من الدعم إلي المواجهة.. تقرير بريطاني يوثق جرائم الإخوان في السجون
السبت 08/يونيو/2019 - 12:49 م
طباعة
أميرة الشريف
علي الرغم من التاريخ المشبوه الذي لعبته بريطانيا مع جماعة الإخوان الإرهابية، إلا أن نهاية هذه العلاقة اقتربت بالفعل، وبالأخص عقب التقرير الذي أكد علي أن الانتماء إلى الإخوان بداية الطريق نحو التطرف، وكشفت وزارة العدل البريطانية، في تقرير لها اليوم السبت 8 يونيو 2019، عن ضلوع عصابات مرتبطة بتنظيم الإخوان الإرهابي، في أعمال عنف وسط السجون ذات الحراسة المشددة، لإجبار النزلاء على اعتناق فكر الإخوان المسلمين، التي تقيمها عصابات تتخذ الدين الإسلامي ستارا من أجل تحقيق مآربها وفق التقرير.
ومن المعروف أن الإخوان يتخذوا من لندن عاصمة يديرون من خلالها أعمالهم الإرهابية وتحريضاتهم الدموية وتتركز فيها شبكاتهم الإعلامية والمالية، ضمن أجندة تستهدف أمن دول عربية غير حليفة. كما تستهدف أيضاًوتمول مثل هذه الجمعيات مراكز لتدريب الأئمة ومراكز دينية ومساجد تحت إشراف الإخوان.
وفي نوفمبر الماضي خلص التحقيق الذي قام به السير جون جينكينز سفير بريطانيا السابق في الرياض، بعد حوالي 20 شهراً من البحث والمتابعة ومراجعة حسابات الجمعيات الخيرية في بريطانيا، إلى أن "الانتماء إلى الإخوان بداية الطريق نحو التطرف، وأن الجمعيات الخيرية والمراكز التعليمية من أبرز المؤسسات التي يستفيد منها الإخوان في تمويل أجنداتهم ونشر أفكارهم".
وأشار جينكينز، إلى تورط الإخوان في أعمال متشددة وأنهم عبارة عن تنظيم يستغل الدين لأغراض سياسية ويسعى لإقامة دولتهم دون احترام لأي شيء آخر.
وأوضح أن الوثائق أكدت أن الإخوان لم يكونوا جماعة تحظى بالموثوقية، فالإخوان يستخدمون لغتين لمخاطبة الآخرين، كتاباتهم وخطابهم للغرب باللغة الإنجليزية يختلفان بشكل كبير عن خطابهم لجمهورهم باللغة العربية.
ووفق صحيفة "تايمز" البريطانية، أشار التقرير إلى أن العصابات تنشط تحت غطاء الدين، وتخضع لهيكل تنظيمي هرمي يشمل قادة ومجندين ومنفذين وأتباعاً.
ويستند التقرير إلى مقابلات أجريت مع 83 سجيناً و73 موظفاً في سلك السجون، وتنتمي المجموعات المستجوبة إلى ثلاثة من السجون الثمانية الأكثر تشدداً في إجراءاتها الأمنية في إنجلترا.
ولفت التقرير إلى أن هناك هيكلا هرميا لهذه العصابات داخل السجون البريطانية، يضم قادة ومجندين ومنفذين وتابعين.
وقال أحد نزلاء السجون، وهو غير مسلم، إن هناك ضغطا على النزلاء من أجل تغيير دينهم والانضمام إلى العصابة.
وأضاف أن تكتيك هؤلاء يقوم على بناء صداقة مع السجناء الجدد فور وصولهم، ويحاولون استقطابهم، وعندما يرفضون يبدؤون في نشر الشائعات عنهم، من قبيل أنهم أشخاص سيئون، وبعد ذلك يتم نبذهم وضربهم.
وأبلغ أعضاء في هذه العصابات المرتبطة بالإخوان باحثي وزارة العدل أن قوتهم تعتمد على بث الرعب بين النزلاء الآخرين.
واعتمدت النتائج على مقابلات مع 83 سجينا، و73 من العاملين في 3 سجون من أصل 8 تخضع لحراسة أمنية مشددة في إنجلترا وويلز، تجنب التقرير الحكومي ذكر أسمائها.
وغالبا ما يتولى المدانون في قضايا إرهابية أعلى المواقع القيادية في تلك العصابات، التي فرضت قواعد صارمة داخل السجون.
وبحسب التقرير البريطاني، يعتقد أن زعماء العصابات يحرضون على أعمال العنف في السجون، لكنهم يبقون في منأى عن المشكلات، إذ يصدرون الأوامر للتابعين لهم لكي يرتكبوا أعمال العنف.
ويسيطر أعضاء هذه العصابات على حركة المواد المهربة مثل الهواتف المحمولة والمخدرات، وقال التقرير إن الأمر يصل بهذه العصابات إلى إجبار النزلاء الآخرين على دفع "إتاوات".
وإذا ما حاول أحد السجناء ترك العصابات فقد يواجه بعقاب شديد، مثل رميه باتهام "الردة عن الإسلام".
وقال الأمين العام لنقابة ضباط مصلحة السجون البريطانية، ستيف غيلان:" لطالما حذرنا بشان تنامي العصابات سواء أكانت ما يسمى الإخوان المسلمين أو غيرها"، مضيفًا، أن تقرير وزارة العدل مثير للقلق، ذلك أنه يظهر أن ثقافة العصابات منتشرة الآن داخل السجون الخاضعة للحراسة المشددة.
وعلقت المتحدثة باسم مصلحة السجون البريطانية علي التقرير، إنها ملتزمة بمعالجة هذا السلوك، وأن مصلحة السجون تقوم بتدريب موظفيها على "التمييز بين غالبية السجناء الذين يمارسون عقيدتهم بأمانة، والأقلية الصغيرة التي تسيء استخدام الدين من أجل ارتكاب الجريمة".
ودعا عضو مجلس العموم البريطاني، إيان بيزلي، إلى ضرورة التعامل مع الخطر الذي يشكله التنظيم في بريطانيا، مؤكدا أنه "أصل التطرف".
وكشفت تحقيقات في هجمات إرهابية عدة شهدتها بريطانيا، عن وجود رابط أيديولوجي بين منفذي تلك الهجمات، والإخوان.
ووفق احصائيات فإن هناك 13 ألف نزيل مسلم في سجون إنجلترا وويلز حتى نهاية مارس 2019، مما يشكل 15 في المئة من إجمال نزلاء السجون، وبين هؤلاء 175 سجينا يقضون أحكاما بتهمة ارتكاب جرائم إرهابية .
وفي أكثر السجون خضوعا للإجراءات الأمنية كانت نسبة النزلاء المسلمين عالية، وترتبط جرائهم بالإرهاب.
وتعود العلاقات بين بريطانيا وجماعة الإخوان المسلمين، إلى خمسينات القرن الماضي، عندما استقبلت المملكة المتحدة قادة الإخوان من مصر بعد تضييق الرئيس الراحل جمال عبدالناصر عليهم، ثم توالت جحافل الإخوان قادمة من تونس وليبيا وغيرهما من البلدان العربية وهناك تمددت الجماعة ورسخت حضورها.
وظهرت أجيال إخوانية شابة، تحمل الجنسية البريطانية وتتكلم اللغة الإنجليزية وتتمتع بمزايا المواطنين البريطانيين، وعلى ذات المنوال الإخوان الأوروبيون.
وتماطل بريطانيا في إدارج جماعة الإخوان علي قوائم الإرهاب لاعتبارات سياسية تخدم مصالحها الشخصية ومحاولاتها التوسعية، فضلا عن العلاقة السرية والمعروفة بين تنظيم الإخوان وأجهزة الأمن والمخابرات البريطانية التى تستخدمها لصالحها، وهو ما سبق أن جاء بوضوح فى وثائق الأرشيف الوطنى الرسمى لبريطانيا.
وأن العلاقة بين الأجهزة البريطانية والإخوان، ترجع تاريخيا إلى أبعد من ذلك كثيرا، ومن فترة الخمسينيات، عندما كانت هناك علاقات قوية بين الإخوان فى مصر وبين جهاز المخابرات الخارجية البريطانية MI6 ، وهو ما كشفت عنه الوثائق الرسمية لهذا الجهاز.
ومن ضمن ما كان قد إتفقوا عليه هو ما طالبتهم به الحكومة البريطانية من تدبير خطة إغتيال جمال عبد الناصر عام 1954، وهو ما كشف عنه فيما بعد ضباط فى المخابرات البريطانية فى كتبهم التى أصدروها، وذلك ما يجعل إعلان جماعة الإخوان جماعة إرهابية مستحيلا لأنه سيعنى إدانة للأجهزة البريطانية التى تعاونت معها وتآويها منذ منتصف القرن الماضى.