إرهابية أو إجرامية أو مجموعات خارجة عن القانون أو مرتزقة أو من يهدد أمن أي مدينة ليبية".
ويري خبراء أن إمكانية الجيش الوطني دخول طرابلس ستكون من الحدود الجنوبية لها، في ظل تحركات إقليمية ودولية تقودها فرنسا لدعم عملياته، التي ستساهم بشكل كبير في تسهيل مهمة القوات المسلحة في القضاء على الجماعات الإرهابية.
وتسعي الميليشيات المسلحة المسيطرة على طرابلس التنصل من الترتيبات الأمنية الأخيرة فى العاصمة عبر بث شائعات ضد تحرك الجيش الوطنى الليبى لدخول طرابلس.
وفي نهاية ديسمبر الماضي أصدرت بيان تحذيرى من أى تصعيد عسكرى يقوده حفتر فى طرابلس، وتعهدت ميليشيات النواصى وكتيبة ثوار طرابلس، وقوة الردع وكتيبة باب تاجوراء، بالحفاظ على أمن العاصمة طرابلس وتوفير الأمن للبعثات الدبلوماسية.
وقال مكتب إعلام القيادة العامة للجيش الليبي، في بيان صحافي، أمس الأربعاء، إن "قوات الجيش الوطني تتحرك نحو مدن المنطقة الغربية لتطهير ما تبقى من الأراضي الليبية من قبضة الجماعات الإرهابية الموجودة في المنطقة الغربية".
ونشر مكتب الإعلام التابع للقيادة العامة للقوات المسلحة الليبية، مقطع فيديو يبرز تحرك كتيبة طارق بن زياد التابعة للقيادة العامة للقوات المسلحة إلى المنطقة الغربية.
وأبرزت مقاطع نشرتها خلية الإعلام الحربي التابعة للجيش الليبي تحرك كتيبة طارق بن زياد بكامل عتادها وأفرادها وآلياتها للمنطقة الغربية لتنفيذ تعليمات وأوامر القيادة العامة المحددة مسبقا في تلك المنطقة، فيما نشرت الكتيبة 155 مشاة مقطع فيديو يظهر تحرك قواتها بكامل عدتها إلى منطقة محددة بالمنطقة الغربية.
وكان مصدر عسكري في القيادة العامة للقوات المسلحة العربية الليبية شرقي البلاد، أفاد بأن وحدات من الجيش الليبي تتقدم باتجاه العاصمة طرابلس، مشيرا إلى أن القيادة أصدرت تعليمات بدعم غرفة عمليات تحرير طرابلس.
وقال المصدر، إن القيادة العامة أصدرت تعليماتها من أجل دخول قوات الجيش الليبي إلى العاصمة الليبية طرابلس لتحريرها من المليشيات المسلحة التي تسيطر عليها"، مشيرا إلى أن "القيادة العامة بدأت في دعم غرفة عمليات تحرير العاصمة حيث قامت بإرسال العديد من المقاتلين والكتائب وعلى رأسها اللواء 106 وكتيبة طارق بن زياد وكذلك عمليات الردع فرع الوسطى بالإضافة إلى اللواء 73 واللواء 166 إلى جانب باقي الكتائب الأخرى التابعة للجيش الليبي.
وفي مطلع فبراير الماضي، كانت قوات حفتر قد أعلنت عن وجودها الرسمي بمدينة صرمان (70 كلم غرب طرابلس)، من خلال فيديو بثته فصائل موالية له، أظهر مجموعات مسلحة تجوب أرجاء المدينة معلنة عن ولائها لحفتر.
وكانت شهدت مدينة الزاوية، الواقعة على بعد 30 كيلومترا غرب العاصمة الليبية طرابلس، مظاهرات شعبية حاشدة، تعبيراً عن رفض وجود قوات حفتر بعد قيام مجموعة مسلحة موالية له بالسيطرة على معسكر بالمدينة.
ومنذ أسابيع شهدت المدينة حديثا متزايدا عن رغبة حفتر في دخولها، بعد إعلان أفراد من قبيلة أولاد صقر، تأييدهم لحراكه في جنوب ليبيا، وتزايد التوتر الأمني بقيام مجموعة مسلحة بالسيطرة على معسكر السلعة، قبل أن تتمكن مجموعات مسلحة رافضة للواء المتقاعد من طرد مجموعات حفتر منه.
وكان أطلق حفتر عملية عسكرية تحت عنوان "الكرامة"، منتصف 2014، حيث نجح خلالها في ضم مساحات شاسعة من البلاد، بعد مواجهات عنيفة مع الإرهابيين الذين ينفذون عمليات اغتيال ممنهجة ضد العسكريين.
وتحاول بعض الأطراف الليبية المرتبطة بعلاقات مشبوهة مع تركيا وقطر، بث الفتنة والفرقة بين أبناء الشعب الليبي، وخاصة في طرابلس، بالإضافة إلى الترويج لخطاب مضلل حول نية الجيش دخول العاصمة بقوة السلاح، وهو ما ثبت عكسه بعد دخول غالبية مدن الجنوب بتأييد ودعم شعبي.
ووفق تقارير إعلامية بدأت المشاورات بين الكتائب المسلحة الداعمة للجيش الليبي في التواصل مع القوى المسيطرة على طرابلس؛ لبحث دخول القوات دون إراقة دماء أو حرب بين الأطراف، وهي مشاورات تسير على قدم وساق، منذ عدة أسابيع.
وفي الوقت الذي يرفض فيه البعض دخول الجيش الليبي للعاصمة طرابلس، يؤيد تيار كبير دخول قوات الجيش في إطار معركته الشاملة ضد الإرهاب وبسط السيادة شريطة ألا تنجرف الأمور نحو مواجهة عسكرية مع القوى المسيطرة على مدن المنطقة الغربية، وهو ما يحتاج إلى مزيد من رسائل الطمأنة من القائد العام للقوات المسلحة الليبية.
وتخشي الأطراف الليبية من تدخل قوى إقليمية معادية للجيش الوطني الليبي، مثل تركيا وقطر لخلط الأوراق في العاصمة طرابلس، عبر تحريك بعض قادة الميليشيات المسلحة المقربين من البلدين، خاصة المنتمين إلى تنظيمي القاعدة والإخوان الإرهابيين، كأحد أخطر التحركات التي يمكن أن تدفع طرابلس نحو مواجهة عسكرية شاملة لا يحمد عقباها.
وتنقسم ليبيا منذ سقوط نظام معمر القذافي في 2011، بين عدة حكومات، أدت إلي انبثاق عدد لا يحصى من الفصائل.
وعاشت العاصمة طرابلس منذ ذلك الحين، حالة من التوتر والحروب المستمرة، لم تشهد فيها هدوءا، حيث سادت فيها لغة الحرب، إذ أدت كثرة الكتائب المسلحة وبمسمياتها المختلفة، منها من داخل طرابلس ومنها من خارجها، إلى صدام بين الحين والآخر تسبب بتعكير صفو الحياة في المدينة.
وشهدت طرابلس في تلك الفترة حالة من الترقب بعد سيطرة قوات فجر ليبيا على العاصمة وإعلان حكومة الإنقاذ المحسوبة علي جماعة الإخوان والتي ترأسها عمر الحاسي وتبعه في رئاستها خليفة الغويل، وتسببت تلك المرحلة بانقسام سياسي كاد أن يدخل البلاد في حرب أهلية دموية إلى أن أعلن في 17 من ديسمبر عام 2015 عن اتفاق الصخيرات وولادة المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق التي حلت محل حكومة الإنقاذ التي بدورها لم تتراجع عن هدفها في السيطرة على الحكم ما أربك المشهد في تلك الفترة .
ومن أبرز المعارك والاشتباكات التي عاشتها طرابلس كانت بدايتها في 15 نوفمبر عام 2013، حين خرجت مظاهرة سلمية بعد صلاة الجمعة واتجهت إلى منطقة غرغور مطالبة بخروج التشكيلات المسلحة منها لتواجه تلك المسيرة برماية مسلحة مجهولة أدت إلى تفاقم الوضع وسقوط العشرات من الضحايا والمئات من الجرحى.
كما اندلعت بعدها أحداث "فجر ليبيا" التي كانت شرارتها في 13 يوليو عام 2014 وجاءت على خلفية انتخاب مجلس النواب وحل المؤتمر الوطني العام الذي تسيطر عليه مجموعة من المحسوبين على الإسلام السياسي، وبدأت الأحداث بالاستيلاء على مطار طرابلس العالمي في أكبر المعارك التي عاشتها طرابلس بين عدد من التشكيلات المسلحة المحسوبة على تيارات إسلامية متحالفة مع مجموعات من بينها درع الوسطى وكتيبة ثوار ليبيا ضد كتائب القعقاع والصواعق، وكان من أبرز قادة تلك المعركة الدامية صلاح بادي الذي ظهر في فيديو يعلن فيه احتراق مطار طرابلس.