استهداف ناقلات النفط في بحر عمان يحمل بصمات الملالي
الجمعة 14/يونيو/2019 - 12:14 م
طباعة
فاطمة عبدالغني
بعد شهر من الهجمات على أربع ناقلات نفط بالقرب من المياه الإقليمية الإماراتية، تم أمس الجمعة استهداف ناقلتي نفط مرة أخرى في بحر عمان على مقربة من سواحل إيران، هجمات تأتي قبل صدور النتائج النهائية للتحقيقات التي استهدفت ناقلات النفط في مايو الماضي، إذ كانت المرحلة الأولية نتائج التحقيقات قد أشارت إلى احتمال استخدام الغام لاصقة في الهجمات كما أشارت إلى أنه من المرجح أن تكون الالغام قد الصقت بالناقلات عن طريق غواصين نشروا عبر قوارب سريعة.
وتعد هذه الحقائق مؤشرات قوية على أن هذه الهجمات هي جزء من عملية معقدة ومنسقة نفذتها جهة فاعلة تتمتع بقدرات تشغيلية عالية، ومن المرجح أن إحدى الدول تقف وراء هذه العملية.
ومن بين الأدلة التي وردت في إحاطة الدول الثلاث، أن الهجمات تطلبت قدرات استخباراتية للاختيار المتعمد لأربع ناقلات نفط من بين مائتي سفينه كانت ترسوا قبالة الفجيرة وقت وقوع الهجمات.
وأشارت احتمالات النتائج الأولي أيضًا أن تكون الهجمات قد تطلبت من منفذيها تأكيد هوية الأهداف التي تحديدها مسبقًا، هذا بالإضافة إلى الاستعانة بغواصين مدربين لإلصاق تلك الألغام بالناقلات المستهدفة بدقة عالية.
واستدعت الهجمات درجة عالية من التنسيق بين فرق عدة على الأرجح، بما في ذلك التنسيق بشأن تفجير الألغام الأربعة بصورة متزامنة ومتتابعة خلال فترة تقل عن ساعة. ولتنفيذ المهمة تطلب الأمر خبرة ملاحية عالية في مجال استخدام القوارب السريعة ودراية بجغرافيا المنطقة.
الدول المتضررة أكدت أن هذه الهجمات عرضت الملاحة التجارية الدولية وأمن إمدادات الطاقة العالمية للخطر، فضلاً عن تهديدها للسلم والأمن الدوليين وعلى أسعار النفط.
في الأثناء، قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، أمس، إن الولايات المتحدة خلصت إلى تقييم مفاده أن إيران مسؤولة عن الهجوم على الناقلتين.
وقال للصحافيين إن "حكومة الولايات المتحدة خلصت إلى تقييم هو أن إيران مسؤولة عن الهجمات التي وقعت في خليج عمان" أمس. وأضاف "هذا التقييم يستند إلى معلومات مخابرات ونوع الأسلحة المستخدمة ومستوى الخبرة اللازمة لتنفيذ هذه العملية، والهجمات الإيرانية المشابهة التي وقعت في الآونة الأخيرة على قطاع الشحن، وحقيقة أنه لا توجد مجموعة تعمل بالوكالة في تلك المنطقة تملك الموارد أو الكفاءة للتحرك بهذه الدرجة العالية من التطور".
وأوضح أن "النظرة الشاملة، تكشف أن هذه الهجمات غير المبررة تكشف عن تهديد واضح للسلام والاستقرار الدوليين، وتمثل اعتداءً صارخاً على حرية الملاحة وحملة غير مقبولة من تصعيد التوتر من جانب إيران"، وأدان بومبيو الحادث وقال إنه "استهدف مدنيين أبرياء".
وقال: "يجب على إيران مقابلة الدبلوماسية بالدبلوماسية، وليس بالإرهاب وسفك الدماء والابتزاز، إن الولايات المتحدة سوف تدافع عن قواتها ومصالحها وسوف تقف إلى جانب شركائها وحلفائها لتأمين التجارة العالمية والاستقرار الإقليمي". وأضاف أن الولايات المتحدة سوف ترفع إحساسها بالقلق إلى مجلس الأمن، غير أنّ بومبيو أكّد في الوقت ذاته أنّ بلاده ما زالت تريد أن تعود طهران إلى طاولة المفاوضات "عندما يحين الوقت لذلك".
من ناحية أخرى وبحسب تقارير صحفية قال خبراء فرنسيون إن جميع المؤشرات السياسية تؤكد أن الحادث من تدبير وتنفيذ "الحرس الثوري" الإيراني، وهدفه أخذ العالم رهينة من أجل تخفيف الضغط الأمريكي عليها، لا سيما أن النظام الإيراني يعلم جيداً أهمية الملاحة في الخليج العربي وبحر العرب بالنسبة إلى العالم الذي يتلقى 40% من إمداداته النفطية عبر هذا الممر الملاحي المهم.
وقال فرنسوا سوليه، عضو مجلس أمناء المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية بباريس إن سجل إيران حافل بمثل هذه الحوادث الخطرة منذ ثلاث سنوات، وحذر من استغلال طهران الممر الملاحي النفطي المهم بالنسبة إلى أوروبا والعالم عموماً، وطالب بتدخل دولي ناجع لحماية هذا الممر بدءاً من "الخليج العربي مروراً بمضيق هرمز وخليج عُمان وبحر العرب ومضيق باب المندب والبحر الأحمر وقناة السويس ثم البحر المتوسط".
وأشار جاكي نيكيولا، مدير مركز (LFP) للدراسات الأمنية والعسكرية بباريس، إلى أن مليشيا إيران في اليمن -الحوثيين- مارسوا لعبة تفخيخ بحر العرب واستهداف السفن بالزوارق المفخخة منذ عام 2015، وتكررت الحوادث التي أكدت التحقيقات أن الألغام المستخدمة فيها تم تصنيعها في طهران أو في اليمن بأيادٍ وأموال إيرانية، كانت إيران تريد توصيل رسالة إلى المجتمع الدولي تفيد بأنها مسيطرة على شريان الطاقة الحيوي المتمثل في الممر الملاحي الدولي الرابط بين الخليج العربي ودول العالم.
وعلى صعيد متصل يقول المحلل السياسي ساهر عبد الله، إن "النظام الإيراني مشهور بأساليبه الملتوية، وخاصة في القضايا التخريبية، إلا انه في موضوع الاعتداءات على ناقلات النفط، كشف عن أوراقة مسبقاً، من خلال تصريح الرئيس الإيراني حسن روحاني، بأن بلاده ستعترض المسار النفطي، ولن تسمح بتصديره من دول المنطقة، في حال منعها من تصدير نفطها".
وأضاف عبد الله أن إيران "تريد إثبات قدرتها على عرقلة الصادرات النفطية، لكنها لم تفكر بالعواقب، فإذا كان المجتمع الدولي متأنياً الآن في المعاقبة، فإن مثل هذه الاعتداءات، تعطي المبرر لتدخل عقابي عسكري مباشر قد يشل القدرات الإيرانية بشكل قاطع، ولاسيما القدرات الهجومية".
ويؤكد المحلل الاستراتيجي محمد صباح، أن مثل هذه الاعتداءات مخطط لها من قبل جهة ذات إمكانيات دولة، وفي وقت سابق مرت إحدى الناقلتين المستهدفتين قبالة السواحل الإيرانية، ما يضع مؤشراً إلى أن إيران وراء الحدث.
ولا يستبعد صباح أن يكون تعدد جهات القرار في إيران وراء ذلك، فهناك أطراف إيرانية مع التصعيد في المنطقة، وخصوصاً "الحرس الثوري" المستهدف الرئيسي للعقوبات الأمريكية.