إخوان الحرباء.. تلون النهضة وتقيتها السياسية في انتخابات تونس
السبت 05/أكتوبر/2019 - 10:05 ص
طباعة
محمد عبد الغفار
تسعى تنظيمات الإسلام السياسي إلى الوصول إلى سدة الحكم في البلاد، كي تنفذ مخططاتها وأهدافها التي تتعارض مع معتقدات وأفكار المجتمع، وللتغلب على هذه الإشكالية تسعى هذه الجماعات إلى إظهار عكس ما تبطن، لكسب ثقة وتأييد فئات المجتمع، والظهور كجزء منه يؤمن بأفكاره وطموحاته، هذا الأسلوب يسمى «التقية»، أي أن يقي الإنسان نفسه بما يظهره، وإن كان ما يضمر خلافه.
النهضة والتقية
تسعى حركة النهضة، الذراع السياسية للإخوان في تونس، إلى السيطرة على الحياة السياسية التونسية منذ ثورة الياسمين في 2011، ورغم وصولها مرة لها، وفشلها في إدارة البلاد فإنها تسعى لتكرار التجربة مرة أخرى.
ولأن الحركة، مثل تنظيمها الأم في مصر، لا تؤمن بالوطن ولا بأفكار المواطنين الطبيعية، وتقف منها موقف التضاد التام، لجأت إلى التقية، كي تكسب المزيد من الأصوات التي تؤهلها للوصول إلى الحكم، ثم تفتح البلاد أمام أنصار التيار الإسلامي فقط كما حدث في فترة حكمهم الأولى.
وظهر ذلك بوضوح مع مرشحي الحركة سواء رئيسها وزعيمها الأسطوري راشد الغنوشي، المرشح لمنصب رئيس مجلس نواب الشعب، أو نائبه والقيادي البارز عبد الفتاح مورو، المرشح لمنصب رئيس الجمهورية.
تقية مورو والمثلية
سعى عبد الفتاح مورو خلال حملته الانتخابية إلى استخدام التقية بكل صورها وأشكالها، وكانت البداية خلال ندوة صحفية حضرها القيادي في النهضة متخليًا عن زيه الرسمي ذو الطابع الديني، 10 أغسطس 2019، وقال فيها مورو: «اعتبر المثلية الجنسية حرية شخصية، واحترم الحرية الجسدية للمواطنين».
ولم تتوقف تقية مورو عند هذا الحد، ولكنه خلال حواره مع وكالة سبوتنيك الروسية، 7 سبتمبر 2019، أكد القيادي في حركة النهضة أن قانون المساواة في الإرث لم يتم المصادقة عليه في البرلمان، لذا لا يرفضه، محاولًا الهروب من السؤال.
وعلى الرغم من التناقض الكبير الذي أظهره عبد الفتاح مورو خلال حملته الانتخابية، إلا أنه خسر السباق الانتخابي، وجاء في المركز الثالث بنسبة تصويتية بلغت 12.9%، وهو ما فجر زلزالًا قويًّا داخل الحركة الإخوانية.
الغنوشي على الطريق
يحاول زعيم حركة النهضة الروحي وقائدها التاريخي منذ تأسيسها راشد الغنوشي أن يصل إلى رئاسة مجلس نواب الشعب في تونس عبر دائرة العاصمة، والتي تعد الدائرة الأكبر من حيث الكتلة التصويتية، والتي بلغت مليون نسمة، خصوصًا أن مجلس النواب يعد مركز الثقل السياسي في الدولة.
وفي مقطع فيديو بث عبر موقع التواصل الاجتماعي، ظهر راشد الغنوشي مشاركًا في حفل غنائي خاص عقد داخل منزله، الخميس 3 أكتوبر 2019، بحضور عدد من الفنانين، ومجموعة من القيادات البارزة في الحركة، على الرغم من أنهم حرموا الغناء والديمقراطية.
وردًا على اختلاف الحركة في مواقفها، رأي راشد الغنوشي أن ما يحدث في الحركة يعد «قصة نجاح نسبي»، والتي انطلقت من منطلق سلفي يحرم الفن والديمقراطية، ووصلت إلى حزب إسلامي ديمقراطي.
ويظل السؤال الأبرز بعد كل هذا، هل يواجه رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي نفس مصير رفيق دربه عبد الفتاح مورو في انتخابات الرئاسة المقبلة؟، أم أن التقية الخاصة به سوف تؤثر في مواقف الشعب التونسي.
ويرى الأكاديمي التونسي أحمد الحباسي، أن حركة النهضة بدأت عملها بدعوة أفرادها إلى اتخاذ التقية سبيلًا لها، بهدف التواري عن أنظار أجهزة الدولة المكلفة بالأمن، والانتشار ما بين صفوف المواطنين في البلاد، وجذبهم إلى صفوف الحركة، وذلك من خلال تمرير خطاب مشبوه أو عمليات تعكر الأمن دون أن يتم ملاحظة ذلك، واتخاذه سبيلًا للهجوم على الحركة.
وتساءل الباحث التونسي عن موقف السلطة الحاكمة من هذا النشاط المبهم للحركة، واعتقد أنه لا يمكن لأي سلطة تحترم شعبها أن تترك حزبًا يقوم بهذه التصرفات المشبوهة؛ لأنها تؤدي لزعزعة الاستقرار، مشيرًا إلى أن الحركة أصبحت بارعة في الكذب على المواطنين التونسيين.