تونس واختبار جديد للديمقراطية.. بعد وفاة السبسي
الجمعة 26/يوليو/2019 - 01:16 م
طباعة
حسام الحداد
الباجي قائد السبسي (29 نوفمبر 1926 – 25 يوليو 2019)؛ سياسي ومحامي تونسي، وكان الرئيس الرابع في تاريخ الجمهورية التونسية للفترة من 31 ديسمبر 2014 الى 25 يوليو 2019. ترأس حزب نداء تونس. تقلّد العديد من المناصب الوزارية في عهد الحبيب بورقيبة، ثم عاد للساحة السياسية بعد الثورة التونسية. وترشح للانتخابات الرئاسية في 2014 أمام الرئيس المنتهية ولايته المنصف المرزوقي وانتخب بنسبة 55.68% رئيساً سادساً للبلاد متفوقا على منافسه الرئيس المنتهية ولايته المنصف المرزوقي الذي حصل على نسبة 44.32%. تسلم مهام منصبه رسمياً في الحادي والثلاثين من ديسمبر لعام 2014 ميلادية.
كان له دور هام في مرحلة الانتقال الديمقراطي في تونس، إثر الأزمة السياسية التي عرفتها البلاد في 2013 وانتهاج سياسة التوافق التي جمعته مع راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة، ومكونات سياسية أخرى.
وفي يونيو 2019 أصيب بوعكة صحية فنقل إلى العناية المركزة بالمستشفى العسكري بالعاصمة التونسية، وفي 25 من يوليو أعلنت الرئاسة التونسية عن وفاته عن عمر يناهز 92 عاماً.
تولى عدة مسؤوليات هامة في الدولة التونسية بين 1963 و1991. ودرس في كلية الحقوق في باريس التي تخرج فيها عام 1950 ليمتهن المحاماة ابتداءً من 1952. سياسيا، ناضل الباجي قائد السبسي في الحزب الحر الدستوري الجديد منذ شبابه وبعد الاستقلال عمل كمستشار للزعيم الحبيب بورقيبة ثم كمدير إدارة جهوية في وزارة الداخلية.
وفي 1963 عين على رأس إدارة الأمن الوطني بعد إقالة إدريس قيقة على خلفية المحاولة الانقلابية التي كشف عنها في ديسمبر 1962. عام 1965 عين وزيرا للداخلية بعد وفاة الطيب المهيري، وقد ساند من منصبه التجربة التعاضدية التي قادها الوزير أحمد بن صالح. تولى وزارة الدفاع بعد إقالة هذا الأخير في 7 نوفمبر 1969 وبقي في منصبه لغاية 12 جوان 1970 ليعين سفيرا لدى باريس. جمد نشاطه في الحزب الاشتراكي الدستوري عام 1971 على خلفية تأييده إصلاح النظام السياسي وعام 1974 وقع رفته من الحزب لينضم للمجموعة التي ستشكل عام 1978 حركة الديمقراطيين الاشتراكيين بزعامة أحمد المستيري، وقد تولى في تلك الفترة إدارة مجلة ديمكراسي المعارضة. رجع إلى الحكومة في 3 ديسمبر 1980 كوزير معتمد لدى الوزير الأول محمد مزالي الذي سعى إلى الانفتاح السياسي، وفي 15 أبريل 1981 عين وزيرا للخارجية خلفا لحسان بلخوجة.
لعب دورا هاما أثناء توليه المنصب في قرار إدانة مجلس الأمن للغارة الجوية الإسرائيلية على مقر منظمة التحرير الفلسطينية في حمام الشط. في 15 سبتمبر 1986 عوض بالهادي المبروك على رأس الدبلوماسية التونسية ليعين بعدها سفيرا لدى ألمانيا الغربية. بعد انقلاب 7 نوفمبر 1987، أنتخب في مجلس النواب عام 1989 وتولى رئاسة المجلس بين 1990 و1991. قام بسرد تجربته مع بورقيبة في كتاب "الحبيب بورقيبة، البذرة الصالحة والزؤام" الذي نشر عام 2009.
بعد الثورة التونسية
في 27 فبراير 2011 عينه الرئيس المؤقت فؤاد المبزع رئيساً للحكومة المؤقتة وذلك بعد استقالة محمد الغنوشي. واستمر في منصبه حتى 13 ديسمبر 2011 حين قام المنصف المرزوقي رئيس الجمهورية المنتخب في 12 ديسمبر 2011، بتكليف حمادي الجبالي أمين عام حزب حركة النهضة بتشكيل الحكومة الجديدة. ترشح للانتخابات الرئاسية التونسية 2014.
ومع بدايات 2012، أسس «السبسي» حزب «نداء تونس»، لمواجهة حكم «التيار الإسلامي» في تونس، فكوّن «السبسي» حزبه من خليط «دستوريين» و«يساريين» و«نقابيين».
عينهُ الرئيس المؤقت، فؤاد المبزع، رئيسًا للحكومة المؤقتة وذلك بعد استقالة محمد الغنوشي، استمر «السبسي» في منصبه حتى 13 ديسمبر 2011، حين قام المنصف المرزوقي، رئيس الجمهورية المنتخب، بتكليف حمادي الجبالي، أمين عام حزب حركة النهضة، بتشكيل الحكومة الجديدة.
ترشّح «السبسي» للانتخابات الرئاسية التونسية 2014، عن حزب «نداء تونس»، وبالفعل فاز بالمنصب، 22 ديسمبر 2014، بنسبة 55.68 بالمائة من جملة الأصوات مقارنة بـ 44.32 لمنافسه منصف المرزوقي.
اشتبكَ «السبسي» كثيرًا مع «الثوابت»، ففي أحد المرات، خلال الاحتفال بعيد المرأة في أغسطس 2018، اقترح تغيير ما يعرف بـ«مجلة الأحوال الشخصية» في تونس، وتحقيق المساواة بالميراث بين الرجل والمرأة، مشيراً إلى أن المرجع الأول لدولة مدنية مثل تونس يجب أن يكون الدستور لا الدين والقرآن.
وأشار «السبسي» إلى أن تونس دولة مدنية مرجعها الدستور وليس الدين، إذ قال: «لا علاقة لنا بالدين والقرآن».
ورغم كِبر سنه، كان يؤكد «السبسي» في كل مناسبة أنه «لا وريث له وأنّه لا توريث لبورقيبة ولا للباجي قائد السبسي أو لغيره». وأضاف «أن القانون يحجر عليه أي منصب في أي حزب».
قبل أيام، قال نور الدين بن نتيشة، المستشار السياسي للرئيس التونسي، إن «السبسى» سيوجه خطابا للشعب التونسى خلال الأيام القليلة القادم، بعد تحسُن حالته الصحية، لكن نُقل بعدها إلى المستشفى بعد أزمة صحية طارئة، وتوفى عن عمر 92 عامًا، إثر «توعك صحي طارئ ناتج عن مخلفات التسمم الغذائي الذي تعرض له خلال الفترة الماضية».
وفي يونيو 2019 تعرض لوعكة صحية وتم نقله إلى العناية المركزة بالمستشفى العسكري بالعاصمة التونسية، وفي 25 من يوليو أعلنت الرئاسة التونسية عن وفاته عن عمر يناهز 92 عاماً.
بعد اعلان وفاته أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس اجراء الانتخابات الرئاسية في 15 سبتمبر المقبل.
وأدى رئيس البرلمان التونسي، محمد الناصر، اليمين الدستورية كرئيس مؤقت لتونس اليوم الخميس، بعد إعلان رئاسة الجمهورية وفاة الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي، 92 عاما، في المستشفى العسكري بتونس.
كما أعلنت الحكومة التونسية الحداد العام في البلاد لمدة سبعة أيام، وتنكيس الأعلام في جميع مؤسسات الدولة.
وأعلنت الحكومة أيضا أن يوم السبت سيشهد إقامة جنازة وطنية لتشيع جثمان الرئيس الراحل السبسي.
وتمر البلاد بحالة شغور رئاسي دائم، في حالات محددة، هي إذا تجاوز الشغور المؤقت مدة الستين يوما، أو في حالة تقديم رئيس الجمهورية استقالته كتابة إلى رئيس المحكمة الدستورية، أو في حالة الوفاة أو العجز الدائم، أو أي سبب آخر من أسباب الشغور النهائي.
ويمكن إجراء انتخابات رئاسية قبل انتهاء المدة الجارية بسبب الشغور الدائم، إذ تجتمع المحكمة الدستورية فورا وأقرت الشغور النهائي.
وبعدها، تبلغ المحكمة رئيس مجلس نواب الشعب بحالة الشغور الدائم، ليتولى فورا مهام رئيس الجمهورية بصفة مؤقتة.
وتتراوح فترة الرئاسة المؤقتة بين 45 يوما إلى 90 يوما، يتم خلالها إجراء انتخابات رئاسية.
أول بيان لـ«إخوان تونس» بعد وفاة السبسي
نعت حركة النهضة الإخوانية بتونس، الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي، الذي وافته المنية صباح امس.
وقالت الحركة، في بيان صحفي نقلته صحيفة الشروق التونسية، الخميس: «ببالغ الأسى والحزن وبقلوب مؤمنه بقضاء الله وقدره، تلقينا نبأ وفاة رئيس الجمهورية محمد الباجي قايد السبسي بالمستشفى العسكري بتونس في ذكرى عيد الجمهورية التي بذل الجهد لها من يوم إعلانها إلى اختياره كأول رئيس منتخب من الشعب، مساهما في بناء الجمهورية الثانية».
وأضافت: «بهذه المناسبة الأليمة تتقدم حركة النهضة بأحر التعازي لعائلة الفقيد وللشعب التونسي راجين من الله العلي القدير أن يتغمد الفقيد برحمته الواسعة، وأن يسكنه فسيح جنانه، ويرزق أهله جميل الصبر والسلوان».
وأكدت الحركة تمسكها باستكمال مسار بناء الجمهورية وتركيز المؤسسات الدستورية فإنها تدعو كل الشعب التونسي بنخبه ومواطنيه إلى الوحدة الصماء واللحمة الوطنية.
وقد خصصت الصحف الصحف الفرنسية حيزا هاما لتونس والتحديات التي تواجهها الديمقراطية الناشئة بعد وفاة الرئيس الباجي قائد السبسي وكتبت "ليزيكو" أن تونس بوفاة رئيسها تمر باختبار جديد. واعتبرت اليومية الفرنسية ان الباجي قائد السبسي لعب دورا رئيسيا في التحوّل الديمقراطي في تونس الذي بدا في 2011 بعد سقوط نظام الرئيس زين العابدين بن علي إثر ثورة "الياسمين".
وتابعت "ليزيكو" ان اتفاق تقاسم السلطة الذي أبرمه السبسي بين حزبه نداء تونس، وبين حزب الإسلاميين في النهضة، ساعد على استقرار الوضع السياسي وتجنب الانحراف الاستبدادي الذي نلاحظه في بلدان أخرى مرت ب"الربيع العربي" مثل مصر.
وتوقفت الصحيفة بالتفصيل عند مسيرة الباجي قائد السبسي السياسية الثرية حيث تقلد بعد الثورة منصب رئيس الوزراء ثم رئيسا منتخبا للبلاد كما تقلد العديد من المناصب في عهد الرئيس الحبيب بورقيبة.
وبوفاة "السبسي"، فإن تونس تمر باختبار جديد، حيث كان قد لعب دورًا رئيسيًا في التحوّل الديمقراطي الذي بدأ في 2011 بعد سقوط نظام الرئيس زين العابدين بن علي إثر الثورة.
وكان اتفاق تقاسم السلطة الذي أبرمه السبسي بين حزبه نداء تونس، وبين حزب الإسلاميين في النهضة، ساعد على استقرار الوضع السياسي، ورحيل الباجي قايد السبسي في يوم إعلان الجمهورية التي عاصر شتّى مراحلها ومنعطفاتها، تارة في السلطة وتارة في المعارضة، تدخل التجربة التونسية مرحلة اختبار جديد يتعلّق أولاً بكيفية اجتياز المرحلة الانتقالية من الآن حتى انتخاب رئيس جديد للبلاد بأقل ضرر ممكن، وبأفضل الشروط التي يمكن أن تكون متاحة للاحتكام مجدّدًا لصناديق الاقتراع.
كما أنّه اختبار يتعلّق ثانيًا بالقدرة على الحفاظ على التفاهمات الواقعية التي أبرمها الإسلاميون والعلمانيون، بمعية شخصيات تجاوزت الحدود الفئوية ولغة الأحقاد والغلو من الطرفين.