فشل "النهضة" في اختيار مرشحها للرئاسة التونسية يخفي أزمة انقسامات
الإثنين 05/أغسطس/2019 - 12:47 م
طباعة
فاطمة عبدالغني
بين مغامرة خوض التجربة أو العزوف عنها، يتأرجح موقف حركة النهضة -ذراع الإخوان في تونس- بشأن انتخابات الرئاسة التونسية المقررة في سبتمبر 2019، فقد أربك التعجيل بانتخابات الرئاسة نتيجة لرحيل الرئيس السابق الباجي قائد السبسي حسابات جميع الأطراف السياسية بما فيها حركة النهضة، حيث فشل مجلس شورى الحركة في الاتفاق على الدفع بمرشح لخوض السباق الرئاسي.
وأقر عبدالكريم الهاروني رئيس مجلس شورى الحركة بهذا الفشل، بقوله "لم يتم الحسم بعد في مسألة مُرشح الحركة للانتخابات الرئاسية القادمة، على أن يتم استئناف أشغال المجلس بهذا الخصوص".
وأكد الهاروني خلال مؤتمر صحافي عقده الأحد، أن مجلس الشورى "سيبقى في حال انعقاد دائم حتى الثلاثاء المقبل" للإعلان عن مرشح حركة النهضة الإسلامية للانتخابات الرئاسية المُبكرة.
مصادر ذكرت أن النهضة منقسمة بين الدفع بأحد أعضاءها أو دعم مرشح من خارجها يخدم مصالحها السياسية، ومن بين الأسماء المطروحة التي يمكن ان تحظى بدعم الحركة رئيس الوزراء يوسف الشاهد، غير أن شعبية الشاهد في أدنى مستوياتها، كما أنه لم يعلن عن نيته خوض الانتخابات.
وفي هذا الإطار قال النشاط السابق بحركة النهضة والمستقيل منها عام 2016 صابر المرداسي إن حركة النهضة تورطت في مأزق سياسي كبير إثر وفاة الباجي قائد السبسي، حيث إن تقديم موعد الرئاسية على التشريعية قطع أمامها أبواب المناورة السياسية وكل أنواع الصفقات المشبوهة التي أبرمتها مع حليفها يوسف الشاهد.
وأضاف المرداسي أن الإخوان اصطدموا بخيارات لا تتلاءم واستراتيجيتهم، وهو ضرورة طرح أحد الأسماء من داخلها لخوض الانتخابات الرئاسية رغم علمها بانعدام حظوظه في الفوز.
من ناحية أخرى أكدت عدة مصادر أن مجلس شورى الإخوان بإمكانه أن يدفع بشخصيات مثل علي العريض رئيس حكومتها السابق عام 2013 وعبدالفتاح مورو نائب رئيس البرلمان بالترشح للرئاسية.
لكن أستاذ علم الاجتماع السياسي في الجامعة التونسية جهاد العيدودي، أكد أن تعويل حركة النهضة على هذه الأسماء بمثابة إعلان الخسارة المسبقة.
حيث واجه العريض رفضا شعبيا عام 2013، عرف في وقتها "باعتصام الرحيل" الذي أدى إلى استقالته، كما أن هيئة الدفاع عن شكري بلعيد ومحمد البراهمي تتهمه بالوقوف وراء اغتيال زعماء اليسار.
وأضاف العيدودي إن الخلافات داخل الحركة بلغت أقصى مداها، خاصة مع تراجع وزنها الشعبي وانهيار قاعدتها الجماهيرية لحساب شخصيات سياسية صاعدة على غرار رجل الأعمال نبيل القروي ورئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي، ووزير الدفاع الحالي عبدالكريم الزبيدي.
ووفقًا لتقارير صحفية فإن موقف حركة النهضة من الانتخابات الرئاسية تحكمه حسابات معقدة، أول هذه الحسابات فشل تجربة النهضة السابقة في الحكم منفردة عقب فوزها في أول انتخابات تشريعية بعد الإطاحة بنظام بن علي عام 2011، وانعكس هذا الفشل في تراجع كبير لشعبية الحركة وخساراتها في الانتخابات التالية عام 2014.
عامل آخر يتمثل في الظروف الإقليمية والأمنية والدولية وغالبها لا يصب في صالح الأحزاب والحركات ذات المرجعيات الدينية في ممارسة السلطة في ضوء تجارب سابقة، ومن هذه التجارب حكم تنظيم الإخوان الأم في مصر والذي انهار بعد عام واحد تحت ضغط شعبي واسع بسبب فشله في إدارة الدولة.
وبحسب المراقبون فإن التأرجح في موقف النهضة من الانتخابات الرئاسية يعزز التكهنات بأن تصب الحركة تركيزها على الانتخابات التشريعية للحصول على الأغلبية في البرلمان، ويرجح هذا السيناريو حقيقة أن الدستور التونسي يمنح البرلمان صلاحيات أوسع من الرئيس وهو ما يجعل الحركة هي المحرك الرئيس للسلطة التي تطمع فيها لاستغلالها لخدمة أغراضها من دون تحمل تبعات المسئولية السياسية أمام الشعب.