في حواره مع نشأت الديهي.. «جولن» يكشف أردوغان ويفضح دوره في تشويه الإسلام
الإثنين 30/سبتمبر/2019 - 11:31 ص
طباعة
شيماء يحيى
في حوار مثير أجراه الإعلامي نشأت الديهي حصريًّا لقناة «تن» المصرية، مع ملهم حركة الخدمة، الزعيم فتح الله جولن، بولاية بنسلفانيا الأمريكية، حول آراء جولن الخاصة الخاصة بتوتر العلاقات بين مصر وتركيا، تناول جولن الكثير من التطورات على الساحة السياسية التركية، إضافةً إلى دور الإسلام السياسي في تشويه صورة الإسلام حول العالم.
مصر وتركيا.. علاقة تاريخية تجاهلها أردوغان
تطرق جولن في حديثه مع «الديهي» إلى العلاقات الثنائية بين مصر وتركيا، فبعد أحداث 2013 التي حدثت في مصر، تأزمت الأوضاع بين الطرفين، وقال أردوغان: إن لكل فرعون موسى، واعتبر رئيس مصر حينذاك فرعونًا، قبل أن يتحرى عنه كما ينبغي، ولكنه يرى أن هناك مقدار محبة واحترام الشعب المصري للشعب التركي، وتعاطف فيما بينهما، إلا أن المسؤولين الأتراك يميلون بطبيعتهم للخوض في جدليات بين نظائرهم المصريين، انطلاقًا من الاعتبارات السياسية، ولا تزال هذه الجدليات قائمة حتى اليوم بينهم.
وقد أعرب بعض الأتراك في مناسبات مختلفة عن رغبتهم في تجديد العلاقات بين مصر وتركيا مرة أخرى وعودتها إلى طبيعتها، ولكن جولن يرى أن هذه المحاولات ستبوء بالفشل، خاصةً بعد مضي كثير من الوقت، رغم تمنياته برجوع العلاقات بالفعل كما في عهدها سابقًا بين مصر وتركيا، ولكن في ظل وجود هؤلاء المسؤولين الأتراك في السلطة بات الأمر صعبًا إن لم يكن مستحيلًا، فهم متحولون لا يستقروا على وضع ثابت، مذبذبين بين هؤلاء وهؤلاء، وقال: «المسيطرون على السلطة في تركيا ليسوا من أبناء الأناضول الحقيقيين، وإنما سمعنا أنهم جاءوا من الشمال، ولا يعرفون مبادئ وقيم الأناضول الأصيلة، ولم ينجحوا في هضم واستساغة تلك المبادئ والقيم، بل ضربوها عرض الحائط، واستغلوا الشعارات الدينية لضمان بقائهم في السلطة».
منهجة الاستراتيجية المصرية
ويأتي هذا الحوار مع جولن بعد اجتماعات الجمعية العامة بالأمم المتحدة في نيويورك بأيام عدة، وعلى هامشه أدلى أردوغان بتصريحات بشأن وفاة الرئيس المصري المعزول «محمد مرسي»، وقامت الخارجية المصرية بالرد على تلك الادعاءات؛ إذ قال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية: «إن من المفارقات الساخرة أن تأتي تلك الادعاءات من شخص مثل أردوغان، على ضوء رعايته للإرهاب في المنطقة، فضلًا عما يرتكبه نظامه من انتهاكات صارخة في حق الشعب التركي الصديق؛ حيث يحاول أن يجعله رهينة لحرية زائفة وعدالة مزعومة».
وأضاف أن تصريحات الرئيس التركي الأخيرة ضد مصر لا تعدو كونها محاولة يائسة منه لصرف النظر عن تدهور وضع نظامه، والخسائر المتتالية التي يعانيها سواء على المستوى الحزبي أو على الساحة الداخلية التركية والساحة الدولية.
تطورات الساحة السياسية التركية
علق جولن على آخر التطورات السياسية التركية، والتوترات داخل حزب العدالة والتنمية، فهو يرى أن التغيير القائم على علاقات وقيم معينة تحفظ أمن البلاد واستقرارها، يختلف عن التغيير والبلبلة التي تحدث بناءً على فوضى، وموجة الانشقاقات التي بدأت باستقالة وزير الاقتصاد الأسبق علي باباجان، ورئيس الوزراء الأسبق أحمد داود أوغلو؛ اعتراضًا على سياسات الحزب.
وقال: «الديمقراطية أفضل نظام للمجتمعات التعددية غير المتجانسة، مثل تركيا، وأسلوب فرض المعتقدات والأفكار الذي يتبناه أصحاب الإسلام السياسي، من شأنه أن يخلق نزاعات واضطرابات في المجتمع كما يحدث في تركيا».
وأكد أن أردوغان ورفاقه المسيطرين على نظام الحكم في تركيا لا دراية لهم بالسياسة، قائلًا: «لقد قدموا خدمات للإسلام والعالم الإسلامي في البداية، ولكنهم استغلوا الشعارات والخطابات الإسلامية؛ لإضافة إطار من الشرعية على فسادهم وسرقاتهم».
وفيما يتعلق بالدستور التركي المثير للجدل، والي تطالب المعارضة في تركيا بتغييره، قال: «على تركيا وضع دستور يراعي كافة الآراء والمعتقدات، وأنصحهم بالاستفادة من الدستور الأمريكي الذي يحترم جميع الطوائف وآراء الجميع، وجعل حقوق المسلمين أساسًا بصفتهم يشكلون الأغلبية، مع الحفاظ على حقوق الأقلية، كما استفادت تركيا سابقًا من الدستور الفرنسي».
وأضاف: «الدستور التركي الحالي لا يصلح لإدارة شؤون المجتمع، فالمجتمع التركي يتكون من أطياف وقوميات متعددة من أتراك وأكراد وشركس ولاظ، إضافةً إلى معتقدات دينية مختلفة ومتنوعة بين كماليين وملحدين وربوبيين وعلويين وسنة وغيرهم، لا يمكن إجبارهم على رأي واحد، وإنما يجب مراعاة حقوقهم ومعتقداتهم، يجب أن تعامل الآخرين كما تريد منهم أن يعاملوك».
اتخذ أردوغان من الخدمة هدفًا، وبدأ في تقويض مؤسساتها التربوية والتعليمية، فبدأ في إغلاق معاهد التحضير الجامعي والمعاهد الخاصة، تلك المؤسسات التي لا وجود فيها للخمر ولا للتدخين ولا للمخدرات وما شابهها، لقد قوض تلك المؤسسات لا لشيء، إلا لأنها تخضع لأجندته الداخلية والخارجية، ولقد أعترف أردوغان بتغيير 3 وزراء؛ من أجل إغلاق هذه المؤسسات، وقد ظهروا على حقيقتهم خلال تحقيقات الفساد والرشوة في ديسمبر 2013، ظهرت الرشوة واللصوصية والفساد رغم ادعاءاتهم بكونهم إسلاميين، ومع أن أجهزة الأمن والقضاء، خاضعة لسلطته، هي التي كشفت عن هذه الفضائح، اتهم أردوغان القائمين على هذه التحقيقات من أفراد الشرطة والقضاة ووكلاء النيابة بأنهم من الخدمة.
وختم جولن حواره قائلًا: «أعتقد أن هذه الفوضى التي تعم العالم ستستمر، ما لم ننجح في تأسيس نظام مثالي يستثير غبطة الإنسانية جميعًا، لكن ينبغي علينا أن نصر على المضي قدمًا في هذا السبيل، أظنّ أن الشعب المصري الحبيب وكذلك الذين لم يفقدوا إنسانيتهم في تركيا، قادرون على تحقيق ذلك، إذا نجحوا في تحقيق التوازن والاعتدال على المستويين الفكري والعاطفي، وأفلحوا في تشكيل نظام مثالي يُحتذى به على مستوى العالم».
المنحنى الخطر
وفي تصريح له، قال الدكتور ناصر مأمون، الباحث في العلوم السياسية: إن العلاقات التركية المصرية تمر بمنحنى دبلوماسي خطير، لم تشهده العلاقات على أسوء حالاتها؛ حيث انحنت إلى كونها مسألة وجود شخصيتين رؤوس في البلدين؛ حيث حولها أردوغان إلى مسألة شخصية بحتة، استغل فيها مقدرات الشعب التركي، وبات يرى في الوجود الريس السيسي على رأس النظام المصري وما يتمتع به من كاريزما، فرضت وجودها على منطقة الشرق الأوسط، ما يهدد وجوده شخصيًا وكذلك يهدد ما يصبوا إليه من محاولته لإعادة مجده العثماني، وتبوئه كرسي الخلافة الإسلامية العثمانية، ولعل ما يتم الآن من حراك محدود على الساحة في القاهرة محاولة ضعيفة ممولة من أنقرة والدوحة وذلك على لسان فتح الله جولن، الزعيم المعرض للنظام الأردوغاني، ومؤسس حركة الخدمة، واصفًا النظام التركي بعد اكتسابه عداء المنطقة وتجوزاته في المنطقة، وكذلك تجاوزاته في القوات المسلحة، في نفس الوقت الذي وصف فيه النظام المصري، نظام ناضج ونظام ذو كفاءة عالية، وقد جاء بتوقيت تلك المقابلة أهمية ليعبر عن وجه نظر تركية أخرى تحظى باحترام جماهيري سواءً داخل تركيا أو خارجها، ولذلك يعبر عن المكنون الشعبي للأتراك من ود واحترام، بعيدًا عن النظام ونواقصه والروابط الشعبية بين الطرفين.
وأوضح مأمون أن حركة الخدمة التي يتزعمها جولن، الذي لقبه البعض بغاندي تركيا، هي حركة إسلامية تعاونية تربوية تقوم على مكافحة الجهل وفض المنازعات في أي مكان في العالم، وقد انتهز أردوغان علاقته بجولن في وصوله لرئاسة الوزراء في 2002، وما لبث أن حصل على بينهم خلاف شديد؛ بسبب تصريحات جولن في حادث السفينة «مرمرة» على سواحل غزة.
وأضاف مأمون فيما يخص الشأن المصري، أصبح أردوغان يقف منفردًا، وفيما صدر منه في بيانه على منبر الجمعية العامة في الأمم المتحدة، الذي تبنى فيه موضوع مقتل محمد مرسي؛ محاولةً لشد الإخوان والالتفاف حوله، بصفته أحد أضلع تحالف غاز الشرق المتوسط الذي يراه هو الأضعف، فهو لن يمارس الضغوط على قبرص أو اليونان، بحجة أنهم مدعومين من الاتحاد الأوروبي، لكن ما يحدث من دعم تركي قطري للقلاقل في القاهرة لا تخلو الصورة من رائحة غاز شرق المتوسط ، فجاء رد الخارجية المصرية بتقديم اعتراض على ما جاء به أردوغان، ثم جاء باستدعاء القائم على بالأعمال التركي، وقدمت مذكرة احتجاج رسمي .
ويتوقع مأمون أن أردوغان لن يكرر هذا الحديث مرة أخرى، فهو حاليًّا الخاسر الأوحد في المعارك التي خاضها كافة، وبات الأمر اليوم بالنسبة لأردوغان حينما نقض تلك السياسة البارعة التي أكسبته ثقلًا دوليًّا، وجعلت من تركيا قوى في محيطها الإقليمي، صارع مشكلات في سوريا، ومشكلات داخلية مع الأكراد، ومع الاتحاد الأوروبي، ودول الخليج العربي، ومع أقوى دولة في الشمال الإفريقي وفي الشرق الأوسط، مصر.