الذكرى الثانية للمقاطعة العربية لقطر وتأثيرها على الحركات الارهابية

الأحد 09/يونيو/2019 - 11:59 ص
طباعة الذكرى الثانية للمقاطعة حسام الحداد
 
مع مرور الذكرى الثانية للمقاطعة العربية لنظام الحمدين الحاكم في قطر، وعدم وجود أي بوادر قريبة للمصالحة، تسعى  الدوحة إلى تشويه الأشقاء أمام دول العالم بكل السبل، حيث استغل حمد بن جاسم ذكرى المقاطعة لعرض المظلومية القطرية المعتادة، من خلال إجراء حديث مع تليجراف البريطانية لعرض الأكاذيب والخرافات.
وهاجم بن جاسم الذي كان رئيسا للوزراء القطري، ومهندس انقلاب حمد بن خليفة على والده، المملكة العربية السعودية، زاعما أن اتهاماتها لبلاده بالإرهاب باطلة، متطاول على السعودية وروج كذبا لتمويلها تنظيم داعش الإرهابي.
جاء ذلك في تقرير نشرته صحيفة "تلغراف" البريطانية يوم الجمعة، وتضمن تصريحات ومواقف أدلى بها آل ثاني خلال مقابلة أجرتها الصحيفة معه.
ومع بداية العام الثالث على إعلان الرباعى العربى الداعى لمكافحة الإرهاب، مصر والسعودية والإمارات والبحرين، قطع العلاقات مع قطر وإغلاق المنافذ الحدودية معها، إلى جانب وقف مشاركتها العسكرية ضمن قوات التحالف المشاركة فى عمليات دعم الشرعية فى اليمن، على خلفية دعم الإرهاب وتمويله، دون أن تراوح الأزمة مكانها. 
حيث جمّد الرباعى العربى العلاقات الدبلوماسية مع قطر وأوقف التبادل التجارى، واتخذ إجراءات أخرى، بسبب سلوكيات الدوحة وسياستها تجاه المنطقة ودول الجوار والمحيط العربى.
وتمثلت أبرز تجليات المقاطعة في غياب أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني عن 5 قمم استضافتها السعودية على مدار عامي الأزمة، حيث غاب عن القمة العربية الـ29 في مدينة الظهران السعودية قبل نحو عام، والقمة الخليجية في الرياض ديسمبر الماضي.
كما غاب عن القمتين العربية والخليجية الطارئتين في مكة 30 مايو الماضي، ثم عن القمة الإسلامية العادية الـ14 التي عقدت في مكة يوم ٣١ مايو الماضي.
أيضا تجلت تلك العزلة في القمم التي حضرها تميم وظهر فيها معزولا، لذا هرب منها بعد حضوره لدقائق بها كما حدث في القمة العربية الثلاثين في تونس نهاية مارس الماضي والتي غادرها بعد دقائق من انطلاقها، كما حدث في القمة العربية التنموية في بيروت يناير الماضي، إذ حضرها تميم لدقائق بأوامر إيرانية دعما لحزب الله الإرهابي.
ويرى خبراء أن تفويت قطر فرصة المشاركة في القمم الخمس التي استضافتها السعودية على أهميتها، خصوصا قمم مكة الثلاث التي عقدت قبل أيام في وقت تواجه فيه المنطقة تهديدات وتحديات خطيرة أمنية وسياسية من قبل حليفتها إيران، يشير بشكل واضح إلى ضياع البوصلة السياسية لنظام الحمدين، وفقدانه سيادته، وانحيازه لحلفائه (تركيا وإيران) ضد أمن واستقرار المنطقة.
ودللوا على ذلك بقيام قطر بالتحفظ علي البيانين الختاميين للقمتين الخليجية والعربية الطارئتين، اللتين عقدتا في مكة مساء الخميس 30 مايو الماضي، رغم عدم إبدائها أي معارضة آنذاك، وذلك بعد 3 أيام من إقرارهما، في سابقة مخزية في الأعراف الدبلوماسية.
وقد تناول عدد من الخبراء والمتخصصين في الحركات الاسلامية وقضايا الارهاب الدور القطري لدعم الحركات الارهابية وتوفير الملازات الأمنة لها.
قال المحلل السياسى السعودى فهد ديباجى: «عندما قررت الدول الأربع إعلان مطالبها الـ١٣ من قطر، فقد أرادت كشف نوايا النظام القطرى أمام الجميع ومعرفة مدى استجابته للمطلب الرئيس بالتوقف عن دعم وتمويل الإرهاب»، مشيرًا إلى أن رد الفعل القطرى فضح النظام أمام بعض المخدوعين والمتعاونين مع الدوحة.
وأضاف «ديباجى» أن النظام القطرى يقف مع الأعداء ويكيل بمكيالين منذ عشرين عامًا، و«كنّا نصبر عليه بحكم الأخوّة فى الدين وحق الجوار ولكن سياسة الصبر والحلم لم تعد تُجدى نفعًا»، لافتًا إلى أن «النظام القطرى حاول تدويل الأزمة ونقلها لكل دول العالم لعله يجد حلًا لها، ولكن كل المحاولات فشلت». وأوضح: «قبل عام من الآن قلنا لهم إن الحل مع الرياض، لكنهم رفضوا، والآن بعد مضى عام نكرر ونقول لهم لا يزال الحل فى الرياض ولن ينفعهم لا خامنئى ولا أردوغان ولو بعد مائة عام».
وعن نتائج الأزمة، قال «ديباجى» إنه بعد مرور عامين نجح الرباعى العربى فى استعادة الأمان والاستقرار وتوجيه ضربات قاصمة للإرهاب وداعميه وفضح القوى الإقليمية التى تقف خلفه، وهو ما تسبب فى انتكاسات وهزائم ساحقة لحقت بتنظيمات إرهابية ضخمة مثل «داعش» و«النصرة» وغيرهما، كما توالت الانتصارات فى اليمن وليبيا والعراق وسيناء، وتطهرت منطقة «العوامية» فى المملكة العربية السعودية من المخربين وكذلك الأمر فى البحرين.
وأضاف: «فضح الرباعى العربى كذب الإخوان وعملاء السفارات والمرتزقة واختفى بعضهم لأسباب معروفة، كما أصبح اللعب والهجوم القطرى على المكشوف، مثل التورط فى الهجمات التى تعرض لها التحالف العربى فى اليمن»، لافتًا إلى أن الانتعاش الاقتصادى الذى تنعم به دول الرباعى العربى يقابله كساد وترنح فى قطر وحليفتيها إيران وتركيا.
وشدد على أن الرباعى العربى نجح فى تحجيم دور قطر وتأثيرها فى المنطقة، وأسكت الأصوات الداعمة للإرهاب والفوضى، بسبب تجفيف منابع التمويل، و«لم يعد هناك أى صوت نشاز سوى قناة (الجزيرة) التى ستنتهى قريبًا، بعدما أثبتت أنها مجرد جهاز استخباراتى يديره عدد من المرتزقة الذين يستغلون حرية الإعلام والحصانة التى يتمتع بها حول العالم».
وذكر أنه رغم مرور عامين «لا تزال الدوحة تكابر وتراهن على دول تستنزف ثرواتها وتبيع لها الوهم على حساب المواطن القطرى، ولا تزال تدعى أن خروجها عن الصف العربى لم يؤثر فى وضعها وأنها فى حال أفضل مما كانت عليه من قبل».
ورأى المحلل السياسى السعودى خالد الزعتر أن العزلة التى تعيشها قطر انعكست على المنطقة بأكملها، إذ أدت إلى انحسار التنظيمات الإرهابية وتنظيم داعش بشكل خاص، و«هو ما يعنى أن الرباعى العربى نجح فى تجفيف منابع تمويل الإرهاب خاصة المال القطرى صاحب الدور الأكبر فى هذا الشأن».
وقال «الزعتر» إن الإجراءات التى اتخذها الرباعى العربى وضعت قطر تحت المجهر العربى والدولى وكشف الكثير من الأوراق الخفية، وأبرزها دعم قطر التنظيمات الإرهابية، لافتًا إلى أن أوروبا والولايات المتحدة أصبحتا على قناعة تامة بدعم النظام القطرى التنظيمات الإرهابية و«هو نجاح كبير للجهود العربية التى فضحت وسلطت الضوء على هذا الأمر».
وأوضح: «تتعالى الأصوات الآن فى الدول الأوروبية وأمريكا محذرة من دعم قطر التنظيمات الإرهابية، وخاصة جماعة الإخوان، وهو ما يعكس نجاح الدبلوماسية الرباعية، وفشل قطر».
وذكر أن العقلية القطرية تحاول حتى هذه اللحظة إخراج المطالب الـ١٣ التى قدمها الرباعى من سياقها الطبيعى، وهو تصحيح مسار السياسة القطرية ووقف عبثها بأمن واستقرار المنطقة، إلى محاولة تصوير أن هذه المطالب تأتى للانتقاص من السيادة القطرية، وهى قراءة قطرية مغايرة للحقيقة.
ورأى أن استمرار قطر فى هذه القراءة المغايرة للحقيقة يعكس عدم وجود رغبة فى أن تكون جزءًا من الأمة العربية، موضحًا: «هى لا تزال مستمرة فى الانحياز للسياسات الفارسية والتركية والاستسلام للتغلغل الإخوانى فى مفاصل الدولة».
وأشار «الزعتر» إلى أن هذه المطالب العربية من قطر «حق مشروع للدول التى تضررت من السياسات القطرية، وهى طوق نجاة تمده هذه الدول للدوحة بدلًا من أن تكون رهينة فى يد إيران وتركيا اللتين تسعيان للاستمرار فى استغلال قطر واستخدامها كأداة من أدواتها الرامية لتحقيق مخططات الفوضى والتوسع فى المنطقة».
وعن تصوراته لمستقبل الأزمة، قال: «من جهة دول الرباعى لا يزال هناك إصرار على حتمية تنفيذ الدوحة المطالب الـ١٣ التى قدمتها، أما بالنسبة للدوحة، فإن استمرار الوضع الحالى يعنى أنها ستكون الخاسر الأكبر، وهو ما نشاهده من أزمات وخسائر اقتصادية، آخرها تراجع الخطوط الجوية القطرية عن خطط التوسع، وتعليقها أعمالها فى غرب ووسط إفريقيا بسبب الخسائر التى تكبدتها مؤخرًا».
وخلص «الزعتر» إلى أنه بالرغم من المليارات التى دفعتها قطر لشركات العلاقات العامة فى الدول الأوروبية والولايات المتحدة لتبييض صفحتها من دعمها للإرهاب، فإن الأصوات داخل الأروقة الغربية تتصاعد فى الحديث عن دعم قطر للإرهاب، والتحذير من خطورة جماعة الإخوان الإرهابية، مشيرًا إلى وجود مؤشرات قوية أن كثيرًا من الدول الأوروبية تعتزم تصنيف الإخوان «منظمة إرهابية».

شارك