الإخوان المسلمون وصناعة الإرهاب.. من لندن إلي النمسا
الخميس 11/أبريل/2019 - 12:16 م
طباعة
أميرة الشريف
بعد موجة اللاجئين الذين توافدوا علي القارة العجوز بصفة عامة، والنمسا بصفة خاصة، بدأت الأخيرة تراقب نشاط الجماعات الإسلامية خاصة أنها تعترف بالدين الاسلامي، ومنذ 2015 بدأت السلطات النمساوية تراقب بالفعل أنشطة الجماعات الإسلامية، حيث رصدت تسلل جماعة الإخوان المسلمين إلي أوروبا عن طريق إنشاء جمعيات بحجة خدمة الجالية الإسلامية بينما هم يستقطبون الأفراد خاصة المبتعثين لهذه البلاد وأصحاب الأصول العربية الحاصلين علي الجنسية النمساوية لتنفيذ مخططات الجماعة في المحافل العامة وهو السيناريو الذي طبقة التنظيم الدولي للإخوان في الفترة السابقة وبدأت الدول تستفيق له، باعتبار أن خطر جماعة الإخوان أصبح أخطر من داعش والقاعدة نفسها.
وتؤثر جماعة الإخوان المسلمين على المجتمع النمساوي وتماسكه ومعتقداته، حيث ينظر الإخوان إلى المجتمعات الغربية بدونية، على اعتبار أنها مجتمعات فاسدة وغير أخلاقية، فضلاً عن أنها أدنى من المجتمعات الإسلامية، كما تتناقض مواقفهم مع القيم الأوروبية فيما يخص الحريات والحقوق، ولا سيما حقوق المرأة والحرية الدينية.
وفي ضوء ذلك بدأت القارة العجوز في الآونة الأخيرة تتجه إلى اتخاذ نهج جماعي تجاه جماعة الإخوان الإرهابية، وهو ما بدا في عدة تقارير أبرزها ما صدر جهاز الاستخبارات الألماني، حول خطورة نشاط الإخوان في أوروبا، واعتبارها أخطر من داعش والقاعدة، وكذلك قرار البرلمان النمساوي بحظر شعارات الإخوان،خاصة بعد ثبوت تورط عناصر إخوانية في العمليات الإرهابية التي شهدتها أوروبا مؤخرا.
ويري مراقبون أن حظر البرلمان النمساوي شارة رابعة فقط، لا يتناسب مع التحديات ومع خطورة الإخوان في النمسا وأوروبا عموما، مشيرين إلي أن التحدي هو حظر الجماعة ، والتعامل معها كتنظيم ارهابي.
ويأتي شعار جماعة الإخوان باللون الأخضر "سيفان يتوسطهما كلمة وأعدوا"، كأول رمز في قائمة الحظر.
ومنذ أسبوعين، أعلنت النمسا رسميا سريان قانون حظر رموز تنظيم الإخوان وعدد من التنظيمات الأخري، وقال كريستوف بلوتسل المتحدث باسم وزارة الداخلية النمساوية، إن الوزارة تتابع المؤسسات الخاصة بالتنظيمات المحظورة فى النمسا، لرصد أى مخالفة للقانون، كما ستنظر فى البلاغات التى يقدمها النمساويون فى هذا الشأن.
وأضاف أنه استنادا للمادة 3 من القانون، فإن أى شخص يخترق عن عمد الحظر المفروض على الرموز والشعارات الخاصة بالجماعات والتنظيمات، يتعرض لعقوبة إدارية تتمثل فى غرامة تقدر بـ 4 آلاف يورو أو السجن لمدة شهر.
كانت وزارة الداخلية النمساوية قد أصدرت قانونا تنفيذيا منتصف الشهر الماضي، بحظر شعارات ورموز التنظيمات والجماعات، وفى مقدمتها الإخوان وحزب الله اللبنانى وتنظيم "الذئاب الرمادية" القومى التركى المتطرف وحماس.
وينص القانون على أنه يمثل خطوة فى طريق مكافحة التطرف، ويعد هذا القانون نتاج اتفاق بين حزبى الائتلاف الحاكم، حزب الشعب يمين وسط، وحزب الحرية أقصى اليمين.
وفى 2017، حذرت دراسة أشرفت عليها وزارة الاندماج وجامعة فيينا الحكومية من تنامى نفوذ الإخوان فى النمسا، وامتلاكها نفوذا على المجتمعات المسلمة فى عدة مدن أبرزها فيينا وجراتس.
وتحذر النمسا بشكل دورى من تزايد نفوذ الإخوان واتخاذ النمسا كبلد أوروبى قاعدة لأنشطتها.
وفي وقت سابق، تطرقت دراسة إيطالية بالتعاون مع معهد فيينا لدراسات الشرق الأدنى وبدعم من تمويل صندوق التكامل النمساوي، وجود الإخوان المسلمين في النمسا، حيث سعت الدراسة إلي تتبع تاريخ حركة الإخوان المسلمين، وتطورها، إلى جانب فهم للجماعات المرتبطة بها عضوياً أو أيديولوجياً.
وألقت الدراسة الضوء علي وجود الإخوان المسلمين في الغرب، التي بدأت مع هجرة العديد من كوادرهم إلى النمسا خلال ستينيات القرن الماضي، وتم التأسيس لوجودهم على يد بعض المهاجرين منهم، أمثال يوسف ندى وسعيد رمضان، ومع مرور الوقت نمت شبكاتهم وتطورت.
وكشفت الدراسة أن الجماعات تنقسم إلى ثلاثة أقسام؛ أولاً: "الإخوان النقيين"، وهم أعضاء بأفرع مختلفة في جماعة الإخوان المسلمين، أنشأت وجودها في الغرب، وتتبع بشكل مباشر لتفرعات الجماعة الأم في الشرق الأوسط.
ثانياً: "سلالات الإخوان"، وهم أعضاء في المنظمات التي أُنشئت بواسطة أفراد، يرتبطون بروابط قوية مع الجماعة الأم، ولكنهم يتصرفون بشكل مستقل عن هيكلية الجماعة الأم، ثالثاً: "المنظمات المتأثرة بالجماعة الأم"، وهي منظمات أُنشئت بواسطة أفراد يرتبطون أيديولوجياً مع الجماعة الأم، وينتفي وجود روابط تنظيمية معها.
وينشط الأفراد والمنظمات التي تنتمي إلى المجموعات الثلاث السابقة في النمسا منذ عقود، ويصنعون شبكة من العلاقات القوية مع النخب، ويقيمون الأكاديميات التعليمية، والأعمال، والكيانات والشركات والجمعيات الخيرية والإنسانية، ويتمتعون بدرجة كبيرة من العلاقات والسلطة، بالنظر إلى العدد القليل من أعضاء الإخوان المسلمين والمرتبطين بهم.
وتري الدراسة، أن هذا النمط شائع جداً في معظم الدول الغربية، حيث تمكنت منظمة الإخوان المسلمين، والمنظمات المرتبطة بها، من أن تصبح محاورة متميزة للنخب الغربية داخل المجتمعات المحلية المسلمة؛ مشيراً إلى امتلاكها قدرات مادية، ومهارات تنظيمية عالية، إلى جانب قوة العلاقات الشخصية والتنظيمية بين الأفراد ومنظمات الإخوان في النمسا. يعتقد الكاتب أن جماعة الإخوان معقدة، وفهمها أيضاً معقد وصعب؛ نظراً لارتباط الكيانات والشبكات والأفراد بطرق مختلفة. وفي السياق ذاته، يشير الكاتب إلى أن النمسا -كبقية الدول الأوروبية- فهمت بشكل جزئي جماعة الإخوان المسلمين، والكيانات المرتبطة بها، ويلفت إلى ميل المراقبين الغربيين للمبالغة في تقدير الطبيعة التمثيلية، وتجاهل الروابط بين الجماعة الأم وهذه المنظمات.
وتساءل الباحث، عما تستند جماعة الإخوان المسلمين في النمسا؟ ما الرسالة التي تنشرها المساجد والاجتماعات واللقاءات التي تتبعهم؟ وما الروابط ما بين الجماعات الناشطة في النمسا والجماعة في الخارج؟ هل يتلقون تمويلاً خارجياً؟.
وكانت سعت السلطات النمساوية إلى الحفاظ على حوار مع جماعة الإخوان المسلمين من أجل تجنب تعزيز التطرف، وفي بعض الحالات، يُنظر إلى الإخوان كوسيلة لضمان النجاحات الانتخابية من جانب بعض القوى السياسية، إلا أن الإخوان يلعبون دوراً كبيراً في تقوية الإسلام في المجتمع النمساوي كما في باقي المجتمعات الأوروبية، ويسعون لتحقيق أهداف سياسية، من خلال استخدامهم لثنائية الضحية والعنف، القضية التي تخلق بيئة خصبة للتطرف.
ووفق الدراسة، بالغت كيانات الإخوان في أوروبا في المواقف والمعتقدات المعادية للمسلمين، لتكريس العقلية التي تعتقد أن الغرب في حالة عداء للإسلام والمسلمين على العموم، داخل المجتمعات المحلية المسلمة.
وظهر ذلك بشكل واضح في النمسا خلال السنوات القليلة الماضية.
وتبرر جماعة الإخوان المسلمين العنف في الحالات التي يعتقدون بها أن المسلمين يتعرضون للتهديد أو الاحتلال.
وقامت فروع جماعة الإخوان المسلمين في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك النمسا، بتمويل كيانات تابعة لجماعة الإخوان المسلمين، مثل حركة حماس، وتري الدراسة أن تعزيز رواية الضحية المختلطة، وتبرير العنف، يجب أن يُنظر إليها بقلق بسبب الارتفاع الكبير في الإرهاب والتطرف الذي شهدته أوروبا خلال السنوات الخمس الماضية.
ويؤكد خبراء علي ضرورة قيام السلطات النمساوية بإجراء مراجعة داخلية للجماعة، كتلك التي أجرتها المملكة المتحدة عام 2014، والتي هدفت لمراجعة فكر وأهداف وسلوك الإخوان.
وكانت، أفادت تقارير إعلامية، أن جماعة الإخوان الإرهابية، تعتزم نقل مقراتها الرئيسية من العاصمة البريطانية "لندن" إلى النمسا.
وقالت، "إن جماعة الإخوان الإرهابية تعتزم نقل مقراتها الرئيسية إلى النمسا من العاصمة البريطانية لندن في ضوء التحقيقات الجديدة التي تجريها حكومة رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون مع الجماعة، مضيفة أن جماعة الإخوان الإرهابية، والتي تم حظرها وتصنيفها كتنظيم إرهابي من قبل مصر والسعودية ودول عربية أخرى، تخضع للتحقيقات في بريطانيا وبعض الدول العربية.
ووفق صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، أفاد تقرير بأن الجماعة الإرهابية تعتزم نقل مقراتها الرئيسية إلى مدينة جراتس بالنمسا بعد أن بدأت حكومة "كاميرون" تحقيقًا مشتركًا من قِبل وكالة الاستخبارات المحلية "MI5" ووكالة الاستخبارات الخارجية "MI6".
وكان رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، أعلن أول أبريل من العام الماضي، أن حكومته ستطلق تحقيقًا مشتركًا في أنشطة جماعة الإخوان في بريطانيا وصلاتها بالإرهاب، وقال "كاميرون" آنذاك، "إن المهم هو التأكد من أننا نفهم تمامًا ماهية هذه المنظمة، وما الذي تمثله، وما هي صلاتها، وما هي معتقداتها من حيث التشدد والتطرف على حد سواء، وما هي صلاتها بالجماعات الأخرى، وما الذي يمثله وجودها هنا في المملكة المتحدة".
وكان تقرير للحكومة النمساوية، كشف عن استغلال جماعة الإخوان الإرهابية لأموال حكومة فيينا في نشر التطرف والإرهاب.
ويوثق التقرير، الذي عملت عليه وزارة الخارجية والمؤسسة الاستخباراتية، استغلال أموال الحكومة النمساوية في نشر التطرف بين الجاليات المحلية وفي المدارس، واستخدام الأراضي النمساوية كنقطة انطلاق لنشاط الجماعة الإرهابية في الدول العربية.
وذكر أن تمكين المنظمات التابعة للإخوان المسلمين في القارة الأوروبية لم يقدم للجماعة أرصدة وإمكانيات جديدة للسعي وراء مطامعها في الأراضي العربية فحسب، بل أضر أيضاً بأوروبا بتقويض دمج المسلمين في المجتمع العام.
ومن بين النتائج الأخرى، وضح التقرير الفارق بين نوعين من أعضاء الجماعة فيما يتعلق باستخدامهم للأراضي النمساوية، بالنسبة لبعضهم، تعد النمسا في الأساس "بيتاً آمناً" ونقطة انطلاق إلى بلدانهم الأصلية، ودلل على ذلك أيمن علي، الذي عمل لعدة أعوام كبير أئمة في غراتس، ثم عاد إلى موطنه في مصر ليتولى منصب مستشار الرئيس المعزول محمد مرسي، وبالنسبة لآخرين، أصبح تحويل الثقافة الدينية - السياسية في النمسا هدفاً في حد ذاته.
وتعد النمسا أفضل وجهة لنشطاء الإخوان المسلمين، ومن بينها الموقع الإستراتيجيّ للبلد في قلب أوروبا، مما يجعله نقطة وسطى مثاليّة بين الشّرق والغرب.
كذلك، تعد النمسا من البلدان المتسامحة والمنفتحة، ومدنها تحتضن ثقافات متعدّدة، كما أنّها بيئة جاذبة للاستثمارات، وقد سمحت هذه العوامل بنمو مجتمع أعمال "بيزنس" شرق أوسطي يضم أعضاء في جماعة الإخوان أو أفراداً مقربين منهم. كذلك فإن حقيقة نشطاء الإخوان وتطورهم تدريجيا بصِلة وثيقة ببعض القوى والمؤسسات النمساوية تعد سببا في شعور الحركة بالراحة في النمسا.