عبر تحريك أذرعها السرية.. إيران تعد طبخة لبسط نفوذها في المنطقة
الجمعة 27/سبتمبر/2019 - 01:26 م
طباعة
أميرة الشريف
في خطوة غير متوقعة، نشر موقع المرشد الإيراني، علي خامنئي، صورة تجمعه بقائد فيلق القدس، قاسم سليماني، المكلف بإدارة عمليات الحرس الثوري في الخارج والذي يشرف عمليا على الميليشيات الشيعية في كل من العراق وسوريا ولبنان واليمن، والأمين العام لحزب الله اللبناني، حسن نصر الله، ولم يوضح الموقع الرسمي لمكتب المرشد، متى جرى هذا الاجتماع، مكتفيا بالإشارة إلى أنه انعقد منذ بعض الوقت في مقر خامنئي بطهران.
وجاء نشر الصورة على غلاف العدد الأول من مجلة "مسير" من إصدار مكتب حفظ ونشر آثار خامنئي والتي ضمت أيضا حوارا مطولا مع نصر الله، نُشر على أجزاء وخاض فيه الأمين العام في أكثر من موضوع بداية بالثورة الإسلامية في إيران عام 1979 وحرب تموز 2006 وثورات الربيع العربي والاحتجاجات في سوريا التي تحولت إلى حرب أهلية.
ووفق تقارير إعلامية، فإن هذه اللقاءات السرية بين قادة الجماعات الموالية لطهران مع الزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر المعارض للنفوذ الإيراني في العراق، تشير إلى أن طهران ربما تعدّ لطبخة أساها الفوضى في المنطقة عبر تحريك أذرعها للتنفيس عن مأزقها ولكبح الضغوط القصوى التي تمارسها واشنطن لجرّ الجمهورية الإسلامية إلى تفاوض جديد تحت الضغط حول برنامجيها النووي والصاروخي.
وتصف الولايات المتحدة ودول عربية تلك الميليشيات بأنها أذرع إيرانية تحركها طهران لزعزعة الاستقرار في المنطقة.
وقال نصرالله إن حزب الله وعد خامنئي في حرب تموز(مع إسرائيل) بأن يتحول إلى قوة إقليمية لا تهزم.
وحزب الله حليف قوي لإيران ويأتمر بأوامرها رغم إصراره في خطاباته الداخلية الموجهة للاستهلاك الإعلامي على أنه قوة مقاومة لبنانية وأنه يملك قراره، لكن نصرالله لم يخف في السابق أن ولاءه لولاية الفقيه وللثورة الإسلامية.
وكان نصرالله قال في تصريحات سابقة "نخوض معركة كبرى وتحاول أميركا وإسرائيل أن تحاصر مخيمنا. وقائد مخيمنا اليوم هو الإمام خامنئي ومركزه الجمهورية الإسلامية الإيرانية".
وفي أغسطس الماضي، التقى خامنئي قادة من ميليشا الحوثي اليمنية في ذروة التوتر الأميركي الإيراني وبعد هذا اللقاء كثّف المتمردون من هجماتهم على الأراضي السعودية بطائرات مسيرة وبصواريخ باليستية إيرانية الصنع.
وتناولت أجندة اللقاء العلاقات بين الطرفين، واستمرار الدعم الإيراني المادي والعسكري لميليشيات الحوثي.
وسبق لممثلي المرشد الأعلى في إيران أن أجروا العديد من اللقاءات مع قادة الفصائل الشيعية العراقية المنضوية تحت لواء الحشد الشعبي، كما اجتمع الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس في أكثر من مناسبة مع قادة الحشد في العراق.
وفي الفترة الأخيرة استقبل المرشد الأعلى في إيران زعيم التيار الصدري في العراق مقتدى الصدر الذي يمثل خطا وطنيا وحاول مرارا الدفع بهذا الاتجاه على الأقل بحسب ما هو معلن وهو المعروف أيضا بمعارضته الشديدة للنفوذ الإيراني في العراق، فيما كانت تسود خلافات بين مرجعية النجف المحلية ومرجعية قم الإيرانية وهي خلافات نفوذ وسيطرة.
ويعتقد أن استقبال الصدر الذي جرى في وقت سابق من سبتمبر كان ضمن محاولات خامنئي لترميم التصدعات في جبهة الميليشيات الشيعية العراقية واستقطاب رجل الدين النافذ الذي نجح مرارا في تحريك الشارع العراقي ضد الحكومة التي يقودها الشيعة وفق المحاصصة السياسية والطائفية.
وفاز التيار الصدري الذي تحالف مع الشيوعيين ضمن كتلة 'سائرون' بالأغلبية في الانتخابات التشريعية الماضية في تزاحم مع كتلة الفتح التي يقودها هادي العامري أحد رجال إيران المخلصين في العراق وقائد ميليشيات بدر. كما حلت حينها كتلة ائتلاف النصر التي يقودها رئيس الوزراء العراقي السابق حيدر العبادي في المرتبة الثالثة.
ويري مراقبون أن اللقاءات التي عقدها بداية مع قادة من الحوثيين ثم مع مقتدى الصدر وأخيرا مع نصرالله تأتي ضمن إعادة ترتيب الأولويات السياسية والميدانية وتشير إلى دفع لتعزيز دور الإسلام الشيعي ومواصلة تصدير الثورة الإيرانية للتمدد في المنطقة.
ويقول خبراء أن اللقاءات جاءت لتعزيز الجبهة في مواجهة الضغوط الأميركية القصوى التي دفعت الاقتصاد الإيراني إلى حافة الهاوية على الرغم من الدعاية التي لا تهدأ بأن إيران قادرة على الصمود والتكيّف مع العقوبات الأميركية.
خامنئي هو من أعطى على الأرجح الضوء الأخضر لشنّ أوسع هجوم على منشأتي نفط سعوديتين في 14 سبتمبر.
وتعرضت منشأتا نفط سعوديتان في 14 سبتمبر لأسوأ هجوم تسبب في توقف نصف الانتاج السعودي تقريبا وتبنته جماعة الحوثي، لكن واشنطن والرياض أكدتا أنه هجوم إيراني.
وقد تكون تلك اللقاءات أيضا تحضيرا للمرحلة القادمة حيث تتحسب إيران لعمل عسكري مع بدء واشنطن تشكيل تحالف دولي موسع تحت عنوان حماية أمن الملاحة البحرية في مضيق هرمز وبحر عمان وتأمين ناقلات النفط في تلك المضائق المائية الحيوية لإمدادات العالم من الطاقة.
يذكر أن واشنطن فرضت مجموعة عقوبات على طهران بعدما انسحب الرئيس الأميركي في مايو من العام الماضي من الاتفاق النووي المبرم بين طهران والدول الكبرى، على إثر تدخلاتها في شؤون المنطقة.