أفغانستان بين ارهاب طالبان ومحاولات التفاوض على السلام

الخميس 25/يوليو/2019 - 01:38 م
طباعة أفغانستان بين ارهاب حسام الحداد
 
لقى 11 عنصرًا من حركة طالبان، مصرعهم اليوم 24 يوليو 2019، بعمليات أمنية نفذتها القوات الأفغانية فى إقليم باكتيكا جنوب شرقى أفغانستان - حسب وكالة الأنباء السعودية «واس».
وقال مسؤولون أفغان إن العمليات نفذتها فرق من القوات الخاصة الأفغانية فى مقاطعة "شاران" على مدى الأربع وعشرين ساعة الماضية.
ودمرت قوات الأمن خلال هذه العمليات كمية كبيرة من الأسلحة والذخيرة، كما عثرت على كمية من المتفجرات وصادرتها.
وفى سياق متصل أوضح المسؤولون أن قوات أمنية أخرى نفذت مداهمة فى مقاطعة "نهر السراج" فى إقليم هلمند جنوبى البلاد، أسفرت عن مقتل 4 مسلحين من طالبان.
وأضاف المسؤولون أن القوات الأفغانية عثرت على حوالى 68 كيلوجرامًا من المتفجرات محلية الصنع وعبوات ناسفة أخرى كانت بحوزة المسلحين خلال هذه المداهمة.
كما نفذت قوات الأمن الأفغانية أيضًا عملية أخرى فى مقاطعة "خاس أوروزجان" بإقليم "أوروزجان"، عثرت خلالها على كمية كبيرة من المتفجرات والقنابل اليدوية والصواريخ وقذائف الهاون والعبوات الناسفة وأسلحة كبيرة أخرى.
فيما أعلنت حركة «طالبان» تنفيذ أحد مقاتليها عملية انتحارية ضد بعض ضباط المخابرات الأميركية في أفغانستان، أثناء مرورهم بسيارات «لاندكروزر» في إحدى ضواحي كابل. وجاء في بيان نشره ذبيح الله مجاهد، المتحدث الرسمي باسم «طالبان»، أن «الهجوم وقع في الساعة الثامنة والنصف صباح أمس، على ضباط وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) حينما كانوا يمرون في عربات خاصة من منطقة تره خيل، التابعة للمنطقة الأمنية الـ15 بمدينة كابل، عاصمة أفغانستان». وأن منفذ العملية هو الملا أحمد غزنوي، بواسطة سيارة مفخخة بمواد متفجرة قوية، وأسفر عن إعطاب سيارتين من نوع «لاندكروزر» ومقتل وجرح عدد كبير من ضباط الاستخبارات الأميركيين. وأشار بيان «طالبان» إلى إغلاق الطريق بعد العملية في وجه المرور ومحاصرة المنطقة.
في غضون ذلك، قالت السلطات الكرواتية أمس، إن جندياً يخدم في أفغانستان لقي حتفه، وأصيب اثنان بجروح خطيرة في هجوم انتحاري استهدف قافلتهم خارج كابل أمس الأربعاء. وهذه أول وفاة في صفوف القوات الكرواتية في أفغانستان، منذ أن نشرت الدولة العضو في حلف شمال الأطلسي قوات هناك في عام 2003. وقال وزير الدفاع دامير كريستيسيفيتش في مؤتمر صحافي في زغرب، إن الجنود كانوا في الطريق إلى مطار كابل، عندما صدمت دراجة نارية تحمل مفجراً انتحارياً مركبة في قافلتهم. وذكرت وزارة الدفاع والرئاسة في بيانين، أن جندياً يدعى جوزيب بريسكي أصيب بجروح خطيرة في الرأس، وتوفي لاحقاً في مستشفى عسكري تديره الولايات المتحدة في قاعدة باجرام الجوية. وقال وزير الدفاع إن الجنديين الآخرين أصيبا بجروح في الذراع والساق وفي حالة مستقرة. وأضاف: «كان هجوماً منفرداً، وباقي أفراد الفرقة الكرواتية بأمان». والجنود الثلاثة جزء من فريق استشاري كرواتي مؤلف من 23 فرداً يخضع للقيادة البريطانية ومكلف بتدريب الشرطة الأفغانية.
وكانت الحكومة الأفغانية قد أصدرت بياناً قالت فيه إن قواتها تمكنت من قتل 11 مسلحاً على الأقل، بينهم عناصر من تنظيم «داعش»، وذلك في غارات جوية نفذتها قوات الأمن في أقاليم مختلفة في الساعات الـ24 الماضية في أفغانستان، طبقاً لما نقلته وكالة «خاما برس» الأفغانية للأنباء، الأربعاء. وذكرت مصادر عسكرية مطلعة أمس أن الغارات الجوية أسفرت عن مقتل 4 من مقاتلي «طالبان» بإقليم بادغيس شمال غربي أفغانستان. وأضافت المصادر أن غارة جوية مماثلة قتلت مسلحاً من «طالبان» بالإقليم. كما نفذت قوات الأمن غارة جوية بمنطقة قيصار بإقليم فارياب، ما أسفر عن مقتل مسلح من «طالبان». وتابعت المصادر بأن غارة جوية أخرى بمنطقة جيرو بإقليم غزني أسفرت عن مقتل ثلاثة من مقاتلي «طالبان»، وغارة مماثلة قتلت اثنين بمنطقة خاص أوروزجان بإقليم أوروزجان. كما نفذت قوات الأمن غارة جوية بمنطقة شيرزاد بإقليم ننجرهار، ما أسفر عن مقتل اثنين من «داعش».
ونقلت وكالة «أسوشييتد برس» عن مصادر رسمية أفغانية، قولها إن قوات «طالبان» قتلت أربعة من رجال الشرطة، بعد هجوم على نقطة تفتيش لهم في ولاية فراه، غرب أفغانستان، وجرح في الهجوم اثنان من رجال الشرطة. وقال محب الله محب، الناطق باسم قائد الشرطة في ولاية فراه، إن اثنين من مسلحي «طالبان» لقيا مصرعهما في الهجوم. وأعلنت حركة «طالبان» مسؤوليتها عن الهجوم بالقول إنه يأتي ضمن سلسلة «هجمات الفتح» التي تقوم بها الحركة على المراكز الأمنية الحكومية وقوات الأمن في أفغانستان.
ونشرت «طالبان» سلسلة بيانات عن عمليات قواتها في عدد من الولايات الأفغانية، وجاء في أحد البيانات أن قوات الحركة تمكنت من قتل جنديين حكوميين في منطقة خان آباد في ولاية قندوز، إضافة إلى إصابة خمسة بعد إطلاق صاروخ على حافلة كانت تقلهم. كما شهدت ولاية بغلان اشتباكاً بين القوات الحكومية وقوات «طالبان» في منطقة بولي خمري مركز الولاية، فيما سقط جنديان حكوميان صرعى في منطقة دشت أرش بعد انفجار لغم في سيارتهما. وشهدت ولاية غزني مزيداً من الاشتباكات والمعارك بين قوات «طالبان» وقوات الحكومة الأفغانية؛ حيث لقي ستة جنود مصرعهم في منطقة قره باغ بعد انفجار لغم في سيارتهم الليلة الماضية. كما هاجم مسلحون من «طالبان» مدينة غزني مركز الولاية.
من جانبها قالت القوات الحكومية إن سلاح الجو الأفغاني تمكن من إسقاط إمدادات بالأسلحة والذخيرة والمؤن للقوات الخاصة الأفغانية، في منطقة بالا مرغاب في ولاية بادغيس، بعد أن اشتد حصار قوات «طالبان» لها في المنطقة. واعترف مدير الشرطة في ولاية زابل جنوب أفغانستان بوجود جنود ورجال شرطة «أشباح» في الجيش والشرطة الأفغانية؛ لكنه أضاف أن 90 في المائة منهم تم التعرف عليهم. وأضاف سيد ميراج سادات أن أكثر من 500 جندي حكومي في ولاية زابل وحدها تم التعرف عليهم خلال الأشهر الأخيرة بعد إدخال إصلاحات على جهاز الشرطة، ومحاولة تحسين أدائه، وأن هؤلاء تم تعيينهم بالواسطة، ولم يكونوا يخدمون حقيقة، ولا يوجدون في أماكن العمل المحددة لهم. وقال مدير شرطة ولاية غزني فريد مشعل، إن ما يزيد على 1100 فرد مسجلين كجنود أفغان في الولاية لا وجود لهم حقيقة، سواء في الشرطة أو الجيش.
وعلى صعيد آخر قد أعلن رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، أمس، أنه سيجري محادثات مع حركة «طالبان» خلال الأيام المقبلة، كجزء من الجهود التي تبذلها إسلام آباد لإنهاء الصراع العسكري المستمر منذ 18 عاماً في أفغانستان.
وجاء كلام خان خلال زيارته الرسمية الأولى للولايات المتحدة، حيث استقبله الرئيس الأميركي دونالد ترمب قبل يومين في البيت الأبيض.
وأشار خان إلى أنه تحدّث إلى الرئيس الأفغاني أشرف غني، مؤكداً أنه سيلتقي عند عودته مع «طالبان»، «وسأبذل قصارى جهدي لحضّهم على إجراء محادثات مع الحكومة الأفغانية». وكشف خان خلال كلمة له في المعهد الأميركي للسلام، وهو هيئة فيدرالية يشرف عليها الديمقراطيون والجمهوريون، أن حركة «طالبان» الأفغانية اتّصلت به «قبل عدة أشهر» بعد فوزه في الانتخابات في يوليو (تموز) 2018. إلا أنه لم يسعَ إلى عقد لقاء في ذلك الوقت بسبب عدم تحبيذ كابل ذلك. وقال إن المسلحين تواصلوا معه بسبب موقفه الدائم من أنه «لا يوجد حل عسكري» للحرب في أفغانستان، مضيفاً: «لهذا السبب لدي قدر من المصداقية بينهم»، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
والتقى خان في وقت سابق الثلاثاء مع وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، الذي أكد على أهمية العمل معاً وعلى «دور باكستان الهام في دعم عملية السلام الأفغانية ومكافحة الإرهاب»، وفق بيان رسمي. كما أعلنت الخارجية الأميركية، الاثنين، أن مبعوثها الخاص إلى أفغانستان زلماي خليل زاد سيتوجه إلى كابل ومن ثمّ إلى الدوحة الأسبوع المقبل في مهمة تستمر حتى الأول من أغسطس (آب) لاستئناف المفاوضات مع «طالبان».
والتقى خليل زاد «طالبان» عدة مرات في العام الماضي، لكن العقبة الأساسية حتى الآن كانت رفض «طالبان» التفاوض مباشرة مع الحكومة الأفغانية.
وحذّر خان من أن هذا لن يكون سهلاً، لأن «طالبان» لا تملك «قيادة مركزية». وأضاف: «لكننا نشعر أنه إذا عملنا جميعاً معاً، فستكون هذه أفضل فرصة لتحقيق السلام في أفغانستان». وأكد خان كذلك أن الانتخابات الرئاسية الأفغانية في سبتمبر (أيلول): «يجب أن تكون شاملة، وأن تشارك فيها (طالبان) أيضاً».
وكانت باكستان الراعي الرئيسي لحركة «طالبان» عند توليها السلطة في أفغانستان خلال التسعينيات، ونفوذ إسلام آباد المستمر على الجماعة يعتبر مفتاحاً لتسهيل التوصل إلى تسوية سياسية.
وقد جرّ هذا التأثير أيضاً الاتّهامات لباكستان بتغذيتها القتال في أفغانستان، وذلك من خلال استخدامها قوات بالوكالة مثل جماعة حقاني المتحالفة مع «طالبان». وقال خان في اعتراف موثّق وغير اعتيادي، إن بلاده اتبعت في الماضي هذه السياسة التي تطلق عليها تسمية «العمق الاستراتيجي»، وذلك خشية تطويقها بحكومة في كابل تخضع للتأثير الهندي. لكنه شدد على أنه تمّ التخلي عن هذه السياسة. وقال: «اليوم، لا يوجد في باكستان مفهوم (العمق الاستراتيجي) لأننا نشعر أنه عبر التدخل في أفغانستان (...) قمنا في الحقيقة بإلحاق الكثير من الضرر ببلدنا».

شارك