نتائج الانتخابات المحلية التركية تعصف بـ"الملاذ الآمن" للإرهابية
الإثنين 15/أبريل/2019 - 12:50 م
طباعة
فاطمة عبدالغني
في أعقاب فوز حزب الشعب الجمهوري المعارض في الانتخابات المحلية التركية التي انعقدت في 31 مارس 2019، برئاسة عدد من المدن الكبرى التي يقيم بها عناصر جماعة الإخوان الإرهابية، ومطالبة الحزب بترحيل أعضاء الجماعة ضمن برنامجه الانتخابي، وتحسين العلاقات مع الحكومة المصرية.
نشر المتحدث الإعلامي باسم الجماعة في 7 أبريل 2019، بيانًا يدعو فيه جميع الوافدين التابعين للإخوان لاحترام قوانين تركيا ورموزها.
وقال البيان: "تدعو جماعة "الإخوان المسلمون" جميع الوافدين المقيمين على أرض تركيا إلى احترام قوانين هذا البلد المضيف ورموزه وعاداته، الذي يحسن الاستقبال ويوفر الحماية لكل من يصل إلى أراضيه ويعيش على ترابه".
وأضافت: "وتستنكر الجماعة في هذا الصدد أي ممارسات تخالف هذه القوانين وتمس رموز هذا البلد، مجددين الشكر لتركيا شعبًا ورئيسًا وحكومةً وأحزابًا على مواقفهم الطيبة وحسن تعاملهم مع الوافدين".
وبحسب التقارير الصحفية يعكس بيان الجماعة نداء عاجل لأنصارها بالتوقف عن الإساءة إلى مؤسس الجمهورية التركية العلماني مصطفى كمال أتاتورك وحزبه الليبرالي الشعب الجمهوري من أجل تجنب ترحيلهم.
كما أوضحت عدة تقارير أجنبية إن بعض أعضاء جماعة الإخوان يستغثون بالحكومة البريطانية من أجل قبول طلب لجوئهم، كما أن مطارات تركيا لم تعد تسمح لهم بالدخول مرة أخرى.
وفي هذا الإطار نشرت صحيفة ذا جارديان البريطانية نداء وتوسل من الإعلامي الإخواني أسامة جاويش الهرب من مصر منذ عام 2013 إلى تركيا، وشارك في نشر تسريبات مزعومة لمسؤولين مصريين خلال السنوات الماضية.
وقالت الصحيفة في تقريرها عن جاويش إنه فر من تركيا إلى بريطانيا حيث طلب اللجوء السياسي في مارس 2018، لكن الحكومة البريطانية لم توافق حتى الآن على طلبه.
وأضافت الصحيفة:" لم يعد جاويش بعد مرور عام على تقديم طلب اللجوء قادرا على العمل في بريطانيا بسبب عدم حصوله على اللجوء، قال لنا أنه يشعر بالغضب بسبب إطالة وزارة الداخلية البريطانية في الرد مطالبته، وكان من المفترض أن تستغرق مدة ردهم على طلبه ستة أشهر فقط".
ونقلت الصحيفة أن جاويش يناشد السلطات البريطانية منحه اللجوء لأنه غير قادر على العمل بسبب منع القانون ذلك حتى يحصل على الموافقة على لجوءه، مشيرة الى أنه يعيش على 5 جنيهات فقط، ويريد جمع شمل عائلته التي مازالت في تركيا.
وقالت الصحيفة في تقريرها عن خطاب جاويش للتودد بريطانيا: "جاويش ترك زوجته وابنيه، البالغين من العمر سبع سنوات وتسعة أعوام، منذ ذلك الوقت وهو يائس في لم شملهما كما أن الوظائف التي تشهد نقصا في بريطانيا حاليا والتي يسمح له وللطالبين اللجوء بالعمل فيها حاليا هي " راقصة بالية أو عالم جزيوفيقي".
وقال أسامة للصحيفة "أنا أعيش على 5 جنيهات إسترلينية يوميًا.. ليس لدي خيار.. لا أستطيع العمل الآن.. هذا شيئ صعب للغاية أنا لست شخصًا قذرًا. لقد أجبرت على المجيء إلى هنا.. كان لي موقع بارز في مصر وتركيا. أنا لا أستحق هذه المعاملة من وزارة الداخلية البريطانية ".
وتابعت الصحيفة إن جاويش عرض عليه وظيفة في قناة الحوار، وهي قناة فضائية تبث باللغة العربية من لندن وتراقبها هيئة مراقبة المملكة المتحدة، لكن حاليا لجأ الى أحد مراكز اللاجئين، ولا يمكن العمل بها حتى يحصل على تصريح لجوء سياسي.
وكشفت الصحيفة أن سلطات مطار أسطنبول منعت جويش من الدخول إلى تركيا خلال محاولته العودة مؤخرا إلى تركيا ، فعاد إلى بريطانيا ، وتم منحه عمل تطوعي مؤقت في "BBC Radio Suffolk ".
وذكرت الصحيفة أن الداخلية البريطانية أكدت أن عضوية جاويش في جماعة الإخوان لا تمنعه من الحصول على اللجوء.
تقول المعلومات الواردة من تركيا أن الإخوان بدأت أيضا في نقل قنواتها من أسطنبول إلى دول أوروبية أخرى مثل بريطانيا، مشيرة إلى أن أيمن نور الذراع الإعلامي للجماعة فتحت قناتين بالقارة العجوز خلال الأيام الماضية لتكون بديلا محتمل للقنوات المتواجدة في تركيا.
وفي تعليق على نتائج الانتخابات التركي قال الدكتور مختار نوح عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان والمفكر السياسي والقيادي السابق بالجماعة، إن نتائج الانتخابات المحلية في تركيا، انعكست على أوضاع قيادات جماعة الإخوان الهاربين، حيث سيطرت حالة من الرعب والقلق الشديد عليهم، بعد صعود تيار المعارضة خلال، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية الشديدة التي تشهدها الدولة التركية، الأمر الذي يضع الإخوان وقاداتهم هناك تحت مقصلة الرحيل، بالإضافة إلى غلق قنواتهم التي تبث السموم الإرهابية للتحريض ضد الدول العربية.
وأوضح نوح أن خطة المعارضة التركية تتمثل في إعادة ترتيب الدولة من الداخل، من خلال تفعيل عدد من القوانين المهمة داخل البلاد أهمها قانون «محاربة الإرهاب» وتسليم المجرمين الهاربين لبلادهم، كما توقع كذلك حدوث تغيرات تركية عاصفة خلال الأيام القادمة تجاه ملف الإخوان، الأمر الذي يثير تخوف قيادات الجماعة الإرهابية الموجودة داخل وخارج تركيا على مصيرهم. وأشار نوح إلى أن جماعة الإخوان فى تركيا تشهد حالة من الخوف والترقب الشديد، نتيجة للأزمات الاقتصادية التي تواجهها تركيا ونظامها، وهو ما سيؤدي إلى اللجوء لطردهم خارج البلاد.
وعلى صعيد متصل أوضح القيادي السابق في تنظيم الجهاد نبيل نعيم، إن هناك جزءًا كبيرًا جدا من الشعب التركي لا يقبل بالإسلاميين، وهناك تيار قوى جدا في الجيش يكره الإسلاميين رغم محاولات أردوغان ترويضه، فما زال الجيش التركي يعتنق أفكار مصطفى كمال آتاتورك، مشيرا إلى أن الفشل الاقتصادى في السنوات الأخيرة للرئيس التركي بعد الطفرة الكاذبة التي أحدثها في بدايات حكم حزب العدالة والتنمية، وكبت الحريات، والاستئثار بثروات البلد، أدى إلى ظهور تيار معارض قوي لأردوغان، وهذا هو حال الإخوان في كل الدول العربية، في ليبيا وتونس والجزائر ومصر وتركيا وغيرها من البلدان.
وتابع نعيم الناس في البداية تنبهر بالشعارات الدينية وشعارات التنمية، ثم سرعان ما تكتشف أنها كانت شعارات زائفة، الهدف منها الاستئثار بالسلطة ومقدرات البلد، فيحدث انقلاب عليهم، مؤكدا أن مصير الإخوان في تركيا مرتبط بوجود أردوغان وحزب العدالة والتنمية في الحكم، لافتا إلى أن أي حكومة أخرى غير العدالة والتنمية سوف تقوم بتسليم الإخوان لمصر، متوقعا أن يقوم الإخوان باللجوء للدول الأوربية قبل انتهاء عهد أردوغان، موضحا أن انتهاء حكم العدالة والتنمية مرتبط بالحالة الاقتصادية، مشيرا إلى أن انهيار الاقتصاد التركي سوف يؤدي إلى الإطاحة بحكم أردوغان، مثلما يحدث في الدول الأوربية وأمريكا.
وبحسب المراقبون تؤثر نتائج انتخابات البلديات التركية بشكل كبير على السياسة الخارجية للحكومة التركية، الأمر الذي سيضطر معه أردوغان إلى التوصل لتفاهمات إقليمية ودولية تساعده على تحقيق نتائج اقتصادية جيدة ترجح ثقة الشارع فيه قبل الانتخابات البرلمانية المقبلة، تجنبا لانكسار كبير ينهى سيطرة العدالة والتنمية على السلطة، أما فيما يتعلق بالسيناريوهات المحتملة التي تنتظر أفراد جماعة الإخوان الإرهابية بعد فوز مرشحي المعارضة في إسطنبول وأنقرة تحديدًا، فترجح التقارير الصحفية ثلاثة سيناريوهات يتمثل الأول في نقل أفراد الجماعة إلى مدن أخرى مازالت تقبع تحت حكم «العدالة والتنمية»، والثاني هو أن تطلب المعارضة التركية من خلال تواجدها في البرلمان والبلديات تسليمهم لبلادهم، أما الثالث فهو انتقالهم لدول أخرى.
وفي هذا الإطار يرى رئيس تحرير جريدة الزمان التركية، توروغوت أوغلو، أن التغييرات الحالية في الداخل التركي بفوز المعارضة مع تردي الأوضاع الاقتصادية تؤشر على أن نهاية أردوغان أوشكت لا محالة، وسيكون أمامه خيار واحد هو التخلي عن جماعة الإخوان التي تعتبر ذراعه اليمنى داخل الدول العربية.
وأوضح أوغلو أن السيناريو الأقرب لقيادات جماعة الإخوان الهاربة إلى تركيا هو تشتتهم وفرارهم إلى بلدان أخرى تستقبل قيادات وأعضاء الجماعة خصوصًا بعض دول شرق آسيا.
ولفت إلى أنه خلال عامين ستنتفض تركيا ضد الإخوان الهاربين إلى أراضيها بعد تخلي أردوغان عنهم وبقائهم دون سند، أو بفرارهم لبلدان أخرى، موضحًا أن تركيا لن تستمر بدعمهم في غضون عامين من الآن بفعل الضربات الموجعة لليرة التركية.
وأضاف أوغلو أن أردوغان يحرك قيادات الجماعة كما يشاء، واستطاع أن يستفيد منهم في تخريب دول عربية من خلال إمدادهم بالمال والسلاح.