أخطبوط الأطماع العسكرية التركية في المنطقة العربية

الثلاثاء 20/أغسطس/2019 - 12:05 م
طباعة أخطبوط الأطماع العسكرية فاطمة عبدالغني
 
أقنعة الدعم الإنساني والاستثمار الاقتصادي لم تعد كافية لتركيا لمداراة أطماعها العسكرية التوسعية في المنطقة العربية، وهو التوسع المدفوع بخدمة أجندة أيديولوجية معينة والذي تجلى في سعي أنقرة الحثيث لإقامة قاعدة عسكرية في ليبيا بالتعاون مع الجماعات الإرهابية وفق ما كشفه الجيش الوطني الليبي، وهو الجهد الذي تزامن مع إعلان الجيش الليبي تدمير مشروع لبناء قاعدة عسكرية تركية في محيط الكلية الجوية في مصراته في 18 أغسطس الجاري، حيث قام الجيش الليبي بشن 12 غارة جوية استهدفت مطار الكلية ومحيطه، وهي الضربة القاصية التي تلقفتها تركيا أردوغان التي تصر على مؤامراتها في امتداد لم يعد محصورًا في حدود طرابلس ومصراته، فوفقًا لمعلومات استخباراتية تمتد المطامع التركية اليوم صوب الجنوب الليبي، حيث تسعى تركيا تنفيذًا لوعد رئيسها بدعم مسلحي الميليشيات وأجنداتهم بالأسلحة والعتاد للاستيلاء على الجفراء ومنها إلى الجنوب وصولاً إلى مناطق الإنتاج النفطي،  وهو ليس استثناء على امتداد جغرافيا الإمبراطورية العثمانية السابقة التي يقول منتقدو أردوغان أنه يحلم باستعادتها.
وفي الخليج العربي تسابق تركيا الزمن لافتتاح قاعدة عسكرية ثانية في قطر لتضاف لقاعدتها العسكرية الأولى التي افتتحت في 2016 والتي تستقبل 3000 جندي فضلاً عن القوات البرية والبحرية والجوية بتكلفة 40 مليون دولار.
وفي الصومال التي دخلتها في 2011 بغطاء إنساني في ظل أزمة المجاعة في البلاد حينها، انفقت حكومة أردوغان 50 مليون دولار لإقامة قاعدة عسكرية في مقديشو تبلغ مساحتها 4 كيلو مترًا مربعًا وتأوي 1500 جندي  بتكلفة 50 كليون دولار في مقابل مبالغ ضئيلة  انفقت في بناء مستشفيات ومدارس حفاظًا على الواجهة الإنسانية.
وكان يمكن أن يصير الوضع مشابهًا في السودان لولا يقظة شركاء الثورة الذين احبطوا مساعي أنقرة في جزيرة سواكن، حيث كان العمل جاريًا لإقامة قاعدة عسكرية بحرية تتستر خلف واجهة منشآت مدنية بناء على اتفاق مع نظام البشير في 26 ديسمبر 2017.
 غير أن الوجه الأكثر سفورًا للتدخل العسكري التركي في المنطقة العربية يبدو جليًا في جارتيها سوريا والعراق بذريعة مواجهة حزب العمال الكردستاني، حيث أقر أردوغان العام الماضي بوجود 11 قاعدة عسكرية تركية داخل العراق ارتفعت إلى أكثر من 15 قاعدة حاليًا، بينها قاعدة بعشيقة القريبة من الموصل، وتبعد بنحو أكثر من 140 كيلو مترًا  عن الحدود التركية، حيث يتمركز 2000 جندي وأسلحة ثقيلة بزعم مواجهة الأكراد.
أما في سوريا فتحولت 12 نقطة مراقبة في منطقة خفض التصعيد تدريجيًا إلى قواعد عسكرية حقيقية مثل قاعدة مورك التي تبعد 88 كيلو مترًا عن الحدود التركية، فضلاً عن قواعد في المناطق التي تديرها تركيا مع جماعات مسلحة تتبنى أيديولوجية محدد قرب حدودها.
وبحسب المراقبون للشأن التركي فإن إصرار تركيا على مد أذرعها العسكرية في المنطقة باتفاقيات مع حلفاءها الأيديولوجيين أو بمنطق القوة يؤكد مخاوف البعض من سعي أردوغان لتحقيق أحلامه السلطانية التوسعية. 
وعلى صعيد متصل أوضح الدكتور محمد عبد القادر، الخبير في الشأن التركي أن الدولة التركية تتبنى أجندة نظام الرئيس رجب طيب أردوغان وحزب العدالة والتنمية، وبالتالي ستستمر في دعم الجماعات والدول التي تتبع نفس أجندته السياسية وعلى رأسها قطر وجماعة الإخوان الإرهابية، مشيراً إلى أن الوضع في تركيا يزداد مأساوية، خاصة مع الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تضرب البلاد بفعل سياسات أردوغان.
وأضاف أن تركيا حالياً أشبه بالوضع في الجمهوريات الزائلة، والتي أصرت على العناد إلى أن تهاوت أنظمتها السياسية، وهو الأمر الذي يحدث مع نظام أردوغان في الفترة الحالية، والذي يصر على مزيد من الدفع المالي والعسكري، في وقت تعاني بلاده الأزمة الاقتصادية، وفي الوقت الذي توجد دول أخرى قد تكون عوناً أكثر من قطر وجماعة الإخوان، ومع ذلك يتم الصراع معهم.
وأوضح السفير أحمد القويسني، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق أن الصراع الوحيد الذي يهم تركيا ومتورطة فيه هو المسرح السوري، خاصة الشمال السوري، لافتاً إلى عدم وجود احتياج سياسي أو عسكري لقاعدة عسكرية جديدة لتركيا في قطر، وقال إن هناك تعاوناً قطرياً تركياً، في تهريب الإرهابيين إلى سوريا والآن إلى ليبيا. وأضاف أن هناك دعماً مالياً قطرياً كبيراً ودعماً تركياً كبيراً لتهريب الإرهابيين من جبهة النصرة والدواعش، لافتاً إلى أنه تم تهريب ما يقرب من 80 ألف مقاتل إلى المسرح السوري، ودعم تحويلاتهم المالية وعلاج جرحاهم وتمرير أسلحتهم.

شارك