تظاهرات العراق.. القلق يعصف بأركان «نظام خامنئي» تحسبًا لثورة الشارع الإيراني
الأحد 06/أكتوبر/2019 - 09:59 ص
طباعة
علي رجب
حالة من القلق تتسرب إلى أركان نظام المرشد الإيراني علي خامنئي، بعد تصاعد التظاهرات العراقية في المدن العراقية، واتساع نطاقها، تخوفًا من انتقال فيروس تلك التظاهرات إلى شوارع طهران، في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية، وتضييق على الحريات الشخصية والثقافية والسياسية، وكذلك خسارة العراق الذي يعد العقد الذي يربط مشاريع التوسع الإيرانية في المنطقة.
ووفق ما أعلنت مفوضية حقوق الإنسان، السبت 5 أكتوبر 2019، تشير إحصاءات تظاهرات العراق التي اندلعت في الثلاثاء الأول من أكتوبر، إلى ارتفاع حصيلة قتلى الاحتجاجات إلى 100 شخص، بينما أصيب نحو 4 آلاف بجروح.
وقد حملت الصحف المحافظة أطرافًا خارجية الوقوف وراء التظاهرات، في تجاهل تام للمطالب الشعبية، وسقوط العراق في مستنقع الفساد، وسطوة الميليشيات الطائفية القريبة من نظام الملالي، إذ اتهم حسين شريعتمداري، رئيس تحرير صحيفة كيهان المقرب من المرشد خامنئي، الولايات المتحدة بأنها تعارض وحدة إيران والعراق وسوريا، وتستغل كل فرصة لضرب هذه الوحدة.
ووفقًا لـ«شريعتمداري»، هناك العديد من الوثائق التي تثبت ضلوع الولايات المتحدة في احتجاجات العراق، قائلا: «في بداية الأمر تحرکوا بذريعة تردي الأوضاع المعيشة، ثم أطلقوا شعارات منحرفة ضد إيران والحشد الشعبي»، كما قدم حلا للأزمة، داعيًا الشباب العراقي إلى احتلال السفارة الأمريكية.
من جانبه، قال المساعد الخاص لرئيس مجلس الشورى الإسلامي الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، في تغريدة على موقع تويتر: إن هناك أيادي خارجية خبيثة وراء زعزعة الاستقرار في العراق، مضيفًا: «مع الأخذ بنظر الاعتبار مطالب الشعب المدنية فإن حماة الإرهاب التكفيري وراء الأحداث الأخيرة في العراق، وهذه المؤامرة سيتم إحباطها أيضًا».
وأبدى المرجع الإيراني «إمامي كاشاني» ممثل خامنئي وإمام جمعة طهران المؤقت، غضبه من احتجاجات الشعب العراقي، وارتباك برامج تحشيد الناس للذهاب إلى كربلاء.
وهناك العديد من المؤشرات على تحرك شعبي في إيران ضد النظام الديني في طهران، إذ شهدت الأيام الماضية، تظاهرات عارمة لسكان قرية «تشينار لردغان» غربي البلاد، وإحراق مقر وزارة الصحة بالمدينة بعد إصابة 200 شخص بفيروس الإيدز، نتيجة المحاقن الملوثة؛ ما ألقى بظلاله على الشارع الإيراني، وأشعل دعوات التظاهر، ضد الإهمال المتعمد من قبل النظام الحاكم، وقتل أبناء الشعب بالإهمال والفقر والجوع والقمع.
أوضاع قابلة للاشتعال
يرى الدكتور محمد بناية، الخبير في الشؤون الإيرانية، أن الأوضاع في إيران قابلة للاشتعال في أي وقت، مضيفًا أن تظاهرات العراق تصيب أركان النظام الإيراني بالقلق في حال استمرارها، وحصول المتظاهرين على نتائج قوية تكون عاملًا مشجعًا على خروج الإيرانيين للشارع.
وقال «بناية» في تصريح لـه: إن الشارع الإيراني يعيش مرحلة غضب، نظرًا للتضييق المتزايد على الحريات العامة والشخصية، واستهداف الأقليات والنشطاء، وكذلك تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، وتفشي الفساد بما يشكل عوامل تؤدي إلى تأجيج نيران الثورة في الشارع الإيراني.
وأضاف الخبير في الشؤون الإيرانية، أن النظام الإيراني لا تتوقف خسائره فقط عند اندلاع تظاهرات في الشارع الإيراني، بل خسر نظام الملالي الشارع العراقي أيضًا، وأصبحت خسارته فادحة، فخلال عامين شهد العراق خاصة في المناطق الشيعية تظاهرات شعبية أحرق فيها العلم الإيراني، وطالب المتظاهرون بخروج إيران من العراق؛ ما يؤكد أن نظام خامنئي خسر العراق شعبيًّا، وما تبقى له إلا ميليشيات الحشد الطائفي التي تستهدف شيعة العراق قبل سنته لصالح النظام الإيراني.
ضربة كبيرة للأحزاب الشيعية
ويعلق فراس إلياس، الباحث المختص في شؤون الأمن القومي والدراسات الإيرانية بالقول: إن المظاهرات الأخيرة التي اجتاحت الشارع العراقي، شكلت إحدى أبرز الأحداث دمويًّا في تاريخ العراق المعاصر، وتحظى بأهمية كبيرة، كونها نابعة من رحم معاناة الشعب الذي عانى الفقر والحرمان على مدى 16 عامًا، فهي حلقة جديدة من حلقات الأزمة التي يمر بها النظام السياسي في العراق، الذي لم يتمكن من تقديم جديد يُذكر خلال السنوات الماضية، وهو ما يعكس حجم الأزمة السياسية.
وأضاف لـه أن حالة التعبئة الجماهيرية التي تمخضت عنها هذه المظاهرات، شكلت ضربة كبيرة للأحزاب السياسية الشيعية، التي كانت حتى وقت قريب تتفاخر بسيطرتها على الشارع العراقي؛ ما شكل مفاجأة غير متوقعة للكثير منها، خصوصًا أن هذه المظاهرات خرجت من صلب المدن والمناطق الفقيرة التي تنتشر فيها هذه الأحزاب؛ ما قد يجعلها أمام استحقاقات كبيرة في الأيام القليلة القادمة.
وقال الباحث في الدراسات الإيرانية: إن العراق يشهد اليوم منعطفًا تاريخيًّا كبيرًا، لما قد ينتج عن هذه المظاهرات من استحقاقات سياسية وأمنية، أهمها أنها أعطت لإيران صورة واضحة لحجمها السلبي في بالعراق، إذ لم تخرج هذه المظاهرات من أجل المطالبة بتحسين واقع الخدمات والظروف الاقتصادية والاجتماعية فقط، وإنما خرجت من أجل استعادة وطن مسلوب، وسيادة مرتهنة من قبل إيران، وهذا ما قد يجعل إيران هي الأخرى أمام مشهد إقليمي معقد جدًّا، في حالة ما إذا نجحت هذه المظاهرات في تحقيق الأهداف التي خرجت من أجلها.