استهداف البنك المركزي والصندوق السيادي.. «ترامب» يضيق الخناق على «نظام الملالي»
الأحد 22/سبتمبر/2019 - 10:07 ص
طباعة
علي رجب
أصبح حبل العقوبات خانقًا على رقبة نظام الملالي في إيران، بعد فرض الولايات المتحدة عقوبات جديدة، تستهدف البنك المركزي والصندوق السيادي؛ في محاولة من واشنطن لتجفيف منابع تمويل الإرهاب بالمنطقة.
وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الجمعة 20 سبتمبر فرض عقوبات جديدة ضد البنك المركزي الإيراني والصندوق السيادي، بدواعي «تمويل الإرهاب»، واصفًا هذه العقوبات بأنّها «العقوبات الأقسى على الإطلاق ضد دولة ما».
قال ترامب في تصريحات صحفية: «لقد فرضنا العقوبات على المصرف الوطني الإيراني» مضيفًا «الأمر يتعلق بنظامهم المصرفي المركزي، وهي عقوبات في أعلى مستوى».
ويذكر أن البنك المركزي الإيراني ومعظم المؤسسات المالية، تخضع لعقوبات أمريكية منذ نوفمبر 2018 بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق الدولي حول البرنامج النووي الإيراني.
ووفقًا لوكالة بلومبرج، فإن وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوشين أكد أن الخطوة ستقلص التمويل بالنسبة للحرس الثوري الإيراني.
وفرض عقوبات على البنك المركزي قد يحد قدرة النظام على توفير السلع الأساسية للمواطن، وتوفير تعاملات الدولة مع الحكومات الأخرى، وكذلك التزاماتها المادية مع الشركات الدولية.
وفي مكابرة إيرانية حول تأثير تلك العقوبات على الاقتصاد الإيراني، علق محافظ البنك المركزي عبدالناصر همتي، قائلًا: إن فرض واشنطن عقوبات على البنك المركزي للمرة الثانية دليل على فشلها في إيجاد سبل جديدة للضغط على إيران.
كما ندد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف السبت 21 سبتمبر بالعقوبات الجديدة، ووصفها بأنها محاولة لحرمان المواطنين العاديين في بلاده من الحصول على الغذاء والدواء، وقال: إن هذه الخطوة مؤشر على يأس الولايات المتحدة، في محاولة منه لتحويل الأمر لقضية إنسانية، وتعليق فشل الحكومة في توفير السلع الحكومة على شماعة العقوبات.
وفي التفاف على العقوبات الأمريكية، ودعم جديد من قبل روسيا للنظام الإيراني ضد سياسة إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أعلن محافظ البنك المركزي الإيراني عبدالناصر همتي، 17 سبتمبر 2019، الارتباط المصرفي بين البنوك الإيرانية ونظيرتها الروسية بعيدًا عن منظومة الاتصالات المالية العالمية بين البنوك «سويف».
وأوضح همتي، أن الارتباط تم عبر نظامي الرسائل الروسي والإيراني «سيبام» التابع للمركزي الإيراني، لافتًا إلى أن انضمام إيران إلى الاتحاد الاقتصادي الأوراسي «روسيا، بيلاروس، كازاخستان، أرمينيا، وقرجيزستان»، سيساهم في تحفيز التجارة الخارجية الإيرانية.
وفي وقت سابق طالبت رئيس المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية مريم رجوي بالحزم والشدة مع نظام الملالي قائلا: «إبداء القوة والحزم، هو اللغة الوحيدة التي يعرفها الملالي»، مشددةً على أن «التقاعس أمام الفاشية الدينية يحفزها على استمرار أعمالها» لافتةً إلى أن «الشعب الإيراني هو أول ضحية لهذا النظام».
واعتبرت، أن الحل الناجع للخلاص من الفاشية الدينية التي هي مصدر كل الأزمات في الشرق الأوسط، يكمن في تغيير هذا النظام غير الشرعي، على يد الشعب الإيراني ومقاومته المنظمة.
حقائق سوداء
يأتي ذلك تزامنًا مع اقتراب الاقتصاد الإيراني من كارثة اقتصادية، إذ عدل البنك الدولي توقعاته له في عام 2019 للمرة الثالثة على التوالي في إطار تقييمه للاقتصاد العالمي، وفي تقريره المنشور حديثًا بعنوان «الآفاق الاقتصادية العالمية» وضع إيران في أسفل القائمة قبل نيكاراجوا متذيلة الترتيب.
وفي منتصف عام 2018 كان البنك الدولي قد توقع نمو الاقتصاد الإيراني بنسبة 4.1% في عام 2019، لكن بعد أشهر فقط، عدل هذا الرقم إلى نمو سلبي بنسبة 3.6%، والآن خفض هذا العدد إلى 3.5%.
وعزا البنك الدولي السبب الرئيسي لهذا النمو السلبي إلى العقوبات الأمريكية، وخاصة الحظر المفروض على صادرات النفط الإيرانية، إذ تعتمد إيران بشكل كبير على عائدات النفط لتمويل مشاريع التنمية ودعم السلع الرئيسية.
توقعات البنك الدولي، على الرغم من أنها مقلقة للحكام في إيران، كانت أكثر تفاؤلًا من توقعات صندوق النقد الدولي، الذي قدر أن تواجه إيران نموا سلبيًّا بنسبة 6% في عام 2019.
وقد تضاعفت تكاليف المعيشة في البلاد خلال العام الماضي 2018، بمقدار الضعف أو ثلاثة أضعاف، الأمر الذي زاد من معدلات البطالة، وعجز الدولة في دفع الأجور، ما خلق ظروفًا اجتماعية خطيرة في إيران.
ووفق مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية، فإن المرشد الأعلى الإيراني سيكون بين خيارين أحلاهما مر، إما الرجوع إلى سياسة تجعله يصمد في ظل تسونامي العقوبات التي تتصاعد باستمرار، وتهدد بإلحاق الضرر بنظامه، وإما أن يحاول تقبّل الأمر، ويكتشف طريقة لتقبّل عروض ترامب المتكررة للجلوس إلى مائدة المفاوضات.
خنق النظام
يقول الدكتور محمد بناية، الخبير في الشؤون الإيرانية: إن العقوبات الأمريكية الجديدة على المؤسسات المالية الإيرانية تشكل مزيدًا من حلقات الخناق حول رقبة النظام الإيراني، ويضع البلاد في مأزق كبير.
وأضاف بناية في تصريح لـ«المرجع» أن استهداف البنك المركزي الإيراني والصندوق السيادي لطهران يشكل ضربة للحرس الثوري، نظرًا لدور المؤسسات المالية، خاصة الصندوق السيادي في دعم مشاريع ومخططات الحرس في إيران والمنطقة.
ولفت الخبير في الشؤون الإيرانية، إلى أن العقوبات الأمريكية تزيد المشهد تأزمًا، وتلوح بنذر حرب في الأفق، مضيفًا أن النظام الآن يواجه أزمة توفير السلع الغذائية، وعدم دفع الأجور، وهناك حراك في الشارع لافتقاد الخدمات والسلع الأساسية، وكذلك امتعاضات لدى قطاع الموظفين والعمال، فالأزمات الاجتماعية والاقتصادية تضع مزيدًا من الضغوط على نظام طهران، وما يحدث هو لعبة اختبار صبر الملالي وإلى مدى سيبقى قادرًا على تحمل العقوبات.