دعوة ثلاثية لوقف الحرب في طرابلس.. هل تنهي الصراعات في ليبيا؟
الجمعة 14/يونيو/2019 - 12:07 م
طباعة
أميرة الشريف
ما زالت مساعي الأمم المتحدة لإحياء المفاوضات بين أطراف النزاع الليبي مستمرة، في الوقت الذي يخوض فيه الجيش الوطني الليبي حربا لتطهير العاصمة الليبية طرابلس من الميليشيات المسلحة، وحاول غسان سلامة مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا، من خلال لقاءات في طرابلس مع مسؤولين في حكومة الوفاق الوطني، إحياء عملية السلام المتعثرة منذ بداية عملية الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر لتحرير العاصمة الليبية.
وأجرى سلامة مباحثات في لقاءين منفصلين مع رئيس حكومة الوفاق فائز السراج ثم مع نائبه أحمد معيتيق، بحسب ما أفادت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا في تغريدة.
وتنحاز البعثة الأممية للإسلاميين في ليبيا، حيث يسعي سلامة من الباطن للتأثير على مواقف بعض الشخصيات المناهضة للإسلاميين، والسعي للقبض على زمام المبادرة مرة أخرى، بما يعيدهم إلى الواجهة ويسمح بتعويمهم لدى بعض الجهات التي بدأت الانفضاض عنهم.
و يحاول المبعوث الأممي إنقاذ التيار الإسلامي من ورطته الراهنة من خلال لقاءات سياسية وخطب رنانة في مجلس الأمن، وأخيرا بدأ الدفع نحو تسويق طموحه في تكوين مناطق عازلة وجلب قوات سلام دولية إلى طرابلس. وكلها لم تجد أصداء إيجابية حتى الآن، ما أضعف موقفه السياسي لدى من درج على الدفاع عنهم، وقلل من أهمية الاجتهادات الساعية إلى إحداث تغيير جوهري يقلب الطاولة لمصلحة خصوم حفتر من الإرهابيين.
والتقى سلامة برئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فايز السراج للتباحث حول آخر التطورات والتشاور بشأن العودة إلى طاولة الحوار.
ويواجه سلامة في مهمته عقبات أساسية، فطرفا القتال رفضا حتى الآن التفاوض بشأن وقف لإطلاق النار.
في حين، تطالب حكومة الوفاق بانسحاب قوات حفتر إلى مواقعها قبل، في حين أن المشير خليفة حفتر يرفض التراجع إلا عقب تطهير العاصمة من الإرهاب.
يأتي هذا الحراك الأممي في وقت لا تزال المعارك سارية وإن بوتيرة أخف بين الجيش الليبي وقوات حكومة الوفاق في طرابلس.
وكان مجلس الأمن الدولي صوت بالإجماع، الاثنين، على تمديد حظر الأسلحة في ليبيا، في محاولة منه لتخفيف تدفق السلاح إلى الفرقاء المتصارعين.
ومنذ انطلاق حملة الجيش في 4 أبريل، خلفت المعارك أكثر من 653 قتيلا بينهم 41 مدنيا، بحسب آخر حصيلة لمنظمة الصحة العالمية.
من جانبه، استنكر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش غياب ما وصفه بالدافع الأخلاقي لإنهاء الحرب في ليبيا.
وقال غوتيريش في كلمة ألقاها خلال جلسة لمجلس الأمن حول منع الصراعات والوساطة ، إن غسان سلامة مازال يعمل على وقف إطلاق النار، والعودة إلى طاولة المفاوضات؛ مشيرا إلى أن سلامة كان قد شرح في أكثر من مناسبة أمام المجلس الخسائر الفادحة في الأرواح البشرية الناجمة عن الاشتباكات المسلحة والقتال الدائر في العاصمة طرابلس.
وفي سياق متصل، اجتمع أمس الأربعاء وزراء خارجية كل من مصر وتونس والجزائر، لبحث تسوية الأزمة الليبية، وتجسيدا للمبادرة الرئاسية الثلاثية للحلّ في ليبيا بين تونس والجزائر ومصر والمنبثقة عن "إعلان تونس لدعم التسوية السياسية الشاملة في ليبيا" في 20 فبراير 2017، وتأكيدا لدورها المحوري، استضافت تونس الاجتماع السابع لهذه الآلية الذي ضمّ خميّس الجهيناوي، وزير الشؤون الخارجية للجمهورية التونسية، وصبري بوقدوم، وزير الشؤون الخارجية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية وسامح شكري، وزير خارجية مصر، لبحث مستجدّات الاوضاع في ليبيا وسبل وقف الاقتتال واستئناف العملية السياسية بين مختلف الاطراف الليبية برعاية الامم المتحدة.
وأعرب الوزراء عن قلقهم وانشغالهم البالغين من الوضع الحالي في ليبيا، كما تباحثوا حول الجهود المشتركة والتكاملية في إطار المبادرة الثلاثية، وأكدوا التزامهم بالعمل سويا من أجل تقريب وجهات النظر بين الاطراف الليبية وإقناعها بوقف فوري غير مشروط لإطلاق النار.
ووجّهوا نداء لهذه الأطراف لتجنيب الشعب الليبي الشقيق مزيدا من المعاناة ومراعاة للمصلحة الوطنية العليا لليبيا، مطالبين إياها بإبداء المرونة اللازمة ووقف التصعيد والعودة للمسار السياسي في إطار حوار ليبي -ليبي شامل.
وأكد الوزراء على أنه لا حلّ عسكريا للازمة الليبية مشددين على أهمية الحفاظ على المسار السياسي ودعمه كسبيل وحيد لحل الازمة الليبية تحت رعاية الامم المتحدة ومن خلال بعثتها إلى ليبيا، وذلك وفقا لأحكام الاتفاق السياسي الليبي، وتنفيذا لكافة عناصر خطة الامم المتحدة التي اعتمدها مجلس الامن في 10 أكتوبر 2017.
جدّد الوزراء رفضهم التام لأي تدخّل خارجي في الشؤون الداخلية لليبيا ودوره في مزيد تأزيم الاوضاع في هذا البلد، كما أعربوا عن إدانتهم لاستمرار تدفق السلاح إلى ليبيا من أطراف إقليمية وغيرها في مخالفة صريحة لقرارات مجلس الامن ذات الصلة، مما يشكّل عامل تأجيج للصراع وتعميق معاناة الشعب الليبي، مطالبين إياه بتحمّل مسؤولياته تجاه الانتهاكات الموثقة لقرارات حظر تصدير السلاح إلى ليبيا.
شدّد الوزراء على أهمية مواصلة التنسيق والتعاون بين الدول الثلاث في إطار مكافحة الارهاب وتجفيف منابعه، ودعمهم لكافة الجهود الوطنية الليبية لمكافحة هذه الآفة، وفي هذا الصدد أعربوا عن قلقهم البالغ من تدفق المقاتلين الارهابيين الاجانب إلى ليبيا، وقيام بعض العناصر والكيانات المدرجة على قوائم العقوبات الأممية باستغلال الظروف الراهنة لزعزعة الاستقرار وتهديد الأمن والاستقرار في ليبيا ودول الجوار.
أكّد الوزراء تمسكهم بوحدة وسيادة ليبيا وسلامتها الإقليمية وعلى ضرورة توحيد جميع المؤسسات الوطنية الليبية وتأهيلها للقيام بمسؤوليتها الكاملة في التعبير عن الارادة الشعبية وتمثيل كافة مكونات الشعب الليبي وتأدية واجباتها الوطنية بما يحفظ مقدّراته ومصالحه.
جدّد الوزراء حرصهم على مواصلة التعاون ومزيد إحكام التنسيق السياسي والأمني من أجل مساعدة الاشقاء الليبيين على التوصل في أقرب وقت ممكن لحل سياسي ينهي الازمة ويعيد الأمل للشعب الليبي لينعم بحياة كريمة وآمنة. وفي هذا الاطار، اتفق الوزراء على القيام بمساع مشتركة لدى الأطراف الليبية ولدى الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن لاتخاذ التدابير اللازمة لوقف فوري غير مشروط لإطلاق النار والمساعدة على استئناف المسار السياسي.
رحب الوزراء بمختلف المساعي والجهود الاقليمية المبذولة من أجل استئناف العملية السياسية في ليبيا برعاية الأمم المتحدة وآخرها قمّة ترويكا الاتحاد الافريقي حول ليبيا التي عقدت بالقاهرة يوم 23 أفريل 2019، مؤكدين على أهمية الملكية الوطنية للحل السياسي في ليبيا .
إتفق الوزراء على عقد الاجتماع القادم في الجزائر في موعد يتم تحديده بالتشاور فيما بينهم.
وعلي الصعيد الميدانى، تجددت المواجهات المسلحة، صباح اليوم الخميس، بين قوات الجيش الليبي وميلشيات حكومة الوفاق، في الأحياء الجنوبية من العاصمة طرابلس.
وشهدت طرابلس في ساعة متأخرة الأربعاء ضربات جوية استهدفت تمركزات للميشلشيات التابعة لحكومة الوفاق في منطقتي "مشروع الموز" و"عين زارة" جنوبي العاصمة.
ومنذ 4 أبريل الماضي، تشهد طرابلس معركة طوفان الكرامة الذي أطلقها المشير خليفة حفتر، لتطهير طرابلس من الميليشيات المسلحة، وسط تنديد دولي واسع ومخاوف من تبدد آمال التوصل إلى أي حل سياسي للأزمة في ليبيا.