أبعاد جديدة لمواجهة الإرهاب في فرنسا
الثلاثاء 30/أبريل/2019 - 12:08 م
طباعة
حسام الحداد
سمحت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في باريس بإبعاد رجل يمضي عقوبة بالسجن في قضية إرهاب إلى الجزائر
أحبطت الشرطة الفرنسية عملاً إرهابياً واحتجزت أربعة أشخاص مشتبهاً فيهم.
وكشف وزير الداخلية كريستوف كاستانير، الاثنين 29 أبريل 2019، عن أنه عُثر مع الموقوفين على أسلحة "بغرض ارتكاب عمل إرهابي".
وقال وزير الداخلية للصحافيين "لدينا ما يكفي من الأدلة التي تدفعنا إلى الاعتقاد بأنه كان يجري التخطيط لهجوم كبير".
وأعلنت مصادر متطابقة أن الموقوفين الأربعة كانوا يعدون لهجوم يمكن أن يستهدف قوات الأمن "خلال أجل قصير".
وبين الموقوفين قاصر محكوم من قبل بالسجن ثلاثة أعوام بينها عامان مع وقف التنفيذ والمراقبة، وذلك لمحاولته التوجه إلى سوريا، كما ذكرت النيابة العامة في باريس.
وأفاد مصدر قريب من التحقيق أن الموقوفين الثلاثة الآخرين بالغون ومعروفون لقضايا الحق العام.
وبدأت النيابة العامة في باريس التحقيق التمهيدي في فبراير 2019، وأوكلت التحريات والتحقيقات إلى الإدارة العامة للأمن الداخلي.
وتندرج قوات الأمن بين الأهداف التي دعا مراراً تنظيم داعش إلى استهدافها.
وعلى الرغم من هزيمة التنظيم في سوريا والعراق، لا تزال فرنسا تحت تهديد إرهابي مستمر بعدما ضربتها منذ 2015 موجة اعتداءات إرهابية غير مسبوقة أدت إلى مقتل 251 شخصاً.
وفي نهاية مارس 2019، وُجّه اتهام إلى رجلين يعاني أحدهما من اضطرابات نفسية، بالإعداد لهجوم على مدرسة أو على شرطيّ، ووضعا قيد التوقيف الاحتياطي من قبل قاض مكلف بقضايا مكافحة الإرهاب.
وفي سياق متصل، سمحت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، الاثنين، لفرنسا بإبعاد رجل يمضي عقوبة بالسجن في قضية إرهاب إلى الجزائر، معتبرة أن لا شيء يدل على أنه "سيتعرض لخطر حقيقي" للتعذيب في بلده.
وقال مصدر في المحكمة "إنها المرة الأولى التي تسمح فيها المحكمة بإبعاد شخص مدان في قضية إرهاب إلى الجزائر".
وأوضح المصدر أن الأمر لا يتعلق بتغيير في قواعد المحكمة التي كانت تتحفظ على طرد جزائريين إلى بلدهم بسبب لجوء أجهزة مكافحة الإرهاب هناك إلى التعذيب.
وقال إن "الوضع في الجزائر تغير منذ 2015"، وهذا البلد "غير ممارساته". ما يجعل إجراءات الإبعاد إليه ممكنة.
وأكدت المحكمة في قرارها أن "ليس هناك أسباب جدية ومؤكدة" للاعتقاد بأن هذا الجزائري الذي حكم عليه في فرنسا في 2015 بالسجن ست سنوات بسبب مشاركته في عصابة للإعداد لعمل إرهابي، سيتعرض لمعاملة غير إنسانية في بلده.
وكانت المحكمة الإصلاحية في باريس حكمت على الرجل الذي قالت المحكمة الأوروبية إنه يدعى أ. م. بالسجن لتسليمه تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي نظارات للرؤية الليلية وأموالاً.
وقد لجأ إلى المحكمة الأوروبية ليعترض على قرار إبعاده الذي صدر عن شرطة لوار في فبراير2018، مشيراً إلى أنه يمكن أن يتعرض للتعذيب في الجزائر.
لكن المحكمة رفضت حجته وقالت في قرارها إنه في حال إبعاده "لن يقع انتهاك للمادة الثالثة" من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان التي تنص على منع التعذيب والمعاملة غير الإنسانية أو المهينة.
وقال مصدر في المحكمة إن هذه الهيئة سمحت في أبريل 2018 بإبعاد إمام من مرسيليا إلى الجزائر "لكنه لم يكن محكوماً في قضية إرهاب"، ما يجعل قرار المحكمة الأوروبية الجديد "سابقة".
وتأخذ معركة فرنسا مع التطرف الإسلامي، منذ تصريحات ماكرون الأخيرة بعداً جديداً يضاف إلى البعد الأمني، وهو البعد الثقافي في مواجهة قيم متشددة لا تلقى أي اعتراف بها حتى في البلدان الأصلية للمهاجرين مثل مصر والمغرب وتونس، التي سنت قوانين أكثر تحرراً مما يسعى الإسلاميون إلى فرضه في المجتمعات المغلقة بالمدن الفرنسية.
وتعمل جمعيات ممولة في الغالب من الخارج، على زرع ثقافة متشددة لدى أبناء الجاليات مثل تحريم الاختلاط وتحريم الموسيقى والرقص وفرض لباس محتشم على الفتيات الصغيرات، فضلاً عن الزواج على غير الصيغ القانونية أو ما بات يعرف بزواج الفاتحة أو العرفي أو الشرعي.
ويتم الترويج لهذه الأفكار على نطاق واسع في المدارس الخاصة التي يمتلكها وجهاء وقياديون في التنظيمات الإسلامية المدعومة من دول مثل قطر وتركيا، أو في الأنشطة الموازية مثل النوادي أو المخيمات، أو في اللقاءات العائلية.
وفيما تعمل الدولة الفرنسية على إدماج الجالية وتمثيل ممثلي المسلمين في هياكل استشارية تعنى بشؤون الأديان، فإن الجمعيات الإسلامية تعمل على تعميق عزلة الجالية عن محيطها تحت مسوغ ديني بوصف المجتمع الفرنسي بأنه مجتمع "جاهلية"، وأن قيمه وأفكاره تتعارض مع الدين، ولا بد من مقاطعتها والسعي لتغييرها، وهي أفكار تتبناها جماعة الإخوان المسلمين بصفة خاصة استناداً إلى موروث سيد قطب.
وحسب تصريحات ماكرون فان فرنسا لم تعد تتحمل السكوت على النفوذ المتعاظم للجمعيات والاتحادات الإسلامية التي تنفذ أجندات مهددة لثقافة الدولة، وأن هذا التوجه ليس خياراً شخصياً له بل سبقه إلى ذلك رئيس الوزراء السابق مانويل فالس.