استمرارًا لدعمها الإرهاب .. تركيا ترسل طائرات وخبراء لمساندة ميليشيا طرابلس
الجمعة 31/مايو/2019 - 01:11 م
طباعة
فاطمة عبدالغني
في إطار زخم الحديث عن الدعم التركي للإرهاب في ليبيا وهو الأمر الذي اثبتته تركيا باستنفارها لكافة طاقاتها التخريبية والمخابراتية لدعم الإرهابيين في طرابلس منذ إطلاق الجيش الوطني الليبي عملية طوفان الكرامة في طرابلس 4 أبريل.
أكد اللواء خالد المحجوب آمر إدارة التوجيه المعنوي بالقوات المسلحة العربية الليبية وصول فريق كامل من الخبراء العسكريين الأتراك إلى ساحة طرابلس، وأن عددهم نحو 12 عسكريا، وصلوا عن طريق طائرة إلى مطار مصراته عقب وصول طائرة الطائرات المسيرة على شكل قطع غيار تم تجميعها في مصراته.
وتابع أن تركيا أصبحت طرفا في المعركة الليبية بمخالفة القوانين الدولية، وانها أرسلت الأسلحة والخبراء والمعدات، كما أنها أرسلت طائرات دون طيار واستهدفت المدنيين، نظرا لندرة وعدم دقة المعلومات لديهم فيقوموا باستهداف المدنيين لتأليب الرأي العام، كما أنهم يجلبون المرتزقة للقتال في صفوفهم لعدم قدرتهم على مواصلة القتال، والدفاع عن مشروع جماعة الإخوان المسلمين المصنفة "جماعة إرهابية" في عدد من الدول العربية.
وتابع أن الجيش الليبي ينتظر الموقف الدولي من التدخلات التركية في المشهد الليبي، وأن يتخذ الخطوات الجادة لوقف هذا التدخل.
وأضاف المحجوب أن القوات المسلحة العربية الليبية استهدفت مجموعة من الإرهابيين في منطقة تاجوراء، كما أنها حددت نقاط تمركز للعناصر والمليشيات لاستهدافها بدقة، وأن القتال مستمر حتى تطهير العاصمة والقضاء على المليشيات، حسب نص قوله.
وفي وقت سابق كشف مدير المكتب الإعلامي للقيادة العامة للجيش الليبي، خليفة العبيدي، أن الجيش الليبي رصد وجود جنود وضباط استخبارات من تركيا يقومون بتدريب الجماعات المسلحة ويقاتلون في صفوفهم بالعاصمة الليبية طرابلس.
وقال العبيدي إن "غرفة عمليات تحرير طرابلس التابعة لقيادة الجيش الليبي قد رصدت جنود وضباط استخبارات وضباط لعمليات عسكرية من دولة تركيا متواجدون بمحاور القتال في العاصمة طرابلس"، مضيفا أن "هؤلاء الجنود الأتراك يقاتلون في صفوف المليشيات المسلحة وهم من يقودون تلك المليشيات بطرابلس."
يذكر أن "شعبة الإعلام الحربي" التابعة لـ"الجيش الوطني الليبي"، نشرت على حسابها في موقع "فيسبوك"، مساء الثلاثاء، شريطا مصورا قالت إنه يظهر ضابطا تركيا يدرب المسلحين على قيادة مدرعات تركية وصلت مؤخرا إلى العاصمة الليبية، وأضافت إن "هذا الفيديو عثر عليه في هاتف أحد المقبوض عليهم".
وكتبت "شعبة الإعلام الحربي" في التدوينة: "بعد إعلان الرئيس التركي دعم الإخوان المسلمين في ليبيا.. ودعم الحشد المليشياوي المعلن، وصول عدد من ضباط الجيش التركي لتكوين غرف عمليات عسكرية وكذلك لتدريب أفراد الحشد المليشياوي والمجموعات الإرهابية المتحالفة معهم والتي أتت من خارج البلاد عن طريق تركيا".
وتابعت: "أيضا، يعمل الضباط الأتراك المرتزقة على تدريب المليشيات على الأسلحة والمدرعات التي تم تسليمها لهم من قبل الحكومة التركية".
وفي غضون ذلك حذّر مراقبون للشأن الليبي من مخاطر تصاعد حجم التدخل العسكري التركي في الصراع الدائر بين الجيش الوطني الليبي والميليشيات المقاتلة إلى جانب حكومة فائز السراج في ليبيا.
ورأى المراقبون، أنّ تركيا كانت حاضرة في المشهد الليبي منذ بدء التوترات الأمنية التي شهدها هذا البلد، لكنّها اليوم أصبحت حاضرة بشكل غير مسبوق في المشهد الليبي، وتحولت إلى طرف محوري في الصراع الليبي، من خلال انحيازها المعلن إلى حكومة السراج ودعمها العسكري للميليشيات المسلحة في حربها ضدّ الجيش الوطني الليبي، وذلك في مسعى للاستفادة من مخرجات الحرب الدائرة بين الجيش الليبي والميليشيات.
وأوضح الخبير في الشأن الليبي مصطفى العابدي أنّ هناك عدة مؤشرات تدلّ على حجم الاهتمام التركي بمآلات الصراع في ليبيا، منها إرسال طائرة شحن إلى مدينة مصراتة الليبية، على متنها غرفة عمليات كبرى متحرّكة، ومزودة بالأسلحة والخبراء العسكريين الأتراك، ومباشرة ضباط أتراك تدريب عناصر من الميليشيات المسلحة على قيادة المدرعات الحربية، معتبرًا أنّ تركيا لا تخفي دعمها للميليشيات وهي تراهن على كسب معركة طرابلس.
وأضاف العابدي أنّ تركيا نزلت اليوم بكامل ثقلها إلى الساحة الليبية التي يقف فيها الجميع في مفترق طرق، ويدفع كلّ طرف في اتجاه سيناريو يخدم مصالحه الإقليمية، والمصالح والأطماع التركية في المنطقة صارت غير خافية، وهي ترغب بشدة في أن تجد موطئ قدم لها في كامل منطقة شمال إفريقيا، وتعتبر أنّ حضورها القوي في ليبيا سيكون منطلقًا لها لتعزيز حضورها في تونس وفي مصر، وفق قوله.
من جانبه، اعتبر الباحث والمهتم بالشأن الليبي مختار اليزيدي أنّ من مصلحة أنقرة استمرار الفوضى في المشهد الليبي حتى تتمكّن من إيجاد مبرّر لتدخلها ومحاولة بسط نفوذها على المنطقة، التي عرفت تاريخيًا تدخلًا تركيًا سافرًا لم تجنِ منه ليبيا والمنطقة جميعها سوى الأنين تحت وطأة الحكم الاستعماري، واليوم تسعى تركيا إلى إعادة إحياء أطماعها في ليبيا ما بعد القذافي، باعتماد سياسة ”الفوضى الخلّاقة“، حسب تعبيره.
وذكّر اليزيدي بالدور التركي في ترحيل المقاتلين من شتى أنحاء العالم وخصوصًا من شمال إفريقيا نحو سوريا مرورًا بالأراضي الليبية على امتداد سنوات 2012 و2013 و2014، وهي السنوات التي احتدم فيها الصراع في سوريا وظهر فيها الدور التركي الهدّام من خلال دعم المقاتلين والفصائل الإرهابية على الأراضي السورية عسكريًا ولوجستيًا، وفق تعبيره.
وأضاف اليزيدي أنّ تركيا تسعى اليوم إلى إعادة رسم نفس السيناريو السوري، وبعد أن أحبطت جهودها على الجبهة السورية تسعى اليوم إلى التموقع بمنطقة شمال إفريقيا التي لا تزال تعاني تداعيات الثورات التي شهدتها منذُ مطلع 2011.
وأشار إلى أنّ أنقرة انفردت بالتدخل في الشأن الليبي خارج إطار حلف شمال الأطلسي منذُ عام 2013، حيث خلّف خروج ”الناتو“ حالة من الفوضى وتمزّق البلاد بين عشرات الفصائل والميليشيات المسلحة، موضحًا أنّ الجانب التركي استثمر هذا الوضع لـ“إغراق“ الميليشيات الموالية لها بالسلاح والعتاد، رغم أنّ هناك قرارًا أمميًا بحظر تصدير السلاح إلى ليبيا منذُ 2011.
في حين يقول الأكاديمي والمحلل السياسي الليبي، جبريل العبيدي: إن ”التدخل التركي في ليبيا تنوع بين التمويل والاحتضان والإيواء والحماية للجماعات المتشدّدة، ومنها جماعة الإخوان خاصة، والسبب في ذلك يعود إلى نزعة الهيمنة والنفوذ التركي التي تنطلق من العقدة الطورانية، ومحاولة استعادة الإمبراطورية العثمانية الثانية، التي تقاطعت مع مشروع الخلافة ما جعلهما حليفين يستخدم أحدهما الآخر“، وفق تعبيره.
بدوره، حذّر الخبير العسكري العميد خالد عكاشة من دور أنقرة الذي وصفه بالخطير والمتعاظم في تسليح الإرهابيين في ليبيا، بهدف زعزعة الاستقرار في مصر، وقال في تصريحات إعلامية سابقة: إن ”أنقرة تهدف إلى مَدّ أذرعها في المنطقة من خلال إنشاء ثكنات عسكرية بديلة لعناصر تنظيم ”داعش“ في ليبيا وشبه جزيرة سيناء المصرية، تمهيدًا لبسط نفوذها على منطقة شمال إفريقيا بما يحقق مصالحها وأطماعها الاستعمارية، التي لا يحرص أردوغان على إخفائها“، بحسب تقديره.