أموال سرية وحسابات مجهولة.. عبث إخوان تونس وملايين قطر في الانتخابات
الأحد 06/أكتوبر/2019 - 09:55 ص
طباعة
دعاء إمام
منذ انتخابات 2011، تواجه حركة النهضة، (امتداد جماعة الإخوان في تونس)، شبهات كبيرة حول تلقيها أموالًا طائلة من الخارج، وهو أمر يتعارض مع القانون التونسي الذي يمنع تلقي الأموال الخارجية ويجبر الأحزاب والجمعيات على كشف حساباتها المالية ومصادر تمويلها، ويكتسب ملف تمويل النهضة أهمية كبيرة في الوقت الحالي، خاصة مع اقتراب انتخابات تشريعية تمثل معركة حياة أو موت لإخوان تونس.
القانون التونسي
يمنع القانون التونسي في المرسوم رقم 87 الصادر في 24 سبتمبر 2011، في فصله الـ19، الأحزاب السياسية منعًا باتًا من تلقي أي تمويلات خارجية من الدول أو من أي جهات مجهولة المصدر، ويُعاقب كل حزب تلقى تمويلات بالحل وعقوبات أخرى تصل إلى السجن.
ويُسمح للجمعيات بتلقي بالمساعدة العامة واللجوء إلى التمويل الأجنبي؛ لكن يُحظر استعمال هذه الموارد في مساندة الأحزاب السياسية وتمويل الحملات الانتخابية أو إنفقاها في أعمال مخالفة للقانون.
سعت الكاتبة التونسية، نائلة السليني، إلى معرفة مصادر تمويل «النهضة»، من خلال تحقيق منشور بموقع صحفي محلي، بعنوان «نحو فكّ أسرار مالية الإخوان: رصد للواقع»، مستندة إلى تجربة الجماعة الأم في مصر، مشددة على أن هناك تشابهًا كاملًا بين ما حدث بمصر وما تشهده تونس، خاصّة في الحملات الانتخابية، أو في اختيار قاعات اجتماعاتهم وفي تغطية أنشطتهم سيما من الناحية الأمنية.
وقالت إن تلك المناسبات تعد أنشطة مكلفة لا تقدر عليها أغنى الأحزاب: وإن كان الإخوان بمصر يتميّزون عن إخوانهم بتونس في أنّهم لا يخفون حقيقة ما قاموا به من نفقات، مثلًا، في حملاتهم الانتخابية، مضيفة: «إننا نواجه بصمت إخواني بتونس، بل بتجاهل حتى فيما أوردته دائرة المحاسبات من تقارير تؤكد غموض التمويل الإخواني، وعلى تجاوز السقف الانتخابي بالنسبة إلى مرشّحي النهضة».
محكمة المحاسبات
واتهمت محكمة المحاسبات في تقرير نشرته 24 أبريل النهضة بالحصول على تبرعات من أشخاص متوفين خلال الانتخابات البلدية 2018 على مدى سنوات 2016 و2017 و2018 بلغت قيمتها حوالي 12 مليون دينار تونسي (5 ملايين دولار).
واستندت الكاتبة التونسية إلى ما ورد في تقرير محكمة المحاسبات، بأن 68 تونسيًّا من المتعاطفين مع الحركة تبرعوا للنهضة ثمّ اتضح بعد البحث والتدقيق أنهم متوفون حسب سجل الحالة المدنية لمدة 11 سنة على الأكثر و3 سنوات على الأقل.
وأحصت دائرة المحاسبات مجموع التبرعات فكانت 135569 عملية تبرع خلال ثلاث سنوات فقط؛ إضافة إلى أن 138 قائمة مترشحة للانتخابات البلدية حساباتها ما تزال مجهولة. وتحدث التقرير عن وجود أكثر من 13 ألف عملية تبّرع في وصولات المتبرعين للحركة الإسلامية.
حسابات النهضة..فتش عن قطر
وكشف التقرير مساعي النهضة لفتح أكثر من سبعة حسابات مالية وهو ما يعارضه القانون؛ حيث ينص الفصل 22 من المرسوم المنظم للأحزاب السياسية على أن يفتح الحزب السياسي حسابًا بريديًّا أو بنكيًّا وحيدًا يخصص لكل معاملاته البنكية.
وتساءلت «السليني» عن سبب عدم تحرك الجهات القضائية، للتحقيق في طعون دستورية بتجاوز النهضة للحد المسموح به من الإنفاق في عدد من الدوائر الانتخابية، الطعون وهو أمر يدفع بالملاحظ إلى أن للإخوان بتونس السلطة الكفيلة بالتحكم في قوانين اللعبة بحسب ما يتناسب مع رؤية الإخوان، لأنهم هم من يملكون القيادة.
على صعيد متصل، شهد مطلع العام الحالي إجراءات تونسية بالتحقق من تمويلات حركة النهضة، قبيل الانتخابات الرئاسية، إذ أحالت دائرة المحاسبات (هيئة الرقابة المالية)، على البنك المركزي قائمة تضم حوالي 140 اسمًا من السياسيين يشملهم قرار التثبت من حساباتهم لدى جميع البنوك، على أن يتم توجيه تقرير مفصل حول وضعيات الحسابات البنكية لكل هؤلاء إلى القضاء
وأفادت تقارير إعلامية تونسية أن تميم بن حمد آل ثان، أمير قطر حاول التسلل إلى الساحة التونسية، عبر بوابة الوساطة بين «الغنوشي»، والرئيس التونسي الراحل الباجي قايد السبسي.
ولاحقت الاتهامات نظام الحمدين في التمويل المشبوه للحركة، والذي ساهم بشكل رئيسي في صعود النهضة إذ أن هناك الكثير من الأدلة على التمويل القطري لإخوان تونس، في ظل تحالف أكبر بين الدوحة وجماعة الإخوان في العالم العربي.
من بين الأدلة والشواهد التي وثقت حصول النهضة الإخوانية في تونس على أموال قطرية، الشهادة التي أدلى بها السفير السوري يوسف الأحمد لوسائل الإعلام، قال فيها إنه كان على موعد بلقاء أمير قطر وإذ بـ«الغنوشي» خارجًا من مكتب الأمير القطري، وأن «حمد» أبلغه وقتها أنه كان يبحث مع رئيس الحركة بعض الأمور المتعلقة بتمويل النهضة.
كما اتهم وزير الخارجية السوري وليد المعلم، حركة النهضة بتلقي 150 مليون دولار من أمير قطر لتمويل الحملة الانتخابية للحركة.
فيما تعتبر شهادة مستشار رئاسة الجمهورية وزير الخارجية سابقا، أحمد ونيس، دليلًا آخر على تمويل قطر لحركة النهضة قبيل الانتخابات البرلمانية الأخيرة، واعتبر وقتها أن الممارسات القطرية تحرج الحكومة التونسية، إلا أنه قال إنها ليست مبررًا كافيًا لقطع العلاقات مع قطر.
وتورطت قطر أيضًا في تمويل «النهضة»، فبحسب التقرير الذي أصدرته دائرة المحاسبات حول الانتخابات البرلمانية التونسية في 2014، تأكد حدوث مخالفات خلال العملية الانتخابية، بينها دخول أموال متعددة من الخارج خاصة من قطر، وأن أحزابًا سياسية بينها حركة النهضة، وأحزاب إسلامية أخرى، وشخصيات عامة حصلوا على تلك الأموال، وتم استغلالها في شراء الذمم وتوجيه الناخبين، وهو ما يعتبر فسادًا يعاقب عليه قانونًا.