برفع درجات التأهب علي الحدود.. التوتر الليبي يثير مخاوف تونس

السبت 06/أبريل/2019 - 02:27 م
طباعة برفع درجات التأهب أميرة الشريف
 
مع تسارع وتيرة الأحداث في ليبيا، في ظل انطلاق معركة "طوفان الكرامة" التي أطلقها المشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي منذ يومين، أعلن الأخير، اليوم السبت 6 أبريل 2019، أن غربي البلاد منطقة عسكرية يحظر الطيران فيها، فيما تواصل قواته عملية عسكرية واسعة تهدف إلى تحرير العاصمة طرابلس من الميليشيات.
وأكد آمر غرفة عمليات القوات الجوية التابعة للجيش الليبي اللواء محمد المنفور أنه سيجري استهداف أي طائرة حربية معادية، كما سيتم قصف المطار التي أقلعت منه الطائرة، بحسب بيان.
يأتي ذلك فيما تواصل قوات الجيش الليبي تقدمها داخل طرابلس ضمن عملية عسكرية تحت اسم "طوفان الكرامة" واسعة أطلقتها، أول أمس الخميس.
وسيطرت قوات الجيش على عدد من المناطق غربي وجنوبي العاصمة طرابلس، من بينها الزهراء والساعدية وعين زارة، في وقت تواصل فيه القوات عمليتها العسكرية لتحرير المدينة من الميليشيات.
ووفق تقارير إعلامية، فإن قوات الجيش سيطرت على جسر الزهراء ومنطقة الساعدية غربي العاصمة، كما تمكنت من دخول أحياء عين زارة جنوبي المدينة.
وكان المتحدث باسم الجيش الليبي، اللواء أحمد المسماري، قد أعلن مساء أمس الجمعة، السيطرة على مطار طرابلس الدولي بالكامل وعدد من المناطق الاستراتيجية داخل المدينة.
وأوضح المسماري في مؤتمر صحفي أن عملية تحرير طرابلس، التي أطلق عليها اسم "طوفان الكرامة"، انطلقت من مناطق شرق ليبيا إلى الجفرة في الجنوب، ثم إلى الغرب.
ونجحت القوات المسلحة في السيطرة على مطار طرابلس العالمي بعد منطقتي غريان وترهونة بالكامل، بحسب المسماري.
كما سيطرت القوات أيضا على مناطق العزيزية ومقر اللواء الرابع والهيرة بالكامل، فيما وصلت قوات إلى منطقة السواني التي تبعد 25 كيلومتر جنوبي طرابلس.
وأكد المسماري أن "العمليات لا تزال مستمرة .. لم نتوقف ولن نتوقف حتى إتمام المهمة.. وهناك ترحيب كبير من أهالي المناطق التي مررنا بها"، وأضاف أن الأمر "قد حسم.. وليس أمامنا إلا النصر فقط".
وشدد المتحدث باسم الجيش الليبي على أن "العمل الإنساني أولوية قبل العمل العسكري، لافتا إلى أن القائد العام للقوات المسلحة المشير خليفة حفتر يتابع تحركات كل الوحدات، وقد "شدد على أمن المواطنين وسلامة ممتلكاتهم.
ومع التطورات المتسارعة التي تشهدها ليبيا، بدأت بعض الدول تبدي مخاوفها من تطور الأحداث وتفاقمها، حيث رفعت السلطات التونسية درجات الحذر واليقظة، وسط تعزيز التدابير العسكرية لتأمين الحدود، خشية من تداعيات التصعيد العسكري بالجارة ليبيا.
وأعلنت وزارة الدفاع الوطني التونسية عن اتخاذ جميع الاحتياطات الميدانية لتأمين الحدود الجنوبية الشرقية ومواجهة التداعيات المحتملة لما يشهده الوضع الأمني في ليبيا.
وأفادت الوزارة التونسية في بيان، أنها دعت العسكريين إلى المزيد من ملازمة اليقظة والحذر وتعزيز التشكيلات العسكرية من تواجدها في المعبرين الحدوديين بكل من الذهيبة ورأس جدير مع تشديد المراقبة باستغلال الوسائل الجوية ومنظومات المراقبة الإلكترونية للتفطن المبكر لكل التحركات المشبوهة.
بدورها، أعلنت رئاسة الجمهورية التونسية أمس الجمعة تمديد حالة الطوارئ شهرا إضافيا إثر اجتماع طارئ لمجلس الأمن القومي، رغم تصريح الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي في مارس الماضي بعدم التمديد في حالة الطوارئ، نظرا لغياب قانون ينظم العملية، لكن يرى مراقبون أن التطورات العسكرية في ليبيا دفعته إلى إعلانها في تونس تحسبا لتداعيات الوضع الأمني في ليبيا.
وقالت الرئاسة في بيان لها تداول المجلس في موضوع حالة الطوارئ والتحديات الأمنية المحلية والإقليمية وقرر الإعلان عن حالة الطوارئ على كامل تراب الجمهورية لمدّة شهر ابتداء من اليوم السبت 6 أبريل 2019.
وفي ذات السياق، أعربت الخارجية التونسية عن قلقها إزاء التطورات الأخيرة في ليبيا ودعت جميع الأطراف إلى ضبط النفس وتفادي التصعيد.
وجاء في بيان للخارجية التونسية، نشر على صفحتها الرسمية على موقع فيسبوك،أن تونس تتابع التطورات في ليبيا بانشغال بالغ، وتعرب عن قلقها العميق لما آلت إليه الأحداث في هذا البلد الشقيق.
ودعت تونس جميع الأطراف إلى التحلي بأعلى درجات ضبط النفس وتفادي التصعيد الذي من شأنه أن يزيد في تعميق معاناة الشعب الليبي الشقيق، ويهدد انسجامه ووحدة أراضيه”.
وأكدت تونس على أهمية الحفاظ على المسار السياسي الذي ترعاه الأمم المتحدة، وتوفير كل ظروف النجاح للمؤتمر الوطني الجامع المنتظر عقده خلال الفترة القادمة، والتسريع بإيجاد حل سياسي دائم يمكن من إعادة الأمن والاستقرار إلى ليبيا.
وكان المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني في ليبيا أعلن النفير العام، بعد تحرك قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر نحو غرب البلاد، حيث تقع العاصمة طرابلس.
ومنذ الأربعاء الماضي،  تحركت أرتال عسكرية كبيرة تابعة لقوات الجيش الوطني الليبي، من مدينة غازي شرقا باتجاه الغرب، محملة بمختلف أنواع الأسلحة المتوسطة والثقيلة.
وتنقسم ليبيا منذ سقوط نظام معمر القذافي في 2011، بين عدة حكومات، أدت إلي انبثاق عدد لا يحصى من الفصائل.
وعاشت العاصمة طرابلس منذ ذلك الحين، حالة من التوتر والحروب المستمرة، لم تشهد فيها هدوءا، حيث سادت فيها لغة الحرب، إذ أدت كثرة الكتائب المسلحة وبمسمياتها المختلفة، منها من داخل طرابلس ومنها من خارجها، إلى صدام بين الحين والآخر تسبب بتعكير صفو الحياة في المدينة.
وشهدت طرابلس في تلك الفترة حالة من الترقب بعد سيطرة قوات فجر ليبيا على العاصمة وإعلان حكومة الإنقاذ المحسوبة علي جماعة الإخوان والتي ترأسها عمر الحاسي وتبعه في رئاستها خليفة الغويل، وتسببت تلك المرحلة بانقسام سياسي كاد أن يدخل البلاد في حرب أهلية دموية إلى أن أعلن في 17 من ديسمبر عام 2015 عن اتفاق الصخيرات وولادة المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق التي حلت محل حكومة الإنقاذ التي بدورها لم تتراجع عن هدفها في السيطرة على الحكم ما أربك المشهد في تلك الفترة .
ومن أبرز المعارك والاشتباكات التي عاشتها طرابلس كانت بدايتها في 15 نوفمبر عام 2013، حين خرجت مظاهرة سلمية بعد صلاة الجمعة واتجهت إلى منطقة غرغور مطالبة بخروج التشكيلات المسلحة منها لتواجه تلك المسيرة برماية مسلحة مجهولة أدت إلى تفاقم الوضع وسقوط العشرات من الضحايا والمئات من الجرحى.
كما اندلعت بعدها أحداث "فجر ليبيا" التي كانت شرارتها في 13 يوليو عام 2014 وجاءت على خلفية انتخاب مجلس النواب وحل المؤتمر الوطني العام الذي تسيطر عليه مجموعة من المحسوبين على الإسلام السياسي، وبدأت الأحداث بالاستيلاء على مطار طرابلس العالمي في أكبر المعارك التي عاشتها طرابلس بين عدد من التشكيلات المسلحة المحسوبة على تيارات إسلامية متحالفة مع مجموعات من بينها درع الوسطى وكتيبة ثوار ليبيا ضد كتائب القعقاع والصواعق.
ويبدو أن الوضع الليبي سيشهد تطورا مختلفا حيث تنتشر في العاصمة طرابلس كافة الأطياف الليبية والميلشيات التابعة لحكومة الوفاق الليبية التي يرأسها فايز السراج، وكذلك جماعة الإخوان الإرهابية، وهو الأمر الذي يصعب علي الجيش الليبي دخول العاصمة، وقد يشهد الأمر تطورا داميا قد يؤدي إلي حرب دموية طويلة الأمد.

شارك