شبكة «ABC» في مخيم الهول.. تحقيق ميداني عن داعشيات أستراليا في سوريا

الثلاثاء 01/أكتوبر/2019 - 12:12 م
طباعة شبكة «ABC» في مخيم نهلة عبدالمنعم
 
 في إطار الإشكالية الدائرة في بعض البلدان حول ملف العائدين والعائدات من تنظيم «داعش»، سلطت شبكة «abc» الاسترالية مزيدًا من الضوء على ملف «داعشيات أستراليا» ممن يقبعن حاليًّا بمخيم الهول في شمال سوريا برفقة أطفالهن.
إذ أجرت الشبكة تحقيقًا ميدانيًّا، أبرزت من خلاله أن الداعشيات الأستراليات الموجودات بالمخيم عددهن قليل، ولكن تربط أغلبهن علاقات مصاهرة وصلات قرابة يكمن خلفها شخص متطرف يدعى «محمد زهاب».
طبقًا لما تم تقديمه من معلومات أمنية، فإن محمد زهاب كان يعمل معلمًا لمادة الرياضيات في مدرسة سيدني الإسلامية الثانوية، وكان محبوبًا من الطلاب، ولكن بعد ظهور داعش في 2014 انخرط محمد في أيدلوجية التنظيم وقرر السفر إلى سوريا ومنذ ذلك الحين أقنع أفراد عائلته باللحاق به ومنهم من اتُخذ رغمًا عنه، إلى أن وصل عدد داعشياته بالمخيمات القذرة إلى حوالي 20 امرأة و44 طفلًا.
ومن المرجح، أن محمد الذي قتل جراء غارات قوات التحالف كأن مركز لشبكة سلمت ما لا يقل عن عشرة من أفراد الأسرة إلى داعش، كما أنه كان متورطًا أيضًا في ثلاثة مؤامرات منفصلة للتنظيم وأقنع والديه واخوته بالسفر إلى سوريا طبقًا لرواية وزارة الداخلية.
إذ غادر والديه أستراليا في عام 2015 بعد بيع منزلهما في سيدني وتزعم الشرطة الفيدرالية، أن العائلة حاولت استخدام العائدات لتمويل التنظيم، كما أدين ابن عمه هيثم زهاب، من بلدة يونغ في مقاطعة نيو ساوث ويلز، في يونيو 2019؛ لقيامه بالبحث في تكنولوجيا الأسلحة لصالح التنظيم.
في إحدى الخيام التي زارتها الشبكة، كانت 11 من أصل 16 امرأة ، ومعظم الأطفال، مرتبطين بزهاب بالدم أو الزواج.
وفي مقابلة وثقتها الشبكة وأعدت لها أيضًا تم تنظيم لقاء بين بعض النساء وآبائهم ممن يتخذوا على عاتقهم مهمة إقناع الحكومة باستعادة هؤلاء النسوة المغرر بهم، كشف التقرير عن لقاء جرى مع أسترالية تدعى «مريم دبوسي» ووالدها كمال، وطبقًا لشهاداتها لـ«ABC News» قالت: إن صهرها محمد زهاب قام بتسليمها هي وطلفلها لقبضة داعش، معبرةً عن غضبها مما اقترفه وما جلبوا لها من مصير سئ ومخيف -فوفقًا لها- لولاه ما عاشت بالمخيمات هي والنساء الأخريات.
وأكدت مريم، أنها كانت تعيش في رخاء وأمان مع أسرتها المنتمية للطبقة المتوسطة في ضواحي سيدني الغربية ولم تكن متشددة، ولكن بعد زواجها في الثانية والعشرين من عمرها بـ«خالد ذهاب» شقيق الداعشي الخطر تفاجأت بسيطرة محمد على زوجها خالد.
وفي منتصف عام 2015، ذهبت مريم وخالد وطفلهما البالغ من العمر 18 شهرًا آنذاك في أول عطلة خارجية لهما إلى لبنان، وكان محمد وقتها بالفعل في سوريا، واستطاع خداع أخيه وزوجته للانضمام للتنظيم؛ إذ سافرت العائلة من لبنان إلى منزل بالقرب من الحدود السورية في تركيا.
وحينها أخبرها زوجها بأن الوقت قد حان للرحيل إلى مكان آخر، ومن ثم اتجهوا إلى قطعة أرض تكتسحها الرمال وبها عدد من المنتظرين لذات المصير، وهناك بدأ إطلاق النيران بكثافة وسط الخوف والذهول، وتم تجريدهم من هواتفهم وجوازات سفرهم، ثم اقتادتهم سيارة إلى أحد المنازل، وعند دخوله وجدت مريم علم داعش الشهير معلقًا على الحائط.
وتوصف مريم شعورها آنذاك بالغضب من محمد؛ لأنها أدركت خديعته لها وسيطرته على أخيه لاقتياده لدخول سوريا والانضمام إلى تنظيم داعش، ومنذ ذلك الحين تم تدريب خالد على المهام العسكرية وتركت هي بالمنزل لرعاية ابنها، وبعد ثلاثة أشهر عندما كانت مريم على وشك الولادة، قُتل خالد في غارة جوية شنتها قوات التحالف على معسكره التدريبي.
ولم تكن هذه هي الصدمة الأولى لها منذ دخول سوريا، ولكنها حاولت الهروب ثم قبض عليها وعادت مرة أخرى للتنظيم، وتم تزويجها من داعشي آخر وقتل أيضًا عندما كانت حاملًا في شهرها التاسع.
ومع معاناة التنظيم من الهزائم العسكرية المتتالية، انتهى بها المطاف مع أطفالها إلى المخيم، مشيرةً إلى أن حقيقة ما حدث في قرية الباغوز من معارك وكر وفر يحتاج على الأقل حوالي 10 سنوات لكشفه.
ومن الشهادات الأخرى التي وثقتها الشبكة كانت تابعة لـ«نسرين» شقيقة محمد زهاب والتي أرسلت مع والديها وبعض الرجال إلى داعش، ولأنها كانت عزباء تم إيداعها في منزل تابع للتنظيم ومخصص للفتيات اللائي لم يتزوجن بعض.
وبعد فترة قليلة، قام شقيقها بتزويجها من أحمد مرعي، وهو أيضًا أسترالي تم تجنيده عبر زهاب، وفي عام 2017 ، تم نقل مرعي إلى العراق على أيدي القوات الأمريكية وحُكم عليه بالإعدام.
وكانت نسرين في الحادية والعشرين من عمرها عندما تسللت هي وابن عمها من عطلة عائلية في لبنان إلى مساعدة اللاجئين على الجانب التركي من الحدود السورية مثلما أخبرها شقيقها، مؤكدةً أنها لم تكن تنوي دخول سوريا أبدًا ولكن تم التلاعب بها.
من بين أبرز الضحايا النساء في المخيم، كانت زوجته الأسترالية «مريم رعد»، التي ادعت أنها لم تكن على علم بعمل زوجها وأنه كذب عليها متوسلة إلى العودة لبلادها ورعاية أطفالها هناك، بدلًا من المخيمات الغير نظيفة والغير آدمية.
بينما قالت عائلة مريم رعد: إن زهاب تركها في سوريا على غير إرادتها وهي الآن تدافع عن نفسها وعن الأطفال الأبرياء، ومن الجدير بالذكر، أن أمينة والدة زهاب تعيش أيضًا بالمخيم معها وتحلم أيضًا بالعودة.
من جهتها قررت الحكومة الأسترالية الرد على هذه المطالبات النسائية والعائلية أيضًا، قائلة: إن هناك بعض النساء داخل المجموعة يشكلن تهديدًا أمنيًا كبيرًا للبلاد.
فيما صرح  وزير الداخلية بيتر داتون، بأن هؤلاء ليسوا سيدات أبرياء، فهن أخذن أطفالهن إلى مسرح الحرب، كما أكد أن نائب مفوض شرطة نيو ساوث ويلز السابق، نيك كالداس الذي كرس حياته المهنية في التحقيق في الإرهاب، أكد للسلطات أن الحقيقة عن قصص النساء لا يزال من الصعب إثباتها.
ومن جهته أضاف  كالداس أنه يعي جيدًّا ادعاء البعض بأن هؤلاء النساء لم يكونوا على الأرجح مدركين لما كانوا ينزلقون فيه، ولكنه يعتقد أن هناك أيضًا عددًا كبيرًا من الذين يعرفون بالضبط ما كانوا يسيرون فيه وكانوا سعداء للقيام بذلك، وذهبوا إلى هناك طواعية.
يذكر، أن المجتمع الأسترالي تحتدم بداخله نقاشات حول إسقاط الجنسية عن الدواعش الذين تقاتلوا بالخارج، ومن غير المرجح أن تسمح الدولة بالعودة لهؤلاء مرة أخرى.

شارك