«حراس الدين».. مخلب «القاعدة» الغائب عن الإعلام في سوريا
الخميس 26/سبتمبر/2019 - 11:58 ص
طباعة
روبير الفارس
في الأسابيع الأخيرة، صنّفت وزارة الخارجية الأمريكية رسمياً تنظيم «حراس الدين» كمنظمة إرهابية أجنبية وعرضت مبلغاً مالياً في إطار برنامج "المكافآت من أجل العدالة" لقاء معلومات عن ثلاثة من قادتها. وتُعتبر الجماعة الفرع الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، وهو الدور الذي اضطلعت به بعد أن انشقت «هيئة تحرير الشام» بنفسها علناً عن منظمتها الأم الأساسية. وفي غضون ذلك، لقي أحد كبار شخصيات تنظيم «حراس الدين» أبو خالد المهندس (المعروف بصهيب) حتفه في أواخر أغسطس، حيث وقع ضحية عبوة ناسفة زُرعت من قبل خصوم إسلاميين. ولم تحظي " حراس الدين " بدراسات او ابحاث مستقلة من هنا تاتي اهمية التقرير الذى كتبه الباحث هارون ي. زيلين بمعهد واشنطن لسياسيات الشرق الادني والذى قدم فيه قراء في تنظيم حراس الدين.
التكوين والعمليات العسكرية
يقول الباحث تم تأسيس تنظيم «حراس الدين» في فبراير 2018 بعد أن تفكك الفرع الأصلي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، وهو يُسترشد من قبل عدة شخصيات رئيسية، بمن فيهم القائد الأكبر خالد العاروري (الملقب بأبو القاسم الأردني) وأعضاء مجلس الشورى سمير حجازي (الملقب بأبو همام الشامي أو فاروق السوري) وسامي العريدي (الملقب بأبو محمود الشام) وبلال خريسات (الملقب بأبو خديجة الأردني) وفرج أحمد النعنع وأبو عبد الكريم المصري. وكان البيان التأسيسي لـ «حراس الدين» قد حث "الفصائل المتناحرة في الشام على وقف القتال بين بعضها البعض وإنقاذ أمّة المسلمين". ورداً على هذه المناشدة التوحيدية، انضمّ ستة عشر فصيلاً على الأقل إلى تنظيم «حراس الدين»:.
• جيش الملاحم
• جيش الساحل
• جيش البادية
• سرايا كابول
• سرايا الغوطة
• كتيبة أبو بكر الصديق
• كتيبة أبو عبيدة بن الجراح
• سرايا الغرباء
• كتيبة البتار
• سرايا الساحل
• سرية عبد الرحمن بن عوف
• كتائب جند الشام
• كتائب فرسان الإيمان
• قوات النخبة
• مجموعة عبد الله عزام
• كتيبة أسود التوحيد
وقام تنظيم «حراس الدين» بنشر هذه الإضافات على نطاق واسع خلال الأسابيع التي تلت، سعياً لإثبات أنه يتمتع بقاعدة دعم محلية وليس كونه جهة فاعلة هامشية منفردة. ومنذ ذلك الحين، نظّم ما لا يقل عن أربعة معسكرات تدريب لهذه القوات المقاتلة.
ومن أجل تعزيز قوته وقدرته العسكرية، أقام تنظيم «حراس الدين» أيضاً تحالفات قتالية مختلفة. وكان الأول في أبريل 2018 حين شكّل "أنصار التوحيد" و تنظيم «حراس الدين» ما يسمى بـ"حلف نصرة الإسلام". وتمثل تحالف أساسي على نحو أكبر في "غرفة عمليات وحرض المؤمنين" التي تشكّلت في أكتوبر 2018، إلى جانب جماعتين أصغر حجماً متحالفتين مع تنظيم «القاعدة»، هما: "جبهة أنصار الدين" و"جماعة أنصار الإسلام".
وسواء كان تنظيم «حراس الدين» جزءاً من هذه التحالفات أو عنصراً مستقل، يدّعي التنظيم أنه شن حوالي 200 هجوم منذ إنشائه. ووقعت هذه الهجمات في مجموعة متنوعة من المناطق الريفية والبلدات الصغيرة، بما فيها اثنا عشر موقعاً في محافظة حلب، و 16 في محافظة حماة، و 7 في محافظة إدلب، و 15 في محافظة اللاذقية. ومن المثير للاهتمام، أن ثلاثة من هذه الهجمات المزعومة على الأقل نُفذت بالاشتراك مع «هيئة تحرير الشام»، مما يشير إلى أن علاقتهما هي "صديقة - عدائية" أكثر من كونها عدائية بحتة. وفي مقابلة مع طالب الدكتوراه البريطاني أيمن التميمي في يناير 2019، أشار مقاتل «هيئة تحرير الشام» أبو الليث الحلبي إلى أن "«هيئة تحرير الشام» هي التي توفر نفقات الغذاء والذخيرة لـ [تنظيم «حراس الدين»] بشكل يومي." وفي مقابلة في يوليو 2019، قال أحد مجندي تنظيم «حراس الدين» من ألمانيا، "مشكلتنا هي فقط مع قادة «هيئة تحرير الشام». الرتب الدنيا هم رجال مثلنا."
التمويل
إلى جانب أنشطته العسكرية، يشارك تنظيم «حراس الدين» بشكل كبير في نشر إيديولوجيته في أجزاء مختلفة من محافظة إدلب. فقد أنشأ مؤسسة دينية عبر "مركز دعاة التوحيد الدعوي" التابع له بقيادة أبو أسامة الشوكاني. ومن بين الشخصيات الرئيسية الأخرى في رسالته الدينية أبو هريرة الشامي وأبو البراء المهاجر (الملقب بالتونسي) وأبو عدنان الشامي وأبو محمد الشامي وقسورة الشامي وأبو عبد الرحمن المكي. وتركز أنشطة المركز على خطب الجمعة، ومحاضرات الشباب، ومنتديات الدعوة العامة، وجولات الدعوة، والدروس الثقافية، وزيارات المستشفيات. كما يوزع الأعضاء منشورات إيديولوجية عند نقاط تفتيش السيارات ويعلقون لافتات تروّج لإيديولوجيتهم أو فعالياتهم.
ومنذ تأسيسه، استخدم تنظيم «حراس الدين» مصادر إلكترونية للترويج لما يصل إلى 100 فعالية مماثلة في 14 مدينة وقرية مختلفة في إدلب. ومن المحتمل أن يكون قد تمّ تنظيم الكثير من الفعاليات المماثلة التي لم يتمّ الإعلان عنها سوى بشكل محلي. بالإضافة إلى ذلك، افتتح "مركز دعاة التوحيد الدعوي" مدرسة صيفية للأطفال من عمر 5 إلى 10 سنوات في سهل الروج، يوفر فيها مواصلات مجانية وتعليم اللغة العربية والإنجليزية والدراسات الدينية (القرآن والحديث والشريعة) والأنشطة الرياضية.
كذلك، أقدم تنظيم «حراس الدين» على إنشاء "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر". ومن بين الأنشطة الأخرى، يقوم أعضاء الهيئة بدوريات حسبة ويوزعون ملابس شرعية على طالبات المدارس بما يتماشى مع تفسير تنظيم «حراس الدين» للحشم.
فضلاً عن ذلك، جمع تنظيم «حراس الدين» و"غرفة عمليات وحرض المؤمنين" التابعة له الأموال للأنشطة العسكرية محلياً وعبر الإنترنت في إطار "حملة جاهزون" التي ينص مبدأها التوجيهي على أن "المال هو ركيزة الجهاد ومن دونه قد تضعف قدرات المجاهدين". وتُستخدم الأموال للأسلحة (مثل سلاح AK-47 [الكلاشنيكوف] والرصاص والقنابل الصاروخية) والغذاء والوقود والعلاج الطبي للمقاتلين الجرحى. وكانت الحملة قد بدأت في منتصف مايو، حيث طلبت من المؤيدين بعث رسائل على حسابات مخصصة في "تلجرام" و"واتساب"، تزودهم لاحقاً بمعلومات عن حسابات مصرفية يمكنهم إرسال الأموال إليها. ويشير ذلك إلى أنه قد يكون لدى مسؤولي تنظيم «حراس الدين» مستوى معيّن على الأقل من قابلية الوصول إلى النظام المالي العالمي، ويُفترض من خلال حسابات أمامية عبر الحدود في تركيا.
المستقبل
واضاف الباحث قائلا على الرغم من هذه الزيادة في النشاط العسكري والاجتماعي، لا يُعتبر تنظيم «حراس الدين» الجهة الفاعلة الأثر قوة في محافظة إدلب - فهو لا يزال يعتمد على «هيئة تحرير الشام» للقيام بعملياته، وإذا أراد زيادة قوته، فقد تحاول «هيئة تحرير الشام» قمعه واعتقال قادته من أجل الحفاظ على قاعدة القوة الخاصة بها. وبهذا المعنى، فإن إمكانات النمو المحلي لتنظيم «حراس الدين» محدودة إلى حد ما. وهذه الحالة هي جزء من اللغز الأوسع نطاقاً الذي ينشأ غالباً مع التنظيمات التابعة لتنظيم «القاعدة»: عندما تصبح هذه التنظيمات أكبر [قوّة] وأكثر شعبية، عليها الاختيار بين البقاء وفية لإيديولوجيتها الأساسية أو أن تصبح أكثر واقعية من أجل الحفاظ على سلطتها المحلية والشرعية. وهذه المعضلة هي السبب الرئيسي وراء نأي «هيئة تحرير الشام» عن تنظيم «القاعدة»، مما أرغم منظمتها الأم السابقة على تأسيس تنظيم «حراس الدين» كجماعة جديدة تابعة لها.
ضربات
وفي الوقت الحالي، فإن السؤال الأكثر أهمية لسياسة الولايات المتحدة هو ما إذا كانت هذه الديناميات ستدفع تنظيم «حراس الدين» نحو المزيد من التخطيط لعمليات خارجية.وطالب الباحث أجهزة الاستخبارات والمجتمعات العسكرية الأمريكية بالاستمرار في مراقبة التطورات في مناطق العمليات المعروفة للتنظيم، ويجب على القوات الأمريكية القيام بهجمات جوية تمييزية عند الضرورة، كما فعلت مع جماعات أخرى مرتبطة بتنظيم «القاعدة» في شمال غرب سوريا. ينبغي على واشنطن أيضاً تتبع التطورات الأوسع نطاقاً في محافظة إدلب لتحديد ما إذا كانت القوات المرتبطة بنظام الأسد تخطط لعملية استيلاء مستقبلية هناك، لأن انهيار ذلك الممر يمكن أن يضع تنظيم «حراس الدين» في مكانة لقيادة التمرد الجهادي الكبير التالي.