هل تُنهي تظاهرات بغداد الوصاية الإيرانية على العراق؟
الجمعة 04/أكتوبر/2019 - 10:32 ص
طباعة
علي رجب
موجة جديدة من التظاهرات تضرب الشارع العراقي بسبب الفقر والفساد، وتردي الخدمات، واستخدمت قوات الأمن الرصاص الحي لتفريق الاحتجاجات التي تشهدها العاصمة بغداد ومدن أخرى منذ الثلاثاء 1 أكتوبر 2019.
وتظاهر مئات الآلاف من العراقيين لتحسين الوضع المعيشي، وتوفير فرص عمل، والقضاء على البطالة والفساد المالي والإداري في مؤسسات الدولة، بحسب المتظاهرين.
كما رفع المتظاهرون في احتجاجاتهم شعارات أبرزها «لا سياسيين ولا معمّمين».
ولجأت الأجهزة الأمنية وقوات مكافحة الشغب لاستخدام الرصاص الحي، وخراطيم المياه الساخنة، وقنابل الغاز المسيل للدموع؛ من أجل تفريق المحتجين؛ ما أسفر عن مقتل 11 مدنيًّا بينهم عنصر أمني، فيما بلغ عدد المصابين 650 شخصًا بينهم 87 عنصر أمن، وفقًا للمفوضية العليا لحقوق الإنسان العراقية.
وأكدت مفوضية حقوق الإنسان العراقية، الخميس 3 أكتوبر 2019، انقطاع خدمة الإنترنت عن عدة مناطق بالعراق، بينها العاصمة بغداد، في ظل الاحتجاجات التي شهدتها عدة محافظات في وسط وجنوب البلاد.
كما قال مرصد «نتبلوكس» لمراقبة الإنترنت: إن الخدمة انقطعت عن معظم أنحاء العراق بما في ذلك العاصمة بغداد، وإن معدل الاتصال انخفض إلى ما دون 70%.
وأصدر رئيس الحكومة العراقية عادل عبد المهدي، مساء الأربعاء 2 أكتوبر 2019، قرارًا بحظر التجول في بغداد، يسري بدءًا من الساعة الخامسة من صباح الخميس (الثالثة بتوقيت جرينتش) حتى إشعار آخر.
مخاوف من الاغتيالات
وأبدى العديد من المتظاهرين خوفهم من لجوء «ميليشيا مجهولة» إلى تنفيذ سلسلة اغتيالات، واستهداف النشطاء ومسؤولين في الحكومة، رافضين قرار إقالة قائد قوات مكافحة الإرهاب الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي.
وقد ذكرت وسائل إعلام عراقية عن قيام ميليشيات ملثمة ومجهولة باستهداف المتظاهرين، وتوجيه رسائل اغتيال إلى النشطاء، وقادة الحراك العراقي، بعد حرق المتظاهرين للعلم الإيراني، ورفضهم لسيطرة طهران على البلاد.
وكشف متظاهرون عراقيون عن أن ميليشيات إيرانية وطائفية موالية للملالي تقف وراء قمع الاحتجاجات المتواصلة في جنوب ووسط العراق.
وقد استيقظت مدينة البصرة جنوبي العراق على وقع جريمة نكراء طالت الناشطين حسين عادل المدني وزوجته سارة، إذ وجدا مقتولين بطريقة بشعة في منزلهما وسط منطقة الجنينة.
وأفاد مسؤولون أمنيون بمقتل الناشط ورسام الكاريكاتير العراقي حسين عادل وزوجته سارة الخميس، على يد مسلحين اقتحموا منزلهما في مدينة البصرة جنوب العراق.
وقال المسؤولون إن ملثمين أطلقوا النار على الناشط وزوجته في وقت مبكر من الخميس، ويأتي ذلك في خضم الاحتجاجات التي تشهدها عدة مناطق عراقية ضد الفساد وتردي الخدمات.
وكان الزوجان يشاركان في الاحتجاجات، مساء الأربعاء، في البصرة قبل أن يتم اغتيالهما بعد ذلك بساعات لدى عودتهما إلى شقتهما.
تحرك روتيني
وفي محاولة لامتصاص غضب الشارع، أفادت وكالة الأنباء العراقية: بأن الرئاسات الثلاث قررت تشكيل لجنة رسمية للتعامل مع مطالب المتظاهرين، وإطلاق حوار وطني شامل حول الإصلاح، والسعي لتوفير فرص عمل.
ودعا رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي منسقي التظاهرات إلى حضور جلسة المجلس السبت المقبل 5 أكتوبر 2019.
ودعا رئيس الجمهورية برهم صالح إلى ضبط النفس، واحترام القانون.
كما أكدت رئاسة البرلمان العراقي على حرية التظاهر السلمي التي كفلها الدستور بحسب المادة 38، داعية القوات الأمنية إلى حفظ النظام العام مع ضبط النفس، وعدم استخدام القوة المفرطة مع المتظاهرين.
فيما دعت لجنة الأمن والدفاع النيابية رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي إلى عقد جلسة طارئة للوقوف على تداعياتها.
وقال عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية البرلماني كريم عليوي، في تصريح صحفي: إن اللجنة تستنكر تصرفات القوات الأمنية تجاه المتظاهرين، وذلك باستخدام العنف في تفريقهم؛ ما أدى إلى وقوع أعداد كبيرة من الجرحى من كلا الطرفين.
إيران تغلق وتركيا تحذر
وأعلنت السلطات الإيرانية، الخميس 3 أكتوبر 2019، إغلاق معبرين حدوديين مع العراق على خلفية اتساع رقعة الاحتجاجات والمواجهات بين قوات الأمن والمتظاهرين.
ونقلت وسائل إعلام رسمية إيرانية عن رئيس المقر الخاص للأربعين الحسيني في حدود خسروي، جعفر همتي، قوله: إنه تم إغلاق حدود خسروي بسبب النزاع الداخلي في العراق، مضيفًا أن القرار اتخذته الحكومة العراقية ببغداد.
وأغلقت كذلك إيران منفذ جذابه الذي يربط محافظة خوزستان الإيرانية مع محافظة ميسان جنوب العراق، وهو من المنافذ البرية المهمة بين البلدين؛ حيث تصدر عبره إيران البضائع كما تدخل منه الشاحنات، بالإضافة إلى دخول مسافري البلدين.
وقالت الخارجية التركية في بيان: نوصي مواطنينا بتجنب السفر إلى المناطق التي تشهد مظاهرات منذ الأول من أكتوبر الجاري في محافظات مختلفة بالعراق بما فيها العاصمة بغداد.
مستقبل التظاهرات
من جانبه، يقول المتخصص في شؤون الأمن القومي والدراسات الإيرانية، فراس إلياس: إن ما يحدث في الشارع العراقي من تظاهرات هي انتفاضة من أجل استعادة وطن مسروق، وسيادة مرتهنة، وهوية مغيبة.
وأضاف، في تصريحات لـه: مهما كانت الأسباب التي تروجها الحكومة وأحزابها الفاسدة، من أن هذه المظاهرات فيها مندسون وفوضويون ومخربون، وما إلى ذلك من مبررات لاستخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين السلميين العزل، فهي لن تغفر خطيئتهم بأنهم نظام سياسي جاء على ظهر الدبابة الأمريكية، ويدار من قبل نظام الملالي في إيران.
وتابع الخبير العراقي قائلا: هذا جيل جديد يريد نظامًا سياسيًّا يعيش فيه حرًا وكريمًا وذا سيادة، وليس نظامًا سياسيًّا من أجل أن يجمع حفنة دولارات يغذي بها فقره وحرمانه.