نشر الفريق الدولي لتقصي الحقائق في انتهاكات قطر، ومقره «لاهاي» مذكرة حقوقية صادمة، صدرت نسختها الأولى في نوفمبر 2018، ثم جرى تحديثها وإصدارها في صيف 2019، تضمنت نصًا رفيعًا ومحكمًا بشأن خطاب التحريض والكراهية الذى تتبناه حكومة قطر وأذرعها الإعلامية، كما رصدت دعم الدوحة، انتقال تنظيم "داعش" من المشرق العربي إلى أفريقيا.

وصدرت المذكرة في 21 صفحة، خمسة فصول وخاتمة، تعرّض الأول لخلفيّة عامة حول النظام الدستوري لدولة قطر، والثاني للمعايير القانونية الدولية الواجب اتباعها من دول العالم بشأن حفظ الأمن والسلام الدوليين، وجاء الثالث عن دعم الإرهاب وخطاب الكراهية والتمييز في الدوحة.

واستعرض الفصل الرابع ترسانة التشريعات والسياسات القطرية المقيدة للحريات الصحفية من ناحية، والأخرى التي تساند خطاب التحريض والكراهية، أما الخامس فقد عرض عدة موضوعات أساسية في التحريض القطري على الكراهية والعنصرية.

وثيقة دعم «داعش»

في الفصل الثالث، وثقت المذكرة الحقوقية دعم الحكومة القطرية المالي والعسكري لانتقال تنظيم داعش من سوريا والعراق إلى ليبيا ثم إلى عموم أفريقيا.

ورصد التقرير العلاقة بين مؤسسات قطرية، وحركة الشباب الارهابية في الصومال، والتي تعد فرعًا لتنظيم القاعدة في شرق أفريقيا، وكذلك جماعة "بوكو حرام" الإرهابية في نيجيريا، منذ عهد مؤسسها محمد يوسف وحتي الآن.

واعتبرت المذكرة، أن ذلك يشير إلى مثلث قطر لدعم الإرهاب في أفريقيا من ليبيا شمالًا إلى الصومال شرقًا وإلى نيجيريا غربًا.

و«الفريق الدولي لتقصي الحقائق في انتهاكات قطر»، هو مؤسسة بحثية دولية تعمل بشكل أكاديمي لتوثيق وملاحقة انتهاكات الحكومة القطرية للأمن والسلم الدوليين.

أدلة سابقة على دعم قطر لـ«الإرهاب»

في 22 يوليو2019، نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، تسجيلًا صوتيًّا، عبارة عن مكالمة بين حسن بن حمزة بن هاشم، السفير القطري في الصومال، ورجل الأعمال خليفة كايد المهندي، أحد أصدقاء أمير قطر تميم بن حمد، قال فيها الأخير إن مسلحين نفذوا تفجيرات في ميناء "بوصاصو" الصومالى لتعزيز مصالح قطر.

وبحسب الصحيفة، قال رجل الأعمال خليفة كايد المهندي في المكالمة، التى تمت في 18 مايو 2019، أي بعد نحو أسبوع من التفجير: «عمليات التفجير والقتل، نعرف من يقف وراءها».

ولم ينف «المهندي» المكالمة الهاتفية، وقال إنه كان يتحدث مع السفير القطري كمواطنين وليس كمسؤولين رسميين، وبحسب «نيويورك تايمز» فإنه لم يعرب عن استيائه لتنفيذ تلك التفجيرات لصالح بلده، وكذلك لم يبد أي امتعاض من إشراف قطريين عليها.

وكانت تقارير أمنية أمريكية، أكدت في قت سابق أن قطر ضالعة في تمويل حركة الشباب الإرهابية في الصومال.

شبكة إرهابية لتجنيد الشباب

وفي وقت سابق، نشر موقع «ذا كريستال آيز» المتخصص في رصد ومكافحة الإرهاب على مستوى دول العالم، تقريرًا يؤكد أن قطر لديها نفوذ قوي في بعض دول أفريقيا، خصوصًا الصومال وجيبوتي.

وأوضح التقرير، أنه بسبب هذا النفوذ استطاعت قطر خلال العامين السابقين، أن تؤسس شبكة إرهابية متخصصة في تجنيد الشباب الصومالي والجيبوتي، للتدريب على القيام بعمليات إرهابية في مختلف الدول الأفريقية، مؤكدًا أن الدوحة دخلت الصومال خلال السنوات الثلاث الماضية من أوسع أبوابه، مستغلة حالة الفقر والتدهور الأمني، لجذب عدد كبير من الشباب للتنظيمات الإرهابية.

وفي 14 يونيو 2019، نشر موقع «أفريقيا إنتلجنس» تحقيقًا قال فيه: إن قطر تنهج سياسة أكثر هجومية بالتدخل في القارة الأفريقية، وأورد تفاصيل معدات عسكرية قدمتها الدوحة لدول الساحل الأفريقي.

وبحسب التقرير، فقد تولى هذه المهمة المدعو عبدالهادي مانع الهاجري، صهر تميم آل ثاني ومستشاره، والذي يمتلك شركة «ستارك موتورز»، التي قامت بتحويل ناقلات إلى مركبات مصفحة، وتركيب نحو 24 ناقلة جنود، ومنحتها قطر إلى دولة بوركينا فاسو في الثامن من مايو 2019، بالإضافة إلى منح 24 مركبة مماثلة إلى دولة مالي في ديسمبر 2018، ونحو 68 أخرى إلى الصومال في يناير 2019.

تحذير من توغل قطري بـ«أفريقيا»

وحذرت مجلة «فايننشيال أفريك» الفرنسية، في 3 مايو 2019 من توغل قطر في دول غرب أفريقيا، قائلة: إنه منذ إعلان عدة دول عربية وأفريقية مقاطعتها في يونيو 2017، اتجهت إلى منطقة غرب أفريقيا المعروفة بانتشار التنظيمات الإرهابية فيها، لزعزعة استقرار تلك المنطقة.

وأشارت المجلة، إلى أن أمير قطر، أجرى جولة في دول غرب أفريقيا، بعد 6 أشهر من المقاطعة، شملت «السنغال، وبوركينا فاسو، وساحل العاج، وغانا، وغينيا كوناكري، ومالي».

تدريب ضباط بوكالة الاستخبارات الصومالية

وفي السياق نفسه، قال موقع «شؤون صومالية» منتصف أغسطس الماضي، إن الحكومة القطرية بدأت برنامجًا لتدريب قوات الوكالة الوطنية الصومالية للاستخبارات والأمن، والتي يترأسها فهد ياسين، المعروف بعلاقته الجيدة مع «الدوحة»، منذ أن كان مراسلًا لقناة الجزيرة القطرية.

وأضاف الموقع أن برنامج التدريب بدأ أول أغسطس، ويشمل 14 ضابطًا من مختلف أجهزة الأمن؛ وأنه استمر لأسبوعين، موضحًا أن هناك ضابطًا من ضمن المتدربين، اختارهم «فهد ياسين» بنفسه.

ونقل الموقع عن ضابط مشارك في التدريب، رفض الإفصاح عن اسمه، قوله: إن البرنامج مثير للشكوك، مضيفًا: «كل يوم يأتي مسؤولون قطريون ويأخذون معهم نفس الضباط الذين لا يعودون إلا ليلًا، أما نحن البقية فنخضع في الفندق لتدريب عام وبسيط لمدة ساعتين على أيدي ضباط غربيين».

التدخل في الشأن الليبي

وبالنسبة لليبيا، أكد المتحدث باسم الجيش الوطنى اللواء أحمد المسماري، في 16 أبريل 2019، أن هناك تدخلا سافرا من قطر في شأن بلاده الداخلي، مشددًا على أنه لابد أن تنهي الدوحة هذا الأمر، وتعي أن مرحلتها قد انتهت، مشيرًا إلى أن ضباطا قطريين دربوا الإرهابيين في بنغازي.

وأشار «المسماري» إلى أن أن جميع المعارك التي خاضها الجيش الوطنى كانت مع جماعات إرهابية، ومن ضمنها القاعدة وتنظيم الإخوان وخلايا داعش.

وفي تصريح سابق لوكالة «سبوتينك» الروسية، قال الكاتب والمحلل السياسي التركي، فائق بولط: إن العلاقات القطرية التركية مع حركة "الإخوان " في ليبيا، تؤكد دعمهما للجماعات في طرابلس.

وأضاف «بولط» أن دول الجوار الليبي أيضًا منزعجة من التدخلات "القطرية ـــ التركية" في ليبيا، وأن المعلوم للجميع هو أن قطر تقدم الأموال للجماعات في ليبيا.

دعم «بوكو حرام»

وعقب قرار تشاد بإغلاق السفارة القطرية، أغسطس 2017، قال وزير الخارجية إبراهيم حسين طه، إن بلاده اتخذت هذا القرار بسبب «أعمال تقوم بها الدوحة ضد الاستقرار في البلاد».

وأضاف في تصريح لـ«سكاي نيوز» أن قطر تؤوي جماعات معادية لتشاد، وأشخاص لهم علاقات بجماعات إرهابية في ليبيا، متابعًا: «الدوحة لها علاقات خفية وغير خفية مع جماعات في ليبيا تنفذ أعمالًا عدائية في تشاد».

وأكد وزير الخارجية، أن وقوف قطر مع الجماعات المتشددة الموجودة في ليبيا يزعزع المنطقة، مشددًا على أن هناك «مساعدات من ليبيا تأتي للجماعات في تشاد وبوكو حرام (في نيجيريا) وفي منطقة الساحل الأفريقي».

أسباب الوجود القطري في أفريقيا

وفي تصريح لـ«المرجع»، قال محمد عزالدين، الباحث المختص في الشؤون الأفريقية: إن قطر بدأت التوغل في منطقة القرن الأفريقي، عقب مقاطعة الدول العربية لها في 5 يونيو عام 2017، من خلف ستار الأعمال الخيرية والمنظمات الحقوقية التي جعلتها تتقرب للمواطنين.

وأشار «عز الدين» إلى أن الدوحة توهمت أنها ستجعل من الدول الأفريقية التي تدعمها شوكة في حلق الدول العربية التي قاطعتها، خصوصًا البلدان الأفريقية التي تحصل على دعمها وبها جماعات إرهابية، مثل الصومال ونيجيريا.

وأكد الباحث المختص في الشؤون الأفريقية، أن قطر وجدت في الدول الأفريقية الملاذ الآمن لها، خصوصًا أنها بعيدة عن أعين الأمن، وان شعوب تلك المناطق تعانى حالة فقر شديد.