العنف ضد المرأة التركية.. عار يلطخ جدران نظام «أردوغان»
الإثنين 30/سبتمبر/2019 - 10:18 ص
طباعة
نورا بنداري
من جديد، تظهر المرأة التركية على الساحة السياسية لتندد برفض سياسات القمع التي تمارس ضدها، وكل أشكال العنف، ومطالبة الحكومة بالتدخل لإيجاد حلول لوقف الأساليب التعسفية بحقها، إلا أنها تجد نفسها أمام دولة لا تحترمها، بل وتساهم في زيادة أشكال العنف الممارس ضدها.
في 28 سبتمبر الجاري، خرجت مئات النساء في تظاهرة نسائية بمدينة إسطنبول؛ للتنديد بالاعتداءات الجنسية، والعنف الذي تتعرض له المرأة، محملين حكومة الحزب الحاكم «العدالة والتنمية» المسؤولية الكاملة في التراخي والعجز عن مواجهة هذه الظاهرة التي تتفاقم يوما بعد يوم، وأطلقت المتظاهرات الغاضبات هتافات مناهضة ورافضة للعنف مثل «أوقفوا قتل النساء»، و«لا تتفرجوا على هذا العنف، افعلوا شيئا لوقفه».
وتشهد تركيا من وقت لآخر حوادث عنف متكرر ضد النساء، أحدثها حادثة «مينة بولوت»، في أغسطس الماضي، التي ماتت طعنًا بسكين من قبل زوجها، إثر شجار بينهما في مقهى بمدينة «كيريكالي» وسط البلاد أمام ابنتهما البالغة من العمر 10 أعوام.
وأثارت هذه الجريمة موجة إدانات واسعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ودعوات لتشديد الإجراءات لمنع أعمال العنف بحق النساء، ولذلك اعتبرت المتظاهرات أن تغاضي السلطات التركية، وعدم التصدي لظاهرة الاعتداء ضد المرأة، سبب رئيسى وراء انتشار واستفحال تلك الظاهرة.
ارتفاع معدلات العنف
وفقًا لإحصائيات منظمة الأمم المتحدة لعام 2018؛ فإن قرابة 40% من النساء الأتراك يتعرضن لعنف بدني أو أسري من شريك الحياة، وبحسب تقديرات المنظمات المدافعة عن حقوق النساء، فخلال الأشهر الثمانية الأخيرة قتلت 284 امرأة، بينهن 40 فقط خلال شهر أغسطس، كما قتلت 440 امرأة خلال عام 2018، بينما أوضحت منظمة رقابية تدعى «سنوقف قتل النساء»، أن حوالي 409 نساء قُتلن على أيدي شركائهن أو أحد أعضاء العائلة عام 2017 وحده، بزيادة قدرها 75% عن عام 2013.
قمع بحق المرأة
وهذه ليست المرة الأولى التي تخرج فيها النساء بمظاهرات للمطالبة بالدفاع عن حقوقهن، ففي 10 مارس الماضي، خرج الآلاف احتجاجًا على سياسات «أردوغان» القمعية بحقهن، إلا أن الشرطة أطلقت عليهن الغاز المسيل للدموع لتفريق الحشد، واندلعت اشتباكات لدى مطاردة قوات الأمن للنساء.
وفي الوقت الذي تمارس فيه الشرطة هذه الأساليب العنيفة بحق المرأة، نجد «أردوغان» وزوجته يمثلان في فيلم قصير ضد العنف تجاه المرأة، مدعين أن العنف ضد المرأة هو خيانة للإنسانية.
إهمال الداخل
يوضح هشام النجار، الباحث في شؤون الحركات الإسلامية، أن النظام السياسي التركي يتحمل مسؤولية كل خلل يحدث بالداخل التركي، سواء كان اجتماعيا أو اقتصاديا أو معاناة حياتية تمس معيشة المواطن أو تمس الحقوق والحريات.
وأضاف «النجار» في تصريح لـه، أن النظام التركي يشغل نفسه بقضايا وملفات خارج حدود بلده، ويصب اهتمامه كليا على مشروع توسعي في العديد من المناطق البعيدة والقريبة منه، ويأتي ذلك في الوقت الذي يكون فيه النظام غافلا وعاجزا عن حل القضايا الخاصة بمواطنيه، وتخفيف المعاناة عنهم في مختلف الملفات؛ نظرًا لأن شغله الشاغل متعلق بما هو خارج حدوده وبصراعاته الخارجية.
وأشار إلى أن سياسات القمع التي ينتهكها النظام التركي بحق المتظاهرين والمتظاهرات، ترجع لوجود «فوبيا» لدى «أردوغان» من المظاهرات، وهاجس قوي يخيفه ويرعبه من خروج الشعب عليه في أي وقت لعزله وخلعه من السلطة؛ بسبب تجاوزات وجرائم صارت معروفة للجميع.
ولفت الباحث في شؤون الحركات الإسلامية إلى أن السياسة التركية القمعية تسهم في مضاعفة معاناة فئات الشعب التركي، إذ إن هناك فئات لديها ما تشكوه من تجاوزات أخلاقية واعتداءات، مثل النساء على سبيل المثال، ورغم ذلك لا تستطيع المرأة التركية في أغلب الأوقات؛ التعبير عن معاناتها والمطالبة بحقوقها، تأثرًا بمناخ الكبت والقهر العام الذي يطغى على البلاد، في ظل قبضة «أردوغان» السلطوية؛ لأنه يحسب كل مطالبة بحق وتعبير عن رأي معارضة للنظام السياسي، وشرارة لانطلاق الثورة ضده.