داعش وتحول حروبها من الميدانية إلى الحرب النفسية والإعلامية

الأحد 29/سبتمبر/2019 - 02:36 م
طباعة داعش وتحول حروبها حسام الحداد
 
ضمن عمليات الرصد التي يقوم بها مرصد الأزهر لمكافحة الإرهاب والتطرف أصدرت وحدة رصد اللغة الإسبانية تقريرا حول داعش وتحول حروبها من الميدانية إلى الحرب النفسية والإعلامية، حيث انحسرت الحروب الميدانية، والمواجهات المسلحة، مع قوى الإرهاب في الفترة الأخيرة إلى حد كبير، ولم يبق للقوة العسكرية لتنظيم داعش وزن يُذكر بعد الهزيمة الكبيرة في العراق وسوريا؛ إذ أدرك التنظيم المتطرف أن البساط ينسحب من تحت قدميه، وأن نجمه آخذٌ في الأفول؛ فلا هو احتفظ بما استولى عليه من أراضٍ في المنطقة العربية، ولا حاز أراضيَ أخرى في الشرق كان يتطلع إليها كميدان بديل لتحقيق أهدافه.
من هنا توجه التنظيم المتطرف إلى أنماط أخرى من الحرب، وهي الحرب النفسية والإعلامية. وربما نجح داعش -إلى حد ما- في خوض هذه الحرب الموجهة خصوصًا إلى الشعوب المستهدفة، وبالأخص شعوب أوروبا التي أصبحت هدفا رئيسًا لتهديدات التنظيم وهجماته خلال وقت ما.   
والحرب النفسية هي الاستعمال المخطط والمُمنهج للدعاية، ولمختلف الأساليب النفسية؛ للتأثير على آراء ومشاعر وسلوكيات الآخر بطريقة تسهل الوصول للأهداف. وقد أدرك تنظيم "داعش" منذ نشأته أهمية الدور الإعلامي في تحقيق أهدافه عبر ما أنشأه من آلات إعلامية، فضلًا عن استغلاله لكافة وسائل التكنولوجيا الحديثة، وتكثيف تواجده عبر مواقع التواصل الاجتماعي؛ لبثّ دعايته الترويجية، والتي اعتمدت في مجملها على الاستعراض والتهويل.
وبرغم الهزيمة التي لحقت بالتنظيم الإرهابي في سوريا والعراق، فإنه لا يزال يستخدم آلته الإعلامية؛ لشن حرب نفسية ضد الشعوب والدول، فضلًا عن رفع الروح المعنوية للمنضمين إليه. وفي هذا السياق يقوم تنظيم داعش بنشر صور ضحايا الهجمات التي ينفذها كنوع من الحرب النفسية التي يشنّها ضد مخالفيه، وإحباط معنوياتهم؛ فينشر مجموعة صور دعائية لعدد من ضحايا هجماته الإرهابية، خاصة إذا كان هؤلاء الضحايا ينتمون لجماعة إرهابية أخرى، وذلك كنوع من التحذير لما قد يحدث لأقرانهم إذا استمروا في مواجهته.
كما يرى التنظيم أن الترويج الدعائي بالوسائل المختلفة هو السلاح الأخير، والورقة الرابحة، التي عليه أن يركز جهوده عليها باعتبارها ملاذًا أخيرًا لإثبات بقائه، وكذا للعمل على استقطاب عناصر جديدة لصفوفه.
وكان داعش قد نشر خلال العام الجاري 2019، وحتى الآن 15، مقطع فيديو للترويج لأنشطته، وللتعليق على أحداث مختلفة؛ ورغم ذلك فإن المستوى المنخفض لجودة الدعاية الإرهابية، التي تم الكشف عنها أثناء تحليل تسجيلات الفيديو الخاصة بالتنظيم، تدل على عدم وجود أية فاعلية حقيقية له في أي جزء من العالم.
فعلى سبيل المثال، عُرض مقطع فيديو لاثنيْن من المقاتلين من القوقاز، وبأيديهم أسلحة لكاتم صوت، ومعدات خفيفة، في مظهر يوحي بإفلاسهم، وقلة مناصريهم، وضعف أدواتهم، كما تظاهر ثلاثة مسلحين في شريط فيديو بأنهم تابعين «ولاية أذربيجان»، إلى غير ذلك من الدلالات الواضحة على ضعف التنظيم على المستوى الميداني، ولجوئه إلى الترويج، والدعاية الإعلامية، فضلًا عن الحرب النفسية؛ لإرهاب الشعوب.
ويؤكد مرصد الأزهر أن المواجهة الحقيقية للتنظيمات الإرهابية، والتي يمكن أن تكون ذات جدوى هي المواجهة الفكرية، والإلكترونية على جميع المنصات، والمواقع. ومع تلاشي مفهوم الحرب التقليدية أصبحت المواجهة الإلكترونية حتمية؛ لمجابهة قوى الشر والتطرف، وسيل الأفكار الشاذة، الذي ينهمر في قنوات المواقع، والشبكات الإلكترونية. أما الحرب النفسية فإن الشعوب قادرة على فهم أسبابها، ونتائجها ببساطة شديدة؛ فقد اعتادت تلك التنظيمات على بث تهديداتها دون هدف غير إثارة المخاوف، وبث الرعب في نفس المواطنين، وقد أضحت حيلة قديمة يفهمها الصغار قبل الكبار.
ومن هذا المنطلق يتضح أن تغيّر مفاهيم الحرب عند الجماعات المتطرفة، وتحوّلها إلى حرب إلكترونية تتركز في الدعاية والاستقطاب، وبث المواد الإعلامية التي تحض على العنف يقتضي تغيير آليات المواجهة على جميع الأصعدة، وفي مختلف الدول

شارك