فتش عن إيران.. حكومة العراق في مهب «رياح الحشد الشيعي»
الخميس 03/أكتوبر/2019 - 12:06 م
طباعة
شيماء حفظي
انطلقت في محافظات العراق، تظاهرات منددة بالأوضاع الاقتصادية المتدنية في البلاد، التي لم تتمكن بعد من التعافي من آثار الحرب ضد تنظيم «داعش» الإرهابي، ومن الغزو الأمريكي منذ سنوات، في ظل تقارب حكومي مع إيران.
الاحتجاجات الواسعة تعد الأكبر منذ أكتوبر 2018، التى اندلعت ضد تردى الأوضاع الاقتصادية، إذ يحتل العراق المركز 12 في قائمة الدول الأكثر فسادًا في العالم، حسب منظمة الشفافية الدولية.
كما يعاني العراقيون انقطاع التيار الكهربائي المتكرر وندرة المياه، إضافة إلى تسجيل البطالة معدلات عالية خاصة في أوساط الشباب.
وأعلن وزير الدفاع العراقي نجاح الشمري، تأهب جميع القطاعات العسكرية للحفاظ على سيادة الدولة والمنشآت الحكومية والأهداف الحيوية والسفارات والبعثات الدبلوماسية كافة، فيما نقلت وكالة الأنباء العراقية عن وزير الدفاع دعوته إلى «ضرورة ضبط النفس».
يأتي ذلك فيما عقدت الرئاسات الثلاثة (رئيس الجمهورية برهم صالح ورئيس الحكومة عادل عبد المهدي ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي) اجتماعًا عاجلًا لبحث آلية الاستجابة لمطالب المحتجين.
وبحسب تقارير رسمية، فمنذ سقوط نظام صدام حسين عام 2003، اختفى نحو 450 مليار دولار من الأموال العامة، أي أربعة أضعاف ميزانية الدولة، وأكثر من ضعف الناتج المحلي الإجمالي للعراق.
وفي وقت تطالب فيه المظاهرات بإصلاحات كبيرة في الاقتصاد، تظهر إيران على الواجهة، خاصة مع ظهور انقسامات بين فصائل العراق ومطالبة «الحشد الشعبي» بإقالة الحكومة.
ويشن الحشد الشعبي، هجومًا على الحكومة بسبب اتهامات لها بالتقارب مع واشنطن، على حساب علاقتها مع إيران الداعمة للحشد، وهو ما يراه مراقبون بمحاولات الضغط على حكومة عبد المهدي، لتقديم مزيد من الدعم، ومساندة مشروع قانون «إخراج القوات الأمريكية من العراق والتخلي عن الاتفاق الأمني بين بغداد وواشنطن».
ويواجه رئيس الحكومة العراقية، تحديًا للاستمرار في ولايته الدستورية، بسبب الخلاف بين الكتل السنية والشيعية بشأن إخراج القوات الأمريكية من البلاد.
وترفض الكتل الكردية والسنية إخراج القوات الأمريكية الآن، ولن تسمح باستمرار «عبد المهدي» إذا ما أسهم في تمرير قانون لذلك، فيما يؤيد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، جلاء القوات الأجنبية لكنه يرفض تطور وتمدد «الحشد الشعبي» على حساب الأجهزة الأمنية الأخرى.
وفي المقابل، ترى "الحكمة" و"النصر" أن إقالة الحكومة لا ترتبط بملف الأمن فحسب، بل بملفات الخدمات والاقتصاد أيضاً.
وتتحدث تقارير عن وجود تحركات إيرانية مكثفة على الكتل البرلمانية الكبيرة لتأييد مشروع قانون إخراج القوات الأجنبية، حتى أن السفير الإيراني في بغداد "ايرج مسجدي" زار الرئاسات العراقية وقادة الأحزاب وطالبهم بالتنسيق لتمرير هذا القانون خلال جلسات البرلمان المقبلة.
ويقول الكاتب "سرمد الطائي"، وهو عراقي معارض لإيران، إن طهران تعمل على "كسر إرادة" عبد المهدي، وإنه يضغط في وقت يعاني فيه الحرس الثوري من "أسوأ حالاته" بسبب العقوبات الأمريكية والضغوط الدولية على النظام الإيراني.
وأشار في تصريحات لصحيفة "إندبندنت" العربية، إلى أن إيران تسعى لتكبيل الحكومة العراقية، في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة، وتردي الاحوال المعيشية على مدار سنوات.
وأضاف أن التطورات الأخيرة، "فرصة لتعديل وتصحيح العلاقة مع طهران، التي ستكون هي الخاسرة لو تمادت".
ويمثل الحشد الشعبي العراقي، خطرًا على مستقبل البلاد، خاصة مع دمجه في القوات الرسمية، ويتألف من نحو 67 فصيلًا ويمتلك ترسانة أسلحة ضخمة، كما أفادت وسائل إعلام محلية عراقية بأن هيئة الحشد الشعبي تعتزم تشكيل قوة جوية تابعة لها.
وكانت قوات الحشد الشعبي تشكلت في العام 2014 بحجة محاربة تنظيم "داعش" الإرهابي، لكنها ارتكبت جرائم تطهير عرقي خلال تلك المواجهات.
وفي أواخر العام الماضي بدأت الحكومة العراقية العمل على زيادة رواتب الحشد وجعلها مساوية للعناصر في القوات الأمنية من أجل توحيد الرواتب في الأجهزة الأمنية، إذ سيصبح راتب العنصر في الحشد الشعبي أكثر من مليون دينار.
ويعمل الحشد بالتنسيق مع الميليشيات الشيعية في سوريا على دعم أجندة النظام الإيراني في المنطقة ونشر النفوذ الفارسي في الدول العربية.
وقد أعاد قرار هيئة المنافذ الحدودية العراقية عزمها فتح معبر القائم الحدودي مع سوريا، الجدل بشأن علاقة القرار بالمصالح الإيرانية، وارتباطه بانتشار ميليشيات طهران في المنطقة الحدودية.
وكانت السلطات العراقية أقامت سياجًا شائكًا في المنطقة، تحسبًا من تسلل للمسلحين من داخل سوريا، لكن رئيس الوزراء العراقي، عادل عبدالمهدي حدد الثلاثين من سبتمبر موعدًا لإعادة فتح الحدود، وهو القرار الذي يأتي بعد استكمال انتشار نفذته ميليشيات موالية لإيران في المنطقة على الطرف الحدودي المقابل في سوريا.
وتشير تقارير إلى خلو المعبر الذي يبعد 7 كيلومترات عن مدينة "البوكمال" السورية من أي وجود للقوات النظامية السورية، وسط انتشار لميليشيات شيعية موالية لإيران.
وشهدت الفترة الأخيرة عدة تغييرات في القيادات العسكرية العراقية إذ تمت إقالة عدد من قادة الجيش، فعلى سبيل المثال أثار قرار رئيس الوزراء، عادل عبدالمهدي، استبعاد الفريق عبدالوهاب الساعدي، الذي اضطلع بدور كبير في المعارك ضد «داعش»، غضبًا وسط تساؤلات حول أسباب القرار واتهامات لإيران بالوقوف وراء القرار.
وسرت مقولات بين العراقيين: إن قياديين في ميليشيات الحشد الشعبي مارسا ضغوطًا كبيرة لتنحية «الساعدي» وأن الهدف من إبعاده هو الإتيان بشخصية مقربة من طهران.
وقد انتقد رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي القرار في تغريدة على «تويتر» قائلًا: «هكذا تكافئ الدولة مقاتليها الذين دافعوا عن الوطن.. هل وصل بيع المناصب إلى المؤسسة العسكرية والأمنية».