الكلدانية ترفض تسليح كتائب مسيحية بالعراق ..وتساؤلات حول جدوي العقوبات
الأربعاء 24/يوليو/2019 - 01:30 م
طباعة
روبير الفارس
اصدرت بطريركية الكلدان بيانا اعلنت فيه رفضها التام لتسليح فصيل مسيحي كلداني وجاء في البيان الذى وقعه بطريرك الكلدان رافائيل ساكو إشارة إلى الأمر االديواني الذي أصدره دولة رئيس الوزراء السيد عادل عبد المهدي في الأول من يوليو 2019 فإننا في هذا البيان نود أن نوكد بأن الكنيسة الكلدانية تدعم هذا الامر وتعدّه خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح، ومن شأنه أن يحصر السلاح بيد الدولة مما يرصِّن مؤسساتها، ويرسِّخ الوعي الوطني عند العراقيين على الهوية الوطنية الواحدة.
ومن جهتنا نُعلن رسمياً رفضنا القاطع لوجود أي فصيل أو حركة مسلحة تحمل صفة مسيحية خاصة، بل على العكس نشجع أبناءنا للانخراط في الأجهزة الأمنية الرسمية في الجيش العراقي والشرطة الاتحادية، ومن هم في إقليم كردستان العراق في قوات البيشمركة. نحترم قرار الأفراد الشخصي في الانتماء الى الحشد الشعبي أو العمل السياسي، ولكن ليس تشكيل فصيل مسيحي، والفصائل المسلحة باسم المسيحية تتعارض مع روحانية الدين المسيحي الذي يدعو الى المحبة والتسامح والغفران والسلام.
هذا الأمر يتوافق مع توجهات الكثير من الكيانات السياسية، ومع رسالتنا كمسيحيين عراقيين في توطيد أسباب وظروف العيش المشترك، المتناغم على الارض، وتمتين ركائز الدولة القوية، دولة القانون والمواطنة والمساواة.
جاء ذلك عقب فرض عقوبات جديدة بحق مسؤولين في العراق، أعلنت عنها وزارة المالية الامريكية الأسبوع الماضي بخصوص قادة المليشيات ووضعت بموجبها 4 شخصيات على اللائحة السوداء للخزانة الأمريكية، والتي تعني تجميد جميع أرصدتهم وأملاكهم في الولايات المتحدة.
وشملت العقوبات الأمريكية الجديدة كلا من محافظ نينوى السابق “نوفل العاكوب” وقائد ميليشيا بابليون “ريان الكلداني” وقائد لواء 30 في ميليشيا الحشد الشعبي “وعد القدو” المكنى أبو جعفر، إضافة إلى محافظ صلاح الدين الأسبق والنائب الحالي “أحمد الجبوري” المكنى بـ(أبو مازن).
عقوبات أتت بعد أقل من عام على فرض الادارة الأمريكية عقوبات ممثالة على كل من النائب “آراس حبيب” وقائد ميليشيا النجباء “أكرم الكعبي” و”محمد الحساني” و”مكي الأسدي” وقبلهم القيادي في ميليشيا الحشد “أبو مهدي المهندس”.
وقالت صحيفة البصائر العراقية عكفت الولايات المتحدة في السنوات الماضية على تصنيف عدد من خصومها على لائحة الإرهاب أو اللائحة السوداء لوزارة الخزانة الأمريكية، وفي هذا الصدد، يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد “هيثم رضا” فإن الإدارة الأمريكية وعلى مدى العقود الماضية صنفت مئات الاشخاص على لائحة قوائم الارهاب أو دعم المنظمات التي تتهمها بالارهابية أو على اللائحة السوداء لوزارة الخزانة الأمريكية.
ويشير إلى أن جميع هذه العقوبات كانت سياسية بامتياز، إذ لم يصادف أن يكون أيا من الواردة أسماءهم على مدى السنوات الماضية يمتلكون أي أسهم أو أموال أو عقارات في الولايات المتحدة، والغاية من تلك العقوبات بالدرجة الأولى هي رسالة تحذيرية للمحيطين بهم من مغبة التحالف أو التعامل معهم أو دعمهم باي صيغة كانت.
ويشير رضا إلى أن الولايات المتحدة ومن خلال تصريحات مسؤوليها تشي بان قائمة العقوبات الأخيرة هي بداية لقوائم جديدة ستظهر تباعا وستضم أسماء أكبر وزنا، لكن يبقى التساؤل ما مدى تأثير مثل هذه العقوبات على الواقع السياسي في المنطقة الخضراء، بحسبه.
ويضيف: “لو كان للعقوبات الأمريكية أي تأثير في المشهد السياسي، لما استمر أبو مهدي المهندس وأراس حبيب في مواقعم ومناصبهم”.
الأمريكيون يعلمون جيدا أن غالبية سياسي العراق يتمحورون في المحور الإيراني إلا القلة القليلة
أما الصحفي العراقي “أنس العبيدي”فيقول” أن الأمريكيين يعلمون جيدا أن غالبية سياسي العراق يتمحورون في المحور الإيراني إلا القلة القليلة وهؤلاء لا صوت لهم، لافتا إلى أن قرارات وزارة الخزانة الأمريكية غير ملزمة للقضاء العراق ولا يعتد بها في العراق، وبالتالي فهي عقوبات سياسية تحذيرية لا غير.
وأضاف أن من أسباب فرض عقوبات أمريكية على شخصيات العاكوب والقدو والكلداني والجبوري تأتي في خضم التحذير الأمريكي لعدد كبير من السياسيين من مغبة استمرارهم مع المحور الإيراني، لذلك قد تشهد الأسابيع القادمة إعلان الولايات المتحدة عن قوائم جديدة، لكن هذه المرة قد تكون مزلزلة وقد تضم أسماء شخصيات كبيرة ووزراء ورئيس وزارء أسبق ونواب رئيس جمهورية، بحسب العبيدي.
وكان نائب الرئيس الأمريكي قد أعلن الخميس الماضي من العاصمة الأمريكية واشنطن ان عقوبات جديدة ستفرض على قادة فصائل في ميليشيا الحشد الشعبي وشخصيات سياسية متنفذة بالعراق تعمل لصالح المحور الإيراني في العراق والمنطقة.
ويعتقد كثير من الخبراء في القانون الدولي أن العقوبات الأمريكية التي تصدر عن وزارة الخزانة غايتها الأولى سياسية اقتصادية، إلا أن الاقتصاد في الولايات المتحدة دائما ما يتقدم على السياسة.
وفي هذا الصدد يقول المستشار القانوني وخبير القانون الدولي “محمد حديد” إن وزارة الخزانة الأمريكية مختصة بالشأن المالي وأن ما صدر من عقوبات أمريكية بحق 4 عراقيين يندرج تحت القانون الذي أقره الرئيس الأمريكي “دونالد ترمب” في عام 2017 والمختص بمعاقبة كل من يعمل مع إيران أو يساعدها على توسع انتشارها ونفوذها في منطقة الشرق الأوسط.
ويضيف حديد أن جميع الشخصيات الأربع ليست لديها أي أصول مالية في الولايات المتحدة، لكن ومن ناحية قانونية يمكن لواشنطن أن تستخدم نفوذها من أجل تطبيق هذه العقوبات في الدول التي يمتلك فيها هؤلاء أموالا كالإمارات العربية المتحدة التي يمتلك فيها العاكوب والجبوري والكلداني عقارات وحسابات بنكية.
لكن حديد استبعد أن تلجأ الولايات المتحدة لهذا الاسلوب في الوقت الحاضر، وقد تستخدمه مستقبلا مع الشخصيات التي قد تدرج قريبا على اللوائح الامريكية.
ويرى الصحفي الأمريكي المختص بشؤون الشرق الأوسط “جايسون ماك” في مقال له في إحدى الصحف الأمريكية أن الولايات المتحدة ومنذ غزوها العراق في عام 2003 التزمت خطة عسكرية بعدم التدخل العسكري المباشر في أي حرب برية.
وقال الباحث الامريكي مايكل نايتس بمعهد واشنطن لسياسيات الشرق الادني قد تكون العقوبات - المرتقبة هذا الصيف - على بعض الميليشيات العراقية المدعومة من إيران أقل إثارةً للجدل من ذي قبل، لأن التنظيمات المماثلة لـ «كتائب الإمام علي» (التي يرأسها شبل الزيدي المدرج من قبل الولايات المتحدة على لائحة الإرهاب) لن تجد بعد الآن أي وحدات في «الحشد الشعبي» تحمل اسمها.
وفي هذا السياق، تستطيع الحكومة العراقية أن تأخذ بادرة مبكرة لإثبات جديتها، وهي إعادة إدخال قوات الأمن الحكومية إلى القواعد التي كانت تحتكرها سابقاً الوحدات الأكبر لـ «الحشد الشعبي» المدعومة من إيران. على سبيل المثال، انطلقت الطائرات الإيرانية بدون طيار التي استهدفت خطوط الأنابيب السعودية من "جرف الصخر"، وهي منطقة عسكرية واقعة خارج بغداد مباشرة، ويمنع تنظيم أبو مهدي المهندس المعروف بـ «كتائب حزب الله» - والمصنف على قائمة الإرهاب الأمريكية - الحكومة العراقية من دخولها بأي شكل. فإذا كان العراق جاداً بشأن إصلاح «الحشد الشعبي»، فيجب على هذه القاعدة وغيرها من القواعد التي تديرها «منظمة بدر»، و «كتائب الإمام علي»، و «عصائب أهل الحق» أن تفتح أبوابها أمام التفتيش الفوري لإظهار أنها خاضعة لسيطرة الدولة.