"زنازين الموت".. توثيق جديد للانتهاكات الحوثية ضد السجناء في اليمن
الأحد 28/يوليو/2019 - 01:35 م
طباعة
فاطمة عبدالغني
كشف تقرير حقوقي بعنوان "زنازين الموت"، أطلقه مكتب حقوق الإنسان بأمانة العاصمة صنعاء، خلال فعالية أقيمت أمس السبت 28 يوليو بمدينة مأرب شرق اليمن، عن ارتكاب ميليشيات الحوثي أكثر من 3600 انتهاك ضد المختطفين في سجونها بالعاصمة اليمنية صنعاء الخاضعة لسيطرتها.
وكشف التقرير عن ارتكاب ميليشيات الحوثي 3602 انتهاك ضد المختطفين في سجونها منذ يناير 2018 وحتى 25 يوليو الجاري، مشيرا إلى وجود 124 سجنا تابعا للحوثيين في أمانة العاصمة، منها بيوت معارضين استولت عليها الميليشيات.
ووفقاً للتقرير توزعت هذه السجون على 78 سجنا رسميا و5 مواقع عسكرية و12مرفقا تعليميا ومرفقين صحيين، ومعلم سياحي، و10 بيوت معارضين استولت عليها المليشيات منذ الانقلاب في 21 سبتمبر 2014، و5 مقرات حوثية، و3 سجون تستخدمها للنساء، و6 مساجد ومدارس تحفيظ وناديين رياضيين.
وبحسب التقرير تنوعت الانتهاكات بين اختطافات وإخفاء قسري وحالات تعذيب ووفاة تحت التعذيب.
ورصد التقرير وفاة 24 مختطفا تحت التعذيب، و2221 حالة اختطاف، موضحا أن حالات الاختطاف توزعت على 2000 من الرجال، و164 امرأة، و35 طفلا، و22 من كبار السن.
وأشار التقرير إلى وقوع 334 حالة إخفاء قسري، و918 حالة تعذيب داخل سجون الميليشيات، في حين بلغت المحاكمات غير القانونية تجاه المختطفين من قبل الميليشيات 105 محاكمات.
وطالب التقرير المجتمع الدولي والهيئات والمنظمات الدولية المهتمة بحقوق الإنسان بسرعة التدخل العاجل لإنقاذ حياة 30 مختطفا قررت الميليشيات إعدامهم في محاكمات سياسية هزلية.
ولم تتوقف الانتهاكات الحوثية لحقوق الإنسان في اليمن عند اختطاف الأبرياء وتعذيبهم وقتلهم وإصدار أحكاماً بالإعدام ضدهم، بل لجأت إلى تجنيد السجناء إجباريًا للقتال في صفوفهم، وهو الأمر الذي وصفه الدكتور وليد فارس، مستشار الأمن القومي السابق للرئيس الأمريكي بأنه جريمة حرب متكاملة، مؤكدًا أنها تستلزم معاقبة القائمين عليها من جماعة الحوثي دولياً.
مشيراً إلى أن قيامها بتجنيد المحبوسين إجبارياً من داخل السجون، سواء من التنظيمات الإرهابية مثل القاعدة وداعش من جهة أو المدنيين من جهة أخرى هي جريمة حرب، وهذا يؤكد قرب نهاية هذا التنظيم المرتبط بشكل أولي بالعناصر البشرية والتي تمثل العتاد الأول له، على عكس الجيوش النظامية، والتي تمثل فيها المعدات والدعم اللوجستي الأهمية الكبرى أمام العناصر البشرية، والتي تكون بشكل أقل في ميادين القتال للحفاظ عليها، في الوقت الذي تتعامل بالطيران والمعدات الحربية، والتي تساعد بشكل أكبر في ضرب أكبر عدد من العناصر المسلحة من الميلشيات الإرهابية على الأرض، وهو ما تنجح فيه بالفعل قوات تحالف دعم الشرعية والجيش اليمني.
كما تطرق الفارس إلى أن دعم قوات الحوثي الإرهابي لا يتوقف عند إيران فقط، وإنما ميليشيات إرهابية مختلفة في المنطقة من مصلحتها عقائدياً وسياسياً استمرار توطين وسيطرة الجماعة الانقلابية في الأراضي اليمنية.
من ناحية أخرى أكد زعبل الناشط في مجال حقوق الإنسان، أن ميليشيا الحوثي اختطفت 36 شخصاً، وأصدرت حكماً بإعدامهم، ومن بينهم أستاذ اللسانيات بجامعة صنعاء الدكتور يوسف البواب، والذي يعد واحداً من أبرز علماء اللغة في اليمن، وله مؤلفات مهمة في مجال تخصصه، لكنه تعرض ورفاقه لمعاملة قاسية وتعذيب وحشي في سجون الميليشيات، التي أخضعتهم لمحاكمات هزلية، وأصدرت بحقهم أحكاماً بالإعدام.
وعلى صعيد متصل أكدت مصادر يمنية مطلعة أن هناك نحو 97000 معتقل بسجون الحوثي حتى الآن، و132 معتقلة من السيدات، و157 ماتوا تحت التعذيب، بالإضافة إلى حالات جديدة ترفض التجنيد داخل سجون الحوثي يكون مصيرها الموت بعد الاختطاف قسرياً آخرهم 36 شخصاً، بينهم أطباء وأساتذة جامعات تم قتلهم بعد رفض الانصياع والانضمام للجماعة في القتال ضد الشرعية.
كما أكدت المصادر أن قوات ميليشيا الحوثي الإرهابية تكبدت خسائر فادحة في اليمن، مما يدفعها للجوء إلى ضم عناصر من تنظيمي القاعدة وداعش، إلى صفوفها بالإضافة إلى خطف المواطنين من أماكن متفرقة في اليمن.
وعلى صعيد متصل، كشف عمار زعبل، الناشط اليمني في مجال حقوق الإنسان، والأستاذ في جامعة تعز، عمليات التجنيد مستمرة داخل سجون الحوثي، دون أي موقف دولي لإيقاف مثل هذه الممارسات التي تنتهي بالقتل للرافضين من المختفين قسرياً والمختطفين في مختلف أراضي اليمن، مشيراً إلى أن قضية الـ36 الأخيرة كاشفة لما يدور داخل السجون من صناعة للإرهاب.
وأكد أنه خلال الفترة الماضية، أقدمت الميليشيات الحوثية على تنظيم معسكرات مخصصة لتدريب المحبوسين لديها في السجون، كما خصصت عمليات للتدريب في المدارس والجامعات والمستشفيات والمرافق الحكومية، مشيراً إلى أن توفير المقاتلين أصبح الهاجس الأساس للجماعة الانقلابية، حيث يتم استمالة المحبوسين بالإفراج عنهم والإعفاء من مدة الحكم، وتعيينهم في وظائف رسمية مقابل القتال تحت رايتهم أو تنفيذ المهام التي يتم إسنادها إليهم.
وفي ذات السياق جمال محسن المعمري، رئيس منظمة «إرادة» لمناهضة التعذيب والاختفاء القسري حالياً، والذي كان ضمن الذين تم اختطافهم من قبل جماعة الحوثي، وصف ما تقوم به الميليشيات الحوثية بحق المختطفين، بأنه ليس عادياً بل جريمة وانتهاك لحقوق الإنسان وجرائم تطهير عرقي، والغالبية يختطفونهم بتهم باطلة ومختلقة، ومن بين المحققين شخصيات إيرانية، يشرفون على عمليات الاختطاف والإخفاء القسري والحرمان من الاتصالات والزيارات والمكوث لأشهر شبه عراة، إضافة إلى ما يتعرض له السجناء بالضرب بالكابلات الكهربائية، وهنالك من فقدوا أعضاء من أجسادهم بسبب التعذيب، وبصفته رئيساً لمنظمة تواجه الإخفاء القسري يتلقى عشرات البلاغات باختفاء شخصيات تابعة للجيش اليمني ومدنيين من مختلف المناطق.
وأشار المعمري إلى أن المليشيات الحوثية تقوم بالإفراج عن المحبوسين، بمجرد الموافقة على العمل معهم والمشاركة في ميادين القتال ضد قوات التحالف العربي، فيما ينال التعذيب والقتل والإعدامات الشخصيات الرافضة لنفس الأمر، وهناك أسماء معروفة ممنوعة حتى من الاتصالات مثل العقيد يحيى العيزري، قائد كتيبة الحماية في مبنى التلفزيون بصنعاء، وعبدالعزيز الحكمي الذي ما زال من قبل 4 سنوات مشلولاً داخل الأمن السياسي.
من جهته، علق محمد عسكر، وزير حقوق الإنسان في الحكومة اليمنية، على تجنيد المحبوسين داخل السجون في المناطق الواقعة تحت سيطرة جماعة الحوثي الإرهابية، مشيراً إلى أن الموقف الرسمي اليمني يرمي إلى ضرورة تكثيف الجهود دولياً إلى وقف كافة الممارسات الإرهابية والمخالفة للقانون الدولي من قبل جماعة الحوثي، وداعميها وأبرزهم إيران، مع حالة الخطف والتجنيد القسري الذي تمارسه تحت ضغط ضد أبناء الشعب اليمني، ما يشكل خطراً على المكون الشعبي بشكل عام.
وفي بيان رسمي، قال مكتب حقوق الإنسان في محافظة الجوف، إنه تم اكتشاف ثمانية سجون تستخدمها الميليشيات الانقلابية يتم فيها ممارسة أبشع أنواع التعذيب النفسي والجسدي وتفشي القاذورات والأمراض، وتتوزع السجون في سبع مديريات، وهي «المتون» و«المطمة» و«برط» و«الحميدات» و«خراب المراشي» و«الزاهر»، حيث استخدم الحوثيون المدارس والمباني الحكومية الخدمية وحولوها إلى سجون سرية للمعارضين، وهناك العديد من السجون والمعتقلات ما زالت فرق الرصد بصدد البحث عنها وتوثيقها.
وبحسب المراقبون فإن الجرائم التي ترتكبها جماعة الحوثي الانقلابية وانتهاكاتها لحقوق الإنسان تستوجب وجود تدخل دولي خاصة فيما يتعلق بملف السجون وثبوت عمليات التعذيب والتجنيد داخلها، واختطاف المدنيين إضافة إلى تجنيد الأطفال واستغلالهم من قبل الحوثيين في جبهات القتال، ويرى المراقبون أن إيران وحزب الله اللبناني وميليشيا الحوثي يعانون من النقص الشديد في العناصر البشرية، بالإضافة إلى الهزائم المتتالية على يد قوات الجيش اليمني والتحالف العربي والتي تزداد يوماً بعد يوم، ويحاول بشتى الطرق تعويض هذه الخسائر، عبر تجنيد ما يمكن تجنيده خاصة في المناطق الواقعة تحت احتلاله، أو بعمليات خطف معدة من قبل القوات الإيرانية المدربة في الأنحاء اليمنية المختلفة، لاستخدامهم في عمليات القتال.