السيطرة على الاعتمادات المالية والنفط.. الميليشيات الإرهابية تستغل النزاع الدائر في ليبيا
الأربعاء 02/أكتوبر/2019 - 11:22 ص
طباعة
أسماء البتاكوشي
كشف تقرير لمعهد دراسات الشرق الأوسط الأمريكي، استفادة الميليشيات الإرهابية في ليبيا من الموارد الاقتصادية لحكومة الوفاق برئاسة فايز السراج، واستنزاف ثروات الشعب الليبي.
وجاء التقرير بعنوان «كيفية استفادة الميليشيات الإرهابية من الهياكل الاقتصادية الليبية»، كتبه «جيسون باك» الباحث في معهد دراسات الشرق الأوسط، ومؤسس شركة «Libya-Analysis LLC»، والمدير التنفيذي السابق لجمعية الأعمال الأمريكية الليبية.
وسلط «باك» في تقريره الضوء على الفساد الناتج عن الصراع الحالي في ليبيا، الذي يعتبر هو المحرك الرئيسي للعنف، لافتًا إلى النقاش حول ليبيا في الجمعية العامة للأمم المتحدة، المزمع عقدها نهاية سبتمبر الحالي، فضلًا عن المؤتمر الدولي للمتابعة المقترح أن تستضيفه ألمانيا في أكتوبر أو نوفمبر المقبل، الذي يعتبر بمثابة فرصتين مثاليتين لتصحيح الأوضاع في ليبيا.
وتابع التقرير، أنه منذ اندلاع القتال؛ أدى تحول النزاع لمأزق طويل الأمد إلى تفضيل بعض الجماعات المسلحة التي عززت هيمنتها على قطاعات محددة من الاقتصاد الليبي.
وعلى سبيل المثال، هناك أحد قادة طرابلس عماد الطرابلسي، الذي استفاد من القتال لتعزيز قبضته على الضواحي الغربية المهمة اقتصاديًّا.
وقال جيسون: إن المزارعين يحصلون على إعانة مالية للخضراوات الخاصة بهم، في حين أنهم لا يحصلون على الماء والكهرباء والبنزين، اللذين يستخدمهما المزارعون في إنتاج الخضراوات.
وقد تكون الأسعار الليبية للمستهلك أقل من عُشر تكلفة إنتاجه، الشيء ذاته ينطبق على المنتجات كافة، التي تستفيد من الإعانات في مدخلاتها، لكن الماء والكهرباء اللازمة لإنتاجها لا تحصل عليها.
ونظرًا لأن وزارة الاقتصاد الليبية لا تدرس الأمور بهذه الطريقة، فإن تكاليف الإنتاج الفعلية لجميع السلع في السوق الليبية عادة ما تكون غير معروفة.
ومن المعروف أن ليبيا من أكثر الدول المدعومة دوليًّا على الرغم من أنها غير مدرجة في بيانات البنك الدولي، وتحصل المؤسسات الليبية على قدر كبير من المال من بنك ليبيا المركزي «CBL»، أو لها الحق في الحصول على سلع مدعومة أو مجانية، لكن المؤسسات الليبية تفتقر إلى شفافية الميزانية.
وتقوم شركة النفط الوطنية (NOC) بشراء النفط المكرر من الخارج، وتستخدم الشركات التابعة لتوزيعه بأسعار مخفضة إلى حد كبير داخل ليبيا.
وعادة ما تستولي الميليشيات على هذا البنزين وتهربه إلى الخارج لبيعه بأرباح ضخمة، ولا تصل معظم شحنات الوقود الليبية إلى محطة تعبئة حقيقية؛ ما يسمى بظاهرة محطة بنزين الأشباح.
وقال التقرير إن دعم الوقود والكهرباء والغذاء ما هي إلا بعض الأمثلة على كيفية تأثير الإعانات على الحياة الاقتصادية الليبية، ويظل المدى الحقيقي للمشكلة غير معروف.
وتابع أن هناك احتيالًا في الفجوة الكبيرة بين السوق السوداء وأسعار النفط الرسمية؛ حيث إنه عادةً ما يتقدم الفرد بطلب لاستيراد البضائع، ويتم تخصيص صرف أجنبي (بالدولار أو اليورو)، من قبل «CBL» بالسعر الرسمي البالغ 1.3 أو 1.4 دينار ليبي لكل دولار، ولكن بعد ذلك يتبادل العملة الأجنبية في السوق السوداء أي نحو 4-8 لكل دولار؛ ما يعني مضاعفة الأموال 3 أضعاف حتى بعد دفع الرشاوى اللازمة لتأمين خطاب الاعتماد الأولي.
وبالنظر إلى فرص الاستفادة التي يتم الحصول عليها عن طريق الحصول على خطاب معتمد من «CBL» البنك المركزي الليبي، فإن عملية اتخاذ القرارات فيه معرضة للرشوة أو الإكراه من الميليشيات التي تسيطر على طرابلس.
ولا يمكن القضاء على الأزمة الراهنة إلا بتخفيض قيمة العملة وتعويمها، فضلًا عن تخفيض قيمة الدينار، وما لم يعقد «CBL» اجتماعًا لمجلس الإدارة، ولم تتمكن من القيام بذلك لسيطرة جماعة الإخوان والميليشيات المسلحة عليه.
وسلط التقرير الضوء على مساعدة ليبيا في الأزمة الراهنة أنه يلزم إجراء تغييرات جذرية في السياسة لإزالة الحوافز الاقتصادية الراسخة للقتال من أجل السيطرة على طرابلس والحفاظ على الوضع الراهن لهيمنة الميليشيات.
ولا ينبغي أن يركز مؤتمر ألمانيا المقترح بشأن ليبيا فقط على الموضوع المألوف للدعم الذي يقدمه الرعاة الأجانب لوكلائهم المحليين في انتهاك واضح لحظر الأسلحة المفروض من الأمم المتحدة، ولكن أيضًا على الدوافع الاقتصادية الأساسية التي يتم التغاضي عنها في كثير من الأحيان في فترة النزاع الدائر.
وينبغي على المؤتمر الألماني والمناقشة السابقة للجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن ليبيا أن تدرس كيف يمكن للأجانب أن يساعدوا «CBL» على تعويم الدينار والحكومة على إلغاء الإعانات على الفور.
وفي الوقت الحالي الميليشيات تمنع التغيير من خلال مداهمة المكاتب وخطف المسؤولين، وردع الإصلاحيين المحتملين.
وأكد التقرير أن المجتمع الدولي لم يقدم أي مساعدة حتى الآن؛ لتسهيل الإصلاحات الاقتصادية وحماية الإصلاحيين.
وينبغي لمناقشات الجمعية العامة القادمة والمؤتمر الدولي المقترح صياغة خطط ملموسة حول كيفية القيام بالأمرين.
وفي ختام التقرير قال جيمس إنه ولفترة طويلة، اعتقد صانعو السياسة الدوليون: لا يمكننا إصلاح نظام الدعم الليبي أثناء القتال الدائر، يجب قلب هذا المنطق رأسًا على عقب: ولا يمكن وقف القتال أثناء استمرار نظام الدعم.