تركيا وإيران.. تحالف شيطاني في مواجهة العقوبات الأمريكية
الأربعاء 02/أكتوبر/2019 - 02:26 م
طباعة
أميرة الشريف
يبدو أن الجارتان المتحالفتان في الشر والإرهاب لم يكتفوا بذلك فقط، بل بدأوا يتحايلوا علي العقوبات الأمريكية بشتي الطرق الممكنة لضمان السلامة، حيث وجد الإيرانيون في تركيا وسيلة للالتفاف على القوانين السارية في بلادهم لشراء العقارات، والحصول على جوازات سفر تركية على أمل حماية قيمة مدخراتهم رغم تشديد العقوبات الأمريكية على إيران.
ومع اكتشاف وسائل للتحايل على قيود تحويل الأموال في إيران، دفع الإقبال على شراء المساكن الإيرانيين ليحتلوا المرتبة الثانية في قائمة مشتري العقارات الأجانب في تركيا بعد العراقيين.
ووفق وكالة رويترز، قال صاحب متجر سابق للأدوات الكهربائية يساعد الآن أبناء وطنه على شراء وحدات سكنية في إسطنبول، إن مئات الإيرانيين من أصحاب المهن اضطروا لإجراء ”تحويلات نقدية بالاحتيال“ لتسيير أمورهم.
وفي مقابلة جرت في مجمع يضم أبراجًا سكنية ومتاجر، ويدور الحديث فيه باللغة الفارسية جنبًا إلى جنب مع اللغة التركية، قال صاحب المتجر السابق إنه ليس فخورًا بما يفعله، لأن عمله ينطوي على مساعدة الإيرانيين في تحويل الأموال من بلادهم مقابل عمولة.
وبعض التعاملات التي يبرمها التاجر الإيراني لحساب مواطنيه مخالفة للقانون، وهو يعلم أنه إذا عاد إلى بلاده فستقبض السلطات عليه بتهمة غسل الأموال.
وتذرع الرجل بأنه : لا توجد وسيلة لإنجاز ذلك بطريقة قانونية ولذا نساعدهم في تحويل الأموال. من أنا لكي أفعل ذلك؟ يجب أن يقوم بنك في الواقع بهذه المهمة.
وكانت سياسة الضغوط القصوى التي تفرضها واشنطن لتكبيل اقتصاد إيران وإرغامها على تقديم تنازلات في برنامجها النووي، قد دفعت طهران لفرض قيود على حيازة المواطنين للنقد الأجنبي خارج البنوك.
ويقول محللون إن هذا الإجراء وتدابير أخرى تهدف إلى دعم الريال الإيراني، قوبلت بتجاهل على نطاق واسع، الأمر الذي دفع الحكومة للجوء إلى المقايضة لحماية الاقتصاد.
وتنقل "رويترز" عن خمسة إيرانيين حاورتهم حول شراء العقارات في تركيا، أن ما أغراهم هو تشابه الثقافة في البلدين، حيث الأغلبية من المسلمين وسهولة تسجيل الأعمال كأجانب في بلد لا يعترف بالعقوبات الأمريكية على إيران.
وبعد أن انزلق الاقتصاد التركي إلى الركود بسبب أزمة العملة في العام الماضي، سهلت الحكومة التركية حصول رعايا دول أخرى على الجنسية، وخفضت الحد الأدنى المطلوب للاستثمار في العقارات من مليون دولار إلى 250 ألف دولار.
والهدف من إصدار جواز السفر مدى الحياة للأجانب الذين يلتزمون بالامتناع عن بيع عقاراتهم لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات، هو الحفاظ على تدفق الأموال إلى الاقتصاد الذي كان ازدهار حركة البناء فيه بأموال أجنبية محركًا أساسيًا منذ سنوات.
غير أن أبناء الطبقة المتوسطة الإيرانيين رأوا في الملكية العقارية فرصة للتخلص من الصعوبات التي يواجهونها في بلادهم وملاذًا آمنًا من العقوبات الأمريكية التي شددتها واشنطن منذ أسبوعين باستهداف البنك المركزي الإيراني.
وقال المحامي الإيراني علي أصغر زادة، الذي ينوي نقل أسرته من تبريز إلى إسطنبول بسبب الأوضاع الاقتصادية: لدي أصدقاء ومعارف كثيرون اشتروا مساكن في إسطنبول وأزمير. الناس تفكر في شراء مساكن كخطة بديلة، مضيفًا، أنه فوجئ بارتفاع ثمن حليب الأطفال في إيران لثلاثة أمثاله في غضون شهور بعد إعادة فرض العقوبات. وعندها قرر أن تركيا هي الخيار السليم لعائلته.
وتظهر أرقام رسمية أن عدد العقارات التي اشتراها إيرانيون في تركيا ارتفع إلى مثليه تقريبا في الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري، وانخفض مؤشر أسعار العقارات السكنية بعد أخذ التضخم في الاعتبار بنسبة 11.2% خلال يوليو على أساس سنوي.
وربما يكون انخفاض الأسعار قد عجل بتراجع إقبال الإيرانيين على شراء وحدات سكنية في أسواق العقارات الغربية، في الوقت الذي قللت فيه شركات إيرانية استثماراتها في الخليج.
وقد حصل أكثر من 981 أجنبيًا على الجنسية التركية منذ سبتمبر من العام الماضي، عندما خفضت أنقرة الحد الأدنى للاستثمار العقاري بغرض الحصول على الجنسية، وذلك وفقًا لما ذكرته وكالة أنباء الأناضول المملوكة للدولة، وكان أكثر من 250 منهم من الإيرانيين.
ورغم العقوبات الأمريكية، فقد قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأسبوع الماضي، إن بلاده تحتاج للنفط والغاز الطبيعي الإيراني وستواصل شراءهما.
وأكد صاحب المتجر السابق الذي طلب عدم نشر اسمه، أن مئات الشركات أصبحت موجودة على الورق في تركيا، لا لشيء سوى تمكين الإيرانيين من تحويل المال، مضيفا أنه سجل بعض الشركات، ومنها شركة للمجوهرات وشركة للمستلزمات الدوائية.
ويأتي ذلك مع تصاعد الخلافات التركية الأمريكية حيث اتجهت سياسة أنقرة نحو تقويض الاستراتيجية الأمريكية فى المنطقة التى تستهدف عزل إيران والحد من تدخلاتها فى شئون الدول العربية، وتحديداً دول الخليج التى اتهمت إيران مؤخراً بالوقوف خلف عملية استهداف السفن التجارية وناقلات النفط فى ميناء الفجيرة الإماراتى، حسبما كشفت ملفات التحقيقات فى القضية التى تسلمها مجلس الأمن من الدول المشاركة بالتحقيق الذى تقوده الإمارات.
ووفق تقارير إعلامية، تجاوزت أنقرة خلال الشهور الماضية مستوى المناوشات والتوترات الدبلوماسية العابرة لتدخل فى مرحلة متقدمة من تهديد المصالح الأمريكية ومعارضتها لسياستها بما وضع التحالف التقليدى بين أنقرة وواشنطن محل تساؤل كبير، خاصة فى ضوء التساؤل حول مستقبل العضوية التركية بحلف الناتو أمام إصرار أنقرة على امتلاك منظومة أسلحة تهدد الحلف؟ وفى أول المؤشرات على معارضة تركيا للسياسة الأمريكية تجاه إيران.