قيادة سلاح الجو الأمريكي تغادر«العديد».. تعاون طهران والدوحة أبرز الأسباب
الثلاثاء 01/أكتوبر/2019 - 12:26 م
طباعة
معاذ محمد
كشفت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، في تقرير لها، الأحد 29 سبتمبر، أن الولايات المتحدة نقلت مركز قيادة سلاح الجو في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب آسيا من قطر إلى الأراضي الأمريكية.
واعتبرت الصحيفة، أن تلك الخطوة جاءت في ظل التوترات مع إيران، في الوقت الذي يثير هذا الأمر قلقًا بالنسبة لحلفائها الخليجيين، وخصوصًا قطر.
وقالت الصحيفة، إنه لمدة 13 عامًا، استخدمت الولايات المتحدة مبنىً واحدًا في «الدولة الخليجية الصغيرة»، لقيادة الطائرات المقاتلة والقاذفات والطائرات بدون طيار وغيرها من أصول سلاح الجو، في منطقة تمتد من شمال شرق أفريقيا عبر الشرق الأوسط إلى جنوب آسيا، ورغم ذلك وبشكل مفاجئ استطاع سلاح الجو الأمريكي أن ينقل مركز القيادة في الشرق الأوسط من "قطر" إلى ولاية "ساوث كارولينا" بشكل مؤقت السبت 28 سبتمبر، مشددة على أن قادة السلاح يقولون إن نقل المهام إلى قاعدة مختلفة يمثل طموحًا قديمًا حققته التكنولوجيا الحديثة، لكن العملية غير المعلنة تأتي وسط تجدد التوتر مع إيران.
وأشارت الصحيفة الأمريكية، إلى أن واشنطن استطاعت أن تتحكم في القوة الجوية للولايات المتحدة وحلفائها بواسطة فرق في قاعدة "Shaw" الجوية في ساوث كارولينا، والتي تقع على بعد أكثر من 7000 ميل من قاعدة العديد القطرية، مؤكدة أن الحركة كانت مؤقتة، إلا أنها كان بمثابة تحول تكتيكي كبير.
وأكدت «واشنطن بوست» أن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها نقل القيادة والسيطرة الأمريكية خارج المنطقة منذ إنشاء المركز في المملكة العربية السعودية خلال حرب الخليج عام 1991.
وبحسب الميجور جنرال تشانس سالتزمان، فإن الوظائف التي يوفرها مركز العمليات الجوية المشتركة (CAOC) للقوة الجوية مهمة للغاية وضرورية للغاية، بحيث لا يمكننا تحمل نقطة فشل واحدة، كما يقول مسؤولو القوات الجوية إن الحوادث الأخيرة التي شملت ايران ساعدت على زيادة الإلحاح على المشروع، فأسقطت إيران طائرة استطلاع أمريكية بدون طيار في يونيو 2019، والشهر الجاري تعرضت منشآت النفط الرئيسية في المملكة العربية السعودية لهجوم مفاجئ مُدمر بواسطة أسلحة زودت إيران بها وكلائها.
وبحسب «واشنطن بوست» فإن المحللين يقولون: إنه في حالة اندلاع صراع مع إيران، فمن المحتمل أن يكون مركز العمليات الجوية والفضائية المشترك في قاعدة العديد القطرية مستهدفًا.
كما يقول دوجلاس باري، أحد كبار الزملاء المتخصصين في المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية في لندن: «لا يتطلب الأمر الكثير من الجهد والتفكير، إذا ما تطورت الأحداث بين طهران وواشنطن، فسيكون ذلك أحد الأهداف ذات الأولوية».
وتقول الصحيفة: إن الأنظمة الدفاعية للقواعد الأمريكية المنتشرة خارج الولايات المتحدة، والتي تشمل بطاريات باتريوت وغيرها من الدفاعات الصاروخية الراقية، مصممة في الغالب لمحاربة الطائرات والصواريخ الباليستية التي تتحرك بسرعة وعلى ارتفاعات عالية، وغير مصممة لاستهداف صواريخ كروز وطائرات بدون طيار، مثل تلك التي يعتقد أنها استخدمت في الهجوم على المنشآت النفطية السعودية.
ووفقًا للصحيفة، فإنه من خلال عمليات القيادة والسيطرة على أجهزة الرادار، يمكن للولايات المتحدة أن تصد الهجوم بسرعة أكبر بكثير، ومن شأن المرونة أيضًا أن تجعل المبنى الذي يضمهم في «العديد» القطرية هدفًا أقل قيمة، مما سيتيح لهم إعادة نشر أنظمة الدفاع الجوي إلى بنى تحتية حيوية أخرى.
وتشير الصحيفة، إلى أن عملية نقل المركز جاءت تتويجًا لعدد من التدابير التي اتخذتها الولايات المتحدة في المنطقة بأن سلاحها الجوي ليس هو الأقوى في العالم فحسب، بل هو أيضًا رشيق، وتضمنت هذه الخطوات نشر مقاتلات هائلة مثل F-35 من قاعدتهم في الظفرة بالإمارات العربية المتحدة إلى قواعد في المملكة العربية السعودية وقطر، وهي حركات تتطلب تنسيقًا لوجستيًّا كبيرًا.
وقال بيرون بومبا، مدير عمليات القيادة المركزية للقوات الجوية للولايات المتحدة «AFCENT» في قاعدة ساوث كارولينا، إن منشآت ومعدات النقل لا يمكن أن تعوض بسبب عدم وجود موطئ قدم لها في جميع أنحاء المنطقة، مضيفًا أنه «لا يمكن أن يكون لدينا الكثير من قواعد التشغيل الثابتة في جميع أنحاء منطقة المسؤولية».
وتؤكد «واشنطن بوست» أن تنامي المخاطر والتكنولوجيا الجديدة يقود الولايات المتحدة إلى إعادة النظر في مقدار عملياتها، التي يجب أن يكون مقرها في الخارج.
وتعليقًا على الأمر، يقول هشام البقلي، الخبير في الشؤون الإيرانية، إن طهران خلف مسالة نقل أمريكا مركز سلاح الجو من قاعدة «العديد» القطرية، مشيرًا إلى أن التعاون المشترك بين طهران والدوحة هو الذي يثير قلق واشنطن.
وأضاف «البقلي» أن تلك الخطوة من الممكن أن تكون ورقة أمريكية للضغط على قطر، لتتخلى عن دعمها لإيران وبعض التنظيمات الإرهابية، مشيرًا إلى أن هذا يعد تخليًا من واشنطن عن حماية الدوحة، ومن الممكن أن يجبر الأخيرة على العودة إلى الانخراط وسط الدول العربية، والموافقة على الشروط لحل الأزمة الخليجية القائمة.