«حراس الدين».. ظل «القاعدة» في الحرب السورية

الأحد 06/أكتوبر/2019 - 09:57 ص
طباعة «حراس الدين».. ظل أحمد سلطان
 
في أواخر يوليو 2016، أعلن زعيم جبهة النصرة أبومحمد الجولاني، فك الارتباط بين الجبهة التي يقودها وبين تنظيم القاعدة المركزي، قائلًا: إن الكيان الجديد الذي أسسه وقتها وحمل اسم «جبهة فتح الشام» ليس له ارتباط بأي جهة خارجية.


لكن قرار «فك الارتباط»، والذي أعقبه قرار آخر بتشكيل هيئة تحرير الشام في يناير 2017، سبب أزمة داخلية في الكيان الجديد المنفصل عن القاعدة، ودفع عدد من القيادات الموالية للتنظيم الإرهابي للانشقاق عنه، والتخطيط لتأسيس كيان جديد مبايع لأيمن الظواهري.




وفي أواخر نوفمبر 2017، حاول «الجولاني» وأد محاولة «رجال الظواهري في سوريا»، فاعتقل «سامي العريدي، وفاروق السوري، وبلال خريسات، وأبوالقسام الأردني» وغيرهم من القيادات الموالية للقاعدة، لكن هيئة تحرير الشام أفرجت عنهم بعد عدة أسابيع؛ لتستمر محاولة تأسيس فرع «القاعدة» الجديد من ركام الحرب السورية.


من أنصار إلى حراس 
في أكتوبر 2017، أعلنت المجموعة الموالية للظواهري في سوريا تأسيس تنظيم أنصار الفرقان، الذي وصفته في بيانها التأسيسي، بأنه تجمع لـما وصفتهم بـ«المهاجرين والأنصار» الذين شاركوا في أحداث الشام الأولى أي منذ تأسيس جبهة النصرة في 2012.


لكن «أنصار الفرقان»، لم يقم بأي عمليات إرهابية، وبقي نشاطه مجمدًا حتى أوائل عام 2018، وفى فبراير من نفس العام، خرج تنظيم «حراس الدين»، فرع القاعدة الجديد، للعلن للمرة الأولى.


وعقب نشر البيان التأسيسي لـ«حراس الدين»، والذي تضمن دعوة الفصائل السورية لوقف الاقتتال بينها والتجمع في الكيان الجديد، أعلن 16 فصيلًا مسلحًا الانضمام للتنظيم، وكان أبرزهم جيش الملاحم، وجيش الساحل، وجيش البادية، وسرايا الغرباء، وكتائب جند الشام، وقوات النخبة، ومجموعة عبد الله عزام.


أمل القاعدة 
عقب تأسيس حراس الدين، ظهر على الساحة عدد من الإرهابيين السابقين الذين شاركوا في القتال في أفغانستان مع تنظيم القاعدة.

وارتبط أغلب قادة تنظيم حراس الدين، بمؤسس تنظيم القاعدة الراحل أسامة بن لادن، وبرئيس اللجنة العسكرية للتنظيم والرجل الثاني فيه سيف العدل «محمد صلاح الدين زيدان».


ومن بين قادة حراس الدين البارزين حاليًا، فاروق السوري (سمير عبد اللطيف حجازي) والمعروف أيضًا بأبي همام الشامي، وهو القائد الأول لحراس الدين.


وفاروق السوري، هو أحد رفاق سيف العدل في أفغانستان خلال تسعينيات القرن الماضي، وبايع خلال تلك الفترة أسامة بن لادن، وكان مدربًا عسكريًّا في معسكر الفاروق الذي أسسه تنظيم القاعدة، كما شارك في القتال ضد القوات الأمريكية في العراق وتدريب مقاتلي تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين «العراق»، في الفترة من 2003 إلى 2005، واعتقل في لبنان من 2009 إلى 2013، قبل أن يطلق سراحه؛ ليعود إلى سوريا في 2013، ويتولى منصب العسكري العام لجبهة النصرة، قبل أن «الشقاق» مع الجولاني عقب قرار فك الارتباط في 2016.


وبسبب خلافات داخلية في حراس الدين، أصدر زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري قرارًا باستبدال «فاروق السوري»، بخالد العاروري المعروف بأبي القسام الأردني، وهو واحد من قيادات القاعدة القدامى الذين شاركوا في القتال داخل أفغانستان إبان الاحتلال السوفييتي لها، كما كان واحدًا من مؤسسي جماعة التوحيد والجهاد العراقية مع أبي مصعب الزرقاوي، وانضم في 2004 لتنظيم القاعدة في العراق المعروف بـ«قاعدة الرافدين»، قبل أن يتوجه إلى سوريا في 2011 ويؤسس مع قيادات أخرى من القاعدة وداعش جبهة النصرة.

وبحسب مجلة «فورين بوليسي»، فإن أيمن الظواهري اختار أبو القسام الأردني؛ ليكون نائبًا له وعضوًا في مجلس شورى تنظيم القاعدة.

كما كان أبوخلاد المهندس المعروف أيضًا بـ«صهيب»، أحد أبرز قادة «حراس الدين» قبل مقتله الشهر الماضي، في تفجير عبوة لاصقة على المركبة التي كان يستقلها، و«المهندس» هو أحد الإرهابيين الذين شاركوا في القتال في أفغانستان، كما أنه صهر سيف العدل «الرجل الثاني في تنظيم القاعدة حاليًّا».


جيش من الإرهابيين 
لا يكشف تنظيم حراس الدين عن العدد الحقيقي لعناصره المنضمين له، رغم مشاركته في العديد من العمليات الإرهابية في نطاق محافظة إدلب السورية.

وأعلن «حراس الدين» في أكتوبر 2017، عن إطلاق ما عرف بغرفة عمليات «وحرض المؤمنين»، وذكرت الغرفة أنها نفذت أكثر من 200 عملية إرهابية ضد قوات الجيش الوطني السوري خلال عدة أشهر من تأسيسها، وذلك وفقًا لبيان سابق نشرتها على قناتها عبر تطبيق تيليجرام للتواصل الاجتماعي.

ويقدر المعهد الملكي البريطاني للشؤون الخارجية «تشاثام هاوس» إجمالي عدد عناصر حراس الدين بحوالي 2000 ارهابي، وأغلب هؤلاء من «المهاجرين»، أي الأجانب الذين سافروا إلى سوريا للالتحاق بالقتال.

بينما يقدر المرصد السوري لحقوق الإنسان عدد المقاتلين في صفوف «حراس الدين» بـ1800 مقاتل فقط.

نموذج مصغر من «داعش»

رغم أن تنظيم القاعدة وفرعه السوري (حراس الدين) يعتبر تنظيم داعش من «الخوارج»، إلا أن الفرع السوري للقاعدة حاكى داعش في طريقة العمل داخل الشمال السوري (محافظة إدلب).


وبحسب دراسة للباحث في شؤون الحركات الجهادية، هارون زيلين، نشرها معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى (معهد بحثي أمريكي)، فإن تنظيم حراس الدين أنشأ مؤسسة دينية تسمى "مركز دعاة التوحيد الدعوي" لنشر أيدلوجيته داخل الشمال السوري.


 ويشرف على المركز، أبو أسامة الشوكاني. كما يشارك فيه أبو هريرة الشامي وأبو البراء المهاجر التونسي، وأبو عدنان الشامي، وأبو محمد الشامي وقسورة الشامي وأبو عبد الرحمن المكي.


 وتركز أنشطة المركز على خطب الجمعة، ومحاضرات الشباب، ومنتديات الدعوة العامة، وجولات الدعوة، والدروس الثقافية، وزيارات المستشفيات. كما يوزع الأعضاء منشورات أيديولوجية عند نقاط تفتيش السيارات ويعلقون لافتات تروّج لأيديولوجيتهم أو فعالياتهم.


وافتتح «مركز دعاة التوحيد الدعوي» مدرسة صيفية للأطفال من عمر 5 إلى 10 سنوات في سهل الروج، ويوفر فيها مواصلات مجانية وتعليم اللغة العربية والإنجليزية والدراسات الدينية (القرآن والحديث والشريعة) والأنشطة الرياضية.  


وتشير الدراسة إلى استخدم تنظيم «حراس الدين» مصادر إلكترونية للترويج لما يصل إلى 100 فعالية مماثلة في 14 مدينة وقرية مختلفة في إدلب. 


وأقدم تنظيم «حراس الدين» على إنشاء "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، كما يقوم أعضاء الهيئة بدوريات حسبة ويوزعون ملابس شرعية على طالبات المدارس، وهو نفس الأمر الذي فعله داعش خلال سيطرته على المدن والقرى في سوريا والعراق.



تهديد متزايد

خلال الأسابيع الماضية، نفذت القوات الجوية التابعة لعملية «العزم الصلب»، وهو التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش عدة غارات جوية على مقر تابع لـ«حراس الدين».


ووقعت أبرز تلك الغارات في 31 أغسطس 2019، وأسفرت عن مقتل 40 من قادة «حراس الدين»، وقال كولونيل إيرل براون مسؤول العمليات الإعلامية بالقيادة المركزية الأمريكية إن قادة حراس الدين الذين تم استهدافهم كانوا يخططون لهجمات تهدد المواطنين الأميركيين والأوروبيين.


وبحسب تقرير صادر عن صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية فإن مسؤولي مكافحة الإرهاب الأمريكيين أبدوا قلقًا متزايدًا من فرع تنظيم القاعدة في سوريا، مؤكدين أنه يخطط لشن هجمات ضد الغرب باستغلال الوضع الأمني الفوضوي في شمال غرب البلاد.


وفى شهادة سابقة له أمام الكونجرس، قال دان كوتس مدير المخابرات الوطنية الأمريكية: إن أوروبا ستظل في مرمى نيران الإرهابيين، مرجحًا أن تستمر عناصر من تنظيمي القاعدة في سوريا وداعش في توجيه وتنسيق الهجمات ضد الدول الغربية.


وأعلنت وزارة الخارجية الأمريكية، في 13 سبتمبر 2019، تصنيف تنظيم حراس الدين، فرع القاعدة في سوريا، كمنظمة إرهابية بعد أكثر من عام ونصف على نشأته.


وخصص برنامج مكافآت من أجل العدالة التابع للخارجية الأمريكية مكافأة قدرها 15 مليون دولار لمن يدلى بمعلومات عن 3 من قادة حراس الدين هم (فاروق السوري، ، وسامي العريدي المعروف أيضًا بأبي محمود الشامي وهو واحد من أبرز شرعيي التنظيم، وأبوعبد الكريم المصري عضو مجلس شورى التنظيم والوسيط بينها وبين هيئة تحرير الشام).
الباحث هارون زيلين
الباحث هارون زيلين
خطر قريب وصدام محتمل


من جانبه، قال هارون زيلين الباحث في شؤون الجماعات الجهادية، ومؤسس مدونة «جهادولوجي» أن الصدام بين تنظيم حراس الدين، وبين هيئة تحرير الشام (أكبر فصيل مسلح في محافظة إدلب)، قد يحدث في أي وقت.


وأضاف «زيلين» في تحليل له أن الصراع بين التنظيم والهيئة هو صراع على المصالح، لافتًا إلى أن الهيئة ستقف حائلًا دون توسع تنظيم حراس الدين للحفاظ على قواعد القوة الخاصة بها.


وشدد الباحث في شؤون الجماعات الجهادية على ضرورة استمرار مراقبة تنظيم حراس الدين، ومواصلة شن هجمات جوية ضد لمنعه من تخطيط وتوجيه هجمات إرهابية في الولايات المتحدة، وأوروبا.

شارك