اليمن.. من إرهاب الحوثي إلى التهديد بانفصال الجنوب
الخميس 15/أغسطس/2019 - 01:19 م
طباعة
حسام الحداد
تعهد انفصاليون في جنوب اليمن، الأربعاء 14 أغسطس 2019، بإبقاء السيطرة على عدن وأكدوا أن السبيل الوحيد للخروج من المأزق الذي أحدث شرخا في التحالف العسكري بقيادة السعودية هو إخراج الإسلاميين والشماليين من كل مواقع السلطة في الجنوب.
وكان الانفصاليون، الذين يتمتعون بدعم الإمارات، العضو في التحالف قد سيطروا على عدن، التي تمثل المقر المؤقت للحكومة اليمنية المدعومة من السعودية. حدث ذلك في مطلع الأسبوع الفائت.
وقد تدخل التحالف، السني، المدعوم من الغرب في اليمن في مارس 2015 لمحاربة الحوثيين المتحالفين مع إيران والذين أطاحوا بالرئيس عبد ربه منصور هادي من السلطة في العاصمة صنعاء في أواخر 2014 وانتقال حكومته إلى عدن.
وفي المقابل تعهد علي خامنئي، المرشد الإيراني بمواصلة دعم الجمهورية الإسلامية للميليشيات الحوثية في اليمن خلال لقائه وفدا من الحوثيين الثلاثاء 13 أغسطس 2019، في طهران.
وقالت وكالة تسنيم للأنباء شبه الرسمية في إيران، إن علي الخامنئي استقبل الثلاثاء، المتحدث باسم جماعة الحوثي محمد عبدالسلام والوفد المرافق له في العاصمة طهران.
وأضافت أن خامنئي تسلم خلال لقاء المتحدث باسم الحوثيين الذين تدعمهم إيران، رسالة من زعيم الميليشيا عبدالملك الحوثي دون ذكر مزيد من التفاصيل.
ونقل التلفزيون الرسمي عن خامنئي قوله، خلال الاجتماع "أعلن دعمي لمقاومة رجال ونساء اليمن المؤمنين".
ومجّد المرشد الإيراني الميليشيات الحوثية، الذين تدعمهم إيران بالسلاح والصواريخ والمال، ووعدهم بالنصر، كما قدم التعازي بمناسبة مقتل إبراهيم الحوثي شقيق عبدالملك، ومدح أسرة الحوثي.
وتعد زيارة وفد الحوثيين إلى طهران الأولى من نوعها التي تتم بشكل علني ويعترف فيها النظام الإيراني بدعمه رسميا للميليشيات الإرهابية في اليمن، حيث كانت إيران تنفي باستمرار اتهامات الولايات المتحدة وحلفائها بدعم النظام الإيراني العسكري والمالي لميليشيا الحوثي.
ووصف وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي، أنور قرقا اللقاء الذي جمع الوفد الحوثي بالمرشد الإيراني بآنه اثبات على "أن الحوثيين يعملون كوكلاء لإيران".
وكتب قرقاش في تغريدة على تويتر "لطالما بحثت عن تسمية مناسبة لعلاقة الحوثيين بإيران، لكن بعد لقاء قيادتهم مع آية الله خامنئي الأمر أصبح أكثر وضوحا، بياناتهم أظهرت بوضوح ولاء الحوثيين كوكلاء، وهذا هو الاسم الصحيح لعلاقاتهم".
وسخرت إيران كل امكانياتها لتزويد الحوثيين بالصواريخ والأسلحة والطائرات المسيرة منذ انقلاب الحوثيين وسيطرتهم على العاصمة اليمنية صنعاء عام 2014، حيث أقام الحرس الثوري الإيراني جسرا جويا بين طهران وصنعاء لتزويد الميليشيا بالسلاح عن طريق الطيران المدني تحت غطاء المساعدات الإنسانية.
وتخوض إيران حربا بالوكالة عبر ميليشياتها في عدة دول عربية وتؤمن لهم الصواريخ والطائرات المسيرة بهدف زعزعة استقرار المنطقة خلافاً لما تنص عليه القرارات الدولية.
وكانت السفيرة الأميركية السابقة لدى الأمم المتحدة، نيكي هيلي، قد اصطحبت 12 سفيراً أجنبياً من مجلس الأمن في جولة في 29 كانون الثاني/يناير 2018، للاطلاع على الأدلة التي تثبت تسليح إيران للحوثيين في اليمن.
ووفقا لتقرير للأمم المتحدة فإن الميلشيات الحوثية الإرهابية ما زالت تتزود بصواريخ بالستية وطائرات بلا طيار لديها خصائص مماثلة للأسلحة المصنعة في إيران.
وبموجب قرار صادر عن الأمم المتحدة لإقرار الاتفاق النووي الإيراني الموقع مع قوى عالمية والذي انسحبت منه واشنطن، يحظر على طهران إمداد وبيع ونقل الأسلحة خارج البلاد إلا بموافقة من مجلس الأمن الدولي. كما يحظر قرار منفصل صادر عن الأمم المتحدة بشأن اليمن إمداد الحوثيين بالأسلحة.
وفي نوفمبر الماضي، عرضت الولايات المتحدة أجزاء من أسلحة إيرانية كانت بأيدي الميليشيات الحوثية ومسلحين في أفغانستان في استمرار لأسلوب تنتهجه طهران للتدخل في الشؤون الداخلية لزعزعة استقرار دول الإقليم.
ويقاتل التحالف العربي بقيادة السعودية لإعادة الحكومة الشرعية في اليمن ضد ميليشيا الحوثي منذ 2015 لإنهاء حرب أودت بحياة عشرات الألوف ودفعت البلد الفقير إلى شفا المجاعة.
وأدت تضييق الخناق وتقدم قوات التحالف الميداني في المحافظات اليمنية إلى لجوء الميليشيات الحوثية إلى تصعيد هجماتها في الفترة الأخيرة على أهداف مدنية داخل السعودية.
وتأتي زيارة الوفد الحوثي إلى طهران في وقت حساس تخشى فيه الجماعة المسلحة انفراط عقدها بسبب خلافات داخلية وصراعات عميقة بين القيادات على تقاسم الأموال المنهوبة والنفوذ كانت سببا في اغتيال شقيق زعيمهم الأسبوع الماضي.
أما المقاتلون الجنوبيون فيمثلون عنصراً رئيسياً في المعركة التي يخوضها التحالف في مواجهة الحوثيين. غير أن الحرب أحيت توترات قديمة بين شمال اليمن وجنوبه اللذين كانا دولتين منفصلتين توحدتا في 1990 تحت قيادة الرئيس الراحل علي عبد الله صالح.
وكشفت تلك الأزمة عن خلاف بين السعودية والإمارات التي رددت دعوة من الرياض للحوار بين الطرفين المتحاربين في عدن لكنها لم تصل إلى حد مطالبة القوات الجنوبية التي تمولها وتسلحها بالتنازل عما حققته من مكاسب.
وقال صالح النود، المتحدث باسم المجلس الانتقالي الجنوبي، والذي يقيم في بريطانيا لرويترز في مقابلة "التخلي عن السيطرة على عدن ليس مطروحاً في الوقت الحالي"، وأضاف "نحن هناك باقون لكننا باقون لسبب إيجابي: صوناً للاستقرار".
قال النود إن السبيل الوحيد للخروج من هذا المأزق هو إخراج جميع عناصر حزب الإصلاح الإسلامي، الذي يعد من أركان حكومة هادي، من مراكز النفوذ كلها ومعها أي ساسة ينتمون للشمال.
ويتهم المجلس الانتقالي الجنوبي حزب الإصلاح بالتواطؤ في هجوم صاروخي دام شنه الحوثيون على القوات الجنوبية في وقت سابق هذا الشهر غير أن الحزب ينفي هذا الاتهام.
وقد وعد التحالف بالتحرك عسكرياً ضد الانفصاليين إذا لم يخلوا المواقع الحكومية.
وقال النود "ستكون بداية طيبة جدا أن يتم إخراج الإصلاح من الجنوب كله والسماح للجنوبيين بحكم أنفسهم ... نحن نرى أن الإصلاح تغلغل في الحكومة أو سيطر عليها".
وأضاف أن أحد السبل الممكنة للخروج من المأزق هو تسليم مسؤولية الأمن في الثكنات لقوات الحزام الأمني وهي الجناح العسكري للمجلس الانتقالي الجنوبي أو شرطة عدن.
وبلغت الحرب اليمنية مرحلة جمود منذ سنوات وتعرضت السعودية والإمارات لضغوط من الحلفاء الغربيين بما في ذلك الدول الموردة للأسلحة للتحالف وذلك لإنهاء الصراع الذي دفع اليمن إلى حافة المجاعة.
وفي يونيو الفائت، قلصت الإمارات وجودها في اليمن وتركت خلفها الآلاف من القوات الجنوبية التي سلحتها ودربتها. وقال مسؤول يمني لرويترز إن سيطرة الانفصاليين على عدن حظيت بموافقة الإمارات وإن هدفها إبعاد قوات حزب الإصلاح.
في حين تستطيع الإمارات الخروج من اليمن مع الاحتفاظ بنفوذ على القوات الجنوبية فإنه لا يمكن للسعودية الرحيل دون تحييد حركة الحوثي المسلحة على حدودها.
وقال مصدر خليجي مطلع على السياسة اليمنية "السعوديون أصبحوا بمفردهم... لا أعتقد أنهم يعرفون كيف يخرجون .. يجب عليهم الاعتراف بأن حكومة هادي فشلت على مدى خمسة أعوام".
وقال النود إن الجنوبيين لن يقبلوا بعد الآن بتهميشهم.
وأضاف "على السعوديين اتخاذ القرار: فهل يريدون الفوز في الحرب على الحوثيين؟ إذا كانوا يريدون ذلك فعليهم الاعتراف بنا، المجلس الانتقالي الجنوبي، في حكم الجنوب وإدارته حتى في الفترة الانتقالية".
ودعت الرياض إلى قمة طارئة حول عدن دون تحديد موعد. وقال محمد الحضرمي نائب وزير الخارجية في حكومة هادي إنهم لن يحضروا ما لم تكف الإمارات عن دعم المقاتلين الانفصاليين في أعقاب "الانقلاب".
وقال "أقول لمحمد بن سلمان: إذا كنت تريد فعلا الانتصار في الحرب فقد كان الجنوبيين شركاء ذوي مصداقية وبرهنوا على أن بإمكانهم التواصل بشكل بناء ... لكنهم يحتاجون في المقابل الحفاظ على الجنوب نظيفاً من هؤلاء المسؤولين الفاسدين المنتسبين للإصلاح".
وقال النود إن عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة متأخرة كثيرا ومن الضروري أن تلحق بالتطورات.
وتواجه الأمم المتحدة صعوبات في تنفيذ اتفاق سلام متعثر في ميناء الحديدة الواقع إلى الشمال من عدن وتخفيف التوترات بين السعودية والحوثيين لتمكين الأطراف من إجراء مباحثات سياسية لتشكيل حكومة انتقالية من أجل إنهاء الحرب.
وقال النود "أي موقع سلطة يجب أن يكون في أيدي الجنوبيين. يجب منح الجنوبيين السلطة لحكم أنفسهم ويجب أن يتواصل الجنوبيون كشريك كامل في عملية السلام".
وأضاف "مازال بإمكاننا أن نكون جزءا من اليمن ويمكن لهادي أن يظل رئيسا لكن لابد أن يحكم الجنوبيون الجنوب".
يقول النود "أنا لا أحاول تحاشي القول إننا سننفصل لأن هذا احتمال حقيقي الآن" مضيفا أن أحد الخيارات هو وجود حكومتين، واحدة في الشمال وأخرى في الجنوب.