4 كيانات إخوانية بالأردن.. انقسام أم توزيع أدوار؟
الأربعاء 02/أكتوبر/2019 - 11:37 ص
طباعة
دعاء إمام
لا تكف أذرع جماعة الإخوان بالمملكة الأردنية الهاشمية، عن التحريض والتصعيد ضد الدولة، ففي مايو 2018 نادت الجماعة بإسقاط حكومة الدكتور هاني الملقى، ودعت الشعب إلى النزول للاحتجاج والتظاهر ضد قرارات اقتصادية تقشفية، ومن بعده أصدر الملك عبد الله الثاني، قرارًا بتعيين عمر الرزاز رئيسًا للحكومة، إلا أن الجماعة لم تهدأ.
وفي فترات الأزمات يتجلى بوضوح حالة الانقسام أو توزيع الأدوار بين أجنحة الجماعة في الأردن: فيظهر حزب جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسية للإخوان، بعدة صور أحدها مهادن وآخر ثوري وثالث يلتزم الصمت، في حين تتباين مواقف «جمعية جماعة الإخوان» غير المرخصة، ومثلهم حزب «زمزم» و«الشراكة والإنقاذ».
اجتمعت الكيانات الأربعة المنبثقة عن جماعة الإخوان، على موقف واحد فيما يخص إضراب المعلمين بالأردن، بعد أن وصل أسبوعه الرابع، واستجابت الدولة لبعض مطالب المعلمين، لكن الأحزاب المنتمية للإخوان رفضت ودعت إلى مواصلة الإضراب.
يمكن تشريح حالة الإخوان في الأردن، وفق دراسة للباحث الأردني المختص في شؤون الحركات الإسلامية، طارق النعيمات، إذ تصاعدت الخلافات الإخوانية منذ حل مجلس الشورى وانتخاب مراقب عام جديد خلفًا لسالم الفلاحات في العام 2008؛ حيث اختلف جناحي الجماعة (الحمائم والصقور) حول بوصلة الجماعة، فدعا تيار الحمائم إلى الانفتاح السياسي وإعطاء الأولوية للعمل العام على الساحة المحلية لإرساء توازن في مقابل تركيز الجماعة التقليدي على القضية الفلسطينية، أما الصقور فشاركوا الحمائم الرأي حول أهمية المشاركة السياسية في الانتخابات، لكنهم في الوقت نفسه كانوا أقل مرونة منهم في الانفتاح على المكونات السياسية من نظام وأحزاب، وهم يفضّلون التركيز، بدلاً من ذلك، على التجنيد والتربية.
وأوضح الباحث في دراسته المنشورة بعنوان «تفكك الإخوان المستمر في الأردن»، أنه يُنظَر عادةً إلى الحمائم بأن سقف انتقاداتهم السياسية للنظام متدني؛ لكن قياديين وسطيين في هذا الفريق، هما «رحيل غبريل» و«نبيل الكوفحي»، اقترحا في العام 2010، واحدة من أجرأ المبادرات السياسية للجماعة، إذ نادت المبادرة صراحة بتقليص صلاحيات الملك لصالح حكومة مكونة من برلمان منتخب.
وفي المقابل، كان تيار الصقور الذي يوصف عادةً بالانغلاق والتشدد، هو من هندس فكرة «التحالف الوطني للإصلاح» الذي شكله الإسلاميون بالشراكة مع شخصيات مستقلة، واستطاع الحصول على 15 مقعدًا من أصل 130 في الانتخابات النيابية عام 2016.
ويرى «النعيمات» أن المحاولة كانت ناجحة على الأقل في بناء تحالف مع شخصيات إخوانية خرجت من الجماعة منذ وقت طويل وتحظى بثقل عشائري مثل عبدالله العكايلة، وشخصيات نقابية مستقلة بارزة كنقيب المحامين السابق صالح العرموطي.
وتابع: «وسط هذه الخلافات بدأت وتيرة انشقاق قيادات الحمائم تتوالى، بدءًا بإطلاق البعض مبادرة زمزم في العام 2013 (والتي حصلت لاحقًا على ترخيص حزب سياسي في العام 2016)، والتي فصل أعضاؤها من جماعة الإخوان، ثم في فبراير 2015، تقدّم المراقب العام الأسبق عبدالمجيد الذنيبات بطلبٍ لتسجيل فرع جديد سُمّي بـ«جمعية جماعة الإخوان المسلمين» التي أتاح تشابُه اسمها مع المنظمة الأم للدولة بأن تسحب الترخيص القانوني من هذه الأخيرة».
وتمكّنت مجموعة «الذنيبات» من الحصول على أهم مقار الجماعة وبعض من أصولها المالية، ما دفع ببعض الصقور إلى اتهام الذنيبات بالعمل مع الدولة لإضعاف جماعة الإخوان، كما أبقت الدولة على ترخيص ذراع الإخوان السياسية، وهو حزب جبهة العمل الإسلامي، وبات الحزب متنفس الجماعة السياسي والقانوني الوحيد، وفي هذه الأثناء أنشأ المراقب العام السابق «سالم الفلاحات» الذي ابتعد عن الجماعة، حزب «الشراكة والإنقاذ»، في العام 2016.
وتناول الباحث أسباب صعود الإخوان عقب انحسار نفوذ التيارات القومية واليسارية في نهاية الثمانينيات من القرن الماضي، مرجحًا أن يكون إخوان الأردن تمكنوا من خلال العمل الخيري والدعوي، من حصد نحو ربع مقاعد مجلس النواب في انتخابات عام 1989.
وبدأت الدولة شنّ حملة مشدّدة ضد نشطائهم، تخوفًا من نفوذهم على المساجد والنقابات والجمعيات؛ نتيجةً لذلك، عمدوا إلى خفض نشاطهم الدعوي لثني الدولة عن اتخاذ تدابير أكثر تشددًا من أجل قمع هذه الأنشطة.
ولفتت الدراسة إلى أن الوجود الإخواني في البرلمان الأردني، تحول من طموح لخلق كتلة مؤثرة تستطيع إنجاز قوانين وتمريرها، إلى مجرد محاولة إخوانية تسعى لتجنب الوقوع في فخ العزلة.