الوجه الآخر للإرهاب.. خريطة اليمين المتطرف في أمريكا

الجمعة 27/سبتمبر/2019 - 01:05 م
طباعة الوجه الآخر للإرهاب.. شيماء حفظي
 
شهدت السنوات الماضية، صعودًا كبيرًا لتيارات اليمين المتطرف في الغرب، في وقت تزداد سلطة الأحزاب المحافظة وسياساتها وتحتد نبرة مواجهة اللاجئين والمهاجرين، حتى خرجت تحذيرات من زيادة خطر المتطرفين اليمنيين.



وبالنظر إلى اليمين المتطرف في الولايات المتحدة الأمريكية، نجد أن هذا التيار تلقى دعمًا كبيرًا خلال الحملة الانتخابية للرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب، الذي حرص على كسب ود التيار بعد نجاحه.


واتخذ ترامب، عددًا من الإجراءات تعكس مدى تمثيله لعدد من الأفكار التي تؤمن بها الحركات اليمينية المتشددة؛ للدرجة التي جعلت "ريتشارد سبنسر" أحد القادة بحركة "القوميين البيض" يصف ترامب باعتباره صوت اليمين.

وقد ســمح خطاب ترامب أثناء حملته الانتخابية الذي اســتند إلى رؤية معادية للإسلام وللمهاجرين والأقليات والنساء إلى احتلال اليمين الراديكالي لمســاحة أوســع من التغطية الإعلامية؛ بالإضافة إلى تصاعد معدلات جرائم الكراهية ضد المسلمين والمهاجرين وهو ما يعده الليبراليون تهديدًا واضحًا لقيم الديمقراطية، والتنــوع الثقافي والعرقي الذي عملت الولايات المتحدة على تحقيقه منذ حركة  الحقوق المدنية في الستينيات.

أســباب تصاعــد الشــعبوية اليمينية فــي الداخل

وزاد صعود التيار اليميني، في الولايات المتحدة بسبب الأزمة المالية العالمية التي هزت واشنطن والعالم بالتبعية في 2008، والتي جاءت بعدما المطالبات بقيام الدولة بإجراءات حمائية اقتصادية أكبر، مع تصاعد خطاب معاد للعولمة ومنادية بالقومية.

وتعد أزمة اللاجئين أو المهاجرين أبرز القضايا التي يتغذى عليها القوميون البيض، في دفاعهم عما يسمونه الهوية القومية البيضاء، ومنذ 2011، زادت أزمات البلاد المصدرة للاجئين، ما زاد من وجود تلك الظاهرة والتي صاحبها تصاعد مشــاعر العداء للإسلام والمسلمين.

وتشــير" بيبـا نوريس" أستاذة العلوم السياسية في جامعة هارفرد ببريطانيا، في تحليلها لأســباب صعود اليمين المتطــرف إلــى أن التحولات في خيــارات الناخبين بين قوى اليسار واليمين، عادة ما ترتبط بوجود أحداث كبرى، كما في حالة دعم جورج بوش في أعقاب الحادي عشــر من ســبتمبر، أو في حالة وجود آثار طويلة المدى للسياسات الحكوميــة.

في دراسة بعنوان "خريطة اليمني المتطرف داخل الولايات المتحدة الأمريكية" للباحثة ضحى سمير، وهي أستاذ مساعد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، تقول إنه في بحث اليمين المتطرف في أمريكا، نجد أن هناك أكثر من عامل ساهموا في صعود التيار.

وأوضحت أن "فشــل ثــورات الربيع العربي في إنتاج خيارات ديمقراطية؛ بل على العكس تصاعد قوى الإسلام السياسي، وقيام تنظيم داعش بعد الهجمات الإرهابية في فرنسا وألمانيا، أدى إلــى عدم وجود ثقة لــدى الناخب الأمريكي في الحزب الديمقراطي والسياســات السالفة التي تبناها أوباما، والتي كانت ترحب بإحداث تغيرات فعلية بالشــرق الأوســط على حساب النظم السياسية القديمة.


وتشير الكاتبة إلى أن التكتل اليمني الذي شــهدته حملة ترامــب كان قد بــدأ أثناء الفتــرة الرئاســية الثانية لباراك أوبامــا تحديــدًا في عام 2008 م في إطار ما يســمى بحركة "حفلة الشــاي" التي ضمــت العديد من الحــركات اليمينية المختلفة، وبدأت تتوسع بشكل كبير من خلال وسائل الإعلام الإلكترونية، في المناطق الريفية والنائيــة، خاصة ضمن فئة الذكور البيض فوق عمر الخامسة والأربعين، وقد تبنت تلك الحركة قضايا الفقر في الولايات المتحدة، وربطها بخطاب عدائي ضد المهاجرين.

وينشط في أمريكا عدد من الحركات اليمينية، بينها حركــة التفــوق العرقــي الأبيض أو الســيادة البيضاء والقوميين من الجنس الأبيض، حيث يقع تحت مظلة القوميين الجدد 100 مجموعة وعدد من الأحزاب الصغيرة، مثل حزب الحرية الأمريكي الذي تأسس عــام 2010م، ويترأســه ويليــام دانيال جونســون، ونجح في حيازة عدد من المقاعد في انتخابات مجلس النواب والشيوخ

الأمريكي الأخيرة، وحزب الاستقلال الأمريكي الذي تأسس  عام ١٩٦٧م، ويترأسه حاليا مارك سيدين بارج، ولكن يحظى ذلك الحزب بشــعبية أقــل مقارنة بحــزب الحرية، وحزب الوطني الأبيض.

كما تتضمن الحركات اليمينية، حركة النازية الجديدة أو النازيون الجدد، وتعود جــذور هذه الحركة إلى الحزب القومي الاشــتراكي، وهذا الحزب الذي أسســه هتلر عــام ١٩٣٣م، عن أفكاره المتمثلة في تفوق الجنس الأبيض، وضرورة التخلص من شرائح اجتماعية معينة كاليهود والمعاقين، وتقــوم حركة النازية الجديدة باســتعادة هذا الميراث الفكري.

في أمريكا توجد أيضًا حركة الكونفدرالية الجديدة، وهو مسمى يستخدم للإشارة إلى المشاعر الداعمة لفكرة الكونفدرالية في أوائل القرن العشرين، بالإضافة إلى الرغبة في الحفاظ على القيم المسيحية التقليدية واستقلال الجنوب، وتعبر الحركة عن رفضها لقيم الليبرالية، والدمج للأقليات والسود.

وتأتي حركة مواجهة الجهاد، كأكثر الحركات اليمينية معاداة للمسلمين صراحة، وتتبنى شعار أوقفوا "أسلمة أمريكا" ويبلغ عدد المجموعــات العنصرية المعادية للإسلام حاليًا 101 مجموعة هذه من أشهرها.

نشــأت حركــة مواجهة الجهــاد في أعقاب هجمات 11 ســبتمبر 2001، ولها امتدادات في أوروبا؛ حيث ترى هذه الحركة أن المسلمين يشكلون تهديدًا للثقافة الغربية كما أنهم مصدر للعنف.

وتوافق أجندة هذه الحركة مع حركة أوقفوا أسلمة أمريكا، وهي حركة معادية للمســلمين ولها فــروع في عدد من الدول الأوروبية. تم تأسيسها عام 2009م تحت قيادة "باميال جيلر"، و"روبرت سبنســر"؛ وتعمل ضمن إطار مبادرة الدفاع عن الحريات الأمريكية، وتتبنى الحركة خطابًا معاديًا، للإسـلام والشــريعة الإســلامية، وترى أنه لا وجود للإسلام المعتدل.

شارك