فقه المصلحة وتنمية الإرهاب.. علاقة إيرانية حوثية تُنذر بنسف السلام العالمي
الجمعة 04/أكتوبر/2019 - 02:39 م
طباعة
شيماء حفظي
كشف هجوم أرامكو الذي استهدفت منشآت النفط السعودية في بقيق وخريص، تطور العلاقة الإرهابية بين ملالي طهران وميليشيات الحوثيين في اليمن، والتي نمت بشكل أساسي على خلفية ضربات التحالف العربي ضد انقلاب الحوثي في اليمن.
كشفت الأسلحة المستخدمة في اليمن على مدار السنوات الماضية كيف تطور تسليح الحوثيين، وكيف تمكنوا من إجراء مناوشات عسكرية ضد قوات التحالف العربي، ليس لأنهم فقط ينتمون إلى التيار الشيعي في اليمن؛ لكن لأنهم في الطرف الآخر من الحرب اليمنية، وهو الفصيل الذي استغلته إيران لاختلاق مواجهة مع المملكة.
في سبتمبر 2019، أعلن الحوثيون تنفيذ هجمات منسقة ومخطط لها بتجاوز آليات الكشف والدفاع، وضربت الهجمات ما لا يقل عن 17 نقطة فردية في منشآت بقيق التابعة لشركة أرامكو، لكن هذا الإعلان لم يكن منطقيًّا.
يقول فابيان هينز وهو خبير أسلحة: إنه «لا توجد قطعة واحدة تستثني اليمن من المعادلة لكن عندما تضع كل شيء سويًا - المدى والقدرات والحجم - يصبح من غير المعقول أن الحوثيين قاموا بتنفيذها».
ويضيف: «من الصعب أن نتخيل إطلاق هذا الحجم من قبل الحوثيين، حزب الله ، أو قوات التعبئة الشعبية دون أوامر مباشرة من المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي». «في النهاية، لا يحدث فرق كبير من حيث أتى الصاروخ، بل ما علمناه عن إيران والحوثيين في هذه العملية».
ولكنه أشار إلى ثمة «نواة» للحقيقة تم التعبير عنها وإن كانت بشكل غير مباشر في ادعاءات الحوثيين بارتباطهم بالهجمات، وهي علاقتهم مع إيران التي أصبحت أقرب من أي وقت مضى مع تداخل متزايد في القدرات والأولويات الاستراتيجية.
تحت حكم إيران
يفند تحليل في مجلة فورين بوليسي، مراحل صعود الحوثيين في اليمن، وازدياد علاقتهم بإيران، ويذكر أنه في 21 سبتمبر 2014، استولى الحوثيون على العاصمة اليمنية صنعاء ما أجبر الرئيس عبد ربه منصور هادي على طلب المعاونة، وهو ما دعا تحالفًا إقليميًّا تقوده المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، والذي أكد أن الحوثيين كانوا تحت حكم إيران.
الاعتقاد بأن إيران كانت تدعم جماعة الحوثي، غزته النزعة الطائفية ومحاولات إيران للتمدد في الشرق الأوسط، حتى وإن كان الحوثيون ينتمون إلى مدرسة إسلامية تعرف بالزيدية، وهي بعيدة كل البعد عن الإسلام الشيعي الإثني عشر المشترك في إيران.
بحسب التحليل، بدأ النزاع الدولي في اليمن في عام 2015، كانت المزاعم السعودية حول التعاون بين الحوثيين والإيرانيين محل تشككات، وفقًا لبيتر ساليسبري، المحلل في المجموعة الدولية لمعالجة الأزمات، الذي يرى أنه خلال هذا الوقت لم يتلق الحوثيون سوى الحد الأدنى من الدعم من إيران.
فرصة الوقت المناسب
ويقول ساليسبري: إن الظروف تغيرت منذ ذلك الحين، فعلى الرغم من الخلاف الديني داخل طوائف الشيعة، بدأت إيران ترى الحوثيين وسيلة لتوسيع نفوذها في شبه الجزيرة العربية وسط حرب بالوكالة مع المملكة العربية السعودية.
ويضيف «بالنسبة لإيران، كان التعاون مع الحوثيين فرصة جاءت في الوقت المناسب، وليس استراتيجية مخططة مسبقًا، حتى الآن، يظل اشتراك إيران المباشر في اليمن مقصورًا على الأدوار الاستشارية غير المقاتلة ويعتمد اعتمادًا تامًا على المكاسب الملموسة — الاستثمار الإيراني المباشر ضئيل للغاية.. لكنه ومع ذلك يكفي تغذية مخاوف التحالف السعودي من التدخل الإيراني».
منذ نهاية عام 2017، كثف الحوثيون هجماتهم عبر الحدود وشنوا العديد من الهجمات بطائرات بدون طيار وصواريخ على المنشآت العسكرية ومحطات الطاقة والمطارات وحقول النفط والغاز في كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.
بدورها استثمرت السعودية مليارات الدولارات في أنظمة الدفاع الجوي للتصدي لتلك الهجمات، وهو ما رصده المتحدث باسم التحالف العقيد تركي المالكي، في بيان سابق، بأن المملكة العربية السعودية قد استهدفت بـ232 صاروخًا باليستيًّا و258 طائرة بدون طيار هذا الشهر وحده، مضيفًا: «لا يوجد بلد في العالم يتعرض لهجوم بهذه الكمية من الصواريخ الباليستية».
ووفقًا للتحليلات، يعود السبب في هذه الزيادة الكبيرة في الهجمات الحوثية على المملكة، إلى تزايد قدرات الحوثيين على تصنيع الطائرات بدون طيار والقذائف على أساس التصميم الإيراني باستخدام المكونات المتاحة تجاريًّا.
ومنذ العام 2017، نمت تقنيات الحوثيين العسكرية وأصبحت أكثر تطورًا وأكثر فتكًا، حيث توسعت لتشمل الصواريخ الباليستية بعيدة المدى وصواريخ كروز، بناء على الدعم الإيراني.
نمو إرهابي
وترى روان شيف، الباحثة التي عملت لسنوات في برنامج Frontline PBS والسياسة الخارجية ومنظمة العفو الدولية ودير شبيجل ونيويورك تايمز، أن العقوبات الدولية التي تهدف إلى ردع إيران عن دعم الجماعات المتطرفة وتطوير برنامجها النووي في تقليص الدعم المالي الإيراني لحزب الله وقوات التعبئة الشعبية في العراق والحوثيين، لكنها على جانب آخر عمقت دعمها الاستشاري لنفس المجموعات.
وتقول في تحليها لمجلة فورين بوليسي: «طالما أن إيران والحوثيين يشتركان في خصوم متبادلين - المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة - فإن علاقتهما ستستمر في النمو».
وتشير الكاتبة، إلى أنه إذا كان من الصعب الكشف عن نفوذ إيران في اليمن، فمن المستحيل الآن التغاضي عنه، حيث تشير البقايا التي تم جمعها من آثار هجوم بقيق إلى أسلحة ذات تصميم إيراني، لكن ما يجب أن يفاجئ المراقبون هو أن الحوثيين سيحاولون حتى الإعلان عن مسؤوليتهم عن الهجوم مع بصمات إيرانية كثيرة.